محافظ سوهاج يتابع انطلاق البرنامج التدريبي "المرأة تقود"    قرار جمهوري بترقية عدد من مستشاري هيئة قضايا الدولة    هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    سعر اليورو اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 بختام التعاملات بالبنوك المصرية    محافظ بنى سويف يشهد احتفالية تجهيز 20 عروسا من الفئات الأولى بالرعاية    استقالة رئيس صندوق مصر السيادي السابق من عضوية شركة نايل سات    نزع ملكية أراضي وعقارات لإنشاء محور دار السلام على النيل    الرئيس السيسى: ضرورة البدء الفورى فى عملية إعادة إعمار غزة عقب وقف إطلاق النار    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    إندبندنت: احتجاجات تل أبيب الأكبر والأعنف للمطالبة بوقف الحرب على غزة.. صور    اتحاد الكرة يقرر مد فترة قيد القسم الرابع والمراحل السنية وكرة الصالات    رئيس مجلس أمناء الجيزة: البكالوريا تصنع الحافز وتغذي الحلم لدى الطلاب    القبض على سائق توك توك لاتهامه بالسير عكس الاتجاه فى الإسكندرية    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    مقتل شخص بطلق نارى خلال مشاجرة بسبب خلافات الجيرة فى المحلة    جامعة حلوان تستضيف طلاب الجرافيك من كلية الفنون الجميلة – جامعة المنصورة    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم "أحمد وأحمد"    أكرم القصاص: مصر قدمت 70% من المساعدات لغزة وقادرة على تقديم المزيد    البحوث الفلكية: غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    جولة تفقدية لوكيل الطب الوقائى بوحدة طب أسرة دروة بأجا فى الدقهلية    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    طريقة عمل الكريب، أكلة سريعة ومناسبة لأجواء الصيف    رئيس "الجبهة الوطنية": الفرص متساوية في الترشح لانتخابات "النواب".. والشفافية تحكم الاختيار    "ما السبب؟".. رد حاسم من لجنة الحكام على طلب الأهلي بإيقاف معروف    بعثة يد الزمالك تطير إلى رومانيا لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    "عين شمس" ضمن أفضل 700 جامعة عالميا وفق تصنيف شنغهاي 2025    القومي للاتصالات يفتح باب التقديم في برنامج "سفراء الذكاء الاصطناعي"    أرباح "أموك" للزيوت المعدنية ترتفع طفيفا إلى 1.55 مليار جنيه في 6 أشهر    مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    مؤتمر صحفي مشترك بين وزير الخارجية ورئيس وزراء فلسطين أمام معبر رفح    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    قوة إسرائيلية تفجر منزلًا في ميس الجبل جنوب لبنان    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    رضا عبد العال: خوان ألفينا "هينَسي" الزملكاوية زيزو    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرورة مجلس الأمن العربى
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2010

خيار إقامة علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» فى حال تم الانفصال وارد إلى حد كبير، جراء اختراقات «إسرائيلية» لبعض أنصار الانفصال الجنوبى.
أين مجلس الأمن القومى العربى الذى باستطاعته أن يحدد للأمة ما هى الأخطار التى تدهمها؟ وأين الأخطار التى عليه أن يواجهها، كما فعل المجلس القومى التركى خلال الأسبوع الماضى؟
ألم تعد هناك قناعة راسخة بأن «إسرائيل»، الدولة النووية الوحيدة فى المنطقة، تهدد الأمن القومى العربى مما يستوجب استراتيجية مجابهة قادرة على ردع تماديها فى استباحة حقوق الشعب الفلسطينى كلها، كما ترسيخ احتلالها لهضبة الجولان السورية وتصعيد أهداف كيانها العنصرى، وما ينطوى عليه من مخاطر أقلها مأسسة التمييز ضد عرب فلسطين48، وإسقاط حق العودة بشكل قاطع وحاسم يبدأ بالتهميش كما هو حاصل، ثم ينتهى بالترحيل فور توافر الظروف.
ثم ما إذا كانت فلسطين لاتزال نقطة ارتكاز للأمن القومى العربى، وهى حتما كذلك رغم تكاثر الدلائل والممارسات التى تشير إلى أن النظام العربى القائم وسياساته التطبيعية أسقط هذا الأمر.
وهل أن ما قاله الرئيس محمود عباس بأن «أول الخيارات المقبولة بالنسبة للعملية السلمية هى أن تتوقف «إسرائيل» عن الاستيطان وتجميده من أجل استئناف المفاوضات»، كما ورد فى مؤتمر صحفى مشترك مع وزير خارجية مصر أحمد أبوالغيط فى الأسبوع الماضى؟
ألم يقتنع الرئيس عباس بعد أن المستوطنات هى الرد الواضح والصريح وغير القابل للبحث بأن «إسرائيل» لا تعتبر أنها فيما تبقى من أراضى السلطة الوطنية هى سلطة احتلال؟ لا أدرى لماذا هذا الاستمرار فى تجاهل هذا الواقع، كما لا نفهم مطلقا لماذا لا يطالب الرئيس عباس بتفكيك المستوطنات كشرط لاستئناف المفاوضات؟ عندئذ وعندئذ فقط تستقيم مفاوضات مغيبة منذ اتفاقيات أوسلو.
لو كان للأمة مجلس أمن قومى لما كانت مصطلحات التعامل مع «إسرائيل» منفلتة بهذا الشكل المريع وبالتالى تفتقد للانضباط وقدرة توفير بوصلة تشكل مرجعية موثوقة لتوفير قيادة التحرير بموجب مقتضيات شروط ثقافة المقاومة.
يفترض مجلس الأمن القومى للأمة العربية أن يحافظ على أولوية السعى لقطع العلاقات الدبلوماسية مع «إسرائيل» كإجراء عملى يسقط الطوق الخانق على استقامة خيارات ومتطلبات المقاومة بما فيها من مفاوضات، واللجوء إلى مجلس الأمن بعد قطع العلاقات المصرية الأردنية مع «إسرائيل»، عندها لن تبقى «إسرائيل» على شراستها وعدوانيتها المنفلتة من العقاب.
كما أن هذا الإجراء يعيد مصر الدولة إلى أولوية دورها فى إعادة التواصل بين أرجاء الوطن العربى الكبير فيصبح التنسيق بين الدول العربية ملزما، وتكون مستلزمات الأمن القومى العربى مرشحة للإنجاز ما يقلص حالة التبعثر فى كثير من أقطار الأمة.
إن وضوح ودقة ما ورد فى الوثيقة السياسية للأمن القومى التركى فى الأسبوع الماضى يشكل ما يقارب نموذجا يقتدى به. فالأمة العربية لاتزال مجموعة دول فى حين أن تركيا دولة واحدة.
لكن لدينا الإطار الجامع للدول العربية المتمثل بجامعة الدول العربية وأمانتها العامة التى أعتبرها (الأمانة العامة) فريقا قوميا، والهيكل المتوافر فى المرحلة الراهنة كما فى المراحل السابقة تأكيد على عروبة الهوية والمصير لدول وأقطار الأمة العربية من زاوية المسئولية القومية للجامعة. أعتقد أن مجلسا للأمن القومى فى إطار الجامعة يكون خطوة أولى نحو جعل قراراتها قابلة للتنفيذ بدلا، كما فى كثير من المراحل، ظلت قراراتها التى وصفت ب«المصيرية» من دون تنفيذ، لأن معظم الدول العربية أهملت تنفيذها.
لعل ما نشاهده، بل ما نختبره، من أزمات خطيرة يستوجب واقعية جديدة تتمثل فى خطوة أولى بقيام مجلس الأمن العربى القومى الذى عليه أن يعالج على سبيل المثال لا الحصر وبشكل فورى تبعات ما قد يؤدى إليه الاستفتاء فى السودان فى مطلع العام المقبل، خاصة فى ضوء ما صرح به النائب الأول لرئيس جمهورية السودان سلفاكير ميارديت فى شأن إقامة علاقات جيدة مع «إسرائيل» وفتح سفارة لها فى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان الجديدة فى حال اختار الجنوبيون الانفصال.
خيار الانفصال محتمل ومرجح وأرجو أن أكون مخطئا لأن الانفصال مسألة خطيرة رغم ما ورد على ألسنة كبار المسئولين فى الجامعة العربية وفى طليعتهم الأمين المساعد السفير محمد صبيح، إذ أكد أن جنوب السودان «وضع دول الجوار فى اعتباراته» برغم أن مسئولا آخر قال «إن التصريحات أمر سابق لأوانه حتى الآن».
صحيح أن ما صدر عن المسئول الأخير كان منطقيا، ولكن كون نائب رئيس جمهورية السودان سلفاكير أعلن هذا الخيار فإن تصريح صبيح بأن «العلاقات العربية مع السودان بكل مكوناته ستبقى علاقات أخوة وتاريخ ومستقبل أيا كانت نتائج الاستفتاء، والإخلال بهذا المبدأ ليس فى مصلحة أى طرف» هذا إلى حد كبير يعبر عن تمنيات نشارك محمد صبيح فيها، لكن خيار إقامة علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» فى حال تم الانفصال وارد إلى حد كبير، من جراء اختراقات «إسرائيلية» لبعض أنصار الانفصال الجنوبى.
ويبدو أن الخرق «الإسرائيلى» أقوى من كل الجهود السودانية والعربية التى بذلت، وأقوى من الاستثمارات العربية هناك، كون هذه الاستثمارات لم ترافقها استقامة صيغة المواطنة السودانية فى الجنوب من جهة وفقدان قدرة إقناع الحركة الداعمة للانفصال من قبل الدولة الأعرق فى علاقاتها مع السودان، أى مصر، كونها بدورها لها سفارة فى «إسرائيل»، و«إسرائيل» لها سفارة فى القاهرة، هذه البلبلة الحاصلة التى قد تحصل فى أوطان أخرى إذا استمر الانطباع بأنه ما دامت الدولة الرائدة فى الأمة تقيم علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» فلماذا التلعثم فى تعاطى الجامعة العربية مع جنوب السودان.
هذا موضوع كان باستطاعة مجلس قومى عربى معالجته، أو بالأحرى تعزيز حوافز تأكيد وحدة السودان من خلال وحدة المواطنة والتساوى فى حقوق المواطنين شمالا وجنوبا.
لكن هذا يتطلب موقفا منسجما على المستوى القومى بحيث تتمكن الأمانة العامة للجامعة العربية من خلال جهاز للأمن القومى، مباشرة التوجه إلى معالجة الكثير من التداعيات الخطيرة الحاصلة نتيجة ما يحصل فى العراق واليمن وإلى حد أكبر فى الصومال وحد أقل فى لبنان، وما هو حاصل من تمكين للتيارات العرقية والمذهبية والطائفية فى محاولة للإمعان فى تمزيق نسيج المجتمعات العربية.
إن ضبط الفلتان الحاصل لا يكون إلا بالاقتداء بما أقدم عليه مجلس الأمن القومى التركى، آخذين فى الاعتبار الفوارق بين واقع تركيا ودورها الإقليمى المتجدد وبين حالة الأمة العربية المفتقدة للتنسيق الملزم بين أقطارها وبعض مساعى التهميش لدور جامعة الدول العربية وأمانتها العامة، بحيث حان الوقت لتمكينها سياسيا ومعنويا وماليا وتوسيع صلاحياتها من خلال قيام أجهزة الدبلوماسية الوقائية والإنذار المبكر، وأن توفر لأعضائها قراءة موحدة لضرورات وشروط التنمية المستدامة حتى لا تبقى أمة غنية بشعوب فقيرة، وحتى نوفر للأمة وإنسانها حقوقه الإنسانية وحاجاته البديهية.
صحيح أن القضية الفلسطينية تبقى نقطة الارتكاز فى المواجهة مع المشروع الصهيونى، ولعل هذه الحقيقة أبرزتها تصريحات سلفاكير الاستفزازية التى قال فيها إن «إسرائيل» عدو للفلسطينيين فقط وليست عدوا للجنوب.
فإذا كان قيام سفارة «إسرائيلية» فى جوبا كون «إسرائيل» عدوا للفلسطينيين فقط.. إذن ما هو الاستنتاج يا عزيزى القارئ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.