يعاني الصحفيون في مصر من مشاكل متعددة، ولعل أهم مشاكل الصحفيين هي عدم تمكن أكثرهم من الالتحاق بنقابة الصحفيين، بالرغم من عملهم في المجال الصحفي لسنوات متعددة، وذلك بسبب شروط القيد بالنقابة، والتي لا يتمكن أغلب الصحفيين من تحقيقها، هذه القضية وغيرها من القضايا المهمة التي يتبناها مركز "صحفيون متحدون"، أول مركز حقوقي يهتم بالصحفيين.. "الشروق" التقى الصحفي سعيد شعيب مدير المركز وأجرى معه هذا اللقاء. في البداية.. ما هو مركز "صحفيون متحدون"؟ هو أول مركز حقوقي وتدريبي يهتم بالصحفيين في مصر، وعلى الرغم من أن عددا كبيرا من المنظمات الحقوقية عمل في قضايا الصحفيين، إلا أنه لم يكن متفرغا للصحفيين فقط، وإنما كان من ضمن قضاياه، بينما مركزنا هو مركز متخصص، ويعمل مع كل أنواع الميديا من الصحفيين العاملين بالإعلام المكتوب والمسموع والمرئي والإلكتروني. كيف جاءت فكرة إنشاء المركز؟ الفكرة جاءت نتيجة معاناة الصحفيين، وعدم توفير النقابة الغطاء الكافي لهم، نتيجة عدم انضمام كثير من العاملين بالصحافة إلى النقابة؛ بسبب شروط القيد بالنقابة، وبالتالي فكرنا أن نوفر مكانا يساعد الصحفيين في اكتساب مهارات نوعية تساعدهم في عملهم. من ناحية أخرى، لا توجد بيئة عمل مناسبة تمكن الصحفيين من أداء عملهم على أكمل وجه، والأمر لا يتعلق فقط بجانب الحريات والمسائل القانونية، فالصحفي لا يكون حرا إن لم تكن حقوقه مكفولة من أجر عادل وعلاقة عمل جيدة ووضع مستقل. وحتى يحصل الصحفي على حقوقه، لا بد من أن يكون كفئا في عمله، فليس الغرض فرض الضعفاء على أصحاب العمل، ومن هنا يأتي التدريب لتأهيل الصحفي حتى يحصل على فرص أعلى تحسن من مستواه. متى بدأ العمل بمركز "صحفيون متحدون"؟ المركز يعمل منذ عام، وأنا تفرغت له تفرغا كاملا منذ شهرين، وخلال السنة أطلقنا أول موقع إلكتروني مصري متخصص في شؤون الصحفيين، ننشر به كل أخبار الصحفيين على مستوى العالم، ونجحنا في خلال 6 شهور في رفع نسخ من كل المواثيق الدولية التي تتماشى مع الصحفيين، وكذلك القوانين المصرية وبعض الدول الأخرى على الموقع، كما نشر الموقع قوانين تأسيس شركات الصحافة والتليفزيون وقوانين الرقابة؛ لتكون دليلا لكل صحفي يحتاج إليها، بالإضافة إلى وجود تدريبات ودليل تدريبي على الموقع. ما مشاريع المركز المستقبلية؟ لدينا مشروع يحمل اسم "دعم استقلالية نقابة الصحفيين"، نقوم من خلاله بتدريب الصحفيين على تنظيم الحملات والتفاوض وعمل التغطيات الصحفية المحايدة. والقسم الثاني من المشروع، هو تهيئة البيئة القانونية لدعم استقلالية نقابة الصحفيين، وتوفير غطاء قانوني ونقابي للصحفيين غير المعينين، والضغط على نقابة الصحفيين من أجل عقد اتفاق مع المؤسسات الصحفية بما يوفر الحماية للصحفيين العاملين بها. هل يعني ذلك أنكم تسعون إلى إنشاء نقابة بديلة أو ما يمكن تسميته "نقابة ظل"؟ لا، نحن لسنا نقابة بديلة، ولسنا كيانا موازيا للنقابة، هذا ليس دور المركز، نحن نقوم بدور مساعد للصحفيين للحصول على أجر عادل وعلى أعلى درجات الحرية، والمساعدة في توفير الغطاء القانوني الذي يحتاجه الصحفي سواء النقابي أو غير النقابي، ولدينا عدد كبير من المشاريع التي أفضل أن أعلن عنها في الوقت المناسب. هل قدم المركز بالفعل خدمات مساندة للصحفيين على مدى الفترة الماضية؟ بالفعل ساندنا زملاءنا الصحفيين بجريدة "النهار" في مشكلتهم مع رئيس التحرير، وأصدرنا عددا من البيانات المؤيدة لبقية الزملاء المعرضين لتحقيقات كوائل الإبراشي وحمدي قنديل، كما أننا تبنينا قضية زميلنا سامح محروس الذي لم تحصل والدته على إسعاف طبي، مما أدى إلى وفاتها، وجارٍ التحقيق الآن في هذه القضية. هل تجد أن رسالة المركز مرضية بما فيه الكفاية بالنسبة لك حتى تترك الصحافة؟ أنا لم أترك الصحافة، ولكني تركت الجانب الإداري في الصحافة، وتركته وأنا أحقق نجاحا استثنائيا غير مسبوق في العالم العربي على المستوى المهني والاقتصادي، ولكني ما زلت أكتب ومتواجدا، وأقدم أيضا خدمة الاستشارات الصحفية في مجال إنشاء المواقع والتخطيط والخط التحريري، وتأسيس خط إنتاج الأخبار للجرائد المطبوعة والإلكترونية وما إلى ذلك، كما أنني ألقي محاضرات بالمعهد الكندي العالي ال"CIC". ألا تجد أن الاتجاه للتدريب والتدريس ابتعاد عن الصحافة؟ ليس لهذه الدرجة، فقد كنت طوال الوقت وأثناء ممارستي لعملي ومنذ توليت منصب رئيس قسم، وأنا أدرس وأعلم الصحفيين، وبالتالي فالدور الذي أقوم به في المعهد الكندي هو نفس الدور الذي ظللت أقوم به على مدى عدة سنوات، وإن كان هذا لا يعني أنني أستاذ أكاديمي. كيف تقيم وضع الصحفيين في الوقت الحالي؟ وضع الصحفيين سيئ، ولدينا مشاكل عويصة، فالأجور لا تؤهل لحياة كريمة، ومن زاوية ثانية، وعلى الجانب الاقتصادي، يعاني عدد كبير من المؤسسات من مشاكل مالية بسبب عدم وجود إدارة اقتصادية، وبالتالي فالمعادلة مختلة، والصحافة في النهاية سلعة، فإن كان أهلها لا يعرفون كيف يروجون لها فسيخسر الجميع. أما على الجانب المهني فكارثة الكوارث هي وجود عدد كبير من الصحفيين لا يحصلون على حماية نقابية أو قانونية، ومنهم العاملون في المجال الإلكتروني والإذاعي والتليفزيوني، وأنا شخصيا أُطلق عليهم مصطلح "عبيد الصحافة"، وهذا هو الوضع الذي نسعى بكل قوتنا لتغييره، ونتمنى أن ينضم إلينا كل المهتمين ليساعدونا في مهمتنا الصعبة. كيف ترى حال العمل الصحفي؟ الصحافة في مصر في تقدم رغم السيئات، وعلى مستوى المطبوع أصبح لدينا مؤسسات ناجحة استطاعت أن تؤهل نفسها وأن تحقق أرباحا، فالعمل الإلكتروني الناجح شجع الكثيرين أن يدخلوا بأموالهم في المجال بسبب الأرباح التي يحققها، وعلى مستوى القنوات الفضائية، هناك محطات كثيرة رابحة، وأصبح هناك مساحة واسعة للقطاع الخاص وتشجيع لرجال الأعمال حتى يستثمروا في الصحف، ولا يزال السوق يحتمل المزيد. ما أحلامك للوضع الصحفي في مصر؟ أتمنى أيضا أن ينضم صحفيو المواقع الإلكترونية والفضائيات والإذاعات إلى النقابة، وإلغاء كل القوانين المعطلة للصحافة في مصر. وفتح المجال لإصدار الصحف؛ بحيث لا يقتصر حق إصدار الصحف على موافقة الحزب الوطني، وحق إطلاق القنوات الفضائية يحتكرها اتحاد الإذاعة والتليفزيون (الحكومي). وأتمنى إصدار قانون حرية الحصول على تداول المعلومات. كما أتمنى إنشاء نقابة للناشرين في مصر تفصل الملاك ورؤساء مجلس الإدارة ورؤساء التحرير عن العاملين؛ بحيث يكون هناك تنظيم مستقل للملاك حتى نستطيع التفاوض معهم، ويخرجوا من نقابة الصحفيين "لأن ما ينفعش الملاك والتجار يكونوا أعضاء في نقابة واحدة.. إزاي أنا تكون عندي مشكلة مع رئيس التحرير، وليكن على سبيل المثال إبراهيم نافع (في وقت سابق) فأذهب لأشكوه في النقابة لأجده هو النقيب؟!". هل ترى أن الواقع يحتمل تنفيذ هذه الأمنيات في القريب العاجل؟ أنا متفائل، وما دام هناك قلوب مخلصة تعمل بجد.. سنحقق كل أحلامنا وآمالنا، فمستقبل الصحافة مرتبط بمستقبل الحريات ومستقبل الوطن ككل.