تسعي الجماعة الصحفية لايجاد حلول، ووضع «نهايات» لكثير من القضايا والأوضاع «غيرالصحية» في بيئة العمل الصحفي في الوقت الراهن، تطورت في ظل الكثير من المتغيرات.. وهي أن كانت كلها علي درجة كبيرة من الأهمية، ويرتبط كل منها بالآخر، إلا أنه ربما يكون هناك أولويات يجب البدء بها، بحيث لا تنتهي هذه الدورة الجديدة، إلا بالوصول إلي حلول حاسمة بشأنها، خاصة أن عدداً منها قطع فيها أشواطا، ولا ينقصها سوي وجود رغبة حقيقية في استكمال الخطوات المتبقية. سألنا عددا من النقابيين عن القضايا التي لها الأولوية، والخطوات التي تمت سابقا من أجل الوصول إلي حلول وسط بشأنها. الشباب ثم الشباب في بداية حديثه ،أكد عبده مباشر- الكاتب الصحفي بالاهرام، وشغل منصب وكيل النقابة في نهاية الثمانينات وعضوية مجلسها منذ نهاية السبعينات- أن قانون النقابة ليس عقبة في شيء بل يري أن لدينا" أجمل قوانين" و"أجمل دستور" ، لذلك فالأولوية من وجهة نظره الان لابد أن تكون لشباب الصحفيين في الاساس وحمايتهم، وتوفير فرص عمل حقيقية لهم، فيقول"المؤسسات الصحفية الان تهدر طاقات شبابها من الصحفيين، ولا تعطيهم حقوقهم ويظل يعمل بالسنوات دون تعيين، ودور النقابة الان وهي تمثل قوة ضغط، ان تضع حدا لهذه الاوضاع، وتدافع عن مصالح هؤلاء الصحفيين الذي يعتبرون في أهم فترة حيوية في عمرهم المهني، فحمدي السيد نقيب الاطباء علي سبيل المثال يطالب بتخفيض أعداد المقبولين في كليات الطب كل عام، بحيث يجد كل الخريجين فرصة عمل، وفي نفس الوقت تتاح لهم الفرصة لتلقي التعليم والتدريب بشكل يؤهلهم لممارسة المهنة، لكن ما يحدث الآن هو انشاء المزيد من كليات وأقسام الاعلام، ولا توجد سوي فرص عمل تقدر بالعشرات، فإذا أرادوا الاستمرار في هذا الطريق فليركزوا علي أقسام العلاقات العامة والتليفزيون، اما الصحافة فوضعها مختلف". الاولوية الثانية التي يراها مباشر قضية حيوية هي ضرورة انهاء عصر الصحافة الحكومية او المسماة "القومية" ، فيقول" الصحافة في مصر تم تفريغها من"الصحافة " حين تم تأميمها، ولابد أن تعود الملكية الخاصة للصحف مرة أخري، وتتاح الحرية للجميع لاصدار صحف، صحيح قد يشوب الامر في البداية بعض الفوضي والعشوائية، لكن مع الوقت يقوم الجمهور بفرز الاصدارات والبقاء والاستمرار سيكونان للأصلح والاجود". ركز مباشر أيضا علي فكرة استقلال النقابة عن الدعم الحكومي، وبالتالي الاستقلال المهني للصحفيين،فيقول" في الوقت الحالي، الحكومة هي التي توفر بدلات التدريب وبدل التكنولوجيا، وهي مبالغ كبيرة، ومن المفترض أن تقوم النقابة بتوفير مصادر دخل خاصة، علي رأسها استغلال الادوار الثلاثة في النقابة من خلال تأجيرها لوكالات الانباء ومكاتب الصحف الاجنبية". اقترح مباشر أيضًا فيما يتعلق بانتخابات النقابة، أن يحدد كل مرشح علي منصب النقيب أعضاء المجلس الذي يرغب في أن يشاركوه العمل كفريق، حتي يتمكن من تحقيق أهدافه وبرامجه، وهو ما يحدث علي مستوي انتخابات النوادي الرياضية. فيما يتعلق بقضية الاجور، يري مباشر أنه لابد من اجتماع الجماعة الصحفية ممثلة في الجمعية العمومية، للاتفاق علي صيغة ملائمة بحيث توفر للصحفي حياة كريمة، وفي نفس الوقت لا تتعارض مع امكانية المؤسسة الصحفية في الاستمرار، ويوضح قائلا"اذا افترضنا ان الحد الادني لتعيين الصحفي هو 1500جنيه، فهذا يعني أن الصحف الخاصة ستضطر للاستغناء عن نصف الصحفيين لديها، والا لن تتمكن من الاستمرار، ولابد من الرجوع لكل المشروعات والاقتراحات في هذا الصدد علي مدي عشرين عاما، والوصول الي حلول وسط". إشكالية الأجور حسين عبد الرازق- ونال عضوية المجلس في فترة الثمانينات- كان له ترتيب مختلف، حيث وضع قضية الاجور في المقدمة، يليها الغاء الحبس في قضايا النشر. القضية الاولي ، يجزئها عبد الرازق الي شقين، الاول متعلق بالحد الادني للأجور، وضرورة وجود لائحة أو عقد عمل جماعي بين النقابة والمؤسسات الصحفية" القومية والحزبية والخاصة" ،ويتم تحديد الحد الادني علي ضوء الابحاث والدراسات الاقتصادية، ويكون هناك توصيف مرن للوظائف بحيث لا تزيد عن خمسة مثلا، وهي محرر، محرر أول، سكرتير تحرير، نائب رئيس تحرير، وأخيرا رئيس تحرير. الشق الثاني يتعلق بتقريب الفوارق بين الحدين الأدني والاقصي، فالصحف المصرية- والكلام لعبد الرازق- تشهد فروقا غير انسانية في الاجور والمرتبات، ففي كل دول العالم يكون الفرق بين الحدين بنسبة 1إلي6 أو 1الي 10 أو 1 الي 18، اما لدينا فنتخطي ذلك بكثير، فنجد رئيس التحرير قد يصل أجره في الشهر الي مليون جنيه، وصحفي آخر في نفس المؤسسة لا يزيد أجره عن 700 جنيه، كل ذلك يخلق أحقاد ونزاعات وصراعات". يؤكد عبد الرازق أن زيادة دخول الصحفيين لا تتحقق برجاءات او وساطات، لكن لابد لمجلس النقابة أن يتحرك بدعم من الجمعية العمومية والاتفاق علي حل يتم اقراره من جميع الاطراف". القضية الثانية التي يري عبد الرازق ضرورة الدخول في تفاوض جديد من أجلها هي المتعلقة بالغاء الحبس في قضايا النشر، ويقول" كان هناك مشروع قانون أعدته النقابة في عهد ابراهيم نافع لم ير النور، والحكومة ألغت الحبس في مواد قليلة وتركته في 21 مادة، والمطلوب الان حشد وممارسة ضغوط ليس فقط من قبل الصحفيين ولكن يجب أن يتم توسيع نطاق القضية لتكون مجتمعية، فالقوانين التي نطالب بالغائها قد تطبق علي أستاذ جامعة أو أي مواطن آخر نشر رأيا في إحدي الصحف، فهذه المعركة لاتخص نقابة الصحفيين فقط، وانما لابد أن يشارك بها كل منظمات المجتمع المدني المعنية بالحقوق والحريات". وفي رده علي وجهة النظر الحكومية في هذا الصدد، وربطها الغاء الحبس، بالالتزام بتطبيق ميثاق الشرف الصحفي، يري عبد الرازق أن هذا يتم بالفعل خلال العامين الاخيرين، فهناك قضايا أحيلت للنائب العام، ومجلس التأديب في النقابة". في هذا الصدد يقترح عبد الرازق أن تتفق النقابة مع مركز دراسات يراجع الصحف لرصد المخالفات وعرضها علي النقابة لدراساتها، بدلا من انتظار الشكاوي من المتضررين حتي يتم التحرك. ورغم اعتقاده بأهمية تغيير قانون النقابة، الا أن عبد الرازق يري أن هناك مخاوف من الاقدام علي هذه الخطوة، وما قد ينجم عنها من فقدان مزايا فيه والحصول علي قانون أسوأ، ويضيف" في وقت سابق، في عهد فيليب جلاب عندما كان سكرتيرا عاما للنقابة، بدأنا بالفعل في إعداد مشروع قانون جديد، لكننا توقفنا، بعد أن راودتنا مخاوف وقلق من أننا إذا عرضنا القانون علي مجلس الشعب، سنحصل علي قانون أسوأ، وتكون النتيجة سلبية، وأعتقد أن هذا الخوف مازال مستمرا، فالحريات منظومة عامة، "فما هي الامارة" التي بسببها تمنح الحكومة استثناء للصحفيين؟!". أخيرا يري حسين عبد الرازق ضرورة إصدار قانون لحرية تداول المعلومات ويعتبرها أيضا قضية مجتمعية لاتخص الصحفيين وحدهم، كما علق علي المشاكل المتعلقة بالقيد خاصة في المجلس الاخير، فيقول" هناك من يستحقون القيد ولايحصلون عليه، والعكس صحيح، وهناك قرارات تطبق لا علاقة لها بالقانون، كأن يرفض قيد صحفي في اصدار حزبي لكنه غير رئيسي للحزب، وقد حدثت واقعة معي برفض قيد صحفي كان يعمل في مجلة شهرية يصدرها حزب التجمع هي" اليسار" لكني تدخلت وتم قيده نظرا لعلاقاتي الشخصية، وهذا بالطبع أمر لايمكن الاعتماد عليه، كذلك هناك قرار بعدم قيد من يزيد عمره علي 40 عاما، و هناك اختبار المعلومات العامة، والذي أعتقد ان بعض أسئلته ليست معيارا للحكم علي صحفي ومنحه العضوية، بل ربما يكون هناك بعض المعلومات التي يجهلها رؤوساء تحرير حاليين". مشروعات لم تكتمل الكاتب الصحفي صلاح منتصر- والذي كان مرشحا سابقا علي منصب نقيب الصحفيين- اتفق مع عبده مباشر علي ضرورة ايلاء العناية لحماية الصحفيين الشباب، خاصة في ظل حرية إصدار صحف في الوقت الحالي، فيقول" يتكرر كثيرا أن يقوم أحدهم بإصدار صحيفة خاصة، ولا يلبث أن يخسر ولايحقق نجاحا، او ان يكون قد حقق الغرض الذي أنشأ من اجله الصحيفة، فيغلقها ويسرح الصحفيين،وفي هذا الصدد اقترح مكرم محمد أحمد علي المجلس الاعلي للصحافة ان يكون هناك اتفاق مع النقابة لوضع ضمانات تلتزم بها الصحف لكي يتم منحها الترخيص، لكن لم يتم التوصل الي صيغة تتفق مع القانون، وأكد المجلس حينها أن هناك صحفا متعطلة بسبب عدم قدرتها علي الوفاء بالشروط المالية المطلوبة لضمان حقوق الصحفيين". المسألة الثانية من حيث الأهمية هي تعديل المرتبات والاجور، ويري منتصر أن المشروع الذي تقدم به د.أحمد النجار، يصعب تنفيذه لأن الموارد التي يعتمد عليها، صعب الحصول عليها، كأن تتنازل الضرائب عن ضريبة الدمغة،والمؤسسات الصحفية لم تتقبله، وهناك مشروع تقدم به مكرم لكن المشكلة أن بعض المؤسسات القومية التي يطلق عليها مؤسسات الجنوب مثل دار المعارف والهلال وغيرها لا تستطيع الالتزام به. إحياء عمل اللجان رجائي الميرغني -وكان عضو مجلس النقابة ومرشحا سابقا لمنصب نقيب الصحفيين- حدد الاولويات التي يجب أن تلتفت اليها النقابة خلال الدورة الحالية في ثلاث نقاط، الاولي هي إعادة هيكلة أجور الصحفيين من خلال إحياء مشروع هيكلة الاجور الذي اعتمدته النقابة عام 2006 وقدمته للمجلس الاعلي للصحافة، والثانية هي إحياء اللجنة القانونية في النقابة المكلفة بتقديم الاقتراحات الخاصة بإلغاء المواد السالبة للحرية في جرائم النشر ،وثالثا: تشكيل لجنة من مجلس النقابة والجمعية العمومية لمراجعة موقف موارد النقابة وتنشيط عملية الالتزام بدفع النسبة المئوية من الاعلانات وتحريك مشروع القانون الذي أعدته اللجنة القانونية لتعديل قانون الدمغة الصحفية بما يعظم موارد النقابة. فيما يخص النقطة الاولي، أوضح الميرغني أن التصور الاولي الذي قدمه د. أحمد النجار منذ عام 2001 مر بمشوار طويل الي ان اعتمدته الجمعية العمومية عام 2006 في المؤتمر العام الرابع للنقابة، لكن بعد ان تولي مكرم محمد أحمد النقابة عام 2007 وفي أول اجتماع مع مجلسه قال إنه غير ملزم بما تم في الفترة السابقة علي توليه النقابة، وقال إنه لا يعلم شيئا عن مشروع لائحة هيكل الأجور، رغم ان المجلس الاعلي للصحافة تسلمه وتم مناقشته بحضور رؤوساء مجالس ادارات الصحف القومية، وتم تشكيل لجنة برئاسة د.علي لطفي لوضع مقترحات تلائم الأوضاع الاقتصادية لكل المؤسسات الصحفية في أواخر دورة جلال عارف. عن امكانية تطبيق هذا المشروع في الوقت الحالي، يري الميرغني أنه بالطبع خلال هذه الفترة- ثلاث سنوات- تغيرت الاوضاع ، وبالتالي لابد من رفع قيم الاجور عن تلك التي كانت مطروحة، لكن يمكن التوصل الي حلول «فاذا تقاعس النقيب أو المجلس، فلابد أن تمارس الجمعية العمومية قوة ضغط عليهم». وحول الغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، وما يرد عليه من ضرورة محاسبة المخالفين لميثاق الشرف الصحفي اولا، فالميرغني له رأي مخالف ويقول" لا يوجد التزام ولا توجد محاسبة، ولابد ان يكون هناك لجنة دائمة في النقابة تستقبل الشكاوي والمقترحات، وهذه اللجنة كانت موجودة بالفعل في أواخر عهد جلال عارف، لكن الغاها مكرم لاحقا، وقد تلقيت عرضا من إحدي المؤسسات الصحفية لانشاء مرصد يتابع الصحف والمجلات والمخالفات التي ترتكبها، ويقدم تقارير بها سواء بشكل يومي او اسبوعي، فلا يجوز أبدا ان تنتظر النقابة أن يتقدم احدهم بشكوي حتي تتحرك". وبسؤاله عن التقارير التي يعدها المجلس الأعلي للصحافة في هذا المجال، يري الميرغني مشكلتها أنها وصفية وليست تحليلية ، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها في التعرف علي موطن الخلل، واسباب تلك المخالفات، فمثلا،حجب المعلومات يفتح الباب امام الفبركة واختلاق الاخبار الكاذبة،، وبالتالي لابد من وجود قانون يعطي الحق للصحفيين للحصول علي المعلومات من المصادر". بصفته السابقة كرئيس للجنة القيد، يري الميرغني أن هناك تخبطا واضحا في سياسات القيد، وهناك شروط مفروضة الان لاعلاقة لها بشروط القيد الواردة في القانون، كخوض الاختبارات في اللغات والكومبيوتر، والمعلومات العامة، صحيح هي ضرورة لكن لابد أن تكون في سياق قانوني ، فالقيد الان يحكمه أعراف وليس قانونا، ونحن بذلك نحرم حق الاجيال الجديدة في الانضمام لنقابة تضمن حقوقهم، ولابد ان تشكل لجنة من أعضاء الجمعية العمومية والخبراء والقانونيين والعقلاء لوضع سياق قانوني جديد يضمن حقوق هذه الاجيال بعيدا عن الاهواء الشخصية، وقد قدمت دراسة منذ اربع سنوات تقريبا تناولت فيها كل المشاكل المتعلقة بالقيد وحلولا لتلافيها، وعرضتها في مؤتمر لمؤسسة "محامون متحدون" ، وعرضتها الصحف، لكن لم تلتفت اليها النقابة"!