«مخطط القاهرة 2050 ليس به تضارب كما يتصور البعض لأنه جزء من مخطط مصر الاستراتيجى القومى فى 2050».. هكذا نفى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس هيئة التخطيط العمرانى، موضحا أنه رغم وجود أعلى نسبة من أسرة المستشفيات فى مصر تستحوذ عليها إقليمالقاهرة الكبرى وكذلك الحال فى فرص التعليم الجامعى والصيدليات وخدمات الصرف الصحى فإنه لا يزال هناك عجز كمى ونوعى فى مستوى الخدمات المقدم فى الإقليم. وقال: «القاهرة لا تزال تحتاج إلى عدد كبير من فرص التعليم الجامعى والمستشفيات، كما أن المخطط يستهدف تقديم مستوى خدمة أفضل سواء على المستوى الكمى أو النوعى لعدد سكان الإقليم فى عام 2050 فمصر بالكامل تعانى من عجز فى الخدمات المختلفة وليس إقليمالقاهرة الكبرى فقط». وضرب مدبولى مثالا بقطاع الصحة قائلا: إننا لا نهدف إلى رفع مستوى جودة الحياة فى الإقليم فقط ولكن نهدف إلى إضافة مدن طبية عالمية جيدة فى الإقليم مع رفع القيمة التنافسية للقاهرة كعاصمة فى ظل المنافسة الشرسة بينها وبين عواصم الدول الأخرى فى المنطقة، مؤكدا أنه يجب أن تكون القدرة التنافسية للقاهرة أكبر من ذلك لجذب فرص استثمار أكبر مما يعنى فرص عمل جديدة، وتابع: «جزء من مخطط القاهرة 2050 هو رجوع القاهرة كجوهرة العواصم فى المنطقة لتعود من جديد جاذبة لكل من يبحث عن فرصة علاج أفضل وتعليم أفضل ومستوى خدمات عالمى. فالمشروع المطروح فى قطاع الصحة على سبيل المثال ستكون جاذبة لفئات ومستويات بعينها محددة تبحث عن مستوى معين من الخدمة الطبية والعلاجية إلى جانب جذبها لسكان الإقاليم الأخرى فى مصر لأن هذه المشروعات ستمثل فرص عمل جديدة. كما أن المخطط يراعى أن تقديم هذا المستوى من الخدمات لن يكون على حساب الخدمات المقدمة لسكان الإقليم. كل ما نستهدفه فى المشروع هو خلق قيمة مضافة للقاهرة كعاصمة. ويوضح مدبولى أن مخطط القاهرة 2050 ليس متضاربا أو متناقضا فكما يتم خلق فرص عمل جديدة من خلال جذب بعض الاستثمارت إلى القاهرة، يراعى المخطط الاستراتيجى العام لمجمل مصر معالجة هذا من خلال محاولة جذب فرص الاستثمار للأقاليم والأقطاب المختلفة للتنمية فى مصر بحيث لا تصبح القاهرة هى الإقليم التنموى الأوحد فى مصر، وذلك من خلال خلق حوافز استثمار حقيقية فى الأقاليم شبيهة بحوافز الاستثمار التى قدمت للمستثمرين فى المناطق الصناعية بالمدن الجديدة، والتى كان أهمها إعفاءهم من الضرائب لمدة 10 سنوات، وبحث وضع حوافز شبيهة فى محاور التنمية الجديدة. وقال إنه من الطبيعى التعامل مع القاهرة كعاصمة كبرى جاذبة لملايين السكان، ففى فرنسا العاصمة تحوى 11 مليون نسمة، فى حين أن المدينة الثانية تحوى مليونا ونصف المليون نسمة فقط. القاهرة تستحق أكثر مما نخطط له الآن «عيب على شعب حفر قناة السويس وبنى السد العالى، ميقدرش يحقق مشروع القاهرة 2050»، وأوضح مدبولى أن هذا المخطط يحتاج إلى إرادة سياسية، وقبول شعبى، ولن يتبنى السياسيون المشروع إلا إذا شعروا أن هناك إرادة شعبية للتطوير. وأكد أن الفكر الذى كان سائدا فى السبعينيات والثمانينيات والذى كان يعتمد على توقف الاستثمارات فى إقليمالقاهرة، كى يكون طاردا للسكان وليس جاذبا، وتوجيه استثمارات إلى المدن الجديدة فقط حتى إن بعض هذه التصورات كانت ترى أنه ليس من الضرورى ربط المدن الجديدة بالعاصمة على اعتبار أنها ستكون مناطق جذب، تستوعب الهجرة الداخلية التى تأتى إلى القاهرة سنويا، وكان أهم عيوب هذه التصورات أنها كانت تظن أن العواصم أو المدن يمكن التحكم فى نموها، فى حين أن المدن تعتبر كائنات حية يصعب التحكم فى نموها إلا إذا تم القضاء عليها. ولذلك يحاول مخطط القاهرة 2050 تفادى هذه العيوب، وأن يتعامل مع حقيقة أن المدن تنمو وعليها تخطيط هذا النمو أفضل من تركه لينمو بشكل عشوائى يكلف علاجه أضعاف ما ينفق على التخطيط المسبق لمناطق النمو. وكذلك يراعى هذا المخطط أن تخطيط أى مدينة يحتاج تحقيق عاملين الأول هو العدالة الاجتماعية من خلال توفير خدمات جيدة للمواطنين، والعامل الآخر هو التنافسية والذى يعمل على جذب فرص استثمار لهذه المدينة، مما يحقق فرص عمل جديدة، ويوفر دخلا يمكن الإنفاق منه على الخدمات التى تقدم للمواطنين.