وسط قلق إسرائيلى وأمريكى وتباين فى ردود الأفعال الداخلية، من المقرر أن يكون الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد قد بدأ أمس، بعد مثول الصحيفة للطبع زيارة لجنوب لبنان من أجل تفقد مشاريع إعمار مولتها طهران. التقى نجاد أمس مع ممثلى الطوائف المسيحية والإسلامية وعقد لقاء مع مسئولين سياسيين وآخر مع مجموعة طلاب قبل توجهه إلى مدينة بنت جبيل التى تقع على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع إسرائيل وشهدت أشرس المعارك خلال حرب صيف 2006 بين إسرائيل وحزب الله ودمرت معظم مبانيها وبنيتها التحتية ثم أعيد إعمارها بتمويل قطرى، بينما انفقت إيران مليار دولار تقريبا فى مشاريع إعادة الإعمار فى قرى الجنوب. ورأى أحمدى نجاد فى خطاب ألقاه فى أول أيام الزيارة مساء أمس الأول فى الضاحية الجنوبية لبيروت وسط آلاف الأشخاص الذين كانوا يهتفون له، ان جبهة مقاومة الشعوب تشكلت فى تركيا وفلسطين والعراق وسوريا وإيران ولبنان كل هذه المنطقة وان الكيان الصهيونى «يتدحرج اليوم فى مهاوى السقوط وليس هناك من قوة قادرة على إنقاذه». وتثير زيارة أحمدى نجاد إلى لبنان انتقادات إسرائيلية، لا سيما فى ضوء جولته الجنوبية. وفيما يتعلق بالمحكمة الدولية التى تنظر فى جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى، قال أحمدى نجاد إن «يد الغدر الآثمة قد امتدت فى لبنان إلى صديق عزيز وشخصية غيورة على وطنها» فى إشارة إلى الحريرى «ثم نرى بعد ذلك كيف تلفق الأخبار وتستغل المجامع الحقوقية التابعة لأنظمة الهيمنة لتوجيه الاتهام إلى بقية الأصدقاء سعيا للوصول إلى المرام الباطل عبر زرع بذور الفتنة». ومن جانبه، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إنه ليس لإيران أى مشروع معاد للعرب فى المنطقة، بل إن ما تقوم به ينسجم مع «لاءات» قمة الخرطوم الشهيرة عقب حرب 1967، مضيفا ان أحمدى نجاد «سند عظيم». وعلى صعيد ردود الفعل المحلية، اعتبر وزير السياحة فادى عبود فى حديث لإذاعة صوت لبنان أن «إيران دولة عظمى فى المنطقة وهذا ليس بجديد، كما لها نفوذها اقليميا، وقد يتعاظم فى بعض البلدان وتبقى عدوّة للبعض الآخر»، معتبرا أن «هذا الأمر يخلق شرخا إقليميا بين جبهتين منفصلتين، جبهة إيرانية تركية، وجبهة ثانية مصرية خليجيّة، ولسوء حظ لبنان فهو موجود بين الجبهتين، ولكن نأمل أن يكون للجميع نوايا حسنة تجاه بلدنا وإبعاده عن اللعبة الإقليمية». وفى المقابل، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أنه «بمجرد أن يوحى نجاد بأنه طرف فى هذا الشأن الداخلى، فستفقد زيارته كل وهجها ورمزيتها». ولم يتحدد حتى يوم أمس إذا كان الرئيس الإيرانى سيمدد زيارته يوما اخر من اجل لقاء رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان الذى يصل لبنان اليوم. وخارجيا، اعتبر رئيس الهيئة السياسية الأمنية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد أن إيران تسعى لجعل لبنان برمته امتدادا لها فمن الأهمية بمكان الحيلولة دون هذا المسعى. وبدوره قال نائب وزير الدفاع متان فيلنائى أمس ان أحمدى نجاد جاء لزيارة لبنان «بهدف الوقوف عن كثب على الشبكة الصاروخية التى قام بإنشائها ما وراء الحدود اللبنانية الإسرائيلية والتى تعتبر الأكبر من نوعها فى العالم علما بأنها مصوّبة برمتها باتجاه إسرائيل. «وكان نواب فى الكنيست (البرلمان الإسرائيلى) قد احتشدوا عند السياج الحدودى مع لبنان احتجاجا على زيارة نجاد. وفى واشنطن، قال البيت الابيض ان زيارة نجاد للحدود تظهر تمادى الرئيس الإيرانى فى «سلوكه الاستفزازى»، مضيفا انها «تظهر أيضا أن حزب الله يبدو أكثر ولاء لإيران منه للبنان».