اختتم مهرجان الإسماعيلية أيامه ليلة السبت الماضى بعد عرض 78 فيلما متنوعة، وقد تم توزيع الجوائز التى حصد الجائزة الكبرى الفيلم البرازيلى «رقم صفر» اخراج كلوديا نونز وهو الفيلم الذى يتعرض لازمة تتفاقم يوما بعد يوم فى شتى أرجاء العالم وهى أطفال الشوارع، ويصور كيف يرفض هؤلاء الأطفال العودة مرة أخرى للحياة مع عائلاتهم بعد أن تعودوا حياة التشرد والتعاطى وممارسة الجنس. وفازت مصر فى هذا المهرجان ب3 جوائز فقط، اثنان منهما حصدتهما منى عراقى بفيلمها «طبق الديابة» والثالثة ذهبت لمروة زين مخرجة فيلم «لعبة». طبق الديابة هو اسم المنطقة التى اختارتها منى عراقى لتبدأ منها مغامرتها المثيرة مع أزمة من أخطر الأزمات التى يتعرض لها مجتمعنا الا وهى تهريب مخلفات المستشفيات الخطرة واعادة تدويرها الى منتجات يستخدمها المواطن المصرى دون أى دراية.. ولم تكتف منى عراقى بتسجيل وتصوير ما يحدث من مخالفات بالمستشفيات بل حملت كاميرتها وخبئتها وخاضت بنفسها المغامرة فى المستشفيات ومع المهربين حين تقمصت دور مشترية لهذه المخلفات، وتعاملت مع المهربين بنفسها واكتشفت أن بيع وتهريب المخلفات الطبية لا يقتصر على المخلفات العادية بل ايضا على المخلفات الخطرة المحملة بأخطر أنواع السموم، وصورت بنفسها كيف يعاد تدوير هذه المخلفات فى طبق الديابة وكيف أن جميع الأسر التى تتعامل مع هذه المهنة تقريبا مصابون بفيرس سى القاتل دون دراية. الفيلم يعد مغامرة حقيقة كشفت عن اهمال كبير فى المستشفيات والهيئات والوزارات خاصة البيئة والصحة اللذان تبادلا الاتهامات وحاولا إلقاء المسئولية على بعضهما البعض، ولا ننسى كلمة أحد المسئولين حين قال لمنى «أنا مش حلف مصر كلها أدور على المخالفات بنفسى»!! الفيلم رغم امتلائه بكثير من اللقطات المقززة والتى كانت صعبة المشاهدة إلا أنها كانت مشاهد صائبة وموجعة، تماما كواقع الحال. الفيلم الثانى الذى حاز جائزة لجنة التحكيم للفيلم الروائى القصير هو «لعبة» للمخرجة مروة زين، والذى قامت فيه بتمصير قصة للكاتب الكبير البرتو مورافيا، صورت فيه لعبة بين أم وابنتها، حيث اقترحت الابنة على الأم أن يلعبا معا لعبة تبادل الأدوار، وتكتشف الأم حين توافق على اللعبة أنها ترى نفسها فى وضوح تام فى تصرفات ابنتها، التى وضعتها امام نفسها دون أى تجميل، الأم التى فقدت السيطرة على نفسها وتصرخ بداع وبدون.. زاد من جمال وقوة العمل اداء الطفلة روفينا عزت الذى أدت الدور بذكاء وحرفية شديدة تبارت فيها مع ليلى سامى التى ادت دور والدتها، ويظل فى النهاية البطل هو كاميرا المخرجة ومعها قصة البرتو مورافيا.. فى نفس يوم عرض لعبة عرض أيضا «النشوة فى نوفمبر» للمخرجه عائدة الكاشف وهو ماخوذ ايضا عن قصة للكاتب الكبير نجيب محفوظ، والذى تعتبر القصة هنا ايضا هى بطل العمل بالاضافة لتمثيل النجم الكبير محمود عبد العزيز الذى أدى دور البطولة.. فالفيلم يدور عن رجل فى اواخر العمر يريد ان يعيش الحياة كما يحلو له، رافضا أى نوع من الوصاية الطبية أو الأسرية.. ويتلخص الفيلم فى مشهدين فقط الأول حين يطلق محمود عبدالعزيز صراح عصفورين من القفص، فيحذره البعض» سوف يموتون «فيرد» مش مهم، بس حيعيشوا يومين حلوين الأول «وهو تماما ما حدث معه، حين نادته حبيبة شابة فرح يوسف ليقضى معها ليلة فيذهب دون تردد رغم خطورة هذا على حياته التى تنقضى بالفعل بعد هذه الليلة الأخير الممتعة. الفيلم واجه انتقاد البعض او بمعنى اصح لم يأتى على مستوى التوقعات، ولكنها كانت انتقادات ظالمة ناتجة عن فقاعة التوقعات، فالجميع ظل ينتظر الفيلم لثلاثة أيام بعد تاجيلة بسبب أحد الأعطال، وزاد من حرارة الانتظار أن المخرجة ابنة رضوان الكاشف ويريد الجمهور أن يكتشفها، وأيضا لأن البطل محمود عبدالعزيز والقصة لنجيب محفوظ، فخلق هذا الانتظار هالة كبيرة حول الفيلم تبددت فور رؤيته عندما اكتشفوا انه فيلم قصير لفتاة صنعته كمشروع تخرج فى معهد سينما وليس بالفيلم الخارق الذى سيغير تاريخ السينما!! فخرج البعض رافضا مستوى الفيلم ويقول إنه لم يكن يستحق كل هذا الانتظار ولكن فى هذا ظلم لعائدة الكاشف لانها بالفعل حققت تجربة تستحق كل الاحترام، ومزيدا منه لبطل العمل النجم محمود عبدالعزيز الذى شاركها العمل إكراما لعلاقته بوالدها رضوان الكاشف.