مدبولي: مشروع الضبعة سيوفر 3 مليارات دولار سنويا.. مسئولو صندوق النقد سيزورون مصر أول ديسمبر.. والاستثمارات الخاصة سجلت نموًا بنسبة 73%    وزيرة التضامن تشهد احتفالية "القومي للطفولة" باليوم العالمي للطفل    عاجل- تعزيز التعاون العسكري والسلام الإقليمي يتصدر مباحثات رئيس كوريا مع الرئيس السيسي    ننشر سعر اليورو اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 في ختام التعاملات بالبنوك    تكاليف المعيشة والتضخم.. زهران ممدانى يكشف أجندة اجتماعه مع ترامب    إصابة عدد من الفلسطينيين بعد هجوم مستوطنين على قرية بشمال الضفة الغربية    بعد قرعة الملحق الأوروبي.. جاتوزو يحذر من أيرلندا الشمالية ويكشف مشكلة كييزا    وكيل حامد حمدان يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي والزمالك    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    إصابة 8 اشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالطريق الإقليمى    بعد تعرضها لوعكة صحية، أبرز المعلومات عن الإعلامية ميرفت سلامة    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    الإحصاء: 2.4 مليار طفل حول العالم عدد السكان الأقل عمرًا من 18 سنة    افتتاح مدرسة إصلاح إدريجة للتعليم الأساسي بتكلفة 6.5 مليون جنيه بكفر الشيخ    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    جامعة القاهرة تستقبل الرئيس الكوري لي جاي ميونغ لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي    عراقجي: اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية لم يعد ساريا    وزير الشباب والرياضة يستعرض مستهدفات المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    تطورات جديدة في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال تطهير شنايش الأمطار ببورسعيد    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    بعد فرض رسوم 5 آلاف جنيه على فحص منازعات التأمين.. هل تصبح عبئا على صغار العملاء؟    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ثانى جندى يعبر القناة فى 1973
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2010

العريف عبدالحميد الطاهر المولود فى الرزيقات بحرى، مركز أرمنت بالأقصر، كان شاهدا على لحظات النصر النادرة فى أكتوبر 1973.
الرجل الذى رحل عن دنيانا عام 2006 غادر قريته صيف 1964 ليلتحق بالقوات المسلحة، وعندما عاد مصابا بعد العبور بشهر، استقبله أهل الرزيقات بأكملهم عند الجسر الذى يربط القرية بمدينة أرمنت.
اعتاد العريف عبدالحميد أن يدون ملاحظات قصيرة فى كشكول أصفر، من إنتاج «شركة الشمرلى»، ومنها نقتطف يوميات الحرب، من 3 أكتوبر وحتى إصابته فى 21 أكتوبر.
3 أكتوبر هذا الساتر الترابى
وصل اليوم أبوالمجد مدواس ومحمد فريد إلى الكتيبة فى قرية أبوصوير غرب الإسماعيلية.
كانا قد تم تسريحهما من الخدمة فى العام الماضى، سألناهما ماذا حدث؟ وأجابا: قالا لنا واجب قتالى ولم يوضحا حاجة.
هل يعنى هذا أن الحرب وشيكة كما يتردد فى الكتيبة؟ خاصة وأنهم أعطونا علم مصر؟
فى الليل يضرب ضوء جهاز المراقبة اليهودى فى وجهى فأحس بالغليان فى صدرى.
3 سنين ونحن نراهم يرفعون الصخور على القضبان ليبنوا بها الساتر الترابى، متى تحين اللحظة التى ننسف فيها هذا الساتر ونبيد من وراءه من الأعداء؟
اللهم اخسف الأرض من تحت أقدام اليهود واجعلهم عبرة لمن يعتبر.
4 أكتوبر جاكوب يسمع عبدالحليم
كل ليلة يجتمع القواد فى عنبر القيادة ولا يقولون لنا شيئا. «اعملوا صيانة للسلاح»، فنعمل صيانة للسلاح، «تدريبات مكثفة»، فنكثف التدريبات.
نسأل القائد: متى سنحارب يا افندم؟ فيجيب: قريبا إن شاء الله.
الملل يسمم البدن والروح تشتاق إلى اللحظة التى يزغرد فيها الرصاص فينكشف الشجاع من الجبان.
اليهودى جاكوب يحلو له أن ينادينى كل ليلة عبر الضفة الثانية من القناة: شغل عبدالحليم يا عبدالحميد، والأصدقاء فى الكتيبة يستغربون هذه العلاقة التى توطدت مع الأيام.
إنه الجندى اليهودى الذى يجلس قبالتى كل يوم، تحدثنا من بعيد وقال لى اسمه فقلت له اسمى وأصبح ينادينى كل يوم يريد أن يسمع صوت عبدالحليم حافظ من الراديو.
يريدون أن يشاركونا فى كل شىء، حتى فى الأغانى.
6 أكتوبر وكانت الساعة الثانية ظهرا
وصلتنا إشارة بأننا فى مهمة قتالية ومن يرغب فى الإفطار فليفطر.
هذه هى المرة الأولى التى تصلنا إشارة بهذا الشكل، ففى العام الماضى كانت تصل الأوامر بالإفطار للجميع بسبب التدريبات المكثفة، لكن هذه المرة لم يأمرونا، بل تركوا لنا الاختيار. شعر الرفاق فى الكتيبة أن الأمر مختلف.
شاهدنا على الضفة الأخرى أتوبيسين سياحيين فاخرين، نزل منهما عشرات الإسرائيليين من الرجال والسيدات، يرقصون أمام أعيننا على الأغانى الأجنبية والعربية ونحن لا نملك إلا أن نتفرج. هذا عيدهم، يوم الغفران.
هذا الأتوبيس نفسه رأيناه فيما بعد محطما وفى داخله الجثث.
فعندما شاهدنا الطائرات المقاتلة تعبر فوقنا باتجاه العدو، وكانت الساعة الثانية ظهرا، انخلعت القلوب، فالحرب قد بدأت. إنها اللحظة التى كنا نتمناها منذ سنين طويلة.
الحماس يشتعل فى الصدور بقوة، والقلوب تكاد تقفز من الاشتياق، أنظر إلى الوراء فلا أكاد أرى الماء.
السطح كله مغطى بالقوارب، سواعد الرجال البواسل تجدف بقوة. إنه اليوم الذى كنا نتحرق شوقا إليه.
وا شوقاه إليك يا سيناء الحبيبة. سبقنى عبدالباقى الرشيدى وقفز فى الماء إلى الضفة.
سبقتنى ياعبدالباقى، أنا وراؤك، وكنت ثانى جندى مصرى يعبر الضفة ويمشى على تراب مصر الغالى فى سيناء.
الكل يجرى ويقبل التراب ورغم أن الأوامر تقول بأن يصعد أول جندى على الساتر الترابى ثم يثبت السلم ليصعد وراءه الباقون، لكن لا أحد ينتظر، فالكل يصعد بحماس وكأنهم جميعا أول جندى يعبر.
صيحات الله أكبر تدوى فى الفضاء الفسيح فتتزلزل الأرض من تحت أقدامنا.
اللواء أكثر من 3500 جندى، ولم نخسر فى العبور إلا 25 جنديا فقط.
الله أكبر.
الله أكبر.
7 أكتوبر لكنها بلا جنود
الإسكندرانى مينا صليب صائم، حاولنا معه أن يفطر لكنه رفض. وعندما ارتفعت أصواتنا بالهتاف: الله أكبر، وجدناه يهتف معنا. لن أنسى وجهه وهو يصرخ: عبرنا يا عبدالحميد، يضحك فمه لكن عينيه تدمعان فى نفس الوقت.
كنا نتسابق على من يحصد أرواح الإسرائيليين، ومن يتقدم ليطهر المواقع قبل رفاقه ليحميهم بجسده ونفسه.
لاحظنا أن الإسرائيلى يحمل أسلحة متطورة كثيرا عن تلك التى نحملها لكنه لا يستطيع المواجهة أبدا.
فى اللحظة الحاسمة يترك السلاح ويفر هاربا.
وجدنا الدشم المحصنة، فيها مكاتب وغرف مقسمة بنظام لكنها بلا جنود.
12 أكتوبر بلدياتى المستجد
قصف مدفعى شديد.
قابلت بلدياتى وصديقى قناوى أبوعلامة من سلاح المدفعية فى موقع قريب.
حكى لى عن المجند الذى لم يمض على التحاقه بالخدمة إلا ثلاثة شهور فقط ورماه حظه على الجبهة.
ترك له قائد الفرقة حراسة المخالى وعندما عادوا وجدوه وقد قتل ثلاثة جنود إسرائيليين مدججين بأعتى العتاد.
جاءت مجلة النصر وأجرت معه حديثا صحفيا والتقطت له بعض الصور.
16 أكتوبر فراق الحبيب الغالى
استشهد اليوم صديقى محمد نبيل، تجنيد دفعة 69، وابن مدينة طنطا فى قصف مدفعى شديد القسوة.
قتلنا عشرات الجنود منهم وأسرنا ثلاثة وحطمنا دبابتين، لكن عرفنا أنهم دمروا كل بطاريات صواريخنا فى تل الفضة والجبهة اختلت.
صدرى ضيق وحزين على فراق الحبيب الغالى محمد.
إلى رضوان الله يا صديقى.
21 أكتوبر أطول أيام العمر
كنت أبكى من الألم، وأسف الرمال من وجع يكاد يمزق ضلوعى كلها.
رصاصة يهودية اخترقت كتفى واستقرت فيه.
اقترب اليهودى ببطء شديد وهو يصوب السلاح فى صدرى، عندما رآنى على هذا الحال ورأيته أيقنت أنها الخاتمة.
تجسدت أمام عينى ذكريات عمرى كله، وصور والدى ووالدتى، وأهلى وخلانى.
كانت أصعب ثوانى حياتى، ثوان قليلة للغاية لكنها كانت أطول أيام العمر، اليهودى يواجهنى بالسلاح وأنا أعزل أتلوى من الألم.
لا يحتاج الأمر إلى أكثر من ضغطة على الزناد وينتهى أمرى. لكنه رمقنى واختفى فى ثوان. ربما اعتقد أنى ميت لا محالة واستخسر أن يطلق رصاصة على ميت.
مر ثلاث ساعات وأنا على هذا الحال أبكى من الألم.
كانت سيارة الإسعاف تجىء فتحمل المصابين حتى تمتلئ، ثم ترى الآخرين يستغيثون فلا تنظر إليهم.
كان هذا آخر ما رأيت قبل أن أصحو وأجد نفسى فى مستشفى بورسعيد محاطا بالممرضات.
عندما تماثلت للشفاء قالوا لنا إن السيدة جيهان السادات سوف تزورنا قريبا.
مرحبا بك يا زوجة القائد المظفر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.