"نحن نأسف لما حدث" .. "ندين ما فعلته القلة المشاغبة".. كانت هذه الكلمات التي صدرت رسميا من عدد من المسئولين التونسيين تأكيد على مدى الاحترام والرقي الذي يتمتع به الشعب التونسي لذا سارع إلي إدانة تصرفات المجموعة الموتورة التي تنتسب أليه. وعلى قدر الغضب الذي تملك المصريين مساء الأحد الماضي وهم يرون مجموعة من جماهير الترجي التونسي تعتدي بوحشية على أثنين من أفراد الحماية المدنية المصريين المكلفين بمقاومة الحرائق التي قد تنشب لا قدر الله في المدرجات خلال مباراة فريقي الأهلي والترجي في بطولة أفريقيا ..وبقدر الإجرام الذي تعاملوا به مع أفراد الأمن بقدر ما كان الهدوء الشديد من جانب الشرطة المصرية .. هدوء استفز الكثيرين الذين تصوروا أنه يعبر عن عجز لا عن حكمة.. فربما كانت هذه المجموعة مدفوعة لتوريط الأمن والجمهور المصري في مجزرة .. كما كان مخطط في نفس الإستاد يوم 14 نوفمبر الماضي . كانت ردة الفعل التونسية على الحادث واعية ومهذبة وتقدر قيمة الإنسانية بعد أن أصبحت روابط العروبة وغيرها شعارات ممسوخة أهال عليها الكثيرون التراب ودفنوها. و لم يكن من الممكن لشعب راقي ولمسئولين يمتلكون الوعي أن يدافعوا عن هذا التصرف الإجرامي كما فعل جيرانهم الذين صوروا البلطجة على أنها ملحمة بطولية ورفعوا الهمج إلي مصاف الأبطال !! وأمام هذا الاعتذار الشجاع لم يكن من الممكن للشعب المصري إلا أن يقبل ويسامح بل و ينهال برسائله عبر البرامج الرياضية والمواقع الإلكترونية للتعبير عن العلاقات المميزة التي تربط بين الشعبين مما يؤكد روح التسامح التي يتحلى بها المصريون . مرت هذه الواقعة ولم تؤثر والحمد لله على العلاقات المصرية والتونسية ولكن هناك عدد من الحقائق والدلائل التي لا بد أن نتوقف عندها . أولها : أن الاتحاد التونسي وإدارة الترجي والمسئولين في الحكومة التونسية لابد أن يفطنوا إلي أنه هناك من كان يحاول تعكير صفو العلاقات بين البلدين والشعبين ..ولابد من الحذر منهم في لقاء العودة . ثانيا : أن يتخذ الأهلي إجراءاته القانونية والإدارية حيال ما حدث فالتسامح والحب والأخوة لا يمنع أن يأخذ كل ذي حق حقه وهو ما حرص المسئولون التونسيون على تأكيده بعد القبض على المشاغبين بترحيبهم بإعمال القانون مع هذه الشرذمة التي أساءت لبلادهم قبل أن تسيء لمصر واعتدت على كرامة تونس قبل أن تعتدي على الجنديين المساكين من رجال الإطفاء. ثالثا: ألا يتم تجاهل المعلومات التي رددها اللواء عبد العزيز أمين رئيس هيئة ستاد القاهرة من أن هؤلاء المشاغبين مأجورين لصالح جهة ما وساق الأدلة منها أنهم استأجروا سيارات فارهة ويقيمون في فنادق فاخرة لا تتناسب مع مشجعين في مثل أعمارهم وحالتهم هيئتهم ..وحينما يعلن رجل مسئول هذه المعلومات ويكررها وهو اللصيق برجال الأمن الذين تابعوا القضية من بدايتها وظل معهم حتى تم تسوية الأمر وإحالته إلي النيابة العامة يعني أن هناك من دس هؤلاء عن عمد للتخريب ولتفجير أزمة بين مصر وتونس .. أي أن الأمر كان مخطط أجهضه الأمن والتوانسة على مختلف مستوياتهم الرسمية والرياضية . إن كنا في مصر وتونس قد نجونا هذه المرة فيجب الحذر في المرات القادمة .