باكستان تعلن استهداف الهند ل3 قواعد جوية بصواريخ    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم بعد انخفاضه في البنوك    المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يعلن اليوم معدل التضخم لشهر أبريل    د. حسين خالد يكتب: جودة التعليم العالى (2)    ذهب وشقة فاخرة وسيارة مصفحة، كيف تتحول حياة البابا ليو بعد تنصيبه؟    جوجل توافق على دفع أكبر غرامة في تاريخ أمريكا بسبب جمع بيانات المستخدمين دون إذن    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    أسخن 48 ساعة في مايو.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: هجمة صيفية مبكرة    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة التفكير فى العلاقات المصرية الإسرائيلية
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 04 - 2009

هل هناك حاجة إلى إعادة التفكير فى العلاقات المصرية الإسرائيلية؟ سؤال يطرح نفسه بشدة فى ظل المتغيرات الحادة والمتسارعة سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى أو العربى، وأيضا على المستوى المحلى، وقد تبدو الإجابة عن هذا التساؤل للوهلة الأولى سهلة وواضحة بنعم نحن بحاجة إلى إعادة التفكير ومن ثم إعادة النظر فى تلك العلاقة.
ولا أحد يختلف على ذلك، وهو ما يتطلب وقفة جادة وموضوعية لطرح ومناقشة هذا الموضوع فى إطار عملية إعادة التفكير فى مجمل العلاقات المصرية الإسرائيلية فى محاولة لاستخلاص الأسس والمُحددات التى تجرى على أساسها عملية إعادة النظر وإعادة الصياغة لتلك العلاقات بما يحقق أهدافا محددة، فى مقدمتها الحفاظ على أمن مصر القومى بمفهومه الشامل العسكرى والسياسى والتنموى من ناحية، ويحدد أيضا الأطر التى تحكم طبيعة هذه العلاقة ومجالات تطورها سلبا أو إيجابا ارتباطا بتطور الصراع العربى الإسرائيلى بمساراته المختلفة، والتى تراوحت ما بين علاقات حرب وعلاقات سلم، وما بينهما من علاقات اللا حرب واللا سلم.
فى 15مايو 1948 بدأت علاقة الحرب ما بين مصر وعدد من الدول العربية وبين إسرائيل، وانتهت حرب فلسطين بما أطلق عليه العرب نكبة فلسطين وانتقلت العلاقة المصرية الإسرائيلية إلى علاقة اللا حرب واللا سلم بتوقيع اتفاقية الهدنة فى 24 فبراير 1949، ثم وقع العدوان الثلاثى الأنجلو فرنسى الإسرائيلى على مصر فى 1956 لتنتقل العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى علاقات حرب ثم عادت العلاقات إلى حالة اللا حرب واللا سلم مرة أخرى فى أعقاب الانسحاب الإسرائيلى عام1957 واستمرت العلاقات تحكمها تلك الحالة حتى جاء التحول الدراماتيكى فى العلاقات بحرب يونيو1967 وعادت العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى حالة الحرب مرة أخرى، واستمرت بمستويات مختلفة على مدى ثلاث سنوات فيما عرف بحرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل حتى أغسطس1970 عندما قبلت مصر وإسرائيل مبادرة روجرز الأمريكية بوقف تلك الحرب والعودة إلى حالة اللا حرب واللا سلم.
إلا أن التطور الأهم والأكثر دراماتيكية فيما يمكن أن نسميه بالعلاقات المصرية الإسرائيلية هو ما حدث فى السادس من أكتوبر 1973 عندما انتقلت العلاقات بإرادة مصرية من حالة اللا حرب واللا سلم إلى حالة الحرب.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن حرب أكتوبر انطلقت على الجبهة المصرية والسورية فى توقيت واحد وبعد تنسيق مصرى سورى غير مسبوق عربيا، وكانت كلمة السر فى المعركة العسكرية هى الثأر القومى من الهزيمة العسكرية فى يونيو 1967 وتحقق النصر العسكرى بشكل أذهل العالم على كلا الجبهتين المصرية والسورية وإن اختلفت النتائج النهائية للمعركة العسكرية على كلا الجبهتين فيما يتعلق بالأرض، تم تحرير جزء مهم من الأرض المصرية شرق القناة والتمسك به.. بينما بقى الجولان محتلا، وكان لابد للحرب فى جانبها العسكرى أن تتوقف بحكم توازنات القوة التى كانت سائدة فى العالم، وأدركت مصر وأعتقد أن سوريا أيضا أدركت أنه لاستخدام القوة العسكرية حدودا لا يمكن تجاوزها بحكم القدرات المادية والعسكرية المحدودة لأطراف الصراع واعتمادها بالنسبة لمصادر السلاح على القوى العظمى فى ذلك الوقت أمريكا والاتحاد السوفييتى، وبالتالى فإن استمرار القتال كان رهنا بإرادة تلك القوى فى المقام الأول، والحقيقة التى لا يُمكن تجاوزها أن كلا من أمريكا والاتحاد السوفييتى أرادا لهذه الحرب أن تتوقف. وكان لكل منهما حساباته وأهدافه..
وبعبارة أخرى لم يكن من الممكن بأى مقياس تحقيق الانتصار العسكرى الحاسم الذى يفرض على إسرائيل الاستسلام غير المشروط دون مفاوضات.
ودخلت العلاقات المصرية الإسرائيلية فى حالة جديدة لا هى حالة الحرب ولا هى حالة اللاحرب واللا سلم وإنما حالة التفاوض المبنى على نتائج الحرب وما أحدثته من تغيير فى الحقائق الموضوعية على أرض الواقع وللحقيقة أيضا فإن سوريا أجرت نفس الانتقال إلى حالة التفاوض والتى بدأت فى ذلك الوقت برعاية أمريكية كاملة وقطعت مصر الشوط الأول من المفاوضات وكذا سوريا والذى انتهى باتفاقيات فض الاشتباك في1974 ثم توقفت سوريا وآثرت مصر الاستمرار فى إدارة الصراع وكان لكل منهما رؤيته ومنطقه ونحن لسنا بصدد مناقشة ذلك، ولكن المهم ما جرى فى نهر العلاقات المصرية–الإسرائيلية من الفصل الثانى للقوات عام 1975 إلى زيارة الرئيس السادات الشهيرة للقدس عام 1977 إلى كامب ديفيد عام 1978 إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والتى تم توقيعها فى 26 مارس 1979.
وانتهت مسيرة التفاوض الطويلة بالانسحاب الإسرائيلى الكامل من الأراضى المصرية واستعادة مصر سيادتها الكاملة على كل شبر من الأرض المصرية.. وانتقلت العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى حالة جديدة تماما، لا هى حالة الحرب ولا هى حالة اللا حرب واللا سلم، ولا هى حالة التفاوض، وأيضا ليست هى حالة السلام الشامل والكامل بين الدولتين والشعبين، ولكنها حالة خاصة من السلام ربما يكون تعبير السلام التعاقدى هو الأقرب إلى تعريفها.
وظلت العلاقات المصرية الإسرائيلية لا تراوح مكانها فى حالة السلام التعاقدى وجاء الحدث الأكثر دموية منذ حرب أكتوبر 1973 وهو الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهذا يعود بنا إلى الطرف الفلسطينى فى معادلة الصراع العربى الإسرائيلى وهو الطرف الأكثر تأثيرا على العلاقات المصرية الإسرائيلية.
وفى ظل المشهد المأساوى للعدوان بقيت العلاقات السورية الإسرائيلية على حالها من اللا حرب واللا سلم.. وتبقى مقاومة حزب الله على حالها من الالتزام بالقرار 1701 وعدم استهداف إسرائيل.. وتبقى الدول العربية على حالها من التمسك بمبادرة السلام مع إسرائيل.
ولكن لم يجد الجميع أمامهم سوى مصر والعلاقات المصرية الإسرائيلية لنقدها.. وكانت تجربة صعبة خاضتها مصر واحتاجت فيها إلى أقصى درجات ضبط النفس، ووجدنا أصواتا عالية تطالب مصر بأن تنهى حالة السلام التعاقدى مع إسرائيل وهذا يعنى واحدا من أمرين إما العودة إلى حالة الحرب وهذا يضع مصر فى موقف الدولة التى تنقُض اتفاقاتها ومعاهداتها الدولية، وأيضا يجعلها فى حالة الدولة المعتدية لافتقادها إلى المبرر المشروع للحرب حيث لم يقع اعتداء على أرضها وليس لديها أراض محتملة ولم توجه إليها أى تهديدات، وإما العودة إلى حالة اللا حرب واللا سلم وهى حالة ضبابية عانت منها مصر كثيرا، وكان عليها أن تسعى لتوظيف علاقة السلام التعاقدى مع إسرائيل للتعامل مع الموقف يحكمها فى ذلك هدفان أولهما إيقاف العدوان على الشعب الفلسطينى والثانى الحفاظ على القضية الفلسطينية حاضرة فى ضمير العالم. وقد حققت مصر فى هذا المجال قدر ما استطاعت ويبقى الخلاف حول ذلك القدر الذى تحقق.
قد يتساءل البعض، وأين الطرف الإسرائيلى من كل ذلك؟ وهو تساؤل منطقى ولكن لأن الطرف الإسرائيلى رغم ما يبدو على السطح من تغييرات ومتغيرات فى الحكومات والقيادات ما بين وسط ويمين ويسار إلا أن الحقيقة التى لا يجب أن تغيب عنا أنه ليس هناك تغييرات فى السياسات والإستراتيجيات تجاه القضية الفلسطينية، الموقف الإسرائيلى فى حقيقته موقف ثابت لا يتغير.. فلا نتنياهو أكثر تطرفا من أولمرت وتسيبى ليفنى ولا باراك أقل إجراما من شارون ولا ليبرمان أكثر وقاحة من بيجن، العامل الإسرائيلى فى الصراع هو فى حقيقة الأمر عامل ثابت.
ويبقى تطور العلاقات المصرية الإسرائيلية مرهونا بالمواقف الإسرائيلية والفلسطينية والدور المصرى فى توظيف العلاقة مع إسرائيل يرتبط بشكل وثيق بتطور تلك المواقف.
الإخوة الفلسطينيون أمام تحد حقيقى وربما يكون الأخطر فى تاريخ القضية الفلسطينية فإما أن يتوصلوا إلى اتفاق حول مشروع وطنى فلسطينى واحد تتم على أساسه إدارة الصراع مع إسرائيل.
ويقدمون مبادرة عملية واضحة المعالم تستند على إدراك واع لطبيعة المتغيرات والتوازنات الدولية، وبقدر الاستجابة الإسرائيلية تحدد مصر طبيعة العلاقة مع إسرائيل، سلام تعاقدى قد يصل إلى حد مجرد مبنى لسفارة مصرية فى تل أبيب وقائم بالأعمال ومقر لسفارة إسرائيلية فى القاهرة لا يتعامل معها أحد، أم تطوير لعلاقات سلام قد تصل إلى حد القبول الشعبى.
أما إذا اختار الفلسطينيون عدم مراوحة المكان واستمرار الانقسام وظلت إسرائيل بحكومتها اليمينية المتطرفة فى تعنتها، فى هذه الحالة فليس أمام مصر سوى أن تبقى على مستوى العلاقة مع إسرائيل عند السلام التعاقدى بعلاقاته الرسمية على مستوى الدولة. والموضوع يحتاج إلى المزيد من إعمال الفكر بشكل واع وموضوعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.