سعر الذهب اليوم الأحد 25 مايو بعد الارتفاع القياسي.. «الجرام النهاردة في مصر؟»    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 25-5-2025.. كم بلغ سعر طن حديد عز؟    شهيد ومصابون ومفقودون فى قصف جوى على منزل بمنطقة جباليا    نموذج امتحان الجغرافيا ل الصف الثالث الثانوي الأزهري 2025 بنظام البوكليت.. اطلع عليه الاَن    خبير اللوائح: أزمة القمة ستسمر في المحكمة الرياضية الدولية    القبض على 3 شباب ألقوا صديقهم في بيارة صرف صحي ب15 مايو    الكشف الطبي على 570 مواطنًا خلال اليوم الأول للقافلة الطبية    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نجاح أول جراحة «ليزاروف» في مستشفى اليوم الواحد برأس البر    جريمة على كوبري البغدادي.. مقتل شاب على يد صديقه بالأقصر    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    عقب تحليق مسيّرات قرب المبنى الرئاسي.. 7 إصابات جراء انفجار في العاصمة الأوكرانية كييف    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    «بطلوا تبصولي في القرشين».. عمرو أديب: زميلنا جو روجان بياخد 250 مليون دولار في السنة    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    ياسمين رضا تترك بصمتها في مهرجان كان بإطلالات عالمية.. صور    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    الجيش الإيراني يؤكد التزامه بحماية وحدة أراضي البلاد وأمنها    رئيس الكونغو الديمقراطية السابق يواجه محاكمة    برعاية مصرية.. «النواب العموم العرب» تطلق برنامجها التدريبي من مدينة الغردقة    "إكس" تعود للعمل بعد انقطاعات في الخدمة امتدت لساعات    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    "دفاع الشيوخ": قانون الانتخابات يرسخ مبادئ الجمهورية الجديدة بتمثيل كافة فئات المجتمع    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    زيلينسكي: المرحلة الثالثة من تبادل أسرى الحرب ستُنفذ الأحد    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    موجة حر شديدة تضرب القاهرة الكبرى.. انفراجة مرتقبة منتصف الأسبوع    الصديق الخائن، أمن الأقصر يكشف تفاصيل مقتل سائق تريلا لسرقة 6000 جنيه    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    بيسيرو: رحيلي عن الزمالك لم يكن لأسباب فنية    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    بعد غياب 8 مواسم.. موعد أول مباراة لمحمود تريزيجيه مع الأهلي    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    «أباظة» يكرم رئيس حزب الجبهة الوطنية في ختام مؤتمر الشرقية| فيديو    زلزالان خلال 10 أيام.. هل دخلت مصر حزام الخطر؟ أستاذ جيولوجيا يجيب (فيديو)    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وماذا بعد أن أصبحت السندريللا ملكة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 04 - 2009

كشف الضمير الإنسانى أن التاريخ لا يرصد سوى انتصارات الأقوياء ولا يسجل إلا ممارسات الحكام والسادة ولا ينشغل كثيرا بالضعفاء والبسطاء والمهمشين، فيبدو كأن التاريخ لا يحفل كثيرا بالأخلاق والقيم أو بالخير بصفة عامة فهو معنى بالحقائق والوقائع التى لا يحكمها إلا منطق القوة سواء كانت قوة الشر أم قوة الخير.
وكان الحل أمام الضمير الإنسانى أن «يبدع» تاريخا لا ينتصر فيه إلا الأخيار من البسطاء والمستضعفين فى الأرض فكانت (الحواديت) هى الحل الذى يعيد التوازن إلى الإنسانية. ففى عالم الحواديت لا ينتصر الأشرار مهما أوتوا من قوة والخير هو صاحب الكلمة الأخيرة لكى يسدل الستار على النهايات السعيدة التى تطمئن بها قلوب البشر.
وقد تسلمت الجدات مهمة «الحدوتة» التى تطمئن براءة الأطفال قبل أن يخلدوا إلى أحلامهم التى تحرسها الملائكة، فكانت الحدوتة تنتقى بطلها حطابا أو صيادا أو مزارعا فقيرا بلا سلطة ولا مال إلا قلبه الطيب وذكاءه وشجاعته.. إلخ من القيم النبيلة ويدخل البطل الصراعات التى لا قبل له بها مع قوى الشر التى تحيطه بأذاها حتى تكاد قلوب الأطفال أن تتوقف من شدة الخوف على بطلها الذى تتوحد مع قضيته وفى اللحظة المناسبة تغدق الحدوتة على البطل أكثر مما تمنيناه له، فيحقق الغنى والنفوذ ويصعد إلى القمة الاجتماعية ويحصل على المكانة التى نتمناها لأنفسنا نحن المنصتون بشغف.
لكن قوة الضمير الإنسانى لا تكتفى بانتصار البطل فى الحواديت وإنما تأخذ على عاتقها أن تتدخل فى صنع التاريخ بحيث يأخذ أحيانا طابع «الحدوتة» التى يتطلع إليها الكبار قبل الصغار لتفتح أمامهم أبواب الأمل فى نهايات سعيدة فيها «من جد وجد» «ومن زرع حصد».
ولاشك أن ضمير البشرية قد استراح كثيرا عندما رمق بطله «أوباما» وهو يصعد إلى قمة أقوى دولة فى العالم، وعندما رفع يده السمراء ليحيى الملايين التى احتشدت لتحييه وهو يؤدى قسم أول رئيس أسود للولايات المتحدة بدا التاريخ فخورا بإنجازه العظيم فى صياغة أعظم حدوتة واقعية فى التاريخ الحديث.
ففى مجتمع الموزايكا التعددى الشهير بأمريكا والذى قام على إبادة السكان الأصليين، قامت علاقات قوة بين جماعات عرقية وثقافية سيطرت عليها جماعة (الواسب) والكلمة اختصار للبيض الأنجلو ساكسون البروتستانت وتتربع هذه الجماعة على قمة المجتمع الأمريكى تليها مجموعة البيض الكاثوليك، واليهود البيض ومن المجموعات الثلاث تشكلت «الصورة» الأمريكية وذلك إلى جانب الأقليات من السود والشيكاجو والسكان الأصليين من الهنود الحمر.
وقد تعامل المجتمع الأمريكى الأبيض بصفته شعبا قد اختاره الله لينشر حضارته فى القارة، وينتشل أهلها من همجيتهم وبؤسهم على حد قول الصحفى الأمريكى جون سوليفان: «هذه القارة أعطتها لنا العناية الإلهية لكى نطور تجربتنا العظيمة فى الحرية».
وباسم العناية الإلهية قام «الواسب» بتصفية السكان الأصليين الذين قال عنهم كريستوفر كولومبس فى رسالته إلى ملك إسبانيا: «إنهم شعب وديع للغاية، وشديدو الحب والسلام حتى أننى أقسم لجلالتكم أنه ليس فى العالم أفضل منهم، إنهم يحبون جيرانهم كما يحبون أنفسهم وحديثهم حلو ورقيق ترفقه ابتسامة».
وإلى نفس العالم الجديد وجد الأفريقيون أنفسهم محمولين قسرا لكى يباعوا فيه كعبيد ليشاركوا فى الحلم الأمريكى بصفته «كابوسا» تحولوا من خلاله إلى سلعة يتوخى فى شرائها القوة البدنية التى تضمن مقدرته على العمل الشاق وإنجاب العديد من الأطفال الأقوياء.
ولقد تنبه الضمير الجمعى الأمريكى إلى الجرائم التى ارتكبها البيض من خلال (الحدوتة) الواقعية والتى فاقت فى بشاعتها كل خيال، فرصد الأدب فى (كوخ العم توم)ومسلسل الجذور لأليكسى هيلى كيف أن إعلان الاستقلال 1776 الذى وافق عليه الكونجرس «أن البشر جميعا قد خلقوا سواسية وأن الخالق قد وهبهم حق الحياة وحق الحرية..» لم يشمل لا السكان الأصليين ولا الأفرو أمريكيين.
وكان جيفرسون الذى صاغ العبارات النارية لإعلان الاستقلال يمتلك العبيد من السود ولا يعتقد أن غير «الواسب» يمكن أن يشاركه فى الحلم الأمريكى.
وحتى أبراهام لينكولن نفسه الذى أعلن تحرير العبيد 1863 يقول: «أنا لا أهدف إلى إرساء المساواة الاجتماعية بين البيض والسود لأن هناك فارقا طبيعيا بين الاثنين وأرجح أن هذا الفارق سوف يحول دائما دون أن يحيا الاثنان معا على قدم المساواة».
لذا فإن مارتن لوثر كينج شهيد حركة التحرر السوداء يقول فى كتابه بعنوان «لماذا لم نعد نستطيع الانتظار؟» إن مائة عام قد مرت على إعلان لينكولن تحرير العبيد دون أن يحقق السود أى عدالة». وفى عام1968 دفع كينج حياته ثمنا لكى تصبح قضية السود جزءا من هموم الضمير الجمعى الأمريكى.
ويتحول وخز الضمير الجمعى الأمريكى إلى احتياج ملح للتكفير عن أبشع الجرائم التى ارتكبها هذا المجتمع فى حق الإنسانية وكان هذا الشعور بالذنب يبحث عن «بروفايل» لبطل «واقعى» تتجسد فيه آمال الشعوب فى صنع تاريخ مشرف تغسل به الخزى الذى لحقها عبر حقبات العنصرية والتمييز الظالم.
وقد أكد التاريخ أنه أنجح كاتب سيناريو بتمكنه من اختيار أفضل من يجسد البطل القادم من بين أضعف الفئات الاجتماعية الدنيا والذى ينتمى إلى خلطة من الأديان السماوية بانتمائه إلى أب مسلم وأم مسيحية وإلى قارتين هما أمريكا وأفريقيا ،فإذا كنا لم نشاهد ابتسامة السندريللا وهى تنصب ملكة إلا فى خيال الحدوتة، إلا أننا سعدنا بمشاهدة ابتسامته التى تكون سحرها من ملايين الابتسامات التى علت وجوه المستضعفين فى الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.