أوصت اللجنة المحايدة لحل مشكلة تنفيذ حكم الإدارية العليا ببطلان عقد «مدينتى» بإعادة أرض المشروع بكامل مساحتها البالغة 8 آلاف فدان إلى ملكية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وإلزام الهيئة ببيعها مرة أخرى بالاتفاق المباشر دون مزاد إلى مجموعة طلعت مصطفى للمقاولات مالكة المشروع، مقابل سعر عادل جديد لسعر المتر يحدده وزيرا المالية والإسكان ويصدق عليه مجلس الوزراء. وأوضح تقرير اللجنة أن السعر العادل سيتحدد وفق قرار د.أحمد نظيف رئيس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006، عن طريق الاتفاق بين وزير المالية ووزير الإسكان بناء على المبررات التى تبديها كلا الوزارتين لاقتراح مقابل التعامل وأسلوب سداده، وأن تتحقق اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بالتحقق من مناسبة هذا المقابل وتوافقه مع أسعار السوق، ثم يعرض وزير المالية هذا السعر على مجلس الوزراء لاعتماده. وأرسلت اللجنة تقريرها إلى مجلس الوزراء ظهر أمس، وفور اطلاع رئيس الوزراء عليه أصدر بيانا صحفيا يضم نتائج التقرير والاعتبارات التى يجب مراعاتها قبل التطرق إلى أسلوب تنفيذ حكم الإدارية العليا، والتوصية النهائية للجنة. وقرر رئيس الوزراء تشكيل لجنة وزارية تضم د.مفيد شهاب، وزير الشئون القانونية والبرلمانية، ود.يوسف بطرس غالى، وزير المالية، والمهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان، للنظر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه التوصية والعرض على اجتماع مجلس الوزراء الأحد المقبل. وذكرت اللجنة فى حيثيات تقريرها أن الأرض التى تحدث عنها العقد المقضى ببطلانه لم تعد موجودة بالحالة التى كانت عليها عند إبرام العقد عام 2005 بين وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، فقد تحولت قطعة الصحراء الجرداء إلى بنية أساسية ومجتمع عمرانى ومرافق وطرق ومنشآت تكلفت أموالا طائلة، مما يستحيل تجاهلها ويستحيل معه أيضا إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل العقد. وشددت اللجنة أيضا على استقرار المراكز القانونية لجميع الأطراف المتعاملة على مشروع «مدينتى» وعدم تصدعها، حرصا على الصالح العام ومصالح الأطراف المتعاملة فى المشروع وهى شركة طلعت مصطفى والأفراد الذين اشتروا منها، لأنهم جميعا أطراف حسنة النية تضررت من خطأ إدارى فى إبرام العقد، كما أن هذا يضمن تدعيم مناخ الاستثمار العقارى فى مصر. وحددت اللجنة عدة خطوات لتنفيذ توصيتها، أولها: إنهاء العقد المبرم عام 2005 وملحقه بمنح الشركة مساحة 8 آلاف فدان بالقاهرة الجديدة بموجب حكم الإدارية العليا، ويتبع ذلك أحقية الهيئة فى استرداد المساحة بالكامل واستلامها استلاما حكميا واسترداد حقها للتصرف فيها مرة أخرى. والخطوة الثانية هى: أن تعيد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التصرف فى مساحة الأرض مرة أخرى بمجرد استردادها، وذلك باتباع الإجراءات القانونية السليمة بهذا الشأن، من خلال إعادة بيعها إلى مجموعة طلعت مصطفى بالاتفاق المباشر، تطبيقا للمادة 31 مكرر من القانون 148 لسنة 2006 المضاف إلى أحكام قانون المزايدات رقم 89 لسنة 1998. وشرحت اللجنة هذا التطبيق القانونى لهذه المادة المضافة إلى القانون «نصت هذه المادة على أنه استثناء من أحكام المادتين 30 و31 من قانون المزايدات يجوز التصرف فى العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو استغلالها بالأمر المباشر لواضعى اليد عليها، الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها، وفى غير ذلك من حالات الضرورة القصوى لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة». وأضافت اللجنة أنه «يتم هذا التصرف فى الحالات القصوى وفقا لقواعد وإجراءات يصدر بها قرار من رئيس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، يتضمن الشروط التى يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل وأسلوب سداده». ورأت اللجنة أن «إعادة بيع الأرض بالأمر المباشر دون إجراء مزايدات لمجموعة طلعت مصطفى يجد سنده القانونى فى توافر حالة الضرورة المشار إليها فى النص، حيث تقتضى المصلحة العامة الحفاظ على ما أتمته الشركة من المشروع وبنيته الأساسية القائمة بالفعل على أرضه من مبانِ ومنشآت ومرافق ووسائل خدمات وإقامة بعض المواطنين بمساكنهم فيه، مما يتطلب الحفاظ على المشروع ودعم استمراره». وأوصت اللجنة هيئة المجتمعات العمرانية بضرورة الالتزام بقواعد قرار رئيس الوزراء المذكور سلفا بتحديد شروط السعر العادل والسلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقديره وأسلوب سداده. وأكدت اللجنة استقرار المراكز القانونية لجميع الأطراف وعدم اهتزازها لأنه من مقتضيات الصالح العام، وهو ما حرص عليه التعديل المذكور على قانون المزايدات، «ولا يمكن القول بأن فى ذلك مخالفة للقانون بل هو إعمال له، وليس فى إعادة البيع مرة أخرى لمجموعة طلعت مصطفى التفاف على حكم الإدارية العليا، بل إن تنفيذه بهذه الطريقة أمر توجبه الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية». واختتمت اللجنة تقريرها بمناشدة المشرع إعادة النظر فى أحكام القوانين المنظمة لأعمال واختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بما يمنح هذه الهيئة السلطات اللازمة لتحقيق الرسالة المعهودة إليها، وهى تنمية المجتمعات العمرانية وتيسير ذلك بالطرق القانونية الممكنة والتصرف فى أراضى الدولة لتحقيق هذه الرسالة، وعدم فرض قيود عليها تجعلها هيئة تسعى إلى الاتجار فى الأراضى دون السعى إلى بناء وإنشاء مجتمعات جديدة، وبما يتجنب تكرار مشكلة عقد «مدينتى».