القومي لحقوق الإنسان يناقش تعديلات قانون المجلس مع رئيس الوزراء    باستثناء إقليم كردستان، انقطاع كامل للكهرباء في العراق    إزالة 155 حالة تعدٍّ ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال27 ببني سويف    مصر تواصل دعم غزة.. انطلاق القافلة ال12 من "زاد العزة" بحمولة 2300 طن مساعدات غذائية    إسرائيل تنفذ تفجيرا بالخيام وطيرانه يكثف تحليقه بالبقاع اللبناني    رسميا، كومو الإيطالي يطلب التعاقد مع حارس مرمى برشلونة    فيتو تكشف في عددها الجديد، السرايا الصفرا!.. جنون الغلاء يجتاح مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية    تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    «لمحبي الشاي».. 5 أخطاء شائعة عند تحضيره تحوله لمشروب يضر بصحتك    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    كومو يقدم عرضا لضم بينيا من برشلونة    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    الداخلية تضبط 4 متهمين باستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة والجيزة .. صور    "مركز الأرصاد" يرفع درجة التنبيه إلى "الإنذار الأحمر" على منطقة جازان    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    البورصة المصرية تخسر 335 مليون جنيه في ختام تعاملات الاثنين    بطولة عمرو يوسف.. التجهيزات النهائية للعرض الخاص لفيلم درويش (صور)    ما حكم تأخير الإنجاب في أول الزواج بسبب الشغل؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    بنتي بتموت ومعنديش واسطة، سيدة تصرخ لإجراء جراحة الزائدة لإبنتها، والمستشفى: مفيش مكان (فيديو)    محافظ الفيوم يعتمد تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام والفني    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    سلوت: ليفربول بحاجة لتحسين الأداء الدفاعي    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    مدير تقافة الفيوم تستقبل رئيس نادي الأدب بسنورس لمناقشة ملفات الفترة القادمة    غدا.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    فعاليات نادي سينما الإسماعيلية ضمن محور «أنت قلب الحكاية»    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف 2025 مكتوبة وجاهزة    الشربيني رئيساً لبعثة الشباب إلى المغرب    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    التحقيقات في مقتل شاب بعين شمس: الضحية تدخل لفض مشاجرة فلقى مصرعه طعنا    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم بطريق "رأس سدر"    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    تداول بضائع وحاويات 18 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكويت تمنع دخول عشرات الإصدارات لمؤلفين مصريين دون إبداء أسباب
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 09 - 2010

فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى منعت إدارة معرض تونس للكتاب كتابين لاثنين من المثقفين المصريين الأقباط بحجة أن بهما «فكرا إسلاميا ظلاميا».. الكاتبان هما الراحلان الدكتور غالى شكرى والكاتب الصحفى موسى صبرى، أما الكتابان فكانا «الأقباط فى عالم متغير» و«50 عاما فى قطار الصحافة».
هذه الحالة تكشف إلى أى حد يتم التعامل بعشوائية مع الكتاب فى المعارض العربية، حيث يتم أخذ الكتب بالشبهة كما حدث فى المعرض ذاته مع كتاب «حصاد السنين» للمفكر الكبير الراحل الدكتور زكى نجيب محمود لأن موظفا بالمعرض قرأ عنوان الكتاب على أنه «حصار السنين».
ومن الثمانينيات إلى الأسبوع الماضى تبدلت أشياء كثيرة فى عالم النشر والرقابة، غير أن تعامل المعارض العربية مع الكتاب بقى محكوما بعقلية الحظر والمصادرة، والمفاجئ هذه المرة أن معرض الكويت للكتاب توسع فى قوائم الممنوعات التى حفلت بعشرات العناوين لمفكرين وأدباء كثيرين من مصر والدول العربية.
ووصل الأمر إلى قيام السلطات الثقافية فى الكويت إلى تشميع فرع مكتبات فيرجين بالشمع الأحمر لأنه عرض رواية علاء الأسوانى «شيكاغو».
ورغم تباين آراء الكتاب المصريين الذين تقرر منع كتبهم من المشاركة فى معرض الكويت الدولى للكتاب، فإنهم اتفقوا على أن الخاسر الأكبر هو القارئ الكويتى الذى سيُحرم من قراءة الأعمال الممنوعة، إضافة إلى أن هذا يلعب دورا فى دعم فكرة الانغلاق الفكرى والثقافى التى يعانيها الكتاب العربى طوال عمره، خصوصا أنه لا يوجد بها ما يستدعى المنع، أو المصادرة..
الكاتب الكبير خيرى شلبى جاء صوته حزينا وآسفا على «الحال الذى آلت إليه دولة الكويت، التى منحناها شرف الانضمام إلى الدول الثقافية، لأنه ما كان يصح من دولة تتخذ مظهرا ثقافيا جادا، أن تصادر الكتب».
يتفهم خيرى شلبى فكرة أن يكون هناك تحفظ على كتب معينة من تلك التى تتعرض، مثلا، لثوابت الدين أو الأخلاق أو ما إلى ذلك، أما أن تتم مصادرة رواية مثل زهرة الخشخاش أو إسطاسية، فهو أمر غير مُبرر على الإطلاق: «وجعلنى فى بلبلة، فما الذى وجدوه فى هاتين الروايتين؟، فالأولى تحكى قصة كفاح شاب فى ظل ظروف معيشية صعبة، والثانية كتبتها فى محاولة لنفى فكرة وجود أى عداء بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، ما الذى يستحق المصادرة فى هذا؟، أرجو أن يوضحوا لنا هذا اللبس..»
وهل المفترض أن يكون هناك رد فعل ما، من جانب الحكومة المصرية أو الناشرين الممنوعة كتبهم؟.
يجيب شلبى: لا أستطيع مطالبة مصر بأن تعامل هذه الدول بالمثل لأن هذا موقف متخلف، ولكن علينا أن نتحاور، لا بد أن يكون هناك فرقاء من المتحاورين لمناقشة هذه القضايا، لأنه سوف يكون من الخطأ أن نقيم حول أنفسنا سدودا ونقطع العلاقات، فمأساتنا طوال الوقت هى أن الكتاب العربى مسجون داخل حدوده، وطوال عمرنا نعانى عدم وصول الكتاب العربى خارج حدوده العربية، ولكن المحزن أن تجد بعض الدول العربية تصر على هذه العزلة والتخلف.
واختتم الأديب الكبير كلامه بأن المعرض الذى يصادر كل هذا القدر من الكتب لايستحق أن يكون معرضا للكتاب، وأن هذه الدولة غير جديرة بإقامة المعرض الذى لابد لنا من مقاطعته.
وبينما جاء رد خيرى شلبى خاليا من الدبلوماسية ومنفعلا، كان الأديب إبراهيم عبدالمجيد أهدأ نوعا ما، خصوصا وهذه ليست المرة الأولى كما يقول: «التى يتم فيها منع كتبى بإحدى الدول العربية».
ولكن الأمر اللافت، الذى تحدث عنه صاحب «عتبات البهجة»، هو اختلاف طرق المنع والمصادرة فى الدور العربية، فتعرف مثلا أن السعودية تقيم رقابة طوال العام على الكتب التى تدخلها، ولكنها تتغاضى عن هذه الرقابة أيام معرضها الدولى للكتاب، وكذلك الأمر فى سوريا، إلا أن الكويت تصر على الرقابة طوال العام وأيضا فى معرض الكتاب، وهو ما يعكس قوة سيطرة التيار السلفى على الأجواء العامة، وتحقيقه مكاسب يومية.
وعلى الرغم من هدوء نبرة عبدالمجيد فى طرح وجهة نظره فإنك تحزن عندما تسمعه يتحدث ببساطة: «أصبحت لا أنزعج من كل ما يحدث، لأننى لا أرى أى أمل فى الوطن العربى أو نظم الحكم فيه»، لدرجة أنه «لو حاولوا منعنا من الكتابة نفسها، هنبطل نكتب لأننا قرفنا».
المفكر الكبير د. جلال أمين، أحد الكتاب الذين منعت بعض كتبهم، يعرف الأسباب التى منعت كتبه من الكويت تحديدا، «فبالنسبة لكتاب ماذا علمتنى الحياة، ستجدهم منزعجين من بعض الانتقادات الموجهة إلى المجتمع الكويتى فى أحد فصول الكتاب، وأتحدث فيه عن فترة إقامتى هناك، لأنهم حساسون تجاه هذه المسألة».
وهل هذا يصلح مبررا كافيا للمنع؟
يجيب: بالطبع لا، فليس هناك ما يبرر منع أى كتاب حتى لو كان سخيفا ومبتذلا، وعلى الرغم من أن هناك بعض الكتب التى انتقدتها، فإننى لم أنادِ يوما ما بمنعها، فالانتقاد مسموح به، لكن المنع يعد شيئا سخيفا وغير فعال، فأنت عندما تمنع أو تصادر كتابا ما، تلفت النظر إليه أكثر، ونحن نعيش أياما سهل الحصول فيها على أى مطبوعة من أى مكان. ثانيا قرارات المنع ضد حرية تبادل الرأى، وفيها وصاية سخيفة على الشعب.
ويرى د. جلال أمين أن منع بعض الكتب من المشاركة فى معرض الكتاب بالدول العربية عموما، أحيانا يأتى بسبب بيروقراطية الموظفين، ومن أطرف الحكايات التى تدل على هذا أن الكاتب السعودى غازى القصيبى كان وزيرا للعمل ومن المقربين للملك، وكانوا يمنعون كتبه، ولما مرض خجلوا وسمحوا بتداول كتبه قبل وفاته بشهر واحد.
الكاتب د. علاء الأسوانى كتبه ممنوعة من دخول الكويت طوال العام، لدرجة أنها حينما دخلت الكويت فى المرة الأولى أغلقت المكتبة تماما إلى أن تخلصوا من الكتب، وحتى عندما عرض فيلم «عمارة يعقوبيان» فى الكويت، قُطعت منه نصف ساعة كاملة، واندهش الأسوانى من أن المشاهد التى قطعت هى مشاهد التعذيب.
ومن المحزن بالنسبة للأسوانى أن تكون هناك بعض العقليات التى لا تزال فى القرون الوسطى، لأن من اتخذ هذا القرار يعامل الشعب الكويتى باعتباره شعبا من القاصرين العاجزين عن التمييز.
ولكنها ليست المرة الأولى التى يتم فيها منع كتب مصرية من المشاركة فى معارض الكتاب العربية..
يفسر صاحب «شيكاغو» هذه المسألة بأنها لا تستهدف مصر بعينها، فنفس الدول تمنع أعمالا من بلاد أخرى، ولكن عادة يكون الكم الأكبر من مصر، وهذا طبيعى لأن معظم الإنتاج الفكرى العربى قادم من مصر، ومعظم الأقلام التى تضيف إلى الفكر العربى مصرية.
ويرى الأسوانى أن هذا الغشاء الديمقراطى فى دولة الكويت هو غشاء غير حقيقى، لأنك لا تستطيع أن تتحمل حتى الأفكار، كما أن على مثقفى الكويت وقرائها أن يعترضوا بشدة، لأنهم هم الخاسرون، وعليهم أن يتحملوا مسئوليتهم، تماما مثلما نفعل نحن مثقفى مصر عندما يتم الاعتراض على أى كتاب عربى يمنع فى مصر.
ويعلق أحمد الزيادى مدير النشر بدار الشروق على غربة الكتاب أمام أبواب المعارض العربية بأن هناك أكثر من عشرين بلدا عربيا لكل منها رقابته الخاصة ونظامه المختلف فى التعامل مع الكتب المشاركة فى المعارض، الأمر الذى يحمل معه مفارقات عديدة، فمثلا يمكنك أن تجد كتابا ممنوعا لإحدى دور النشر فى هذا المعرض أو ذاك، وعلى الرغم من ذلك تجد الكتاب نفسه فى المعرض ذاته مسموحا به لكن عبر دار نشر أخرى.
ويضيف أن معرض القاهرة أرسى عرفا معيبا وانتقل لمعارض أخرى بأن أى دار يمكنها المشاركة بإصدارات الآخرين، لكن المعارض ذات الاحترافية والاحترام مثل الشارقة وأبو ظبى وقطر والكويت ومسقط والسعودية مؤخرا تلزم أن يشترك الناشر بكتبه فقط، أو بتوكيل عن دار أخرى غير مشتركة.
ويرتب الزيادى قائمة الدول الأكثر منعا كالتالى: تونس ثم ليبيا ثم سوريا فالكويت والسعودية فيما تبقى الإمارات هى الأكثر تحررا وسماحة فى التعامل مع الكتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.