استقرار سعر الريال السعودى اليوم الجمعة 4-7-2025..المتوسط 13.13 جنيه للشراء    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. الطماطم ب 6 جنيهات    الإسكان: تسليم مبنى الإسعاف وتنفيذ طرق الإسكان الاجتماعي بأخميم الجديدة    "فتح": تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلى عن تفكيك السلطة الفلسطينية دعوة صريحة للإبادة    شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟    جولة حول العالم.. ترامب يوقع مشروع هام و إيران تسير رحلات فى جميع المطارات    مروان عطية يطمئن جمهور الأهلى: بعد سنة تعب ومسكنات تم إجراء العملية    منتخب الهوكى يفتتح مشواره فى بطولة الأمم الثلاث الدولية بمواجهة كرواتيا    تشييع جثامين شابين صدمهما قطار أثناء عبورهما السكة الحديد من مكان مخالف بطوخ    ضبط 118 قضية مخدرات وتنفيذ 61 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الداخلية تضبط 9 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    أمير محروس: عمرو دياب منظومة فنية ولسه بيجتهد كأنه فى بداية مشواره    حفل غنائى ضخم لتامر عاشور فى مهرجان العلمين الجديدة 8 أغسطس    معركة حطين.. ما يقوله جرجى زيدان عن انتصار صلاح الدين الأيوبى    رئيس هيئة الرعاية الصحية ورئيس جامعة عين شمس يوقعان مذكرة تفاهم    رسميا.. نيكو ويليامز يُجدد عقده مع أتلتيك بيلباو حتى 2035    وظائف جديدة بمرتبات تصل 13 ألف جنيه في قطاع الكهرباء    وزارة العمل: استمرار التقديم على وظائف مشروع الضبعة النووية    زيلينسكي: روسيا شنت إحدى أكبر الهجمات علينا منذ بدء الحرب    عمليات بحث مكثفة لليوم الثالث عن مفقودي "أدمارين 12"    الداخلية تكشف مزاعم جمع أموال من المواطنين بتعليمات من ضابط شرطة    مستوطنون يحاولون إحراق منزل جنوب نابلس.. وإصابات بالضرب والغاز خلال اقتحام بيتا    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره النرويجي    من بينهم 226 تصريح مزاولة نشاط للمربين الصغار.. "الزراعة" تصدر أكثر من 677 ترخيص تشغيل جديد لأنشطة ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    "ضريبة البعد" تتصدر تريند تويتر في مصر فور طرح ألبوم أصالة.. والأغنية من ألحان مدين    بعد توتر العلاقة مع شيرين.. أنغام تفتتح مهرجان العلمين في نسخته الثالثة    تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين: هناك حالة توافق تعكس رغبة الجميع المشاركة بتشكيل "القائمة الوطنية من أجل مصر"    وزير الإسكان: أجهزة المدن الجديدة تواصل ضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    «البترول» تكشف حقيقة إعلانات التوظيف على مواقع التواصل الاجتماعى    الأمم المتحدة: فشلنا في حماية الشعب الفلسطيني    بديل وسام.. الأهلي يقدم عرضًا تاريخيًا لمصطفى محمد ومهاجم فلسطيني جديد    مدحت العدل: الزمالك بحاجة إلى ثورة إدارية.. والاعتراض على تعيين إدوارد «كلام قهاوي»    هل يجوز صيام عاشوراء فقط؟.. ماذا قال النبي وبماذا ينصح العلماء؟    ترقبوا.. موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 فور اعتمادها (الرابط الرسمي)    ننشر كل ما تريد معرفته عن «يوم عاشوراء»    رمضان السيد ينتقد تعاقد الزمالك مع جون إدوارد: النادي لا يحتاج إلى سماسرة    تنسيق الجامعات 2025، قواعد التوزيع الجغرافي للقبول بالجامعات الحكومية    مصطفى كامل يعلن موعد ومكان عزاء أحمد عامر    إقبال جماهيري واسع على معرض الفيوم للكتاب.. وورش الأطفال تخطف الأنظار    رئيس وزراء إثيوبيا يوجه دعوة خاصة لمصر بشأن سد النهضة    الفلفل ب10 جنيه... أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    بعد ملحمة السيتى الهلال يطمع فى التأهل لنصف نهائى المونديال    الصحة : نجاح جراحات لسيدتين من السودان واندونيسيا تعانيان من أورام بالرحم    طريقة عمل العاشوراء اللايت بمكونات بسيطة    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    وزير الأوقاف: الاحتلال يواصل سلسال جرائم الحرب والإبادة باغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته    حبس قائد سيارة نقل ذكي تحرش بأجنبية بالسيدة زينب    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    حكم جديد ضد صالح جمعة يمنعه من السفر لتاني مرة، ومحامي طليقته يتوعده بمفاجأة    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    ماذا قال نجوم كرة القدم تعليقا علي اعتزال شيكابالا ؟ اعرف التفاصيل    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل الأمريكية فى الشرق الأوسط
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 09 - 2010

فى كتابه «التاريخ الشعبى للولايات المتحدة الأمريكية» يروى المؤرخ الأمريكى هوارد زن قصة توسع استيطان المهاجرين الأوروبيين البيض على حساب الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا.
إن من يقرأ هذا الكتاب يدرك أمرين أساسيين. الأمر الأول هو آلية وأهداف التوسع الاستيطانى اليهودى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة على حساب الشعب الفلسطينى، والأمر الثانى هو أسباب الدعم الأمريكى المالى والسياسى الذى تغدقه الولايات المتحدة على إسرائيل من أجل تحقيق برامجها الاستيطانية التوسعية. الفارق الأساسى بين الهنود الحمر والفلسطينيين، هو أن الهنود كانوا محصورين ومنفردين داخل أمريكا.. فيما يتمتع الفلسطينيون بعمق قومى يمتد من المحيط الأطلسى إلى الخليج العربى. وبعمق إسلامى يصل إلى المحيط الهادى. فمخطط الاستيطان اليهودى يبدو نسخة متطورة وحديثة عن مخطط الاستيطان الأمريكى بشقيه الرسمى والشعبى. فعلى الصعيد الرسمى مثلا، يروى المؤرخ زن فى كتابه أنه فى عام 1827 قدم الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت جاكسون قانونا إلى الكونجرس سمى بقانون «طرد الهنود». وبموجب هذا القانون جرى بالفعل طرد 70 ألفا منهم إلى غرب نهر المسيسيبى. وما يفعله الإسرائيليون هو طرد الفلسطينيين إلى شرق نهر الأردن وإلى شمال نهر الليطانى.
وعلى الصعيد الرسمى كذلك برمجت الحكومة الأمريكية مخطط التوسع الاستيطانى، وذلك من خلال اتفاقات كانت تعقدها مع الهنود الحمر. وقد بلغ عدد تلك الاتفاقات نحو أربعمائة اتفاق حسب ما ورد فى الكتاب. ويروى المؤرخ كيف أن كل تلك الاتفاقات لم تحترم. وأن الذى لم يحترمها كان الجانب الأمريكى. وكيف أن ضحايا اختراق الاتفاقات كانوا دائما هم الهنود الحمر.
وهو ما تفعله إسرائيل الآن. فهى ترفض الاعتراف بحق الفلسطينيين بالعودة، وتحرم الذين بقوا منهم ضمن حدودها لعام 1948 من حقوقهم الإنسانية، وتضيق الخناق على سكان المناطق المحتلة الأخرى، خصوصا فى مدينة القدس، وتدفعهم دفعا إلى ما وراء الحدود، وتصادر أملاكهم وحتى مقابر أجدادهم، وتدمر مساجدهم وتنتهك مقدساتهم. منتهكة بذلك كل الاتفاقات والمواثيق والقرارات الدولية. وهو الأمر ذاته الذى تعرّض له الهنود الحمر على يد الأمريكيين منذ أوائل القرن التاسع عشر.
لقد فرضت الولايات المتحدة قيودا على حركة الهنود الحمر، وحشرتهم فى مناطق مقفلة ومعزولة عن مصادر حياتهم الطبيعية. ورغم كل معاناة الهنود الحمر، فقد قدمهم الإعلام الأمريكى من خلال السينما على أنهم قبائل متوحشة إرهابية تمارس الغدر والقتل وتسرق وتنهب وتحرق، بينما الواقع هو أنهم كانوا مجرد ضحايا خسروا أرضهم ومجتمعاتهم وفقدوا حتى هويتهم. وهو ما يتعرض له الفلسطينيون على يد المستوطنين اليهود. فالمقاومة الفلسطينية للاحتلال وللتوسع الاستيطانى تصوّر على أنها أعمال إرهابية وحشية. أما الاحتلال وأما الاستيطان فإنه يصور على أنه نشر للحضارة والمدنية والتطور!!.
من خلال المقارنة بين ما أورده المؤرخ الأمريكى زن والسلوك الاسرائيلى المعاصر، تبدو صورة الاستيطان اليهودى فى فلسطين صورة طبق الأصل من صورة الاستيطان الأمريكى. ولذلك فإن المجتمع الأمريكى بصورة عامة متعاطف مع المشروع الإسرائيلى وهو يقرّ بشرعية ما قام به فى السابق من خلال إقراره بشرعية ما تقوم به إسرائيل فى الحاضر. ولو طعنت الولايات المتحدة بمبدأ الاستيطان اليهودى اليوم لبدت وكأنها تطعن بشرعية ما قام به الرعيل الأول من التوسعيين الأمريكيين.
من هنا يجرى تصوير إسرائيل فى المجتمع الأمريكى على أنها نموذج شرق أوسطى للولايات المتحدة، من حيث ظروف إقامة الكيان السياسى وتوسعه، وكذلك من خلال إزالة «بؤر» التخلّف المتمثلة بتجمعات السكان الأصليين!
وكما أن التوسع الاستيطانى الأمريكى ترافق مع نشر المسيحية الإنجيلية والتبشير بها، كذلك فإن التوسع اليهودى يترافق مع تهويد المناطق المحتلة. ولأن اليهودية دين منغلق على المولود يهوديا، فإن التهويد الاجتماعى والثقافى يجرى على قدم وساق.
لا شك فى أن هناك أسبابا كثيرة تجعل الولايات المتحدة وإسرائيل حليفين استراتيجيين. ولكن شعور الولايات المتحدة بأن قيام اسرائيل هو بمثابة ولادة أمريكية ثانية فى الشرق الأوسط، وبأن الاستيطان اليهودى يسير على نهج الاستيطان الأمريكى السابق، يضفى على العلاقات بينهما حرارة من نوع خاص بحيث يبدو أى ضرر يلحق بإسرائيل وكأنه ضرر يصيب الولايات المتحدة نفسها. ولعل آخر تعبير واضح وعلنى عن ذلك ما جاء على لسان نائب الرئيس الأمريكى جون بايدن عندما قام بزيارته الأخيرة لإسرائيل. حيث ألقى خطابا أمام الكنيست قال فيه: «جئت إلى هنا كى أذكركم آملا ألا تنسوا أبدا، أن أمريكا تقف دوما إلى جانبكم فى مواجهة الأخطار. إن الرئيس أوباما وإننا نمثل مجموعة من القادة الأمريكيين الذين يدركون خصوصية العلاقة الحساسة والاستراتيجية بإسرائيل. وكما قال الرئيس فى الفترة الأخيرة فإنه لن يتردد لحظة واحدة فى الدفاع عن أمن إسرائيل، ومساعدتها فى الدفاع عن نفسها فى منطقة معادية لها للغاية. ولم يكتف الرئيس أوباما بقول هذا الكلام، وإنما قرن كلامه بالأفعال خلال السنة الأولى لتوليه منصبه.. فإلى جانب تقديم المساعدة العسكرية البالغة ثلاثة مليارات دولار سنويا، أدخلنا تحسينات على الاستشارات الأمنية وضاعفنا مساعينا من أجل أن يحافظ الجيش الإسرائيلى على تفوقه النوعى.
وحتى عندما وافقت الولايات المتحدة على قرار المؤتمر الدولى لمنع انتشار الأسلحة النووية ووضع المنشآت النووية تحت إشراف دولى الذى صدر فى مايو 2010 والذى شمل إسرائيل، بادر مستشار الأمن القومى الأمريكى الجنرال جونز إلى طمأنة إسرائيل بقوله: «لن تسمح الولايات المتحدة بانعقاد مؤتمر أو اتخاذ خطوات من شأنها أن تعرّض أمن إسرائيل القومى للخطر، ولن توافق على أى توجه قد يؤدى إلى عزل إسرائيل أو طلب أمورا غير واقعية منها.
وإلى جانب المقارنة بين الولايات المتحدة والهنود الحمر من جهة أولى، وإسرائيل والفلسطينيين من جهة ثانية، هناك مقارنة اخرى لعلاقة الولايات المتحدة بالأمريكيين المتحدرين من أصول أفريقية، وعلاقة إسرائيل بالفلسطينيين العرب.
فالتمييز العنصرى الذى يعانيه الأمريكيون السود، يماثل التمييز العنصرى عاناه الفلسطينيون العرب (المسلمون منهم والمسيحيون على حد سواء). بل إن اليهود الشرقيين أنفسهم السيفارديم الذين هاجروا أو هُجّروا من الدول العربية، عانوا ولا يزالون يعانون هذا التمييز على أيدى إخوانهم فى الدين من اليهود الغربيين الاشكناز ولا شك فى أن أكثرهم معاناة هم يهود اليمن ويهود الحبشة. ومن أجل أن يثبت السيفارديم أنهم لا يقلّون ولاء لإسرائيل عن سواهم، ذهبوا إلى أقصى حدود التطرف فى معاداة الفلسطينيين والعرب، على النحو الذى فعله اليهود المغاربة واليهود العراقيين مما مكن بعضهم من تبوء مراكز مهمة فى السلطة الإسرائيلية.
لقد جاء التمييز العنصرى مع اليهود الغربيين إلى مجتمع شرقى لم يكن يعرف العنصرية من قبل، لا بشكلها الدينى ولا بشكلها الاثنى. وممارسة العنصرية اليهودية ضد العرب فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، تدغدغ مشاعر العنصريين البيض فى الولايات المتحدة الذين كانوا يمارسون استعباد السود كرمز للتفوق الحضارى والمدنى.
من هنا تبدو إسرائيل فى نظر جماعة اليمين العنصرى الدينى الأمريكى، وكأنها أمريكا الجديدة، سواء من حيث ملابسات قيامها أو من حيث توسعها الاستيطانى واصطدام هذا التوسع ببؤر من تعتبرهم «المتخلفين الإرهابيين.
ولكن من حسن الحظ أن هذه الجماعة لم تعد تمثل ضمير الولايات المتحدة ولا توجهها العام على النحو الذى تشير اليه المواقف المؤيدة لمشروع بناء المسجد والمركز الثقافى الإسلامى فى نيويورك.
صحيح أن هذه الجماعة لا تزال تتمتع بنفوذ قوى خاصة فى الولايات الجنوبية التى يطلق عليها اسم «الحزام الإنجيلى»، إلا أن الصحيح كذلك أن الجماعات الأخرى المناوئة لها باتت قادرة على تحديها وعلى تسفيه منطلقها، على النحو الذى تمثل فى سقوط مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة وفوز الرئيس باراك أوباما (الأسود ابن المهاجر الأفريقى المسلم) بالرئاسة، وبالأكثرية فى مجلسى الكونجرس.
ورغم مظاهر ارتفاع موجة العداء للمسلمين فى الولايات المتحدة فإن موجة التضامن معهم ترتفع أيضا. ورغم وجود مؤيدين لإسرائيل فى الولايات المتحدة، فإن مؤيدى الحق الفلسطينى يتزايدون قوة وحضورا.
والمفكرون الأمريكيون المعاصرون الذين يتمتعون بجرأة الإعراب عن الخجل مما اقترفه أجدادهم فى مسيرة الاستيطان على حساب الهنود الحمر.. من الطبيعى ألا يفاخروا بالتقليد الإسرائيلى لتلك المسيرة التى تجرى على حساب الحق والقيم والأخلاق فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.