النتيجة التى تصل لها الدراما التليفزيونية خلال شهر رمضان تزيد من ألغاز اقتصادات السينما فى مصر، تطرح العديد من الأسئلة وتنكأ جراحا يحاول صناعها أن يداووها، فبعد أن حققت الدراما التليفزيونية مكاسب كبيرة أكدها صناعها رغم عرض كم كبير من هذه الأعمال فى توقيت واحد وخلال موسم لا يزيد على شهر واحد، فى مقابل أفلام السينما التى يتم عرضها طيلة العام وبكم أقل بكثير من المعروض تليفزيونيا، وهى أشياء تطرح تساؤلا مهما وهو لماذا نجح التليفزيون فيما فشلت فيه السينما وهل يمكن أن يأخذ صناع السينما روشتة لعلاج هذا الجرح الكبير. المنتج والموزع السينمائى هشام عبدالخالق أكد أن السينما تعانى عدم تحقيق عائد مادى رغم التكلفة الضخمة التى يتم وضعها للفيلم بعكس الدراما التليفزيونية، بسبب أن المنتج فى التليفزيون لديه يقين أنه سيحقق عائدا ماديا كبيرا من وراء عرض أعماله الدرامية خلال شهر واحد فقط هو شهر رمضان والذى ينعش سوق الدراما وذلك من خلال الكم الهائل من الإعلانات التى تنهال على العمل فنجد المحطات الفضائية تستقطب المسلسلات التى بها النجوم وهو ما يجعلنا نشتريها بأسعار غالية ومبالغ فيها.. فكل قناة تحاول أن تميز نفسها عن الأخرى وهو ما يجعل المنتج يفضل إنتاج 3 و 4 مسلسلات لعرضها فى رمضان فقط وليس طوال العام فالمنتج يراهن على شهر واحد لمعرفته بنتيجة الحصول على عائد مادى جيد. وأشار هشام إلى أن التليفزيون ليس به أى مخاطرة بعكس السينما، فهى تعتمد على المخاطرة فالمشاهد أو الجمهور له كلمته فهو الذى يقوم باختيار الفيلم الذى يرغب فى مشاهدته فقط وبالتالى هو المتحكم فى إيرادات الفيلم وتحقيق عائد منها للمنتج، فالمنتج يقوم بتوزيع الفيلم داخل وخارج مصر ثم بعد ذلك يعامل معاملة المسلسلات فى بيع الأفلام للفضائيات. وأكد هشام أن الحل الوحيد هو عمل قاعدة أساسية ثابتة لمنظومة السينما من بينهم الفنانون لعمل تكلفة منطقية للفيلم والابتعاد عن الأسعار الفلكية التى يطلبونها. بينما أكدت المنتجة إسعاد يونس أن السينما مختلفة تماما عن التليفزيون وأن تكلفة الأفلام أعلى من المسلسلات بكثير وأن نجم السينما يختلف عن نجم الدراما. وأضافت: الجمهور هو الذى يمتلك حق المشاهدة فهو يستطيع أن يحقق أعلى إيرادات للأفلام أو لا، فهو من يختار مشاهدة العمل الذى يراه مناسبا له والنجم الذى يفضله بينما فى التليفزيون يجد كما كبيرا من الأعمال المختلفة ويراها دون أن يكلف نفسه مليما فأمامه منتج يذهب إليه فى بيته دون أدنى مشكلة ومجهود، لذلك المنتجون يفضلون عرض أعمالهم خلال شهر رمضان لحصد كم هائل من الإعلانات التى بالطبع تنهال عليهم وأيضا القنوات الفضائية التى انشئت وفتحت سوقا كبيرة لعرض الأعمال الدرامية والتى تتهافت عليها لكى تحصد أفضل الأعمال لتحقق أعلى نسبة مشاهدة والمستفيد بالطبع المنتج والذى سخر كل الإمكانات لإنتاج عمل درامى وقد أصبح ينتج أكثر من عمل وعرضه خلال رمضان فقط ليقينه بأنه سيحقق أعلى المكاسب. وبالنسبة للسينما فأرى أن الورق الجيد هو الذى يفرض نفسه ويجذب الجمهور اليه ونجم العمل أيضا وأقول فى النهاية أتمنى أن أرى السينما فى أحسن حال وتعود كعهدها السابق فى انتعاش كما كانت الحال عليه من قبل. بينما أكد المنتج سامى العدل أن السينما يتحكم الجمهور فيها وأنه هو الفيصل حيث يتحكم فى الإيرادات فهو من يختار الفيلم الذى يرغب فى مشاهدته وهو الذى يخرج من بيته لكى يستمتع بفيلم للنجم الذى يريد أن يراه بعكس الدراما التليفزيونية والتى تأتى له على طبق من فضة ولا يكلف نفسه أى مجهود. وأضاف أن إقبال المنتجين على عرض أعمالهم فى شهر رمضان فقط نتيجة الاعلانات الهائلة والتى تتزايد على شراء الأعمال الدرامية فى هذا الشهر وكمية المشاهدة التى يحظى بها، وللعلم تحقق هذه المسلسلات المكاسب من العرضين الثانى والثالث للعمل على مدار السنة لكى تحقق إيرادات من ذلك، وحاليا سيتم عمل موسم آخر للأعمال الدرامية حتى لا يكون هناك شهر واحد فقط لعرض الأعمال. بينما أكد المخرج سيد سعيد أن السينما اختيار بعكس الدراما التليفزيونية فهى إجبار فالمشاهد مفروض عليه هذا الكم الضخم من المسلسلات فهو يستطيع أن يختار بالريموت كنترول العمل الذى يريد مشاهدته فهذا الكم الكبير ارتبط بعرضه فى رمضان نظرا لنسبة المشاهدة التى بالطبع تكون عالية جدا فبطبيعة الحال الدراما فى العالم كله تستحوذ على انتباه المشاهدين بمختلف أعمارهم السنية والأطفال لما لها من تشويق فى الأحداث على مدار 30 حلقة أو أكثر بعكس الفيلم والتى لا تتعدى مدته الساعتين بل أقل ولكن الدراما عيبها هو تكرار الوجوه الموجودة فى العمل من ممثلين، نجدهم فى أكثر من عمل وهو ما يسبب مللا للمشاهد ولكن المنتجين يعرفون أنهم سيعوضون ما أنفقوه على الأعمال وذلك نظرا للإعلانات التى تنهال على أعمالهم والقنوات التى ترغب فى الشراء. وأضاف سيد أن الجمهور ونظرا لغلاء أسعار تذاكرالسينما والأزمة المالية التى نعيشها حاليا وراء عدم وجود الإقبال بالشكل الكبير عليها وأيضا لتكرار موضوعاتها والتى ليس بها جديد عدا أعمال قليلة جدا وهو ما دفع الجمهور أيضا لعدم الذهاب إليها بشكل مناسب. وفى النهاية أكد سيد سعيد قائلا: أحب أن أشير إلى أن السينما تظل دائما لها جوهرها ومتعتها حيث تتمتع بصورة وتقنية عالية الجودة وهو ما يجذب المشاهد بعكس التليفزيون والذى نجد الصورة فيه ليست جيدة بالقدر الكافى إلا فى عدد قليل جدا من المسلسلات التى تعتمد على صورة جيدة والرقابة أيضا نجدها فى السينما مختلفة عن التليفزيون فنجد الدراما بها رقابة صارمة ومتزمتة أكثر من السينما. بينما أكدت الناقدة ماجدة موريس أن الدراما لا تحقق مكاسب من العرض الأول ولكن من العرضين الثانى والثالث والدليل هو أن هناك بعض المنتجين يقومون بتأخير أجر بعض الفنانين إلى أن يحصلوا على المكسب. وأضافت ماجدة أن ما يحدث من رواج للمسلسلات هو كثرة القنوات الفضائية التى أصبحت موجودة بكثافة كبيرة ومتخصصة فى عرض المسلسلات فقط وهو ما أحدث انتعاشة كبيرة وجعل المنتجين يقبلون عليها بشكل كبير وشجعهم على إنتاج المسلسلات لعلمهم يحصلون على أكبر عائد مادى من جراء ذلك حيث تتزايد الإعلانات على الأعمال والقنوات التى ترغب فى ملء فراغ لديها فى القناة وهو ما يصب فى مصلحة المنتج بعكس السينما لا يكون بها عرض ثانٍ بل من شاشة العرض السينمائى إلى التليفزيون مباشرة. وأشارت إلى أن الجمهور يشاهد هذا الكم الكبير والهائل من المسلسلات بدون تعب أى بدون تكلفة خاصة فى ظل الغلاء الموجود حاليا.