تضطر الشركات والدول إلى التراجع عن قرارات واتفاقيات عقدتها بتأثير القوة القهرية، التى تعد من المبادئ التى يتم الاستناد إليها فى التعاملات الدولية، كما حدث فى حالة الحرائق التى امتدت فى غابات وأراضى روسيا، التى اضطرتها إلى أن تلغى تعاقداتها على تصدير القمح إلى الكثير من الدول، وهو المبدأ الذى يمكن لمصر أن تستعين به لوقف عقود تصدير الغاز الطبيعى، حسبما يؤكده الخبراء، بعد تكرار المؤشرات على زيادة احتياجاتها المحلية منه، وإضرار عملية التصدير بهذه الاحتياجات، رغم النفى المستمر من جانب وزارة البترول لوجود اى مشكلات فى هذا القطاع. فخلال الأسابيع القليلة الماضية تكررت ظاهرة انقطاع الكهرباء بصفة مستمرة، ووجهت أصابع الاتهام إلى وزارة الكهرباء باعتبارها المسئول الأول عنه، مما دفع حسن يونس، وزير الكهرباء إلى التصريح بأن شركة الكهرباء تضطر إلى قطع التيار حتى تخفف الأحمال عن المحطات التى تعمل بأقل من كفاءتها نظرا لأنها تستخدم السولار، وليس الغاز الطبيعى رغم كونه الوقود الأكثر كفاءة، لأنه لا يصل إلى محطات الكهرباء بانتظام. من جانب آخر أعلن عمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية عن تأجيل طرح رخص الأسمنت الجديدة، التى وافق عليها فى اجتماعه فى أغسطس الماضى لمدة ثلاثة أشهر، لحين الانتهاء من دراسة الطريقة المثلى لاستيراد الطاقة اللازمة لهذه المصانع، وذلك بعد أن فتح المجلس الأعلى للطاقة فى اجتماعه الأخير الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد الغاز. إلغاء الاتفاقات التجارية لا يرتب عقوبات دولية يقول زهران إن تراجع مصر فى عقود تصدير الغاز إلى الدول التى تم الاتفاق معها، مستخدمة «القوة القاهرة» لا يعنى أن تتحمل مصر تكاليف شروط جزائية، لأن الاتفاقيات التجارية لايترتب على إلغائها عقوبات دولية كما ذكر إبراهيم زهران، خبير البترول، ورئيس شركة خالدة للبترول سابقا. وترتبط مصر بعقود تصدير غاز إلى إسبانيا، والأردن، وسوريا ولبنان، فضلا عن إسرائيل التى يتم التصدير إليها من خلال شركة شرق المتوسط، التى يمتلكها رجل الأعمال حسين سالم. ويؤكد خبير بترول رفض نشر اسمه أن من حق مصر أن تعلن أنها لا تمتلك الإنتاج الكافى من الغاز، وأنها تلجأ إلى شراء ما تحتاجه غاز من حصة الشريك الأجنبى الذى يشارك البترول فى اتفاقيات البحث والتنقيب عن حقول الغاز. ويشير الخبير إلى أن متوسط سعر تصدير الغاز المصرى إلى الخارج يصل إلى 2.44 دولار للألف قدم، أو ما يعادل مليون وحدة حرارية بريطانية، فى حين أن مصر تستورده من حصة الشريك الأجنبى ب3.2 دولار. ويذكر الخبير أمثلة لما قامت به الهند فى التسعينيات عندما استغلت شركة انرون للطاقة قبل إفلاسها حاجة الهند إلى الكهرباء وقامت بالتصدير إليها بأسعار مرتفعة جدا عن الأسعار العالمية، فقام أحد المواطنين الهنود برفع دعوى قضائية ضد هذه الاتفاقية، وقامت الهند على إثرها بإلغائها بحجة «القوة القهرية». ويشير المصدر إلى أنه تبين بعد ذلك أن الحكومة الهندية هى التى زجت بهذا المواطن لرفع الدعوى، وهو ما يتناقض مع الدور الذى قامت به وزارة البترول المصرية فى طعنها فى حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز لإسرائيل. ويشير إبراهيم يسرى، صاحب دعوى وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل إلى سهولة أن تعترض أى دولة مصدرة على أسعار ما تصدره إلى دولة أخرى أو تمتنع من الأساس عن التصدير بحجة تغير الأسعار عالميا، ويذكر أمثلة على ذلك ما قامت به روسيا عام 2008 عندما امتنعت عن تصدير الغاز إلى أوروبا حتى يتم تعديل سعر التصدير، وكذلك الجزائر التى امتنعت عن التصدير لكل من فرنسا، وإسبانيا، مما اضطر هذه الدول إلى أن ترضخ لطلبات الأولى نظرا لاحتياجها إلى الغاز وتتفاوض معها من جديد على السعر العادل للتصدير فى ظل متغيرات الأسعار العالمية. الاحتياطى المعلن غير مؤكد ترتبط مصر ب26 اتفاقية دولية للتنقيب عن البترول، وحسب بيانات وزارة البترول فقد شهد عام 2009/2010 تحقيق 22 اكتشافا جديدا للغاز الطبيعى ليصل الاحتياطى المؤكد من الغاز الطبيعى إلى 78.1 تريليون، ويصل حجم إنتاجنا منه يوميا إلى 6 مليارات قدم مكعبة، ويشكك زهران فى أرقام الاحتياطى من الغاز ويؤكد أن هذه الأرقام تسمح لمصر بأن يصل حجم إنتاجها اليومى من الغاز إلى 15 ألف مليون قدم مكعبة يوميا، ويشير إلى أن البترول تعتمد على ما لديها من اتفاقيات للتنقيب عن الغاز، وحجم المتوقع من اكتشاف هذه الحقول. وكانت الاتفاقيات التى وقعتها مصر على تصدير الغاز فى بداية الألفية تنص على أن يتم اتفاقية تصدير الغاز ب0.75 سنت لكل 1000 قدم مكعبة من الغاز، وهو السعر الذى تم تعديله إلى 1.25 دولار فى 2004. وحسب زهران فإن تصدير الغاز التى أبرمتها مصر تنص على أن يتم دفع دولار عن كل ألف قدم يتم التأخير فى تسليمها إلى الدولة المصدرة.