عايزة أتجوز.. وجبة (حلو) مفرحة

البداية كانت مع مدونة وكتاب تركا أثرا كبيرا عند مستخدمى الإنترنت وقارئى الكتب وهم وإن كانوا كثر إلا أن تحويل التجربة إلى مسلسل عنى فى المقام الأول الانتقال إلى ساحة رحبة بوسع السماوات المفتوحة من خلال الفضائيات المنتشرة التى تعرض المسلسل والحقيقة أنه كما استفادت المدونة غادة عبدالعال من تحويل عملها الأدبى إلى مسلسل استفادت الدراما من طزاجة تجربتها وحوارها وأسلوبها الدرامى الذى يسجل فى كل حلقة خفة دم وثقافة وعلما بحال البنات ربما لأنها عاشت تجارب بعضهن وربما لأنها قدمت قبسا من حياتها فيها لكن المؤكد أن روح قلم غادة روح شابة طغت على المسلسل وعلى مجرياته ببساطة وعمق فى إطار ساخر وكوميدى خفيف مفعم بمشاعر أثرت على البنات والرجال على حد سواء
وهى الخلطة العجيبة التى جاءت بها وجبة الحلو المفرحة وربما يؤخذ على ما قدمته غادة حتى الآن هو الانحياز لأحد العالمين بشكل غير منضبط فتشعر فى بعض حواراتها أنها تميل إلى رفاهية الفاست فوود فى مطعم فخم وفى أحيان أخرى تطلب الكشرى من عربية بشارع السبتية! كما أن اعتمادها على شخصيات نمطية وبصفة خاصة علاقة الحماة وزوجة الابن كان مثل الملح الخشن الذى تناثر على هذه الوجبة.
وكما كان لبكارة تجربة غادة عبدالعال تأثير إيجابى ممتع كانت تجربة المخرج رامى إمام فى عالم الفيديو مؤشرا لميلاد مخرج فيديو أكثر امتاعا من ذى قبل وكأن عايزة أتجوز كان رهانا وتحديا لديه فرأينا إخراجا طازجا أيضا لا فذلكة فيه ولا يميل إلى الاستعراض ولا الإجبار فتشعر أنه يستمتع وهو يعمل وأنه ليس مجبرا على شىء ما فتخرج مشاهده فى محلها ولا تستفزك وإن كان استخدامه لأسلوب الحكى المباشر الذى تسخدمه البطلة والذى يشبه العملية الفنية المعروفة باسم «النارييشن» Narration «لكن بشكل جديد متداخل مع الأحداث فى الحلقة أحيانا يربك المشاهد وفى أحيان أخرى يربك الممثلين الموجودين فى المشهد نفسه مع البطلة. وبطلة مسلسل عايزة أتجوز الباحثة عن عريس هى الفنانة هند صبرى التى تقدم أداء جديدا عليها رغم أنها قدمت من قبل أداء كوميديا لكنها هذه المرة تقدم كوميديا سوداء مباشرة وخفيفة تصل إلى حد الفانتازيا بحب واستمتاع شابه فى بعض الأحيان أداء مسرحى مفتعل دون مبرر
والحقيقة أن الحلقات الأولى التى قدمت حتى الآن شعارها الوحيد من وجهة نظرى هو الحب والاستمتاع فبغض النظر عن كون عناصر التمثيل التى اختارها المخرج رامى إمام بعناية من العناصر التى يمكن أن نقول عليها إنها عتيدة الموهبة والتمثيل ومن الصناعات الثقيلة فنيا سواء كانت الفنانة سوسن بدر فى دور الأم المشتاقة لزواج ابنتها أو الفنان أحمد فؤاد سليم فى دور الوالد المغلوب على أمره والفنانة القديرة رجاء حسين فى دور الحماة التى ليست على وفاق مع زوجة ابنها وكارلين خليل فى دور الصديقة، كلهم من العناصر المرعبة تمثيليا ومع ذلك تشعر أنهم جميعا كانوا يؤدون أدوارهم ببساطة متناهية وكأنهم يشربون ماء.
فى النهاية أرجو أن يظل «عايزة أتجوز« حتى نهاية رمضان تلك الوجبة الجديدة بمكوناتها وألا تدخل وصفاته ما يجعلها ثقيلة على القلب والمعدة.