أفاد صحفيون، اليوم الاثنين، أن السودان أوقف الرقابة المباشرة على الصحف اليومية، في الوقت الذي لا يظن الكثيرون أن هذه تمثل خطوة حقيقية باتجاه حرية التعبير التي يكفلها الدستور. وقال صحفي معارض إن الرقابة المباشرة التي تفرضها أجهزة أمن الدولة مجرد أسلوب من عدة أساليب لتقييد حرية التعبير، وأضاف أن الدولة لديها من القوانين لمعاقبة الصحفيين أكثر مما لديها لمعاقبة اللصوص. وظلت صحيفتان مغلقتين وأوقف بث الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية على الموجات المحلية في شمال السودان اليوم الاثنين، بعد أن اتهمتها الحكومة بتهريب معدات. وقال الصحفي عبد القادر الذي يعمل لدى صحيفة الميدان الناطقة بلسان الحزب الشيوعي "الرقابة رفعت أمس.. صدرت الميدان لأول مرة منذ نحو شهرين." وفي ظل الرقابة المباشرة كان أفراد من جهاز الأمن والمخابرات يتفقدون مكاتب الصحف قبل النشر ويحذفون مقالات يعتبرونها غير ملائمة. ويقول الصحفيون إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني كان يركز على التقارير غير المنسوبة للحكومة عن الصراع الدائر في دارفور وعلى استفتاء على الانفصال في جنوب السودان وعلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت أمرا باعتقال الرئيس عمر حسن البشير. وأحرز السودان تقدما ملحوظا منذ الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في عام 2005 باتجاه حرية الصحافة وهو ما يكفله الدستور الجديد الذي طرح بعد اتفاق السلام، لكن السلطات كثيرا ما تشن حملات على الصحف المطبوعة في حين تبقي على رقابة مشددة على التلفزيون والإذاعة. ورحب العبيد مروح الأمين العام للمجلس القومي للصحافة بالخطوة قائلا إن القواعد القائمة يمكنها التعامل مع أي مشكلة، وأبلغ "من حيث المبدأ لم نكن مع الرقابة المباشرة على الصحف، لكننا نحث رؤساء التحرير على احترام هذه المرحلة السياسية الحساسة." ومع ذلك ظلت صحيفتان مغلقتين، فقد أغلق الجهاز صحيفة رأي الشعب المعارضة وسجن ثلاثة صحفيين لفترات تتراوح بين عامين وخمسة أعوام بتهمة زعزعة النظام الدستوري، وكذلك صحيفة الانتباهة التي نشرت مقالات مؤيدة للانفصال. وقال فايز السليك القائم بأعمال رئيس تحرير صحيفة أجراس الحرية والذي يواجه سبع قضايا رفعتها هيئات حكومية مختلفة على الصحيفة، "إننا نغرق في بحر من اللوائح القانونية... وهذا لا يعني شيئا. فهم سيفرضونها (الرقابة) مرة أخرى." وقال بعض الصحفيين إن هذه الخطوة جاءت لأن جنوب السودان سيصوت في الاستفتاء على الاستقلال يوم التاسع من يناير عام 2011 في خطوة سيتابعها مراقبون دوليون، ويعتقد أغلب المحللين أن الجنوب سيصوت لصالح الاستقلال عن الشمال. وأوقف بث الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) لكن الحكومة قالت إن المشكلة لا علاقة لها بالمحتوى الإخباري للإذاعة وأن الباب مفتوح لإجراء محادثات. وقالت الحكومة إن الإذاعة البريطانية هربت معدات قمر صناعي في حقيبة دبلوماسية وتعمل في الجنوب دون إبلاغ السلطات المركزية. وأوقفت الخرطوم الرقابة المباشرة العام الماضي قبل انتخابات كان يفترض أن تحول السودان إلى ديمقراطية. وقاطعت أغلب أحزاب المعارضة الانتخابات في الشمال وشكت المعارضة الجنوبية من انتشار عمليات الترويع. وقال مراقبون إن الانتخابات لم تتوافق مع المعايير الدولية وعاد السودان لفرض الرقابة المباشرة بعد فترة وجيزة.