أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق كفر الشيخ.. البطاطس ب 10 جنيهات    عاجل- سعر الذهب اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 في السوق المحلية.. استقرار بعد موجة ارتفاعات    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأحد 12-10-2025    الصليب الأحمر يتسلم 7 رهائن مفرج عنهم من غزة وفي طريقهم للجيش الإسرائيلي    عاجل- طقس خريفي معتدل اليوم.. العظمى في القاهرة 29 والصغرى 19    غدر به أثناء نومه.. تفاصيل إنهاء حياة راعي أغنام علي يد زميله بالبحيرة (فيديو)    قدرها 10 آلاف جنيه.. إعانة عاجلة لأسرة زوجين توفيا بقنا    نادية الجندي تتذكر فاروق الفيشاوي بصورة نادرة وتكشف تفاصيل علاقتهما الفنية    أبرزهم ياسر جلال| قرار جمهوري بتعيين 100 عضو في مجلس الشيوخ    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة ملاكى أعلى محور سمير فرج بالأقصر    رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتورة أماني فاخر بمناسبة تعيينها عضوا بمجلس الشيوخ    محاكمة 54 متهما ب"خلية الهيكل الإداري للإخوان" اليوم    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    السيسي يمنح ترامب قلادة النيل لإسهاماته البارزة في دعم جهود السلام    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    مصادر تكشف أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب بعدد من المحافظات    مئات الإسرائيليين يتجمعون في تل أبيب ترقبا لإطلاق سراح الرهائن من غزة    الرئيس الإندونيسي يعلن مشاركته في قمة شرم الشيخ    حدث ليلا.. تنبيه عاجل للأرصاد.. وقصة مقتل صالح الجعفراوى (فيديو)    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    ارتفاع الدولار الأمريكي اليوم الإثنين 13-10-2025 أمام بقية العملات الأجنبية عالميًا    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    الأمل فى شرم الشيخ    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    قطع المياه اليوم الإثنين عن 16 قرية لمدة 4 ساعات.. اعرف أسماء القرى المتأثرة    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممنوع الحب
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 04 - 2009

كانت الساعة تشير إلى الخامسة صباحا فى يوم من أيام شهر أبريل، راحت لسعة البرد الخفيف تلفح وجهها، وهى فى طريقها لمطار القاهرة لاستقبال أحد الضيوف فتفتح المسام وتغسل الهموم وتعطى للعاصمة «نكهة» غير التى ترتبط بها حرا وازدحاما وأعصابا مفلوتة، التقطت أذناها بصعوبة صوت تغريد العصافير لكنه على ضعفه نفاذ. آه لو كانت كل أوقاتنا فجرا، تضحك فى داخلها وتقول أبدا لن تكون ،فقبل بضع سنوات استمعت إلى جارة لها تتمنى لو كان الليل لا ينقشع حتى يظل صغارها نائمين فتتخلص من طلباتهم الكثيرة، وتجد فرصة لتحتسى فنجان الشاى بالنعناع، أو تقرأ جريدة اليوم، أو تتابع أوبرا وينفرى. فلا صار اليوم كله ليل ولا هو يقينا سيكون فجرا متصلا، ولله فى تعاقب الليل والنهار شئون.
عندما تأخر وصول الرحلة رقم 939 القادمة من كوالالامبور خمس دقائق، لمست توترا خفيفا من جارها، مال عليها رافعا الكلفة وسأل: هى الطيارة وصلت؟ هزت رأسها بالنفى، هو يعرف أن الطائرة لم تصل لكنه يسأل لكى يطمئن قلبه، لا بأس. تكرر سؤاله ونفيها، قدرت توتره وبدأت تتجاذب معه أطراف الحديث.
فهمت منه أنه ينتظر زوجته العائدة من زيارة أخ لها، فى ماليزيا؟ سألت، نعم فى ماليزيا رد. وأنتِ؟ بادلها السؤال فأجابته أنها مثله تنتظر قادما من ماليزيا لكنه زميل. أحبت فيه هذا القلق على شريكة عمره، فلا شك أنه عانى من الوحدة فى غيابها، عرف قيمتها، جَرَب غسل الصحون وتوصيل الأولاد للمدارس، حاول ترتيب الفراش وحشر الوسائد الضخمة فى الأكياس الضيقة، حسب ثمن كيس الخبز وكيلو اللبن وما كان اشتراهما قط، فتح باب الشقة لمن يطرقه، وبعض الطارقين أطفال الجيران العفاريت يدقون الباب ويهربون تسبقهم ضحكاتهم.
ترى منذ متى غابت عنه زوجته؟ خجلت أن تتمادى وتسأله، فلا يهم كم غابت يوما أو شهرا أو أكثر، المهم أنه كابد هذا الشوق فى غيابها، ابتسمت له قائلة: دلوقتِ ترجع لك بالسلامة بإذن الله.
عندما بدأ طابور طويل من رجال ونساء لهم الطول نفسه والتقاطيع الآسيوية إياها والانضباط هو هو يتقدمهم مندوب إحدى الشركات السياحية، ثبتت الرؤية، وصلت الطائرة فعلا. انفرجت أسارير جارها القلوق لأول مرة منذ نحو أربعين دقيقة، وشخصت معه يتفرسان فى وجوه القادمين كل منهما ينتظر غائبه. عن بعد لاحت امرأة متوسطة العمر تعطى يدها لطفلة فى نحو الثامنة وتدفع فى عربة الحقائب بطفل أصغر، يخلو وجهها من المساحيق، وتنضح ملامحها بالطيبة فتكشف عن أمومتها بامتياز، تتسق ألوان ثيابها وحقيبتها وطرحتها اتساقا مريحا للعين وتثبت أن الذوق لا يباع ولا يشترى.
فى لمح البصر انطلق جارها كالسهم نحو أسرته الصغيرة، هى اكتشفت أنها أسرته وإن لم يكن قد ذكر لها ابنيه بحرف فقط حدثها عن الزوجة الغائبة. تابعت سلوكه فى فضول وإعجاب، انقض على الابنة وأشبعها تقبيلا والتقط الابن بحنان وحمله بين ذراعيه، أما الزوجة فمد لها يدا باردة وصافحها كأنه يلتقيها لأول مرة، معقول؟ لم تصدق أن كل هذه المشاعر الجارفة، التى ضغط بها على أعصابها منذ الفجر تترجم إلى مجرد سلام. ولم تصدق أن الزوجة مضت تدفع العربة فى وداعة وكأن ما حدث شىء عادى، وكأن حسبها من زوجها وشريك عمرها مصافحة باليد فلا باقة زهر ولا قبلة على الجبين.
لا شك أن الرجل بذل جهدا كبيرا ليروض مشاعره حتى لا يشهرها على الملأ، فلماذا فعل.. لماذا نخشى الإفصاح عن مشاعرنا تجاه من نحب حبا مشروعا؟ سيقول لك قائل إنه خجل طبيعى يميز ثقافتنا المصرية، وهى سوف ترد بثقة لا ليس خجلا، وإلا ما لفت انتباهنا عمدا عشرات الشبان والشابات وهم يفترشون النجيل فى حرم جامعة القاهرة، أو يتخاصرون على طول كورنيش النيل أمام ماسبيرو وعلى كوبرى قصر النيل أو عباس أو الجامعة، أو يتبادلون الرسائل المكشوفة بل قليلة الحياء على الشريط الإخبارى الدوار فى الفضائيات العربية. يريد هؤلاء الشباب أن يقولوا للجميع نحن هنا ويجدون حبهم جديرا بالتعبير والإشهار رغم أن أكثرهم لم يعقد العزم على أن يطور علاقته إلى ارتباط مشروع وبعضهم بالتأكيد لم تخالجه هذه الفكرة ابتداء. لكن ما أن يتوج الحب بالزواج حق تنقلب الآية وتصير العلاقة واجبة الإخفاء والمداراة.
هل فى إفصاح الزوج عن مشاعره انتقاص من رجولته.. هل تتنمر الزوجة فى انتظار تعبير من هذا النوع حتى تتمكن من الزوج وتحرمه من صفة سى السيد.. هل لا يجد الزوج مبررا للتعبير العلنى عن مشاعره وله بيت يسكن فيه إلى زوجته؟.. آه لو يدرى هذا الرجل كم هى مهمة لفتات لا أبسط منها ولا أيسر يرضى بها غرور امرأته، ويعترف بها زوجة أمام الناس وليس فقط أماً للعيال يناديها يا «ماما» وينسى اسمها.
ابتعد صاحبنا عن ناظرها وأسرته الصغيرة، وانتبهت هى على صيحات بلكنة إنجليزية آسيوية تعرفها حق المعرفة، صاح ضيفها: هاللو. التفتت إليه فكان وجهه يظهر بالكاد من تحت قبعته الخوص الضخمة، تَحَسب لحر القاهرة بثياب فاتحة خفيفة، وتدلت من كتفه كاميرا فيديو صغيرة، كانت تصحبه زوجته ولم يكن يستحى من إمساك يدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.