اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    7 قتلى و27 مصابا في انفجار بمركز شرطة بالهند    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تعطيل المرور بالشروق    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    نانسي عجرم: شائعات الطلاق لا تتوقف منذ زواجي.. ولا أقبل أن أعيش غير سعيدة    "سانا" عن مصدر عسكري: الاعتداء الذي استهدف مناطق بالعاصمة دمشق كان بصواريخ أطلقت من منصة متحركة    سفير السودان بالاتحاد الأوروبي يشيد بالدور المصري ويشدد على وحدة السودان واستقراره    وسائل إعلام فلسطينية: مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المناطق الشرقية من مدينة غزة    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    مصر تبيع أذون خزانة محلية ب99 مليار جنيه في عطاء الخميس.. أعلى من المستهدف بنحو 24%    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    اليوم.. محاكمة خادمة سرقت أموال ومشغولات ذهبية من شقة بالنزهة    اليوم.. انقطاع الكهرباء عن 31 قرية وتوابعها بكفر الشيخ لصيانة 19 مغذيا    كرواتيا تتأهل إلى كأس العالم بثلاثية أمام جزر الفارو    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    تحضيرا لكأس العرب.. السعودية تفوز على كوت ديفوار وديا    رئيس قناة السويس: تحسن ملحوظ في حركة الملاحة بالقناة    قائد الجيش الثالث: الدور التنموي يكمن في توفير البيئة الآمنة لتنفيذ المشروعات القومية    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ويتكوف يخطط للقاء رئيس حركة حماس خليل الحية.. البرهان: على كل السودانيين المشاركة فى المعركة ضد الدعم السريع.. وهجوم مجهول بصاروخى كاتيوشا على دمشق    لا مكان لهؤلاء القتلة، وزير الصحة السوداني: رسالة البرهان هي صوت الشارع بشكل عام    "دولة التلاوة".. مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    وزيرا خارجية مصر والسعودية يبحثان تطورات غزة والسودان    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار السياسة والقوانين مع وزير الاستثمار
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 08 - 2010

قابلنا مسلحا بخمسة من مستشاريه الفنيين، على رأسهم نائب رئيس البورصة محمد فريد. لكن الحوار مع وزير الاستثمار محمود محيى الدين، الذى يشرف على إعداد مشروعى قانون هما فى قلب العملية السياسية لأنهما يتعلقان بتضارب المصالح وتداول المعلومات، كان طبيعيا أن يتحرك نحو السياسة فى عام الانتخابات والجدل الحزبى والعام، الذى تثيره احتمالات التغيير.
محيى الدين تحدث ل«الشروق» عن الحزب والحكومة، عن رجال الأعمال فى الوزارة، عن موقفه من انتقادات وزير الإسكان، أحمد المغربى، له فى الأزمة الأخيرة، حول أرض التحرير، وعن احتمالات ترشحه لعضوية مجلس الشعب فى الانتخابات المقبلة.
فى يوليو 2004، عندما دخل محيى الدين الحكومة مع رئيسها أحمد نظيف كوزير للاستثمار، كان الوزير الأصغر. لكنه كان رئيسا للجنة الاقتصادية فى الحزب الحاكم وعضوا نشطا به. وبعد ست سنوات يعتبر الوزير أن الخلفية الحزبية السياسية شرط مهم لعضو الحكومة.
فبغض النظر عن المشارب المختلفة والتوجهات والمهارات المختلفة التى يأتى بها «المواطن المصرى»، الذى يصبح وزيرا، فهو «خادم عام أعلى مسئول عن وزارته»، على حد تعبيره. «فالناس دى كلها المفروض تبقى أعضاء فى حزب، ودخلت المعترك السياسى الحزبى ومارسته بأشكال مختلفة والأحسن فى معترك العمل العام السياسى وليس فقط أن واحد كان غاوى نشاط اتحادات طلاب، أو حضر مجموعة ندوات، ولكن دخل هذا المعترك قبله أو مارسه»، يضيف محمود محيى الدين.
ولا ينسى الوزير الإشارة إلى المقتضيات الفنية المطلوبة «أيضا»، وإن كانت مسيطرة فى مصر. «ففى التشكيلة القائمة لمجالس الوزارات فى مصر عندك المعايير التى تجعل الإلمام بالعمل فى الوزارات القطاعية إحدى المعايير، التى يتم الاختيار على أساسها. أن يكون هناك طبيب وزير فيصبح هناك غلبة للفهم الفنى أو التكنوقراطى أو المعرفى للقطاع».
لكن محيى الدين يعود ليؤكد أن أغلب الوزراء الموجودين كانوا بأشكال مختلفة، «منخرطين فى اللجان المختلفة المركزية والرئيسية للعمل الحزبى وفى الأمانة التابعة للأمانة العامة وأمانة السياسات، أو كانوا مندرجين بشكل أو بآخر فى النشاط الخاص بقطاعاتهم: اتحادات صناعات أو اتحادات غرف أو غيره من هذا القبيل».
ويباهى وزير الاستثمار بأنه ليس هناك سياسة «طبقتها وزارته أو دافع عنها الوزير محمود محيى الدين لا تنبع من أوراق سياسات الحزب»، كما يضيف قائلا: إن «الخلفية الحزبية مهمة للغاية، وانعكست على عدد مشروعات القوانين التى كانت على أجندة وزارة نظيف».
من يقيم الوزراء؟
أعادت قضية بيع أرض جزيرة توت آمون لشركة بالم هيلز، التى يساهم فيها وزير الإسكان أحمد المغربى بشكل غير مباشر ويرأسها ابن خالته ياسين منصور، قضية وجود رجال الأعمال فى الوزارة، وما قد يثيره ذلك من احتمالات لتعارض بين مصالحهم الخاصة والمصلحة العامة.
وهو ما دعا وزير الصحة، حاتم الجبلى، وهو طبيب ورجل أعمال، إلى الرد فى حوار صحفى قائلا: إن التجربة ناجحة بنسبة 70%، ومشيرا إلى ما سماه بعمليات ابتزاز قللت من إنجاز رجال الأعمال فى الحكومة، الذين هم على رأس وزارات بأهمية الصحة والزراعة والتجارة والصناعة والإسكان.
«يجىء الوزير من خلفية أكاديمية أو تكنوقراطية، من خلفية أعمال حرة قام بها أو حرفية أو غيرها، زى ما يكون. لكن فى نهاية المطاف عندما يدخل الوزارة فهو شخص عام يحاسب بمعايير الشخصية العامة. وعندما يكون هناك قدر من الغربلة وعملية سياسية تفرز هذه الكوادر التى ترشح فى النهاية للعمل العام كوزراء يسهل عليك هذا الأمر»، يقول محيى الدين رافضا التعليق على ما إذا كان متفقا مع تقييم الجبلى لتجربة رجال الأعمال فى الحكومة.
«دعك من التقدير الشخصى أو التقييم الشخصى وانحيازاته المختلفة أو إذا كان هناك تواضع ما. الوزير يعمل فى إطار الخدمة العامة للجموع، وهو خادم عام أعلى مسئول عن وزارته، وبالتالى يرجعك هذا لعملية التقييم الشعبى لهذه الحكومة ووزاراتها المختلفة وأدائها. نتكلم عن نشاط تقوم به الحكومة فى إطار سياسى، ترتبط به معايير محددة للتقييم.
ونتكلم هنا عن حكومة وليس أداء وزارات. فى البداية هناك أداء الحكومة ومجلس الوزراء وفترة زمنية للتقييم. وبعدها أداء وزارات معينة مسئولة عن ملفات معينة. وبالتالى لا يمكن، ولا يحق حتى، للمسئول أن يقيم أداءه، ولكن يترك هذا فى الذمة الحاضرة لجموع المواطنين وللرئيس وللبرلمان ولاعتبارات التاريخ».
حق دستورى فى العمل العام.. ولكن
فى نفس الحوار الصحفى حول رجال الأعمال فى وزارة أحمد نظيف، أكد وزير الصحة حاتم الجبلى أنه لن يتنازل عن حقه الدستورى فى المشاركة فى العمل العام. ويتفق وزير الاستثمار مع ذلك. «كل مواطن كفء ومؤهل وراغب فى العطاء العام له الحق فى على الأقل أن ينظر فى شأنه لأن يتقلد هذه المناصب»، لكنه يضيف أن ذلك ينبغى أن يتم «وفقا للقواعد وللانتماءات الحزبية ورضاه هو نفسه أن يكون بين هذه المجموعة، لكن فى نفس الوقت الدستور به مواد صريحة تخاطب الوزراء والمحافظين والمسئولين التنفيذيين بعدم تعارض المصلحة. وهو نص دستورى واضح لا يحتاج لفقيه دستورى حتى نفهمه».
وتقول المادة 158 من الدستور المصرى بالنص إنه «لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعيا، أو يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله، أو أن يقايضها». بينما يؤكد الفصل الثانى منه، تحت عنوان المقومات الاقتصادية، وفى المادة 32 أن «الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية، دون انحراف أو استغلال، ولا يجوز أن تتعارض فى طرف استخدامها مع الخير العام للشعب».
لكن محيى الدين يعترض على الاكتفاء بالنص الدستورى العام، كما يقول بعض القانونيين. «أنا لست فقيها دستوريا، لكن لو قلنا كل حاجة موجودة فى الدستور وكفى، فلا حاجة لقانون مرور إذن لأن الدستور أمن الناس على حياتهم وحذر من القيام بعمل يضر الآخرين، لكن من سيقول لك ألا تزيد سرعتك على 100كم فى الساعة أو يضع ضوابط حصولك على رخصة. القانون سيأتى بقواعد تنظيمية كثيرة».
وفى فبراير 2006، وبعد زيادة عدد رجال الأعمال فى الحكومة، تقدم محيى الدين بمذكرة لمجلس الوزراء لتنظيم تضارب المصالح العامة والخاصة، لكن المجلس آنذاك اكتفى بتعميمها دون تحويلها إلى مشروع قانون، وهو ما صار على أجندة الحكومة الآن بعد تطورات قضية المغربى.
«لو لم يوافق عليه الدكتور نظيف لبقى كتيبا أو دراسة، ورئيس المجلس هو الذى وضعه على أجندة الاجتماعات. الموضوع نقل من حوزة الاستثمار إلى حوزة مجلس الوزراء بعد موافقة نظيف على تضمينه ودخل بالفعل وعرض فى مجلس الوزراء»، يقول محيى الدين، لكنه يضيف «الآن الموضوع تجاوز أن يكون التوجيه لمسئولين تنفيذيين يخاطبهم رئيس الوزراء، لكن هناك حاجة لمده لكل من خاطبهم الدستور كالبرلمانيين».
فى الحالة المصرية كان القانون فى السابق ينظم النشاط العام لأصحاب مهن حرة كمحامٍ له مكتب شهير أو طبيب له عيادة يتردد عليها كثير من المرضى. «فكان يتم إغلاقه وتنتهى هذه المسألة. لكن فى حالة وجود مساهمات فى شركات كبرى فلها ضوابط أخرى».
ويضيف محيى الدين أن أسهل شىء عندما يجىء أحد غدا وزيرا للاستثمار، هو أن تقول له بع أسهمك التى تملكها فى الشركات فيقوم بذلك. «هذا أسهل شىء. لكن بكم سيبيعها؟ يحتاج الأمر لضوابط ومراقبة لأن البيع هنا صار يختلف عما كان عليه الأمر قبل دقائق قبل صدور قرار تعيينه وزيرا. هناك عدد من السادة الوزراء عمل هذا الكلام. ولن أعود لفكرة من نفذ ذلك ومن لم ينفذ لأنها ليست شغلتى».
هناك رئيس الوزراء وهناك الجهات المعنية بالذمة المالية وتقديم إقراراتها وهى الجهات التى تقوم بهذا الموضوع. ما يعنينى كمسئول عن الاستثمار والشركات هو وجود كل القواعد الرقابية المطلوبة حماية لكل أطراف النشاط الاقتصادى وحتى تدرأ الشبهات بنصوص قانونية واضحة».
فى غياب القانون كلنا قانون
يعترف وزير الاستثمار أن مثل هذا القانون قد يأتى بعلامات استفهام كثيرة، أو مشاكل تنظيمية، لكنه لا يرى مشكلة فى ذلك. «بالعكس نبدأ به كما فعلنا مع قانون البنوك فى 1957 ونطوره حتى يصير قانونا منضبطا ونستطيع الاستفادة من الدول التى سبقتنا».
ويربط الوزير بين القانون والسياسة فى مصر. «يجب أن يترجم القانون الجديد أولويات سياسية فى المجتمع. فقد يأتى ليرسخ قواعد موجودة أو يجمع إجراءات قائمة وقد لا يأتى بجديد من الأحكام لكن لكى يطمئن المجتمع والقائمين عليه»، كما يقول.
وبينما تعمل وزارة الاستثمار على تطوير مذكرة 2006، يقوم الحزب الوطنى بجهد موازٍ فى نفس الإطار. حيث تبحث اللجنة الاقتصادية بأمانة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم حاليا ورقة بعنوان «تضارب المصالح العامة والخاصة» فى مصر، من المتوقع أن يتم ترجمتها إلى تشريع جديد فى محاولة للتعامل مع القضية من «الناحية القانونية والإدارية».
وتشمل الورقة، التى أعدها عضو اللجنة عبدالفتاح الجبالى ونشرتها «الشروق»، اقتراحات تشمل أن يقوم الموظفون الكبار، وعلى رأسهم الوزراء بالإفصاح العلنى عن ممتلكاتهم قبيل دخولهم الوظيفة العامة وإعادة تنظيم الحملات الانتخابية وإلغاء مزايا أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى التعيينات الحكومية وتوصيل الخدمات.
«أنا على علم بالمناقشات التى تدور فى الحزب، وبورقة عبدالفتاح الجبالى، وهو صديق وزميل عزيز. وانقل هنا عن الأمين العام (صفوت الشريف) وأمين السياسات (جمال مبارك) أن هناك رغبة وضرورة لإعداد هذا المشروع بقانون، الذى سيكون من بين أول القوانين التى ستدخل البرلمان فى دورته المقبلة.
وليست هذه هى السابقة الأولى أنه تكون هناك عدة جهات تقوم بإعداد تشريعات وفى النهاية تندمج»، يقول الوزير، الذى يرفض الكشف عن ملامح مشروع القانون، «إلى أن تكتمل»، لكنه يكتفى بالقول إنه «يخاطب مسئولين من أول مجلس محلى محافظة إلى الوزير إلى برلمانى إلى غير ذلك. وحكومة الحزب هى التى ستتقدم بهذا المشروع. ثم يجىء دور نواب الشعب. أهم شىء هو أن يخرج للمجتمع قانون منضبط يحمى الحقوق ويمنع تضارب المصلحة وينظم الإجراءات لتطبيق قواعد الدستور».
«يجب ويجب ويجب وحتما أن يصدر هذا القانون فى الدورة البرلمانية القادمة»، يؤكد محيى الدين بلهجة حاسمة، غير ناسٍ أن يشير إلى أنه لم يشعر بحرج أبدا من طرح الموضوع فى وجود وزراء من رجال الأعمال. ولا شعرت بحرج من المستقبلين لها. بدليل تصريحات الجبلى أنى طرحته «ولم نعترض».
«موقفى هنا ليس رد فعل. فقد قلت فى حوارى مع الأستاذ مكرم محمد أحمد قبل ما حدث أخيرا أننا تأخرنا كثيرا فى هذا الموضوع. ولم تكن قضية المغربى قد أثيرت. ولو كان مثل هذا القانون موجودا أتصور أن 99% من الأسباب التى دعت زميل أن يتوقع من زميل آخر التدخل للدفاع عنه ستنقضى، ولن يكون لها محل أساسا. وساعتها ستكون المسألة الاحتكام للقانون ومعاييره وإجراءاته».
وعقب مناقشة حامية قبل أسابيع حول بيع أرض قرية توت آمون بأسوان لشركة بالم هيلز واحتمالات تضارب المصالح مع المغربى، أصدر الرئيس حسنى مبارك قرارا بإلغاء البيع وإعادة طرح حق الانتفاع بالأرض بالمزاد العلنى. «الرئيس يتحدث عن قواعد دستورية تعطيه الحق فى هذا التدخل ووضع قواعد لا خلاف عليها، وعندما يتدخل رئيس الجمهورية ويمارس اختصاصه فى أمر يجد أن تدخله فيه واجب، فأنا أقدر هذا التدخل».
محيى الدين والمغربى وآكور
بدأ محيى الدين كلامه عن انتقادات وزير الإسكان أحمد المغربى له بأنه لم يتدخل إعلاميا بالشكل الكافى لتبرئته من تعارض المصلحة فى قضية أخرى هى بيع أرض التحرير لشركة آكور الفرنسية، التى تشاركها عائلة الوزير فى أنشطة فى السياحة فى مصر، بتحذير: «قد يكون كلامى مثاليا أو مملا أو سخيفا أو لا يشبع الرغبات الصحفية المشروعة. لكن أنا أرى أن ما يتم داخل المجلس مثل مجلس الوزراء له قواعد محددة للنشر والنقل عنه».
ويدافع محيى الدين عن قواعد يقول إنه اتبعها منذ مجيئه للوزارة فى إعلاء قواعد الحوكمة. «بمعنى عام: عندك هيئة الاستثمار، لها رئيس ومجلس إدارة واختصاصات والتزامات.
فيجب تفعيل الاختصاصات القانونية للمجلس من باب احترامه لنفسه ومن باب احترام الوزير السياسى. نفس الشىء ينطبق على كونى المسئول عن قانون الشركات وقطاع الأعمال العام وشركاته 150 شركة»، على حد قوله. «ما حدث فى هذه الحالة المحددة أن الشركة التابعة تكلمت مرارا وتكرارا. رئيس الشركة التابعة تحدث لعدة صحف فى نفس يوم حوار الوزير مع «المصور». وأنا تقديرى أن هذا الأمر كاف».
ويقول الوزير: «إذا سألتنى عن علاقة المغربى بآكور: سأرد بكلمة مقتضبة أنه لا علاقة للمغربى بهذا الموضوع. ولكن فى نفس الوقت سأقول لك لمزيد من التفاصيل، ارجع لرئيس الشركة القابضة المعنية. الفنى هنا مرتبط بالسياسى ولا تستطيع فصلهما».
ويرفض محيى الدين فكرة أن يكون قد قصر فى توضيح عدم مسئولية وزير الإسكان فى هذه الحالة بالتحديد. «لم أقصر. التقصير يجىء إذا توانت الشركة أو الشركة القابضة المسئولة عنها فى تعريف الرأى العام بالترتيبات التى تمت ومن المسئول عنها..
موضوع ملىء بالتفاصيل والوزير مسئول هنا عن السياسات والتوجهات العامة ومسئول أنها إذا كان هناك أى مخالفة تظهر ببينة من الجهات الرقابية ونحن نتعامل معها ليل نهار (مركزى محاسبات ورقابة إدارية ونيابة إذا استدعى الأمر وجهات أخرى معنية بالرقابة والمتابعة) إنه إذا كان هناك تجاوز لا يأخذ الإجراء الأمثل للتعامل معه».
ومن القواعد المتعارف عليها أن المتحدث والمسئول عن مجلس الوزراء هو رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه وهو المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، يضيف الوزير فى إشارة إلى ما نشر فى الصحافة حول نقاش دار بينه وبين وزير الإسكان فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء.
«أى شىء لا يخرج من هذين الشخصين لا يحق لوزير مثلى أن ينقل ما دار فيه لأنى سآخذه فى النهاية من وجهة نظرى الشخصية لأنى طرف فيها، وهناك عشرات الموضوعات التى تتم مناقشتها داخل مجلس الوزراء يتم الإعلان عنها بطريقة محددة وتوقيت محدد ولها أسلوب، وهذا الأمر مرجعه هنا هو رئيس مجلس الوزراء والمتحدث الرسمى أو من يفوضه»، يضيف محيى الدين.
الاستثمار والقوانين الشاملة الحاكمة
كيف يحضر محيى الدين قانون تداول المعلومات؟
«لست الجهة المخاطبة بقانون تداول المعلومات. ما يهمنى بصراحة هو القوانين المنظمة للاستثمار. يهمنى أن البرلمان يخلص لنا قانون الشركات وإدارة الأصول و6 مشروعات قوانين للرقابة المالية. لكن هناك القوانين الشاملة الحاكمة»، يرد محيى الدين، مبررا متابعته لمشروع القانون بأنه كان مسئولا عنه فى الحزب فى 2002.
«لما بدأت المناقشات كانت متعلقة بالإحصاءات الاقتصادية. ثم لما دخلت الحزب رؤى أنها أعلى من ذلك وقد تتعلق بمعلومات وبيانات عن سياسات قد تكون اجتماعية. وتم ترجمة ذلك فى البرنامج الانتخابى للرئيس، وفى القسم السياسى منه. وزارة الاستثمار هنا هى إحدى عدة جهات واضع هنا تحت هذه الكلمة ألف خط. المزايا النسبية لدى فى الشغل الاقتصادى، أما الأبعاد السياسية والاجتماعية فتستكمل فى إطار الحزب»، يضيف الوزير.
وقد صادقت الحكومة المصرية على المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومن بينها «المادة 19» من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التى تنص على «حق كل إنسان فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى يختارها»، وحددت «المادة 19» تسعة مبادئ دولية بشأن ضمان ممارسة حق المواطن فى المعلومات، أهمها يقضى بضرورة إتاحة جميع المعلومات الرسمية المتوافرة لدى السلطة العامة وغيرها من الهيئات العامة للجميع للإطلاع عليها، وعلى ضرورة التزام السلطة العامة بنشر المعلومات المتعلقة بكيفية تسيير الهيئات العامة وإداراتها.
ورغم أن الالتزام بالمواثيق الدولية يجعل منها جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلى، وفقا للمادة 151 من الدستور المصرى، فهناك حاجة مراجعة لترسانة القوانين التى تقيد الحق فى تداول المعلومات، ومن بينها القانون رقم 121 لسنة 1975 الخاص بحظر استعمال أو نشر الوثائق الرسمية.
بل تنص المادة العاشرة من القرار الجمهورى رقم 2915‏ لسنة 1964‏ على أنه: «لا يجوز لأية وزارة أو هيئة أو جهة أو فرد أو أفراد بالحكومة والقطاع العام أو الخاص أن ينشر بأى وسيلة من وسائل النشر أو الإعلام أى مطبوعات أو نتائج أو بيانات أو معلومات إلا من واقع إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء‏،‏ والإحصاءات غير المقررة ضمن برامج الجهاز لا يجوز نشرها إلا بموافقة الجهاز».
يصف محيى الدين هذه الإجراءات بأنها «عجيبة»، مشيرا إلى القانون الجديد بين دفتين: الحرية الشخصية، وحرية المعرفة، مشيرا إلى أن هناك مشروعا بالفعل فى الحزب حول قواعد الافصاح ودوريته. «هناك محاولة طبقت بنجاح فى 2002 فيما يتعلق بالبنك المركزى، وكان اقتراحى من اللجنة الاقتصادية، أن يكلف البنك المركزى بالإفصاح دوريا عن أنشطته الخاصة بالائتمان المصرفى، وكنت عضوا بمجلس إدارته فى هذا الوقت.
وكان المركزى يفصح بالفعل، وله تقارير دورية لكنها كانت طوعية. وتم إعطاء المركزى الحق فى التفاصيل. قد يجىء القانون بمثل هذا النص، ببعض التغييرات هنا أو هناك، ليلزم بعض الوزارات». ويتوقع وزير الاستثمار أن ينتهى الحزب من المشروع «فى وقت قريب».
وقبل عامين بدأت بعض منظمات المجتمع المدنى المصرى بوضع مشروع لقانون حرية وتداول المعلومات فى مواجهة مشروع الحكومة، الذى لاقت بعض معالمه، التى أعلنت فى منتصف 2008 معارضة من نقابات ووسائل إعلام وقوى سياسية. وأكد المشروع ضرورة التوسع فى حرية الحصول على المعلومات وتداولها دون تمييز بين المواطنين وجميع أجهزة الإعلام، وإلزام الجهات الحكومة بتعيين موظف مختص بتوفير المعلومات لمن يطلبها.
تقدير للعمل البرلمانى
يتحدث محيى الدين عن خبرة عائلية وشخصية تعود لعام 1990 فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية. «عدت من بريطانيا، حيث كنت أدرس، فى انتخابات 90 لكى أكون مع الأستاذ خالد وكنت من المساهمين فى إدارة حملته فى 1995». ويؤكد الوزير رغبته فى العمل البرلمانى منذ عام 2000. «حينها أوعز لى الأستاذ خالد باستمرار رغبته فى الترشح وكنت الثانى فى حملته بعد د. عمرو محيى الدين».
وفى 2005 «كان واضحا أنى سأرشح نفسى لكن الأستاذ خالد أراد الترشح، فتركت الموضوع». ويفسر محيى الدين، الذى ينتمى لأسرة سياسية من كفرشكر، التعلق بهذا الأمر بأنه «من باب احترام العمل النيابى. وأراه أحد أهم الأعمال: أن تحصل على ثقة مجموعة من البشر، وتترجم رؤاها ورؤيتها فى داخل البرلمان، أرى ذلك عملا كبيرا وجادا ومحترما جدا».
ويرفض محيى الدين تأكيد أنه سيكون مرشح العائلة فى انتخابات المقبلة بعد شهور. «كأسرة محيى الدين، اعتبر مسألة الدفع بأحد عناصرها ليست أساسية. الأسرة صارت تعلم التكلفة الكبرى للموضوع، وبالتالى فمن يرغب فى التضحية بنفسه فليقم هو بذلك». كما يرفض تأكيد الرغبة الحزبية فى ترشيحه قائلا: «نتركها لوقتها ونطاقها وربنا ييسر.»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة