الفيوم تحسم مقعدين وتنتظر الإعادة في 8.. معركة برلمانية ساخنة بين 16مرشحًا    طائرات الاحتلال تشن 3 غارات شمال شرق بيت لاهيا داخل مناطق الخط الأصفر بغزة    ضبط عاطل لاتهامه بالاتجار في المخدرات وحيازة سلاح بالقليوبية    محمد محمود عبدالعزيز يحيي ذكرى وفاة والده: بتوحشني وهتفضل واحشني    الحمصاني: المتحف المصري الكبير تجاوز التوقعات بعدد الزائرين.. ونستهدف 30 مليون سائح    إعلان نتائج انتخابات غرفة تطوير واستصلاح الأراضي الصحراوية للدورة 2025-2029    وزير التعليم: أضفنا 94 منهجا جديدا واستحدثنا كتب تقييمات للمرة الأولى    الهلال الأحمر المصري يدفع قافلة زاد العزة ال71 محملة بأكثر من 8 آلاف طن مساعدات إلى غزة    شوبير ينتقد مجلس الزمالك بسبب أحمد سيد زيزو    كمال شعيب: قرار سحب أرض الزمالك "باطل".. وسنستعيد حق النادي بالقانون    لابورتا: ميسي سيبقى فخرنا.. والخلافات مع ريال مدريد تزداد    بعد الزيادة الأخيرة.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأربعاء 12-11-2025 بمنتصف التعاملات؟    محافظ مطروح يرفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار الغزيرة وتأثيراتها    لجنة هندسية لمعاينة «عقار الجمرك» المنهار والعقارات المجاورة لبيان سلامتها    وزارة «التضامن» توقع عقد تقديم الخدمات لحجاج الجمعيات الأهلية    تموين المنيا: تحرير 211 مخالفة وضبط سلع مدعمة قبل تداولها في السوق السوداء    أسعار الفراخ والطيور في أسواق مطروح اليوم    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية وعينية لحالات الإنسانية    كريم عبدالعزيز عن والده: علمني الحياة وإن الفن مش هزار    أول تعليق من أسماء جلال على شائعات ارتباطها ب عمرو دياب    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس الوزراء يفتتح النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية PHDC'25 بالعاصمة الإدارية الجديدة    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    بسبب علاقة عاطفية.. تأييد الحكم على المتهم بقتل حفيدته بالاشتراك مع آخرين في الشرقية    تطورات جديدة في مفاوضات ديانج والأهلي.. شوبير يكشف التفاصيل    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    كامل الوزير: حريصون على تعزيز التعاون والتكامل الصناعي مع جنوب أفريقيا    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء في شمال سيناء    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    أفضل الزيوت العطرية، لعلاج التوتر والصداع المزمن    نتائج أولية في انتخابات النواب بالمنيا.. الإعادة بين 6 مرشحين في مركز ملوي    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    «الرقابة المالية» والأكاديمية الوطنية للتدريب تتفقان على إطلاق حزمة برامج متخصصة    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    موقف ثابت وتاريخى    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بانتظار غاندى
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 07 - 2010

على الرغم مما تعرضت له خلال هذه الرحلة من رشق بالحجارة وغازات مسيلة للدموع، إلا أننى وجدت هنا بصيص أمل؛ نظرا لاتباع بعض الفلسطينيين استراتيجية للمقاومة غير العنيفة وهو ما من شأنه تغيير قواعد اللعبة.
ويثنى منظمو هذه الاستراتيجية على نهج غاندى وأسلوب مارتن لوثر كينج فى الثورة، ويقرون بأن المقاومة غير العنيفة يمكن أن تكون أداة أكثر قدرة من الصواريخ والقذائف، لإقامة دولة فلسطينية. و«بيلين» واحدة من قرى كثيرة فى الضفة الغربية عانت من هذه الأساليب، لذا تابعت المحتجين هنا وهم يسيرون باتجاه الحاجز الأمنى الإسرائيلى.
كان معظم أفراد المسيرة من الفلسطينيين، لكنها ضمت أيضا يهودا إسرائيليين وأجانب من المؤيدين للقضية الفلسطينية. ورددوا الشعارات ولوحوا باللافتات بينما المصورون يسجلون الحدث. كان المزاج فى البداية بهيجا وسلميا، يمكنك أن تلمح منه قوة هذا النهج.
لكن جاءت بعد ذلك جماعة من الشبان الفلسطينيين وأخذوا فى إلقاء الحجارة على القوات الإسرائيلية. وذلك هو أكبر التحديات: حيث إن إلقاء الحجارة يدخل ضمن تعريف العديد من الفلسطينيين ل«الأساليب غير العنيفة».
وسرعان ما أطلقت القوات الإسرائيلية علينا وابلا من الغاز المسيل للدموع، ثم بدأ الهجوم. واندفع المحتجون، بعضهم يلقى بالحجارة خلفه وهو يجرى. وهو سلوك يختلف كثيرا عن بطولة أتباع غاندى، الذين كانوا يرفضون مجرد رفع أياديهم لصد ضربات الهراوات الموجهة إليهم.
(أحضرت أسرتى معى فى هذه الرحلة، وعايش أولادى كل ما حدث: ففى شرق القدس، ألقى علينا الصبية الفلسطينيون الحجارة، وفى الضفة الغربية أطلقت علينا قوات الأمن الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع).
وهناك مشكلة أخرى بخصوص هذه الاحتجاجات، فإلى جانب أنها ليست سلمية بحق، فهى لا تسبب إرباكا كبيرا لقوات الاحتلال.
لكن تخيل لو أن الفلسطينيين كفوا عن رشق الحجارة ووضعوا على رأس المظاهرة عددا من النساء داعيات السلام.
ماذا لو جلست 1000 امرأة بطريقة سلمية وسط الشارع لقطع طريق يؤدى إلى مستعمرة يهودية غير شرعية مقامة فوق مزرعة فلسطينية؟ ماذا لو تحملت النساء الغازات المسيلة للدموع والضرب والاعتقال دون أن تلقين بحجر واحد؟ هذه الصور ستتناقلها تليفزيونات العالم خاصة إذا خرج المئات من النساء ليأخذن مكان من ألقى القبض عليهن.
ويقول الدكتور مصطفى البرغوثى، أحد الوجوه الفلسطينية البارزة الداعية إلى قيام حركة جماهيرية تنبذ العنف «هذا أكثر ما تخشاه إسرائيل». وهو يرى أن الفلسطينيين يجب أن يبتكروا نسختهم الخاصة من مسيرة الملح الشهيرة بقيادة غاندى فى عام 1930.
ومن بين المبادرات السلمية الحقيقية مقاطعة السلع المنتجة فى المستعمرات اليهودية فى الضفة الغربية، فى الداخل. وهناك أيضا المظاهرات الأسبوعية فى حى الشيخ جراح بالقدس الشرقية احتجاجا على إخلاء الفلسطينيين من الحى. وفى غزة، يحتج بعض المزارعين على المناطق التى تحظر إسرائيل المرور منها بتنظيم المسيرات العامة إلى هذه المناطق، حتى لو جازفوا بالتعرض لإطلاق النار عليهم.
وحتى الآن ليست هناك نسخة فلسطينية من مارتن لوثر كينج. لكن قد يكون عايد مُرَّار أحد المرشحين. ويعتبر عايد، الناشط أصلع الرأس والمعتدل، العقل المدبر وراء أهم المبادرات الناجحة حتى الآن: المظاهرات السلمية التى شهدتها قرية بودرس بالضفة الغربية قبل ست سنوات احتجاجا على بناء إسرائيل حاجزا أمنيا هناك. وهو يتمتع بحس بارع فى العلاقات العامة، على عكس من غيره من الفلسطينيين.
وقال لى السيد مُرَّار، متحدثا بالإنجليزية «يمكننا كسب المعركة الإعلامية عبر النضال السلمى». وأضاف «لقد اعتادوا القول بأن الفلسطينيين قتلة. وعبر اللا عنف، يمكننا أن نوضح أننا ضحايا، وأننا لسنا ضد اليهود بل ضد الاحتلال».
وقد أمضى مُرَّار ست سنوات فى السجون الإسرائيلية، لكن يبدو أنه لا يحمل مرارة. وهو يقول إن إسرائيل من حقها حماية نفسها ببناء جدار لكن ينبغى أن يكون ذلك على أرضها، وليس على أراضى الضفة الغربية.
ويغلب عنصر الرجال على المشاركين فى المظاهرات الفلسطينية، لكن فى بودرس كان للنساء دور أساسى؛ تحت قيادة ابنة مرار الرائعة للغاية، التزام مُرَّار. وعندما كانت فى الخامسة عشر من عمرها، اعترضت سبيل جرافة إسرائيلية بالوقوف أمامها (وتراجعت الجرافة، ولم تصب بأذى).
لقد عرفت قوات الأمن كيف تتعامل مع مفجرى القنابل لكن مظاهرات الفلسطينيات السلمية أصابتها بالارتباك. وصمدت النساء حتى عندما تعرضن للضرب وطلقات الرصاص المطاطية. وأخيرا، استسلمت إسرائيل. وحولت الحاجز الأمنى بحيث يتجنب بودرس كلها تقريبا.
وقد تم توثيق الملحمة فى الفيلم التسجيلى الجدير بالمشاهدة، «بدرس»، وهو نافذة تجذب الأنظار إلى ما يمكن أن يحدث فى حال لجأ الفلسطينيون إلى العصيان المدنى على نطاق واسع. من المقرر أن يعرض الفيلم فى عشرات القرى بالضفة الغربية خلال الشهور القادمة، وكذلك فى مهرجانات السينما العالمية، فى إشارة إلى الاهتمام بالاستراتيجيات التى تنبذ العنف.
ولا أعرف إن كان بإمكان الفلسطينيين تشكيل حركة جماهيرية سلمية يمكنها تغيير التاريخ، وسيكون أول تحد أمامها هو كبح قاذفى الحجارة ووضع النساء فى الصدارة. لكن هذه الحركة الجماهيرية تقدم شعاع أمل من أجل القليل من العنف والمزيد من التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.