ننشر أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية فى الإسماعيلية    قنصل روسيا بالإسكندرية: مصر من أقدم وأوثق شركاء موسكو في إفريقيا    البيت الأبيض: ترامب على علم بحركة الأفراد الأمريكيين في الشرق الأوسط    أول تعليق من طاهر محمد على انضمام زيزو إلى الأهلي    قرار عاجل من النيابة العامة بشأن "سرقة أموال نوال الدجوي"    "ملامحنا" لمحمد منير تتصدر التريند بعد طرحها على "يوتيوب" (فيديو)    بعد التحذير منها سابقا.. طبيب شهير يوضح فوائد تناول الزبدة يوميا    بعد انتهاء إجازة العيد.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    أحمد مرعي: معسكر الصين فرصة جيدة لإعداد المنتخب الأولمبي لكرة السلة    طاقات الشباب أمن قومى    انتهت كرة سلة - الاتحاد (74)-(96) بترو أتليتكو.. خسارة الأخضر    الزمالك يستقر على تدعيم الهجوم بثلاث صفقات أجنبية في الصيف المقبل (خاص)    اقرأ غدًا في «البوابة».. توجيهات رئاسية بالحوكمة وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.. واتفاق "أمريكي–صيني" مرتقب    منافس الأهلي.. ميسي وسواريز يتصدران قائمة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    أمسيات وعروض فنية في ختام احتفالات الثقافة بعيد الأضحى في الأقصر    ليلة قمرية تدخل في هذه الأبراج الفلكية وتنقلب حياتهم العاطفية    المتحف المصري الكبير نقلة حضارية وثقافية لمصر.. تقرير لإكسترا نيوز    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    رئيس الأركان الإسرائيلي: سنواصل قتال حماس.. وغزة الساحة المركزية    الفيتامين وحده لا يكفي.. تعرفي على طرق أخري لتقوية ذاكرة طفلك    3 مشروبات طبيعية ترفع معدلات الحرق وتمنحك الشبع    بعد حرب الرسوم.. ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الصين يشمل المعادن النادرة    ماجد الكدواني: «أنا وكريم عبدالعزيز بنخاف من الكوميديا.. ودا اللي اتفقنا عليه» (تفاصيل)    خناقة ولإد العم... إصابة شخصين في مشاجرة بسبب لهو الأطفال بالعمرانية    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر يونيو 2025.. الزيادة الجديدة وطرق الاستعلام    شوبير: أزمة كثرة النجوم في الأهلي مصطنعة    "مياه الفيوم": تحليل 36 ألف عينة لمتابعة جودة مياه الشرب والصرف خلال مايو 2025    "كل شيء مُدمر".. تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة.. فيديو    اتحاد ألعاب القوى يتفق على تدريب المنتخب في ملاعب جامعة قناة السويس    تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    تأجيل استئناف المتهم الرئيسي في "تظاهرات الألف مسكن" ل14 يوليو    أحمد عبدالحميد ينضم ل أبطال مسلسل «ابن النادي»    هل يستمر أوسيمين؟.. جالاتا سراي: الفرص تتزايد يوميًا    محافظ الدقهلية: تكثيف الترويج للفرص الاستثمارية وتيسير الإجراءات لخلق مشروعات جديدة    الأردن يدين القصف الإسرائيلي لمحيط المستشفى الميداني الأردني بغزة وإصابة ممرض    الضويني ناعيا مدرس الأزهر المقتول: لقي مصرعه في المكان الَّذي رجع إليه ليكون آمنًا مع أهله    وزير الري: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تُهدد استقرار الإقليم    ترامب يحذر من تهديد الطائرات المسيرة على الأمن القومي الأمريكي    بنك مصر يحصل على شهادتي الأيزو في إدارة الجودة والمخاطر القانونية    رغم تحذيرات الصحة العالمية..حكومة الانقلاب تتجاهل متحور "نيمبوس" شديد العدوى سريع الانتشار    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. المفتي يجيب    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بانتظار غاندى
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 07 - 2010

على الرغم مما تعرضت له خلال هذه الرحلة من رشق بالحجارة وغازات مسيلة للدموع، إلا أننى وجدت هنا بصيص أمل؛ نظرا لاتباع بعض الفلسطينيين استراتيجية للمقاومة غير العنيفة وهو ما من شأنه تغيير قواعد اللعبة.
ويثنى منظمو هذه الاستراتيجية على نهج غاندى وأسلوب مارتن لوثر كينج فى الثورة، ويقرون بأن المقاومة غير العنيفة يمكن أن تكون أداة أكثر قدرة من الصواريخ والقذائف، لإقامة دولة فلسطينية. و«بيلين» واحدة من قرى كثيرة فى الضفة الغربية عانت من هذه الأساليب، لذا تابعت المحتجين هنا وهم يسيرون باتجاه الحاجز الأمنى الإسرائيلى.
كان معظم أفراد المسيرة من الفلسطينيين، لكنها ضمت أيضا يهودا إسرائيليين وأجانب من المؤيدين للقضية الفلسطينية. ورددوا الشعارات ولوحوا باللافتات بينما المصورون يسجلون الحدث. كان المزاج فى البداية بهيجا وسلميا، يمكنك أن تلمح منه قوة هذا النهج.
لكن جاءت بعد ذلك جماعة من الشبان الفلسطينيين وأخذوا فى إلقاء الحجارة على القوات الإسرائيلية. وذلك هو أكبر التحديات: حيث إن إلقاء الحجارة يدخل ضمن تعريف العديد من الفلسطينيين ل«الأساليب غير العنيفة».
وسرعان ما أطلقت القوات الإسرائيلية علينا وابلا من الغاز المسيل للدموع، ثم بدأ الهجوم. واندفع المحتجون، بعضهم يلقى بالحجارة خلفه وهو يجرى. وهو سلوك يختلف كثيرا عن بطولة أتباع غاندى، الذين كانوا يرفضون مجرد رفع أياديهم لصد ضربات الهراوات الموجهة إليهم.
(أحضرت أسرتى معى فى هذه الرحلة، وعايش أولادى كل ما حدث: ففى شرق القدس، ألقى علينا الصبية الفلسطينيون الحجارة، وفى الضفة الغربية أطلقت علينا قوات الأمن الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع).
وهناك مشكلة أخرى بخصوص هذه الاحتجاجات، فإلى جانب أنها ليست سلمية بحق، فهى لا تسبب إرباكا كبيرا لقوات الاحتلال.
لكن تخيل لو أن الفلسطينيين كفوا عن رشق الحجارة ووضعوا على رأس المظاهرة عددا من النساء داعيات السلام.
ماذا لو جلست 1000 امرأة بطريقة سلمية وسط الشارع لقطع طريق يؤدى إلى مستعمرة يهودية غير شرعية مقامة فوق مزرعة فلسطينية؟ ماذا لو تحملت النساء الغازات المسيلة للدموع والضرب والاعتقال دون أن تلقين بحجر واحد؟ هذه الصور ستتناقلها تليفزيونات العالم خاصة إذا خرج المئات من النساء ليأخذن مكان من ألقى القبض عليهن.
ويقول الدكتور مصطفى البرغوثى، أحد الوجوه الفلسطينية البارزة الداعية إلى قيام حركة جماهيرية تنبذ العنف «هذا أكثر ما تخشاه إسرائيل». وهو يرى أن الفلسطينيين يجب أن يبتكروا نسختهم الخاصة من مسيرة الملح الشهيرة بقيادة غاندى فى عام 1930.
ومن بين المبادرات السلمية الحقيقية مقاطعة السلع المنتجة فى المستعمرات اليهودية فى الضفة الغربية، فى الداخل. وهناك أيضا المظاهرات الأسبوعية فى حى الشيخ جراح بالقدس الشرقية احتجاجا على إخلاء الفلسطينيين من الحى. وفى غزة، يحتج بعض المزارعين على المناطق التى تحظر إسرائيل المرور منها بتنظيم المسيرات العامة إلى هذه المناطق، حتى لو جازفوا بالتعرض لإطلاق النار عليهم.
وحتى الآن ليست هناك نسخة فلسطينية من مارتن لوثر كينج. لكن قد يكون عايد مُرَّار أحد المرشحين. ويعتبر عايد، الناشط أصلع الرأس والمعتدل، العقل المدبر وراء أهم المبادرات الناجحة حتى الآن: المظاهرات السلمية التى شهدتها قرية بودرس بالضفة الغربية قبل ست سنوات احتجاجا على بناء إسرائيل حاجزا أمنيا هناك. وهو يتمتع بحس بارع فى العلاقات العامة، على عكس من غيره من الفلسطينيين.
وقال لى السيد مُرَّار، متحدثا بالإنجليزية «يمكننا كسب المعركة الإعلامية عبر النضال السلمى». وأضاف «لقد اعتادوا القول بأن الفلسطينيين قتلة. وعبر اللا عنف، يمكننا أن نوضح أننا ضحايا، وأننا لسنا ضد اليهود بل ضد الاحتلال».
وقد أمضى مُرَّار ست سنوات فى السجون الإسرائيلية، لكن يبدو أنه لا يحمل مرارة. وهو يقول إن إسرائيل من حقها حماية نفسها ببناء جدار لكن ينبغى أن يكون ذلك على أرضها، وليس على أراضى الضفة الغربية.
ويغلب عنصر الرجال على المشاركين فى المظاهرات الفلسطينية، لكن فى بودرس كان للنساء دور أساسى؛ تحت قيادة ابنة مرار الرائعة للغاية، التزام مُرَّار. وعندما كانت فى الخامسة عشر من عمرها، اعترضت سبيل جرافة إسرائيلية بالوقوف أمامها (وتراجعت الجرافة، ولم تصب بأذى).
لقد عرفت قوات الأمن كيف تتعامل مع مفجرى القنابل لكن مظاهرات الفلسطينيات السلمية أصابتها بالارتباك. وصمدت النساء حتى عندما تعرضن للضرب وطلقات الرصاص المطاطية. وأخيرا، استسلمت إسرائيل. وحولت الحاجز الأمنى بحيث يتجنب بودرس كلها تقريبا.
وقد تم توثيق الملحمة فى الفيلم التسجيلى الجدير بالمشاهدة، «بدرس»، وهو نافذة تجذب الأنظار إلى ما يمكن أن يحدث فى حال لجأ الفلسطينيون إلى العصيان المدنى على نطاق واسع. من المقرر أن يعرض الفيلم فى عشرات القرى بالضفة الغربية خلال الشهور القادمة، وكذلك فى مهرجانات السينما العالمية، فى إشارة إلى الاهتمام بالاستراتيجيات التى تنبذ العنف.
ولا أعرف إن كان بإمكان الفلسطينيين تشكيل حركة جماهيرية سلمية يمكنها تغيير التاريخ، وسيكون أول تحد أمامها هو كبح قاذفى الحجارة ووضع النساء فى الصدارة. لكن هذه الحركة الجماهيرية تقدم شعاع أمل من أجل القليل من العنف والمزيد من التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.