فى بحثها عن انتشار الإسلام بين الشباب فى ألمانيا، وجدت الكاتبة والصحفية الألمانية «يوليا جيرلاخ» مساحات رحبة وأطيافا متنوعة لأفكار هؤلاء الشباب التى تراوحت حسب عنوان كتابها ما «بين البوب والجهاد.. الشباب المسلم فى ألمانيا». خصص المعهد الثقافى الألمانى «جوتة» ندوة، مؤخرا، استعرض فيها كتاب يوليا جيرلاخ التى حضرت المناقشة، واشترك فيها الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف، وتسنيم إبراهيم وهى ناشطة من مسلمى ألمانيا، ومن مؤسسى مركز (إيمان) للمرأة بمدينة دارمشتات. شعبية عمرو خالد التقيت يوليا فى أحد مقاهى وسط القاهرة، وأحضرت معها نسخة من كتابها يقع فى 256 صفحة ولاقى رواجا كبيرا فى ألمانيا منذ صدوره، وبنت فيه بناء بحثها على حركة التدين التى انتشرت بين الشباب فى مصر أوائل هذا القرن، وارتبطت بارتفاع صيت الداعية عمرو خالد التى تتبعتها بنفسها بحضور دروسه التى كان يلقيها من مسجد الحصرى بمدينة السادس من أكتوبر. كان سؤالى لها فى البداية حول الدلالات التى تحملها موسيقى البوب فى عنوان كتابها، فلفتت إلى أن البوب هو مرادف لثقافة سهلة التعاطى والبسيطة والمزدحمة والشعبية وكذلك القادرة على الوصول إلى قطاع كبير من الجمهور بسلاسة. وهو المرادف الذى وجدته مناسبا للخطاب الدينى الذى طرحه الدعاة الجدد وعلى رأسهم عمرو خالد فى مصر، وقالت إنه استرعى انتباهها بشدة حضور الشباب اللافت خلال فترة إجازتهم الصيفية لسماع عمرو خالد، وعندما ذهبت إلى ألمانيا اندهشت عندما وجدت أن أفكاره التى يدعو اليها المتمثلة فى الاندماج داخل المجتمعات وخدمة الأمة من خلال مشروعات خدمية منتشرة داخل المجتمع المسلم الألمانى. على الرغم من أن عددا كبيرا من أفراد الجالية الإسلامية فى ألمانيا لا يجيد العربية، فإن أفكار عمرو خالد كانت تنقل اليهم بعد أن يقوم عدد من الذين يجيدون العربية بترجمة محاضراته التى تبثها بعض الفضائيات إلى الألمانية، وقالت «الرسالة التى يقدمها عمرو خالد سهلة وشعبية تماما كموسيقى البوب». عالمية حركة مسلمى البوب وأضافت يوليا «كنت فى هذا الوقت من البحث أسافر أيضا إلى عدد من الدول الخليجية التى فوجئت فيها أيضا أن نفس هذه الأفكار حاضرة» . استغرقت الكاتبة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه حركة إسلامية جديدة حقا أم أنها موضة؟ على حد تعبيرها، وقررت أن تبحث فى هذا الأمر، وربطت فى كتابها بين الأشكال العديدة للتعبير عن الانتماء الإسلامى، مثل الحجاب العصرى كما تصفه، وانتشار أنشطة «صناع الحياة»، وهى المظاهر التى وجدتها شاهدة على ما وصفتها بعالمية حركة «مسلمى البوب». أجرت يوليا جيرلاخ فى كتابها حوارات مع نحو 100 شاب وشابة من المسلمين فى ألمانيا، التى وصفتها بأنها كانت فى أغلبها صعبة، واستطاعت بعدها أن تشعر بالفرق الجوهرى بين فئتين من الشباب الألمانى المسلم، الأول هو المندمج الذى يضع نصب عينيه فكرة تصحيح الصورة السلبية للإسلام فى بلادهم خاصة ما يرتبط بالعنف. والآخر هو المتشدد الذى يمثل حركة موازية للأولى، وما زالت تتمسك بتحريم الموسيقى وفرض النقاب والتزام النساء بالبيت وعدم الاختلاط بالمجتمع باعتباره كافرا، والأكثر أنه يعتبر الفريق الأول من المسلمين شديد التقصير فى اتباع تعاليم الإسلام. ضمنّت الكاتبة الألمانية فى كتابها لقاء أجرته مع المطرب سامى يوسف، الذى اعتبرته أحد رواد ما سمتها بموسيقى البوب الإسلامية التى اعتمد عليها الشباب الألمانى فى الدعوة. أسئلة تشكيكية حول الإسلام يوليا جيرلاخ التى تقيم حاليا فى مصر وتعمل مراسلة لإحدى الصحف الألمانية بها تقول إن الجالية الاسلامية فى ألمانيا تبذل جهدا كبيرا من أجل مواكبة الأسئلة المتواترة التى يواجههم بها المجتمع الألمانى غير المسلم التى كثيرا ما تحمل صيغا تشكيكية حول الإسلام خاصة ما يتعلق بارتباطه بالعنف والإرهاب، وكذلك ما تواجه الفتيات من تساؤلات حول الحجاب. صدرت الطبعة الأولى لكتاب «بين البوب والجهاد» عام 2006 عن دار «لينكسفالاج» الألمانية، ثم أخيرا قام «المركز الحكومى لتوزيع التعليم السياسى والاجتماعى للجمهور الألمانى» بإعادة طبعه مرة أخرى بسعر أقل للنسخة على حد تعبر يوليا. الراب والدعوة يبدأ الفصل الثانى «مسلمو البوب فى ألمانيا» بالحديث عن أحد الشباب الألمانى المسلم وهو «عمار»، الذى استخدم «موسيقى الراب» فى طرح الدعوة الإسلامية على الشباب فى ألمانيا. ويطرح من خلال أغنياته المشكلات التى يواجهها المسلمون بشكل مباشر وبأسلوب ساخر وتهكمى، ومن بين كلمات إحدى أغانى الراب تلك التى يقول فيها: «إلى كل جبان يتسامح مع الكراهية والإرهاب، ويفرح بانفجار قنبلة وسط العامة، وكل من يدعم ذلك وينفذه، باسم الإسلام والسلام، أنتم تنشرون الظلم وتتبعون الشيطان. ونقاط ضعفكم الذاتية وليس الإسلام. أنتم تلوثون ديننا، فمن ينزعج منكم فليكتب بدلا من ذلك أغنية راب. رسول الله علّمنا الصبر، وإن حاول أحد القضاء علينا، أن نصنع الخير ونتصرف وفق الحق، لا أن نحول العالم إلى فوضى».