انتقد روبرت فيسك في مقاله بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية الإجراءات التعسفية التي اتخذتها قناة ال"سي.إن.إن" الإخبارية ضد أوكتافيا نصر المذيعة بالقناة لأنها تجرأت وعبرت عن احترامها للمرجع آية الله محمد حسين فضل الله الشيعي اللبناني الذي مات منذ أيام، واتهم فيسك القناة والولاياتالمتحدة بأسرها أنها تجهل من هو فضل الله فعلا، كما أنها تعتم على محاولة اغتياله التي فشلت في الثمانينيات. وقال فيسك إن فضل الله لم يكن الأب الروحي لحزب الله كما تروج وسائل الإعلام الأمريكية، بل كان عالما وفقيها وحكيما، مؤمنا بحقوق المرأة وكارها لجرائم الشرف، ومنتقدا للحكم الديني الإيراني. وسخر فيسك قائلا إنه يخشى أن يستمر في وصف فضل الله، إذ يمكن أن يتم فصله أو إجباره على الاستقالة، أو حتى ترفع مقالاته كما حدث مع السفيرة البريطانية في لبنان التي لم تسلم مدونتها بسبب تعبيرها عن احترامها -هي الأخرى- للمرجع المتوفى، وتم مسح ما كتبته عنه. واتهم فيسك قناة سي إن إن بالجبن، وربما لهذا لم يعد أحد يهتم بها أو يتابعها الآن، بينما فضل الله سيظل خالدا على مدار التاريخ. وأوضح أن الولاياتالمتحدةالأمريكية روجت دائما أن فضل الله هو المحرض على التفجير الانتحاري الذي قام به إرهابيون في القاعدة البحرية في بيروت عام 1983 وأسفر عن مقتل 241 جنديا، وقالوا إنه هو الذي بارك الإرهابيين قبل أن يقوموا بفعلتهم. لكن فضل الله أكد لفيسك عندما التقاه أنه لم يكن له أي يد فيما حدث، وقال فيسك إنه يصدقه، كما أن هؤلاء الانتحاريين ليسوا بحاجة لمن يباركهم قبل القيام بعمليتهم الإرهابية، فهم يصدقون أصلا أنهم يقومون بفرض إلهي سيثابون عليه في النهاية! وأشار فيسك إلى أن واشنطن حاولت اغتيال فضل الله عام 1985 بتمويل سعودي عن طريق تفجير سيارة، لكن المخطط فشل في قتل فضل الله لكنه تسبب في مقتل 80 مدنيا بريئا بدلا منه، فلماذا لا تكشف السي إن إن عن هذا، وتعاقب مذيعة حاولت التعبير عن رأيها؟ ويؤكد روبرت فيسك صراحة أن استقالة المذيعة ورفع مدونة السفيرة كان سببهما غضب وزارة الخارجية الإسرائيلية التي قالت إنها "مهتمة وقلقة" مما كتبته سفيرة بريطانيا على مدونتها الشخصية، موضحا أنه ينبغي على إسرائيل أن تقلق أكثر من جوازات السفر البريطانية التي زورتها الحكومة الإسرائيلية لاغتيال محمود المبحوح في دبي! وأضاف فيسك أن فضل الله لم يكن الأب الروحي لحزب الله، فقد ساند المقاومة اللبنانية فعلا وقت الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، وعارض سياسة واشنطن بشدة في الشرق الأوسط -كما فعل كل العالم وقتها وليس هو فقط- لكنه لم يكن أبا روحيا لحزب الله الشيعي، بل كان حتى يهاجم وبشدة طقوس الشيعة في عاشوراء، ولم يساند الإرهاب أبدا. في النهاية، شدد فيسك على إنه لا يهتم برأي نائبة رئيس قناة سي إن إن المتعسفة، ولا بوزارة الخارجية الإسرائيلية ولا بالسفارات البريطانية، لكن يجب أن يعرف العالم كله أن فضل الله كان رجلا عظيما، حاول نشر مبادئ الرحمة والروحانية وإعادة رؤية الدين من منظور جديد ليفيد العالم أكثر من كل الخطب الرنانة.