تفاصيل زيارة المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب لدمياط لمتابعة تنفيذ برنامج «المرأة تقود»    14 يوليو 2025.. ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه: يسجل 49.61 جنيه للبيع    الاثنين 14 يوليو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    ب350 مليون جنيه.. رفع كفاءة محطة معالجة الصرف الصحي بدهب لتصبح معالجة ثلاثية    المبعوث الأمريكي لأوكرانيا وروسيا يصل إلى كييف لبحث التعاون الأمني والدفاعي    22 شهيدا جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم    وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاءات مكثفة مع عدد من نظرائه الأفارقة وكبار مسئولي الاتحاد الإفريقي    موفد ترامب في كييف ومحادثات أمنية متقدمة.. وصواريخ باتريوت على الطاولة عبر "بوابة أوروبية"    بعد استيرادها.. ماذا تعرف عن منطقة أم صميمة السودانية؟    أرقام مميزة من مشاركة الأهلي في مونديال الأندية 2025    إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين على طريق القاهرة- الفيوم الصحراوي    محافظ أسيوط يفتتح السوق الحضري الجديد بحي غرب: نقلة نوعية لتحسين بيئة العمل للباعة    الداخلية: سحب 868 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال يوم    بعد غياب 4 أعوام.. محمد حماقي ونانسي عجرم يجتمعان في حفل غنائي بمهرجان ليالي مراسي    مفاوضات الدوحة.. عضو المكتب السياسي بحركة حماس: وصلنا في نقطتين إلى طريق شبه مسدود    وزير الخارجية: أبناء مصر بالخارج ركيزة أساسية لتعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا    تنسيق الدبلومات الفنية.. 70% حد أدنى للتقدم لمكتب التنسيق للالتحاق بالجامعات    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 بالأسواق    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    وزير الزراعة يؤكد أهمية فتح آفاق جديدة أمام المرأة الريفية والشباب    نقاشات فكرية معمقة حول الوعي والذوق المسرحي بالمهرجان القومي للمسرح    غدًا.. طرح ديو "الذوق العالي" لمحمد منير وتامر حسني    تقرير أمريكي عن محاولة اغتيال ترامب: ما حدث فضيحة    عمرو يوسف يروّج ل"درويش" بصور من التريلر الثاني والعرض قريبًا    حميد الشاعري يتألق في افتتاح المسرح الروماني (فيديو)    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز وقائمة السلع اليوم الإثنين 14 -7-2025 ب أسواق الشرقية    بعد بيان الأهلي.. إبراهيم المنيسي يكشف مصير بيع إمام عاشور.. وجلسة حاسمة    تنسيق معهد فني تمريض والدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات القبول ورابط تسجيل الرغبات    تطورات «الضبعة النووية» بعد تركيب المستوى الثالث لوعاء احتواء المفاعل الثاني    أجواء حارة وشبورة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 14 يوليو    «عمري ما هسكت وأنا مبخفش من حد».. مصطفى يونس يفاجئ مجلس الأهلي برسائل نارية    أفضل عشاء لنوم هادئ وصباح مفعم بالطاقة    تطبيق الهيئة الوطنية للانتخابات.. استعلم عن لجنتك في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    ترامب يُشهر الرسوم الجمركية: التجارة كسلاح سياسي في معركة الهيمنة    تعليق مثير من وسام أبو علي بعد قرار الأهلي الجديد    وزير العمل: القانون الجديد قضى على استمارة 6 سيئة السمعة.. والحكم خلال 3 أشهر من النزاع (فيديو)    «هنشر المحادثة».. أول رد من محمد عمارة على تهديد شوبير وبلاغ النائب العام (خاص)    «هتتحاسب».. شوبير يوجه رسائل نارية ل كريم حسن شحاته بسبب «مكالمة الخطيب»    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    عزاء مؤثر ل المخرج سامح عبد العزيز.. حضور لافت لنجوم الفن وشهادات محبة ودعاء (فيديوهات)    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    على النضارة.. أفضل صورة لترامب وزوجته من نهائي كأس العالم للأندية 2025    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد باريس سان جيرمان في كأس العالم للأندية    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى وضعية الرأس
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 06 - 2010


الشعور بالعزة هو شرط من شروط التقدم الاجتماعى.
يجب أن يشعر المواطن أنه فرع يستند إلى جذع قوى مغروس فى أرض خصبة. هذا الاحتياج الغريزى أننا لسنا أبناء حرام، إن آباءنا وأجدادنا صدحوا وأنبتت ذبذبات أصواتهم فنا وعلما وثقافة، هو ضرورة لكل شعب حتى يستكمل مسيرة العطاء. كيف يمكننا أن نمنح للشعب المصرى الشاب الذى يقل 66% من تعداد سكانه عن عمر 25 عاما هذا الشعور بالعزة؟ ليس بالتأكيد بالأغانى وليس كذلك بالشعارات الجوفاء عن حضارة آلاف الأعوام وليس كذلك بشعارات أننا خير أمة أخرجت للناس.
الشعور بالعزة لن يكون إلا نتيجة نقد علمى لما أنتجناه خلال القرون الماضية. عملية احتواء وتلوين وإدماج لمنتجنا الفكرى والثقافى والإنسانى العربى وصهرها داخل عملية مخاض يقودها العقل الصارم. ثم تدريس ونقل عملية النقد هذه فى المدارس والجامعات والترويج لها عبر وسائل الإعلام.
عندما التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية كان كتاب «الأمير» لمكيافيللى الذى كتب عام 1513 وتم نشره عام 1532 مقررا علينا، وهو كتاب عن فن إدارة الحكم ونصائح للأمير للاحتفاظ بسلطانه. لم ندرس فى الكلية أى كتاب عربى فى هذا الموضوع. وبعد تخرجى اكتشفت أن التاريخ العربى أبدع عشرات وعشرات الكتب فى نفس الموضوع بالضبط الذى كتب فيه مكيافيللى وبالطبع سبق العرب مكيافيللى بقرون طويلة، بدءا بابن المقفع 724م 759م إلى المرادى 1059 1111م وصولا إلى ابن خلدون 1332م 1406م وغيرهم الكثير ممن كتبوا أعمالا تندرج فى باب الأدب السياسى.
وهى كتابات تقوم على مبدأ نصيحة أولى الأمر فى تسيير شئون سلطتهم، وهى تتضمن مجموعة كبيرة من النصائح والقواعد السلوكية الواجب على الحاكم اتباعها وهو ما فعله بالضبط مكيافيللى فى كتابه الأمير الذى درسناه بكل انبهار.
وبالطبع لم يتناول أساتذتنا أيا من هذه الأعمال العربية ولم يتم حتى الإشارة إليها. تخرجت فى الكلية وأنا على يقين أن كل ما تم إنتاجه من معرفة تم فى الغرب منذ عصر النهضة الأوروبية وحتى يومنا هذا. أما لو قمنا بدراسة مادة معرفية تم إبداعها قبل عصر النهضة فلن تخرج عن إبداعات الحضارتين اليونانية والرومانية.
فأساتذتنا متأثرين تماما بقراءاتهم لما أنجزته العملية النقدية الأوربية. هم ناقلون للمنجز النقدى الغربى المعاصر ولم يشاركوا حقيقة فى منجز نقدى مصرى حقيقى. لم ندرس ما كتبه رفاعة الطهطاوى أو محمد عبده أو طه حسين أو درسنا نقدا لمنجزهم الفكرى ولكن درسنا ما أنجزه كتاب أوروبيون وأمريكيون فى نفس الحقب الزمنية.
وكذلك لم ندرس بجدية الحراك السياسى الحقيقى المصرى خلال الخمسين عاما الماضية فضغط المباحث والأمن كان ومازال أكبر من تحمل دراسة مثل هذه القضايا. ما تعرض له عقلى آنذاك كان جريمة فكرية بكل المقاييس. فلقد شعرت أننى فرع حقير يخرج من جذع ضعيف جذوره واهنة. أننى بلا حول ولا قوة، معلق فى الهواء، نفخة وأسقط جيفة لتنهش لحمى الصقور المبدعة فى الغرب السعيد.
وللأسف الشديد اهتمت بعض الكتابات العربية أن تنقل وتترجم بعض الكتابات الغربية التى توضح وتدرس أثر الحضارة العربية على الحضارة الأوروبية، هذه الدراسات الغربية التى أكدت أنه لولا الإنجاز الحضارى العربى ما كانت النهضة الأوروبية فى القرن الخامس عشر. واكتفت هذه الكتابات العربية بالشعور بالفخر بترجمتها احتفاء الغرب بمنجزنا الحضارى ولم تهتم هذه الكتابات بهضم هذا الإنجاز مع الإنجاز الفكرى الكونى لإعطاء ميلاد جديد لفكر مصرى وعربى اليوم.
هذا الأمر ينطبق ليس فقط على دراسة العلوم السياسية وهو موضوع دراستى وإنما ينطبق على جميع العلوم.
الشعور بالخزى للانتماء إلى حضارة مهزومة لا يمكن أن يدفع إلى الأمام. وهذا هو واقع الحال اليوم رغم ادعاءات الكثيرين بعكس ذلك. نحن اليوم إزاء مواجهة عنيفة مع تغييرات هيكلية، التسارع فى النمو التقنى والاقتصادى والمالى، درجات التكامل والتنافر بين المؤسسات الاجتماعية، العلاقة بين الإنسان والبيئة. كل ذلك جعل من إقامة نظم للتفكير للتعامل مع هذه المعطيات الأولوية المطلقة فى المرحلة المقبلة. لن يتم ذلك دون أن نبدأ بأيدينا حداثتنا، دون جهد نقدى كبير تصب فيه جهود مفكرينا.
فى النهاية أريد أن أؤكد أنه ليس هناك رابط بين ما هو سياسى وبين الجهد العلمى الذى يجب عمله. لا يجب تعليق شماعة القهر والديكتاتورية لإعاقة جهودنا. يجب البدء فورا والعمل أمامنا كبير حتى نشعر بالعزة ونعدل من وضع رأسنا، هذه الوضعية الجديدة للرأس يمكن أن تساعد فى دفع العجلة إلى الأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.