طلبت أمس نيابة استئناف القاهرة من المستشار عبد المجيد محمود النائب العام إحالة ضابط سابق ومحام و6 آخرين لمحكمة الجنايات لاتهامهم بإدخال الغش والخداع على العديد من المحاكم على مستوى الجمهورية بموجب إيصالات أمانة مزورة، وتمكنوا من الحصول على ألف حكم قضائى بحبس قضاة وضباط شرطة ومسئولين بالدولة ومواطنين. تحمل القضية رقم 1 لسنة 2009 حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة. ومن المقرر أن يصدق النائب العام على قرار الإحالة للجنايات خلال ساعات، بعد أن استغرقت نيابة الاستئناف عامين فى تحقيق وقائع القضية، وتوقفت عن استقبال بلاغات جديدة عن أحكام حبس جديدة، وأصبحت تكتفى بتسليم من يظهر من الضحايا صور من التحقيقات لتسليمها للمحاكم لإلغاء أحكام الحبس. وكشفت التحقيقات أن المتهمين استعانوا بضابط شرطة فى قسم شرطة الزيتون لإتمام مخططهم حيث تسبب بتصرفاته ومعاونيه من أمناء الشرطة من تمكين المتهمين من الحصول على نحو 600 حكم قضائى. كما كشفت التحقيقات عن أن «محامى النوتة» كانوا يقدمون المستندات المزورة للمحاكم مما أدى إلى تضليل المحاكم وخداعها وإرباك مرفق العدالة، ولم تتمكن التحقيقات من التوصل لمحامين النوتة الذين قدموا المستندات المزورة ثم اختفوا بعد ذلك، مما ترتب عليه صدور عشرات الأحكام استنادا لمستندات مزورة. وتوافق المحاكم على حضور محامين عن المحامين الأصليين بمجرد الادعاء بوجود وكالة شفوية، وعند اكتشاف أن المستند المقدم من محامى النوتة مزور يدعى فى التحقيقات عدم صلته به وانه استلمه من زميله المحامى الأصيل، وعندما يتم استدعاء الأخير ينفى صلته بالمستند المزور وتصبح المسئولية شائعة. كما كشفت التحقيقات عن حدوث إهمال من بعض كتبة الجلسات بالمحاكم حيث لم يثبتوا بخطوط واضحة أسماء المحامين الذين يحضرون أمام المحاكم فى بعض الحالات مما ترتب عليه ضياع حقوق العديد من الضحايا. وطلب المستشار ممدوح مرعى وزير العدل من جميع المحاكم إبلاغه بملاحظاتها بشأن القضايا محل التحقيق لتلافى أوجه الخلل الإدارى الذى مكن المتهمين من إصدار ألف حكم بناء على مستندات مزورة. بينما أصدر وزير الداخلية اللواء حبيب العادلى قرارات اعتقال لبعض المتهمين فى القضية حتى يشل حركتهم ولا يتمكنون من استصدار أحكام جديدة. ومن بين الصادر ضدهم أحكام بالحبس اللواء حمدى شومان ومقدم شرطة محمد الطوخى والقضاة صلاح عبداللطيف رئيس محكمة جنايات الزقازيق ونجله القاضى أشرف صلاح وعلى شعراوى رئيس محكمة ومحفوظ شومان رئيس محكمة، والعميد محمد محمد وهدان مأمور مركز مشتول السوق بالشرقية، والعميد محمد عبدالعزيز وهدان مدير سجن الزقازيق، والعقيد علاء رشاد مدير مرور بلبيس، وغيرهم وغيرهم. وتبين من التحقيقات أن المتهمين سبق سجن بعضهم فى قضايا سرقة سيارات، ولما خرج بعضهم من السجن شرعوا فى الانتقام من الضباط الذين ألقوا القبض عليهم ووكلاء النيابة الذين حققوا معهم والقضاة الذين نظروا قضيتهم والمحامين الذين ترافعوا ضدهم، ثم توسع نشاطهم الإجرامى إلى تلفيق القضايا لميسورى الحال لابتزازهم، وبالفعل نجح المتهمون فى تحصيل عشرات الآلاف من الجنيهات مقابل التنازل عن أحكام الحبس، بينما اضطر عشرات آخرين لدفع رسوم بالآلاف للطعن بالتزوير على إيصالات الأمانة المزورة. بدأت القضية بمشاجرة نشبت بين محام وموظف بنيابة الزيتون، عندما حاول المحامى عمل معارضة فى 60 حكما غيابيا بحبس مواطنين، ودخل الموظف لرئيس النيابة قائلا له إنه يشك فى تزوير التوكيلات التى قدمها المحامى، فأمر رئيس النيابة بالتحفظ على المحامى والتوكيلات، واتصل هاتفيا بمكتب الشهر العقارى بمدينة مشتول السوق بالشرقية المنسوب صدور التوكيلات منها، فأبلغه مسئول الشهر العقارى بأن التوكيلات لم تصدر عن المكتب نهائيا، وأن التوكيلات التى تحمل ذات الأرقام مقيدة بأسماء مواطنين آخرين. فتح رئيس النيابة تحقيقا مع المحامى اعترف خلاله أنه لا يعلم أن التوكيلات مزورة، كما لا يعرف أيضا من يقوم بعمل معارضات لهم فى أحكام الحبس، وعندما تم تسليمه التوكيلات من موظف يدعى أسامة السيد من مشتول السوق ويعمل بالشئون الاجتماعية والتقاه فى إحدى المحاكم، وأبلغه أن الأحكام الغيابية تخص أقارب له، وأنه يباشر نيابة عنهم إجراءات التقاضى وسلمه التوكيلات على أن يعمل معارضة فى الأحكام الغيابية فقط. اتفق رئيس النيابة مع المحامى على إخلاء سبيله واعتباره شاهدا فى القضية مقابل الإيقاع بالموظف الذى سلمه التوكيلات المزورة، وبالفعل عاد المحامى إلى منزله فى المساء واتصل بالموظف طالبا منه الحصول على أتعابه، وخلال اللقاء افتعل مشاجرة معه، واستدعى شرطة النجدة، وتم إلقاء القبض على الموظف، وبالكشف عليه تبين صدور أحكام حبس ضده فى قضايا أخرى ونفذ العقوبة ورغم أن القانون ينص على مجازاته من جهة عمله، لكنها لم تحرك ساكنا. كما ضبطت النيابة لدى الموظف دفترا مثبتا به جميع القضايا المرفوعة فى جميع المحاكم على مستوى الجمهورية وتجاوز عددها ألف قضية. اعترف الموظف خلال التحقيقات بأبعاد المخطط الإجرامى وكيفية تضليل المحاكم وخداعها، وأوضح أن المتهم الأول ويدعى فؤاد شومان «ضابط سابق» وسبق سجنه فى قضية تزوير تعرف خلال وجوده فى السجن على آخر يدعى عبد المنعم السباعى، وبعد خروجهما اتفق معه على أن يزور إيصالات أمانة بأسماء القضاة ووكلاء النيابة وضباط الشرطة وكل مسئول تسبب فى سجنه، وكذا تزوير إيصالات أمانة لأى أشخاص يعرفونهما، على أن يتوجه المتهم عبد المنعم السباعى لضابط شرطة فى قسم شرطة الزيتون ويحرر محضرا فى القسم على أن الموقعين على إيصالات الأمانة لم يردوا له أمواله وخانوا الأمانة، ثم يحرر الضابط محضرا يثبت فيه أنه أرسل أمين شرطة للضحية المحررة ضدها المحضر فى مسكنه بالعنوان وقابله وأبلغه بمضمون البلاغ المقدم ضده لكنه رفض الحضور لقسم الشرطة للإدلاء بأقواله. وكشفت التحقيقات أن الأشخاص الذين ادعى بعض أمناء الشرطة والضابط أنهم يسكنون فى عناوينهم بدائرة القسم لم يزوروا القاهرة من قبل، وليست لهم عناوين أصلا بحى الزيتون ثم يحيل الضابط المحاضر للنيابة، وعندما تجد ما يفيد أن الضحية رفض الحضور تقرر إحالته للمحاكمة الجنائية، فتصدر أحكام غيابية بالحبس ضده. واستكمالا للمخطط الإجرامى يقوم المتهم عبد المنعم السباعى بتزوير توكيلات منسوبة للضحايا ويكلف محامين مغمورين بعمل معارضات لهم فى الأحكام الغيابية حتى تصبح الأحكام حضورية وواجبة التنفيذ، وبعدها يتصل بالضحايا ويبلغهم بصدور أحكام ضدهم، ويطلب منهم مبالغ مالية مقابل التنازل على الأحكام ويفهمه أنه سيرشد مباحث تنفيذ الأحكام ضدهم، وسيتم حبسهم على ذمة الحكم لحين بحث النيابة لوقائع التزوير وقد يستغرق بحث النيابة لذلك نحو شهر على الأقل، فاضطر بعض الضحايا بالفعل دفع مبالغ للتنازل عن القضايا ضدهم. كما اتضح من التحقيقات أن المتهم الأول فؤاد شومان اتفق كذلك مع المتهمة منى السعيد شومان على انتحال شخصية طفلة سافرت للعراق منذ 30 عاما، واستخرجت بطاقة ورقية باسمهما منذ سنوات، وحررت قضايا إيصالات أمانة مزورة باسمها بمساعدة المتهم احمد فؤاد شومان «محام» نجل المتهم الأول فؤاد شومان. وأوضحت التحقيقات أن المتهمين استعانوا بخطاط يدعى سيد الخطاط لتقليد خطوط الضحايا، وفى إحدى القضايا فشل الطب الشرعى فى اكتشفا وقائع التزوير. بينما قدم القضاة الصادر ضدهم أحكام بالحبس مذكرات للنيابة بوقائع التزوير ضدهم. وأمر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام بتسليم أى شخص محكوم عليه بحكم حبس فى قضايا مع المتهمين لصور من التحقيقات لإلغاء أحكام الحبس الصادرة ضدهم.