لم تفلح تأكيدات وزارت الصحة والزراعة والتجارة على سلامة أسماك الباسا الفيتنامية التى دخلت البلاد فى تبديد شكوك المستهلكين تجاه هذه السمكة التى لاقت إقبالا شديدا خلال السنوات الثلاث الماضية، والسبب أن المواطن صار لا يثق فى كلام الحكومة، وبنفس القدر لم يفلح تراجع رئيس هيئة الثروة السمكية محمد فتحى عثمان عن موقفه، مؤكدا أن ما قاله بحق الباسا مجرد رأى شخصى لا يستند إلى دراسة رسمية من الهيئة، وإنما إلى بعض التقارير الدولية محيلا الكرة إلى ملعب الصحافة التى «كبرت» الموضوع. هذا، أيضا، لم يشجع المستهلك حتى الآن على العودة لسمك الباسا بعد أن ظن الجميع أن رئيس هيئة الثروة السمكية تعرض لضغوط وزارة الزراعة التى يتبعها، وقد عبر المستهلك المصرى عن رأيه فى هذه القضية بوضوح وبشكل عملى من خلال تراجع استهلاكه للباسا بنحو 50% خلال الأسبوعين الماضيين بحسب أحد المستوردين الرئيسيين. ولأن منافذ التوزيع الكبرى فى النهاية تتعامل مع المسهتلك وليس مع تصريحات الحكومة فقد أحجمت عن بيع الباسا حتى إشعار آخر لتختفى السمكة الفيتنامية الشهيرة من كارفورهايبر ومترو والعديد من المنافذ الأخرى، وهو ما وضع مستوردى الباسا فى مأزق شديد وتوقفوا عن التعاقدات الجديدة وركزوا جهودهم لتصريف الرسائل التى دخلت البلاد أو التى مازالت فى عرض البحر. وكانت الفترة الماضية قد شهدت زيادة كبيرة فى واردات الباسا لتدخل مصر قائمة أكبر عشر دول مستوردة للسمكة الفيتنامية على مستوى العالم، محتلة المركز العاشر. وبلغت وارداتها منها خلال الشهور العشرة الأولى من العام الماضى نحو 20 ألف طن بزيادة تجاوزت 350% على عام 2007، وفقا لما يؤكده مستوردو الباسا الذين يحكون قصة الدخول للسوق المصرىة ورحلة الصعود والهبوط. ناصر البربرى كان أول من أدخل السمك الفيتنامى لمصر مستوردا من فيتنام مباشرة وكان الباسا قبل ذلك يدخل من دول الخليج، خاصة الإمارات على أنه منتج إماراتى بعد إعادة تعبئته تحت مسمى فيليه «قشر بياض» وسمك موسى وكان يباع بنحو 33 جنيها للكيلو وبعد دخول الباسا قادما من منشئه الأصلى وباسمه الحقيقى شهدت أسعاره انخفاضا ليباع ب27 جنيها. وعندما دخل مستوردون آخرون المجال احتدمت المنافسة لصالح المستهلك، لكنها لم تكن السبب الوحيد لانخفاض أسعار الباسا التى تراجعت بشكل كبير حتى بلغت 12جنيها ثم 10 جنيهات ليصبح كيلو الباسا أقل من كيلو العدس والفول والجبن، أسباب الانخفاض الأخرى كما يقول البربرى كانت تخفيض العملة الفيتنامية إلى جانب بدء الأزمة العالمية التى أدت إلى مزيد من خفض أسعار السمك فى فيتنام بنحو 30%. ويتوقع البربرى أن يستعيد السمك الفيتنامى مكانته فى السوق المصرىة، وأن يحوز ثقة المستهلك مرة أخرى خلال شهر، خاصة أنه لم يتم رفض أى رسائل بعد الضجة الأخيرة، ما يؤكد سلامته، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبى وأمريكا أكبر مستوردى الباسا على مستوى العالم، والبربرى الذى كان يصنِّع السمك المحلى من بحيرة ناصر ثم هجر المحلى الصناعة بعد ارتفاع تكلفتها ليذهب إلى المستورد أكد بثقة أن الباسا سيكون الطعام المفضل للمصريين الفترة القادمة. وعلى العكس مما أثاره البعض حول تربية الباسا فى مياه الصرف الصحى، يؤكد المهندس هانى بدر الدين أحد المستوردين أن السمكة الفيتنامية يتم تربيتها على نخالة الأرز بنهر الميكونج، حيث تعد فيتنام أقوى منطقة فى العالم لزراعة الأرز وتنتج 20 مليون طن سنويا تقدر نخالتها بنحو 5 ملايين طن تستخدم كأحد مكونات العلف للسمك، مشيرا إلى أن صادرات الباسا بلغت 600 ألف طن قيمتها 1,2 مليار دولار العام الماضى. وكشف بدر الدين عن أن واقعة إعدام سمك الباسا فى أمريكا تعود إلى عام 2005 وأنها لم توقف صادرات هذا السمك للسوق الأمريكىة الذى استورد نحو 22 ألف طن عام 2007، وخلال فترة الشهر والنصف الشهر الأولى من العام الحالى استورد نحو 3245 طنا وفقا لإحصاءات الأممالمتحدة وذلك ضمن 130دولة مستوردة للباسا فى مقدمتها الاتحاد الأوروبى. علل بدر الدين رخص أسعار الباسا فى الشهور الأخيرة بالتنافس بين المستوردين، خوفا من قرب انتهاء الصلاحية المحددة ب6 أشهر، مخصوما منها نحو شهرين فى عملية الشحن، إلى جانب انخفاض العملة الفيتنامية ب20% خلال العام الماضى، ورغم تكذيب الحكومة لما أثير حول احتواء الباسا على مواد مسرطنة فإن بدر الدين يؤكد انخفاض الطلب المحلى عليه بنحو 50% نتيجة تشوش المستهلك رغم عدم وجود أى مستندات لدى من قادوا هذه الحملة، مشيرا إلى أن المصانع التى يتم التعاقد معها حاصلة على شهادات جودة عالمية. جهاز حماية المستهلك أكد أنه يواصل متابعته مع اتحاد المستهلكين العالميين وهيئة الأغذية والدواء الأمريكية، ولم يثبت أى شكاوى من هذه النوعية من السمك.