مع العد التنازلى للاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان والمقرر فى يناير 2011، أصدر مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة قرارا يحث الأطراف السودانية على تنفيذ الاستفتاء فى موعده، فيما تجددت الاشتباكات القبلية بين القوات الرسمية لحكومة الجنوب، وميليشيا أحد قادته السابقين. ويتهم العديد من القادة الجنوبيين المنتمين للحركة الشعبية لتحرير السودان «حركة التمرد السابقة» حزب المؤتمر الوطنى الحاكم بزعامة الرئيس السودانى عمر البشير بتأجيج الصراعات القبلية بين مكونات جنوب السودان، لعرقلة تنفيذ الاستفتاء، الذى من المتوقع أن تكون نتيجته انفصال جنوب السودان وتأسيسه لدولة مستقلة ستكون الأحدث فى بين دول العالم. وأشار ياسر عرمان رئيس قطاع الشمال فى الحركة الشعبية فى حديث سابق للشروق إلى أن حكومة البشير جنت من وراء الجنوب نحو 18 مليار دولار تمثلت فى إيرادات النفط وجزء من المساعدات الدولية، لذا فالحكومة السودانية فى الشمال لا ترغب فى تنفيذ الاستفتاء الذى قد يحرمها من تلك الأموال. وشهد عام 2009 والنصف الأول من العام 2010 اشتباكات بين قبيلة الدينكا الأكبر فى الجنوب والتى يسيطر أبناؤها على الحركة الشعبية ومؤسسات حكومة الجنوب «ينتمى إليها رئيس حكومة الجنوب ونائب الرئيس السودانى سيلفا كير ميارديت»، وبين قبيلتى النوير والشلك، اللتين تشكوان من التهميش وسيطرة الدينكا، حيث سقط آلاف القتلى من جميع الأطراف، فضلا عن نزوح أعداد أكبر عن منازلهم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد شهدت المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب مواجهات فى منطقة أبيى الغنية بالنفط، والمتنازع عليها من الجانبين «صدر حكم تحكيم يعطى المراعى للجنوب، ومناطق النفط للشمال». وفى هذا الصراع، اتهم عدد من الجهات الجنوبية الحزب الحاكم فى الخرطوم بدعم القبائل العربية «المسيرية» فى صراعها مع الدينكا، وفى نفس الوقت اتهم المسيرية حكومة الخرطوم بالتخلى عنهم فى التحكيم، حيث تقول قياداتهم بأن الحكومة لم يكن يهمها سوى النفط، وعندما حصلت عليه لم تفكر فى مراعى المسيرية، وتركتهم لمواجهة مصيرهم فى مواجهة جيش الجنوب. ويتخوف الكثيرون من عدم وفاء البشير بتعهداته بشأن تقرير المصير، حيث ترى المعارضة السودانية أن الغرب أسبغ على البشير الشرعية فى انتخابات «لم ترق إلى المعايير الدولية» بحسب مركز كارتر لدراسات السلام، مقابل أن ينظم الرئيس السودانى الاستفتاء الذى من المرجح أن يؤدى لدولة مستقلة فى جنوب السودان. وعلق عبدالرحمن الغالى الأمين السياسى لحزب الأمة على دعوة مجلس الأمن بأنهم حزب الأمة: «نحترم حق تقرير المصير لأبناء جنوب السودان»، لكن الغرب يرى أن تنظيم الاستفتاء هو أهم خطوة حاليا، ومن أجل هذه الخطوة منح الأمريكيون البشير الشرعية عبر الانتخابات العامة السابقة «المزورة». ومن ناحيته قال معتصم حاكم القيادى فى قطاع الشمال بالحركة الشعبية للشروق إن الشماليين فى الحركة سيبقون فى الشمال للعمل على استعادة الوحدة، والتى من المرجح أنها ستقوم على شروط جديدة تنهى التهميش والاستبعاد لأبناء الجنوب وغيرهم من سكان الهامش السودانى. وأضاف حاكم: من العقوبات فى طريق الوحدة، مجموعة القوانين المقيدة للحريات الشخصية، مثل عقوبات الجلد لشرب الخمور أو قانون النظام العام الذى يحاسب السيدات على ما يعتبره ملابس «غير محتشمة». يذكر أن الجنوبيون وهم فى أغلبهم الأعم من غير المسلمين، يرفضون القوانين المجرمة لشرب الخمور، أو قوانين النظام العام التى تطبق على السيدات اللائى يلبسن ملابس قصيرة أو كاشفة.