أكد ممدوح عباس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة"، أن اختيار وزير الثقافة الأسبق الدكتور فاروق حسني، والخبير القانوني الدولي السنغالي آداما ديانغ، للاحتفاء بهما هذا العام، يأتي في إطار حرص المؤسسة الدائم على تكريم شخصيات ساهمت وما تزال تساهم في جهود صنع وحفظ السلم والأمن، والدفاع عن حياة وحقوق البشر في كل مكان، بغض النظر عن ديانتهم أو جنسهم أو عرقهم أو قناعاتهم. جاء ذلك في كلمة رئيس المؤسسة خلال الحفل السنوي الذي تنظمه "كيميت" تزامنًا مع ذكرى ميلاد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي (14 نوفمبر)، وذلك بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي، وعدد من الوزراء السابقين و السفراء والنواب ولفيف من الشخصيات العامة والنواب والاعلامين وفي مقدمتهم المهندس ابراهيم المعلم والسفير سامح شكري ود زياد بهاء الدين ود عماد ابو غازي ومنير فخري عبد النور وعمر مهنا . وأشار ممدوح عباس إلى أن الاحتفاء هذا العام بشخصيتين متميزتين في مجالي الثقافة وحقوق الإنسان، يأتي في وقت تمر فيه المنطقة بظروف شديدة الصعوبة، قائلاً: "لقد عاصرنا خلال العامين الماضيين الحرب على غزة، التي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين الأبرياء بصورة وحشية في إطار سياسة الاحتلال الإسرائيلي للتطهير العرقي والإبادة الجماعية. كما نتابع ما يجري في السودان من صراع داخلي أودى بحياة الآلاف ويهدد بمجاعة غير مسبوقة في بلد كان من الممكن أن يطعم القارة الأفريقية بأكملها". وأضاف أن هذه الأحداث الكارثية تستدعي إلى الأذهان جهود شخصيات مؤمنة بالسلم والعدل وحقوق الإنسان، وفي مقدمتهم الدكتور بطرس بطرس غالي، الذي كرس حياته لهذه المبادئ الإنسانية من خلال كتاباته المتعددة، ومن خلال المناصب التي تقلدها، وخاصة خلال فترة توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، حيث أطلق "أجندة السلام" و"أجندة التنمية". ولفت إلى أن دفاع "بطرس غالي" عن الحق والعدل للشعب الفلسطيني مثّل علامة فارقة في مسيرته، وأن حرصه على إبراز الحقيقة كلفه منصبه وأعاق إعادة انتخابه لولاية ثانية. وأوضح رئيس مجلس الأمناء أن أعضاء المؤسسة قرروا هذا العام منح الجائزة المخصصة للشخصية الأفريقية للسيد آداما ديانغ، الذي تعاون مع الدكتور بطرس غالي في قضايا حقوق الإنسان، تقديرًا لتاريخه الطويل والحافل في مناهضة انتهاكات حقوق الإنسان، والدفاع عن سيادة القانون ومبادئ العدالة. ونوه إلى أن "ديانغ" يعد من أبرز الخبراء القانونيين الدوليين، حيث شغل منصب أمين سر المحكمة الجنائية الدولية في رواندا، كما عمل مستشارًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، والمستشار الخاص لمجلس حكماء المسلمين، فضلًا عن توليه سابقًا مهمة الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان. وأضاف أن "ديانغ" قاد عددًا كبيرًا من التحقيقات في مجال حقوق الإنسان، وساهم في ترسيخ مبدأ العدالة في مواجهة الإبادة الجماعية، وما يزال يؤدي دورًا مهمًا في إطار الاتحاد الأفريقي للتعامل مع الأزمات التي تشهدها القارة. وفيما يتعلق بالشخصية المصرية المكرّمة هذا العام، أوضح رئيس المؤسسة أن مجلس الأمناء أجمع على اختيار الوزير الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، تقديرًا لمسيرته الممتدة في مجالات الثقافة والفن والمعرفة، وما قدمه من مبادرات ومشروعات تركت أثرًا عميقًا في الحفاظ على التراث المصري ونشر الثقافة في الداخل والخارج. واستعرض عباس أبرز إنجازات وزارة الثقافة خلال فترة تولي فاروق حسني مهامها، مشيرًا إلى أنه بادر فور توليه المنصب بإطلاق مشروع ترميم تمثال أبو الهول وإنقاذه من خطر الانهيار، كما قاد مشروعًا رائدًا لتحويل شارع المعز إلى متحف مفتوح، بعد أن عانت آثاره تدهورًا شديدًا نتيجة المياه الجوفية والتعديات والتلوث. وأوضح أن المشروع تميز بالحفاظ على النسيج السكاني للمنطقة، مع إعادة توجيه النشاط الحرفي فيها ليصبح صديقًا للبيئة. ونوه كذلك إلى أن فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير انطلقت في عهد فاروق حسني، الذي وضع الأسس الأولى لهذا الصرح الثقافي والحضاري، والذي افتُتح مؤخرًا ليمثل مصدر فخر لمصر والعالم. وأضاف أن الوزير الأسبق نجح خلال سنوات عمله في إعادة تأهيل البنية التحتية للوزارة، وتطوير المتاحف والمسارح وقاعات العرض التشكيلي، وإطلاق العديد من المهرجانات والملتقيات الفكرية والفنية التي أسهمت في تعزيز الدور الثقافي المصري عربيًا ودوليًا. وأكد ممدوح عباس أن فاروق حسني تميز بالقدرة على إيجاد حلول لمشكلات معقدة، ولم يتردد في خوض معارك فكرية دفاعًا عن حرية التعبير والحق في المعرفة والانفتاح على الثقافات المختلفة، مشيرًا إلى أن مسيرته لم تبدأ مع توليه الوزارة، إذ بدأ نشاطه في الثقافة الجماهيرية في ستينيات القرن الماضي، ثم عمل ملحقًا ثقافيًا في باريس ومستشارًا ثقافيًا ومديرًا للأكاديمية المصرية للفنون في روما، حيث قدم نموذجًا مشرفًا في العمل الثقافي والفني الوطني. وفي ختام كلمته، رحّب ممدوح عباس بالمشاركين في الحفل السنوي، لافتاً إلى أن هذا اللقاء السنوي هو الأول الذي يُعقد بعد رحيل السيدة ليا بطرس غالي، رفيقة درب الدكتور بطرس بطرس غالي، التي غادرت عالمنا في ديسمبر 2024.