قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن استمرار النزاعات والمشاكل تُمثل بيئة مثالية للانفلات الأمني وانتشار النشاط الإجرامي وغير المشروع داخل الدول وعبر الحدود، مؤكدا أن الحلول الأمنية على أهميتها البالغة وضرورتها لا تكفي وحدها لمعالجة هذه المشكلات. وأوضح أبو الغيط في كلمته خلال اجتماع مجلس وزراء العدل العرب إن هذه الدورة تعقد في توقيت دقيق من تاريخ منطقتنا، وسط كل التطورات والتجاذبات الدولية، لا تزال تُعاني المنطقة العربية من صراعات ونزاعات خطيرة تُمزق الدول، مع كل ما ينطوي على ذلك من آثار وتداعيات عابرة للحدود، من معاناة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لأبشع الجرائم والأفعال المنافية للإنسانية والأخلاق من محتلّ غاشم لا يحترم القانون الدولي، ولا يبدي أي نية حقيقية لتحقيق السلام، إلى المعاناة المؤسفة التي يعاني منها المدنيون والأبرياء في السودان والتي لا بد أن تتوقف فوراً للحفاظ على أرواح الشعب وعلى سيادة ووحدة أراضي جمهورية السودان فضلاً عن قضايا ملحّة أخرى، كانتشار الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات والمنظمات الإجرامية، إلى تدفقات اللاجئين والأزمات البيئية والصحية وغيرها. وأضاف أن استمرار هذه النزاعات والمشاكل تُمثل بيئة مثالية للانفلات الأمني وانتشار النشاط الإجرامي وغير المشروع داخل الدول، وعبر الحدود. وأكد أن الحلول الأمنية – على أهميتها البالغة وضرورتها المؤكدة – لا تكفي وحدها لمعالجة هذه المشكلات وإنما يتعين العمل على اعتماد نهج متماسك وشامل للتعاون القضائي يوازن بين الضرورات الأمنية والمبادئ القانونية والالتزامات الإنسانية، وذلك بهدف التوصل لحلول جذرية وناجعة للمُشكلات التي تُفرز هذه الظواهر الخطيرة. كما أوضح أبو الغيط، ان الكثير من القضايا الأمنية المرتبطة بالنزاعات لها أبعاد سياسية واضحة، ولا يمكن معالجتها من دون معالجة هذه الأبعاد، كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تظل مؤثرات مهمة للحالة الأمنية بشكل عام. وأشار لما تشهده الأوضاع العالمية في هذه المرحلة من اضطراب وتوتر وتسارع لوتيرة التغيير، حيث أن هناك – عالمياً – صعودٌ ملحوظ للتيارات المتطرفة، سواء في أقصى اليمين، أو في أقصى اليسار، وتساعد تكنولوجيا التواصل الاجتماعي على إذكاء حالات التطرف، ذلك أنها – كما نعلم – مصممةٌ لإبراز الآراء الصادمة، والأكثر تشدداً، إننا نعيش زمناً يتراجع فيه الاعتدال والوسطية السياسية مفسحين المجال للتطرف والغلو في كل الاتجاهات، وهي ظاهرة عالمية لاشك أن تبعاتها ستطول كافة المجتمعات، بما فيها مجتمعاتنا العربية. و أكد أن ن مناخ التطرف هو المولد الأكبر لظواهر العنف وهو الحاضنة التي ينمو فيها الإرهاب فالتطرف – في واقع الأمر – هو نوع من العنف الفكري الذي يبحث عن تجسيد عملي له وتقتضي مواجهة العنف إدراك حالة التطرف والغلو الفكري التي يمر بها العالم بأسره في هذه المرحلة، كما تقتضي المواجهة تعزيز ثقافة مغايرة وعدم الاستسلام للحالة المتطرفة التي تصنعها بعض وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشباب من الجيل الأحدث، والذي يستقي ثقافته وأفكاره وتوجهاته من هذه الوسائط بشكل شبه حصري. أما فيما يتعلق بالإرهاب، خاصة ذلك الذي يتخفى وراء الشعارات الدينية، قال الأمين العام، إن آفته لازالت كامنة في التربة العربية وبرغم نجاحات واضحة في دحره في أكثر من مكان إلا أن المعركة لازالت مستمرة، والخطر يظل محدقاً ولا مجال للتعاون أو الركون لما تحقق من نجاحات، فالفكر التكفيري لازال قادراً على بث سمومه وتقتضي المواجهة نفساً طويلاً وعملاً متضافراً بين جميع المؤسسات داخل الدولة الواحدة وكذلك بين المؤسسات الأمنية والقضائية في جميع الدول العربية. وشدد أن العمل العربي المشترك يظل في المجالين العدلي والقضائي ضرورة لا غِنى عنها لحشد مواجهة جماعية متضافرة لهذه المشاكل، خاصة تلك العابرة للحدود، وأيضاً لتبادل الرأي والتقدير بخصوص التطورات الناشئة والمستجدة في المجتمعات العربية، التي يجمعها الكثير من القواسم المشتركة، خاصة من النواحي الاجتماعية والثقافية. وأشار إلى إن جدول أعمال مجلس وزراء العدل العرب يتضمن موضوعات أخرى في غاية الأهمية مثل الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال ووصولاً إلى تناول التشريعات العربية من خلال القوانين العربية الاسترشادية التي يعدها المجلس وهو موضوع على درجة عالية من الأهمية. واختتم بالتوجه بالشكر والتقدير للخبراء على كل جهودهم المقدرة في إعداد مشاريع القوانين، آملاً أن يستمر هذا المجلس في دعم ومساندة الدول الأعضاء في إعداد هذه القوانين.