عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    35 جنيهًا بعد استنفاد حالات الرسوب.. رسوم إعادة القيد لطلاب الثانوية العامة 2025-2026    وزير الري عن أراضي طرح النهر: الموضوع ليس إيجارا لكن حق انتفاع بالمخالفة لحين الإزالة    وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق: صفقة شاليط جرت على مرحلتين ورفض إسرائيل الإفراج عن بعض الأسماء    مبعوث بوتين لفوكس نيوز: العقوبات الغربية لن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم رام الله والخليل وتحاصر منزلًا في حي البالوع    جيش الاحتلال يتوغل داخل قرية في القنيطرة السورية ب5 آليات عسكرية    شيكو بانزا للاعب الزمالك المنبوذ: أنت عظيم.. لا تستمع لأحد    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    أنا بخير والحمد لله.. أول تعليق من مؤمن سليمان بعد شائعة وفاته أثر أزمة قلبية    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    وفاة طفل بسقوط جدار في حي الزهور بالخارجة    حقيقة ظهور أفعى الكوبرا في قرية بمحافظة الغربية    علي الحجار يختتم فعاليات الدورة ال33 من مهرجان الموسيقى العربية بأوبرا الإسكندرية    عمرو أديب ساخرًا من شائعات انتقال محمد صلاح للأهلي: هنعمله الكرة الذهبية في الموسكي ولا في الصاغة؟    الشرطة الألمانية تفكك عصابة تبيع لوحات مزيفة لبيكاسو ورامبرانت بملايين الدولارات    العثور على لوحة مفقودة لبيكاسو في مدريد    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    أهدر سيطرته على الصدارة.. ميلان يخطف تعادلا مثيرا من بيزا    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    «الكورة بتتقطع منه».. محمد فضل يفتح النار على نجم الزمالك    قيادي بحركة فتح: واشنطن تربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاح المقاومة    «زي النهارده».. «الكاميكازي» يضرب الأسطول الأمريكي 25 أكتوبر 1944    إطلاق سيارات فولكس فاجن تايرون لأول مرة في مصر.. أسعار ومواصفات    السيطرة على حريق محدود في عمارة النحاس بالإسكندرية دون خسائر    أصعب 5 ساعات.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    ضاعت في الزبالة.. قصة استعادة مصوغات ذهبية بنصف مليون جنيه ب البحيرة    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات الأخرى ببداية الأسبوع السبت 25 أكتوبر 2025    الرقابة المالية تستعرض مزايا منتجات جديدة تعتزم إتاحتها للمستثمرين في البورصة قريباً    ننشر معايير اعتماد مؤسسات وبرامج التعليم الفنى «إتقان»    كونسيساو ينتقد لاعبي «النمور» بعد الهزيمة أمام الهلال.. ويعلق على عدم مصافحة «إنزاجي»    نقيب أطباء الغربية ينعي نجلته بكلمات تدمي القلوب    «مش محتاج أروح ل سيدي 6 أكتوبر».. عمرو أديب يواصل هجومه على الموالد    بعد حصوله على أفضل ممثل في «الجونة».. أحمد مالك: «كولونيا» سيكون في دور العرض قريبًا    «حرام عليك يا عمو».. تفاصيل طعن طالب في فيصل أثناء محاولته إنقاذ صديقه    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    النائب العام يلتقي قضاة مصر العاملين بدولة الإمارات| صور    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    الأهلي يسعى لتأمين تأهله لمجموعات دوري أبطال إفريقيا أمام إيجل نوار    أسعار القهوة الأمريكية ترتفع بشكل حاد بسبب الرسوم الجمركية والطقس السيئ    عاجل | تعرف على حزمة المهل والتيسيرات الجديدة المقدمة من "الصناعة" للمشروعات المتعثرة    محمود مسلم: الفصائل الفلسطينية أمام فرصة تاريخية للتوحد وإنقاذ القضية    ضم الضفة الغربية قائم رغم نفي واشنطن وتجاهل الإعلام الإسرائيلي    توخى الحيطة والحذر.. بيان مهم من الأرصاد الجوية حول طقس الساعات القادمة    انطلاق أعمال المؤتمر الدولى السادس لمجلس الكنائس العالمى بمشاركة 100 دولة بوادى النطرون    الجبهة الوطنية يكلف الطويقي قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    نقابة الأطباء تعلن تشكيل هيئة المكتب بعد انتخابات التجديد النصفي    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك".. ندوة علمية حول الأمانة طريق النجاح بأوقاف الفيوم    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(مصر تغنى).. درّة من الجمال
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2025

عند نهاية الثمانينيات، تابع مشاهدو التليفزيون المصرى برنامجًا يصعب نسيانه، كان اسمه (وقائع مصرية)، من إخراج كمال مسعود.

قدم البرنامج حلقات رائعة عن شادى عبدالسلام وعبدالعزيز فهمى، وعلى إسماعيل. ورغم توقفه لأسباب لا نعلمها، فإن أثره ما زال حاضرًا، يعبر الذاكرة أحيانًا، فأتذكر كيف ساهم فى تكوينى وتكوين رفاقى، وأتأمل الجهد الذى بذله صاحبه لينتج تلك الحلقات التى ظلت استثنائية فى كل شىء.
بفضله، خضنا الكثير من النقاشات التى قادتنا إلى تقصّى أثر هؤلاء والتعرّف على أعمالهم. وبالمثل، لعبت برامج الراحل شفيع شلبى دورًا فى تكويننا، بفضل حسّها الوثائقى النادر، وحماسه لأن تأخذ سمة تسجيلية، طاف معها محافظات مصر، ورصد العادات والتقاليد التى كانت توشك على الاندثار.
وإلى الآن ما زلت أشاهد بنفس الحماس على شاشة (ماسبيرو زمان) الحلقة التى أعدها عن المحمل ومواكب المتصوفة فى المولد النبوى، والتى أخرجتها الدكتورة عفاف طبالة.
كما لا أنسى الأثر الذى تركه برنامج إذاعى آخر كانت تقدمه الصديقة بثينة كامل تحت عنوان (مصر التى لا نعرفها) وبفضل هذا البرنامج تعرفت على بعض المعتقدات والطقوس الشعبية التى أجهلها، كما تعرفت على أسماء لعبت دورًا مهمًا فى الذاكرة المصرية ومؤخرًا نجحت بثينة كامل فى إتاحة الكثير من تلك الحلقات على عدة منصات صوتية، وتحولت بفضلها إلى أرشيف أنثروبولوجى عظيم الفائدة.
كِدت أفقد الأمل فى وجود برامج يملك أصحابها وعيًا مماثلًا بقيمة التراث المصرى وخباياه، إلى أن عثرت على برنامج اسمه (مصر تغنى)، يُبث على شاشة القناة الأولى، يُعدّه ويقدّمه الزميل أحمد عطا الله، الذى قرأت له قبل سنوات عملًا إبداعيًا مختلفًا فى تركيبته بعنوان (غرب مال).
ذكرنى برنامج (مصر تغنى) ببرنامج آخر كان يقدمه الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى عن الفن الشعبى مع المخرج الراحل شوقى جمعة.
بفضل ذلك البرنامج، تعلّمت فى طفولتى الكثير عن التراث الغنائى المصرى، وتجاوزت النظرة المتدنية التى ينظر بها البعض إلى الفن الشعبى، بعد أن تعرفت على رموزه مثل متقال وشوقى القناوى.
الميزة الرئيسية فى برنامج (مصر تغنى) الذى يظهر على شاشة القناة الأولى وشبكة قنوات الحياة أنه يتأخذ طابعًا تسجيليًا وتوثيقيًا فريدًا، ويراهن على جودة الصورة فى إثراء المحتوى، وإثارة اهتمام الأجيال الجديدة، كما أن مقدمه يمتلك وعيًا بقيمة ما يطرحه على المشاهد ولا يتعالى على الظاهرة التى يدرسها.
وفى نفس الوقت يحافظ على المسافة الضرورية التى تسمح له بطرح التساؤلات وإغناء وعى المشاهد بما يجهله، ثم ينخرط مع الفرق الموسيقية التى يقدمها فى طقس فريد من طقوس الغناء الجماعى بعد أن حصل على أكبر قدر من المعلومات من المصادر المتنوعة التى تظهر معه أمام الكاميرا.
تحتاج هذه النوعية من البرامج إلى شىء من السخاء الإنتاجى، والدعم المعنوى لطاقمها، لأن الصبر والصورة يلعبان فيها دور البطولة، إذ تطمح دائمًا إلى التوغل فى مناطق وثقافات مهمشة، وبالتالى تحتاج إلى تحضير وجهاد استثنائى فى الإعداد ومغالبة الظروف.
أحسب أن مصر تغنى أحد أكثر البرامج المصرية ثراء فى المحتوى وفى مساهمته الحيوية فى حفظ مأثورات الغناء الشعبى وتقديم مسح أنثربولوجى كامل يغطى أغلب مساحة مصر وأشكال الغناء الجماعى فيها سواء الأغنيات الدينية فى المديح أو الغناء الكنسى أو أغانى العمل وفنون الكف أو النميم والغناء البدوى. فقد قسّم فريق البرنامج -لأسباب إنتاجية محضة- جغرافيًا، مصر إلى مناطق، بحيث يتمكن من تصوير حلقات تغطى مختلف المناطق المتجاورة ليتمكن المشاهد من إدراك طابع التكامل فى أنماط الغناء، وتشابكها، واقترابها من فكرة النسيج الواحد التى لا يتوقف البرنامج عن تعزيزها كجوهر للهوية المصرية.
لا أُبالغ إن قلت إن دور أحمد عطا الله -الذى لا أعرفه معرفة مباشرة- لا يقل أهمية عن الدور الذى لعبه الراحل زكريا الحجاوى فى الستينيات، حين تولّى جمع تراثنا الغنائى الشعبى وتقديم أصواته للناس. لكن الميزة الرئيسية التى توفرت لعطا الله، أنه جاء فى عصر الصورة، فحوّل هذا التراث إلى صورة ناطقة بالجمال وجوهرة حقيقية من جواهرنا، التى تحتاج إلى رعاية وصيانة وإيمان بالقيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.