محافظ الوادي الجديد يتابع جاهزية لجان انتخابات مجلس النواب    صوتك أمانة    70 ألف فرصة عمل، مدبولي يشهد أكبر تحالف للاستثمار في صناعة التعهيد بمشاركة 55 شركة    لبيد: استخدام العنف بالضفة عار على إسرائيل والشعب اليهودي    مكتب نتنياهو: تم التعرف على جثة هدار جولدن وإبلاغ عائلته    الشناوي يتوج بجائزة أفضل حارس مرمى في كأس السوبر المصري    تموين القاهرة: التحفظ على كميات كبيرة من الدقيق المدعم وتحرير 339 مخالفة    التصريح بدفن جثمان معلم أزهري قُتل أثناء الصلاة داخل مسجد بقنا    غدًا.. انطلاق 10 ورش عمل ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما في نسختها السابعة    قراءة صورة    زينة تقدم واجب العزاء لوالد محمد رمضان بمسجد الشرطة    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجب على الزوجة أن تخبر زوجها بمالها أو زكاتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الغربية في جولة مفاجئة بمستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    عمرو سعد وعصام السقا يقدمان واجب العزاء في والد محمد رمضان    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    زيلينسكي يفرض عقوبات ضد مسئولين روس بينهم رئيس صندوق الإستثمار المباشر    وزير السياحة يشارك في فعاليات الدورة 26 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالسعودية    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    التصريح بدفن جثمان معلم أزهري لقي مصرعه أثناء أداء صلاته بقنا    حفاظا على صحتك، تجنب الإفراط في تناول الخبز والسكريات ومنتجات الألبان    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    الخبرة تحسم الفائز.. الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع مدينة «رأس الحكمة»    افتتاح قمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وسط قلق بسبب التحركات العسكرية الأمريكية    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    الخزانة الأمريكية ترفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    الشروط الجديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 وتحديث البيانات    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    قومي المرأة يدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات النواب    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    شُعبة الدواجن تطالب أصحاب المزارع والفلاحين بأهمية التأمين والتحصين    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محللان أمريكيان: سياسات ترامب كلمة السر وراء تنامي نفوذ الصين في النظام العالمي
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 10 - 2025

منذ عودته إلى البيت الأبيض، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته يهاجمان باستمرار النظام الدولي ومؤسساته. فقد وصفه وزير الخارجية ماركو روبيو بأنه "عفى عليه الزمن" و"سلاح يُستخدَم ضد" الولايات المتحدة، أما الرئيس ترامب فانتقد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23 سبتمبر الماضي، هذه المنظمة الدولية بشدة واتهمها "بخلق مشاكل جديدة علينا حلها".
ومع ذلك ظل السؤال الذي لم تجب عليه إدارة ترامب هو كيف يمكن أن تستفيد الصين من الرفض الأمريكي للنظام العالمي الحالي. ففي الشهور الأولى بدا رد بكين على هجمات واشنطن على النظام الدولي حذرا ومتزنا في الغالب. وردت الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية برسوم مضادة، ثم اكتفت بالجلوس والاستفادة من ابتعاد ترامب عن حلفاء الولايات المتحدة وانسحابه من المؤسسات الدولية على حد قول جيفري بريسكوت السفير الأمريكي السابق والباحث الزائر في معهد كارنيجي للسلام الدولي، وجوليان جيفرتس مدير إدارة الصين وتايوان في مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقا في تحليل مشترك نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية.
والآن انتهت فترة الحذر، وقررت بكين اتباع مسار أكثر طموحا، وعرضت خططها بوضوح في قمة منظمة شنغهاي للتعاون قبل أسابيع. واستضاف الزعيم الصيني شي جين بينج، هذه القمة، وصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والتقى ب 18 زعيمًا آخرين من آسيا وأوروبا. وبعد بضعة أيام شهد شي، محاطًا ببوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون، عرضا عسكريا ضخما في بكين لاستعراض ترسانة الصين العسكرية سريعة النمو. ثم جاء تعليق ترامب على القمة الصينية الروسية الكورية الشمالية والعرض العسكري الصيني بقوله إنه شاهدها في التلفزيون بقوله "كانوا يأملون أن أشاهد، وكنت أشاهد"، لكي يكشف بدون قصد عن الموقع الدقيق الذي تأمله الصين للولايات المتحدة فيه، وهو أن يصبح رئيسها الذي غالبا ما يكون المحرك الرئيسي للسياسة العالمية، مجرد متفرج على الهامش في عالم متغير.
ويهدف شي إلى ترسيخ مكانة الصين كمركزٍ لعالم جديد متعدد الأقطاب، وهو يتبنى استراتيجية دبلوماسية جديدة أكثر نشاطا لتحقيق هذا الهدف. وبدلا من إجبار الولايات المتحدة على التخلي عن موقعها القيادي في النظام الدولي أو قلب النظام القائم، تستغل الصين تنازل ترامب السريع والطوعي عن الدور القيادي لواشنطن. كما تعزز الصين نفوذها ومكانتها داخل المؤسسات القائمة، سعيا منها لتحويل مراكز ثقل النظام الدولي بشكلٍ نهائي نحو بكين. إذا نجحت هذه الاستراتيجية، فسيتغير النظام الدولي جذريا، وتصبح الصين في مركز الصدارة، ويتراجع النفوذ الأمريكي بطرقٍ قد يصعب على الإدارات الأمريكية القادمة استعادته.
وقبل فترة ليست بعيدة، كان يمكن لمحللي السياسة الخارجية تجاهل مشاهد قمة منظمة شنجهاي للتعاون، باعتبارها مثقلة بالمظاهر وتفتقر إلى الجوهر. كما أن الخلافات بين الأعضاء الرئيسيين في المنظمة، مثل النزاع الحدودي بين الصين والهند، كانت تغلب على أوجه التقارب بينها. وفي الخقيقة فإن بعض المعلقين والمسئولين الأمريكيين وصفوا القمة الأخيرة التي استضافتها الصين بأنها "استعراضية" ومجرد "فرصة لالتقاط الصور".
لكن المشهد تغير تماما بعد 8 أشهر من ولاية ترامب الثانية، وأصبحت هذه القراءة للقمة الأخيرة قراءة سطحية في أحسن الأحوال. فهي تقلل من مدى تأثير ردود الفعل العالمية على تصرفات ترامب على إعادة تشكيل العالم. فالنظام الدولي الذي بنته الولايات المتحدة وحافظت عليه لعقود يقترب من نهايته، وما يليه أصبح مطروحا للنقاش. تتنافس العديد من الدول على النفوذ، وأصبحت الاتفاقيات قصيرة الأجل بدلا من التعاون طويل الأجل هي القاعدة الجديدة، مما يبشر بمرحلة أطلق عليها أحد المحللين مرحلة "التعددية القطبية للمرتزقة" في الشئون الخارجية.
ويرى شي فرصة سانحة لتشكيل عالم متمركز حول الصين دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، من خلال التحرك بقوة في المناطق التي تنسحب منها واشنطن نتيجة سياسة "أمريكا أولا" التي يتبناها ترامب. ويمتد مشروع شي إلى ما هو أبعد من مجرد جمع قادة العالم في المدن الصينية. فبينما كان الرئيس الأمريكي على خلاف مع زعيمي البرازيل والهند، ألقى شي كلمة في اجتماع لمجموعة البريكس استضافته العاصمة البرازيلية برازيليا حول موضوع "مقاومة الحمائية" ورحب بمودي في الصين لتعزيز العلاقات مع هاتين القوتين الرئيسيتين.
وبينما يفرض ترامب رسومًا جمركية على معظم أنحاء العالم ويلغي المساعدات الخارجية ، يتودد شي إلى قادة العالم النامي. وأعلنت بكين تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الأفريقية في يونيو، وقالت خلال سبتمبر إنها ستدعم جهود إصلاح منظمة التجارة العالمية بما يفيد النمو الاقتصادي للدول النامية، حيث أصبحت سياسة ترامب كلمة السر وراء تنامي النفوذ الصيني في النظام العالمي.
بينما تبنت إدارة ترامب استراتيجية قومية صريحة في مجال التكنولوجيا وقالت إن خطة عملها للذكاء الاصطناعي تستهدف "الفوز بالسباق" العالمي، استضافت الصين المؤتمر العالمي السنوي للذكاء الاصطناعي تحت عنوان "التضامن العالمي في عصر الذكاء الاصطناعي"، مدعية أن بكين ترغب في تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي مع كل شعوب العالم، وأعلنت عن مشروع حوكمة عالمي جديد للذكاء الاصطناعي لتحقيق هذا الهدف.
في الوقت نفسه فإن تصرفات شي أوضحت أن هذا النظام العالمي المحتمل المُتمركز حول الصين سيكافئ الدول المناوئة للولايات المتحدة. ولعل أبرز دليل على هذا هو قرار شي منح مكان الصدارة خلال العرض العسكري في بكين للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي تخضع بلاده لعقوباتٍ أمريكية قاسية منذ عقود والذي أرسل قواتٍ للقتال في حرب روسيا ضد أوكرانيا. كما استقبل شي قادة آخرين مناوئين للولايات المتحدة بطريقةٍ ما، مثل بوتين والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان بترحيب كبير.
في الوقت نفسه تبدو الصين معنية بالظهور كقوة مدافعة عن النظام الدولي وليست مخربة له، وتضفي لمسة جديدة على جهودها المُستمرة لضمان مكانة متميزة في المؤسسات القائمة، مع تعزيز قدرتها على وضع المعايير والقواعد داخلها. وحتى وقتٍ قريب، كانت الصين تسعى لتحقيق هذه الأهداف عبر مسار أقل إثارة للقلق، مكتفية بانتقاد السياسات الأمريكية غير الشعبية، وتركيز أنشطتها في مجالاتٍ لا تجذب اهتمامًا دوليًا يُذكر، مثل التنمية والثقافة وحفظ السلام. ولكن مع تشكيك ترامب القوي في الهدف الحقيقي للأمم المتحدة في خطابه أمام الجمعية العامة، أصبح لدى بكين جمهور دولي قد يكون أكثر استعدادا لقبول مبادراتها.
ومن غير الواقعي انتظار تغيير إدارة ترامب لنهجها فجأة، أو أن ترى فائدة احتضان الحلفاء والتنافس مع الصين على النفوذ في الأمم المتحدة. ورغم أن مثل هذا التغيير سيحظى بدعم الشعب الأمريكي، الذي تؤمن غالبيته بفائدة التحالفات الأمريكية وبأن الأمم المتحدة تؤدي دورا ضروريا، وإن كان ناقصا، لكن التغيير سيتعارض بشدة مع سياسة "أمريكا أولًا". لذلك، من المرجح أن تترك الولايات المتحدة المجال مفتوحا أمام الصين لتعزيز نفوذها في المؤسسات الدولية خلال السنوات القليلة المقبلة.
لكن نجاح الصين ليس مضمونا. وقد تواجه بكين صعوبة في تحقيق طموحاتها الكبرى بإقامة نظام عالمي جديد يتمركز حولها. فالعديد من دول العالم ترى أن عالما متمركزا حول الصين سيكون مقيدا بشروط، وقد لا تتمكن بكين من مقاومة تصعيد نزاعاتها الإقليمية العديدة في آسيا أو استعراض قدراتها أمام جيرانها. وقد أدت نزاعات الصين الإقليمية وإجراءات بكين ضد الأطراف الأخرى في هذه النزاعات إلى رد فعل عنيف من الدول المتمسكة باستقلاليتها. ويمكن لهذه الدول مقاومة جهود الصين من أجل تشكيل النظام العالمي من خلال تقليل اعتمادها على كل من بكين وواشنطن.
معنى هذا أن أخطاء الصين أو مقاومة الدول الأخرى قد تحبط خطط شي، وهو ما يمكن أن يمنح الولايات المتحدة، بعض الوقت، حتى تتمكن قيادة مختلفة في واشنطن من استعادة رؤيتها للمستقبل التي تتمحور حول ما هو أكثر من مجرد الاهتمام بمصالحها الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.