في مقاله الأسبوعي بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، قارن روبرت فيسك بين ما فعله القراصنة الصوماليون من خطف واعتداء على السفن الغربية في المحيط الهندي، وكيف أن الغرب رأى أن من حقه نشر قواته في أعالي البحار لحماية سفنه ورعاياه، وبين ما تقوم به إسرائيل من قرصنة واعتداء على سفن ناشطين سلميين، حيث رأى أن الفارق الوحيد هو أن إسرائيل لا تطلب من المخطوفين فدية، وإنما تسعى للفوز بحرب دعائية عالمية! وأوضح فيسك أن حرب الدعاية الإسرائيلية استهدفت الناشطين الأوروبيين السلميين الضحايا بعد أيام قليلة فقط من الهجوم عليهم - لتقلب الحقائق وتروج للأكاذيب. فقد وصفتهم أبواق الدعاية الإسرائيلية بأنهم "مسلحين، معادين للسامية، أشرار، مستغلين للسلام، تغلي نفوسهم بالكراهية، ويشهرون أسلحتهم ضد العزل"! وسخر فيسك من التهمة الأخيرة تحديدا، إذ أن إسرائيل تجاهلت تماما حقيقة أن هؤلاء الناشطين كانوا في مواجهة جنود إسرائيليين، كل منهم يحمل في يده بندقية و مستعد لقتلهم في أية لحظة! والغريب أن آلة الدعاية الإسرائيلية روجت إلى أن الناشطين كانوا من عناصر الجهاد الذين يسعون للحرب مع إسرائيل لنيل الشهادة، ولن نعرف الحقيقة أبدا لأن الجنود ببساطة سرقوا كل الأفلام ومقاطع الفيديو التي صورها الناشطون لما حدث فعلا على متن السفينة، فلم يعد أمام العالم مفر إلا تصديق أبواق الدعاية الإسرائيلية، ليصبح نشطاء السلام في نهاية الأمر "إرهابيين ومسلحين وجهاديين يسعون لمساعدة حماس"! وصرح فيسك أنه لم يندهش عندما سمع بأمر الاعتداء على السفينة التركية، لأنه رأي ما يمكن أن يفعله "جيش المرتزقة الإسرائيلي" كما فعل في لبنان، وقتل المدنيين علناً، و كما فعل في مذبحة صابرا وشاتيلا، ومذبحة قانا 1996 عندما قتل الإسرائيليون أكثر من 106 من المدنيين معظمهم أطفال، وروجت الحكومة الإسرائيلية برئاسة شيمون بيريز - الحائز على نوبل للسلام!- أن القتلى كان بينهم إرهابيون.. ولم يهتم أحد في العالم كله باستقصاء الحقيقة لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحا أم أن بوق الدعاية الإسرائيلي يكذب كالعادة. وتابع فيسك الأمثلة موضحا أن إسرائيل رفضت تقرير جولدستون الذي اتهم إسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب في غزة أثناء الحرب عليها 2008/2009، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1500 فلسطيني معظمهم أطفال ونساء. ومن جديد، روجت إسرائيل إعلاميا أن القاضي ريتشارك جولدستون نفسه معادي للسامية - رغم أنه يهودي من جنوب إفريقيا!- واصفة إياه بالرجل الشرير، بينما وصفته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه رجل "مثير للجدل"، الأمر الذي وصفه فيسك بالإهانة العلنية الدولية في حق جولدستون! ختاما، انتقد فيسك تغطية الصحافة الغربية كافة - حتى الإذاعة البريطانية، للهجوم الضاري الإسرائيلي على سفن المساعدات إلى غزة. فقد تناول معظمهم الحدث من منظور الإعلام الإسرائيلي، و كتبوا عن الجيش الإسرائيلي بنفس الحماس الذي كتبت به صحافة إسرائيل نفسها. حتى أن الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي كتب قبل ساعات قليلة من الهجوم السافر، أنه لم ير ديمقراطية أبدا كتلك التي رآها في الجيش الإسرائيلي!