جامعة قناة السويس تنظم زيارة مدرسية موسعة للتعرف على الحياة البرية    منال عوض: تشغيل تجريبي لمجزري الحبيل والهو بمحافظتي الأقصر وقنا    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    الأمم المتحدة: القلق الأكبر على من بقي في الفاشر مع استمرار صعوبة الوصول الإنساني    جنرال فرنسي يدعو المواطنين للاستعداد لاحتمال اندلاع حرب مع روسيا    وزير الرياضة يودّع أول فوج من رحلات شباب مصر إلى شمال سيناء    الأهلي يتقدم على ساك 2–1 مع نهاية الشوط الأول بالدوري النسائي    ضبط سيدة غسلت 40 مليون جنيه من النصب على المواطنين بالغربية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو دهس قائد سيارة لكلب بالإسكندرية    أهم أخبار الكويت اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025.. السياحة تبحث مشاريع ترويجية ضمن الهوية الموحدة ل"فيزت كويت"    الليلة.. حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال 46    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    انقطاع المياه عن قرية أشمنت وتوابعها ببنى سويف غدا    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    لم يخسر في آخر 4 مواجهات.. مسار يقتحم المربع الذهبي لدوري المحترفين بعد الفوز على المالية    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    خبير تربوي يضع روشتة لوقف حالات التعدي على الأطفال بالمدارس    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    ملايين الأسر فى بريطانيا تواجه ارتفاع فواتير الطاقة الشهر الأكثر برودة    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    مشهد مُخيف بالعثور على سحر ضد عروسين في الأقصر    أكرم القصاص: المشاركة فى المرحلة الثانية من انتخابات النواب ستكون أفضل    تعرف على أذكار المساء ليوم الجمعة.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير    ردد الآن| ساعة الاستجابة يوم الجمعة وأفضل أوقات الدعاء    الجالية المصرية بإيطاليا تشارك فى المرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب    سانوفي تطلق دواء ساركليزا بمصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما أملا فى العلاج    "الخدمات البيطرية" تحصن 1.5 مليون طائر بالمحافظات خلال أكتوبر    في عيد ميلادها| قصة أغنية "حبيتك بالصيف" التي تحولت إلى اعتذار رومانسي من عاصي لفيروز    «المقاولون العرب» تُتوّج ب 6 جوائز من «ميد» على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    «الدواء المصرية» تحذر من عبوات مجهولة من مستحضر «Entresto» لعضلة القلب    علاج 3652 مريضا فى 3 قوافل طبية لخدمة أهالي برج العرب    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    انتخابات مجلس النواب 2025.. مشاركة واسعة للجالية المصرية بالمغرب في المرحلة الثانية    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    دوري أبطال إفريقيا.. محمد الشناوي: جاهزون لمواجهة شبيبة القبائل ونسعى للفوز باللقب    زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب بنغلاديش    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستون عامًا على وفاة مصطفى النحاس
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 08 - 2025

فى وقت كتابة هذه الكلمات، فى الثالث والعشرين من أغسطس، مرّ ستون عامًا على وفاة «النحاس باشا»، الاسم الرنّان الذى ملأ السماوات المصرية لربع قرن من الزمان. حتى بعد أن فرضت ثورة سنة 1952 سياجًا من الصمت حوله، استمر اسمه فى تخطّى العقود، ولم تحل دونه وفاته فى سنة 1965. مقياس لشعبية «النحاس باشا» هو الجمهور الذى هرع إلى جنازته فى وسط القاهرة معبّرًا عن حزنه على فراق زعيمه والقيم السياسية التى مثّلها.
• • •
من أسرة متوسطة ميسورة، وإن كانت غير ثرية، فى ريف الغربية، صعد به نبوغه إلى الطبقات العليا لممارسة القانون ثم السياسة، فى حقبة ثار فيها الشعب المصرى على الاحتلال البريطانى لبلاده. قادمًا من الحزب الوطنى انضم مصطفى النحاس إلى الوفد المصرى، فصحب سعد زغلول ورفاقه إلى المنفى فى مالطا ثم فى سيشل. وعندما مات سعد فى 1927، خلَفه فى زعامة الوفد. رأس النحاس الوزارة سبع مرات، ولكنه لم يحكم إلا زهاء سبع سنوات، فقد انتهت وزاراته بانقلابات دستورية قادها الملكان فؤاد ثم فاروق.
• • •
ذهبت آراء إلى أن شعبية مصطفى النحاس فاقت شعبية سعد زغلول نفسه. كان النحاس تجسيدًا للوفد وللوطنية الليبرالية، وشعبيته نتاجًا لمواقفه الصلبة فى السعى إلى الاستقلال والدفاع عن الدستور. وقع معاهدة سنة 1936 مع بريطانيا فأُلغِى تصريح 28 فبراير بتحفظاته الأربعة، وانضمت مصر كدولة مستقلة إلى عصبة الأمم. انتقادات مفهومة وُجّهت إلى المعاهدة، إلا أن التنويه واجب بأنها وضعت مصر فى موقف متقدّم على جميع البلدان المستعمَرة فى إفريقيا وآسيا، التى لم تكن أى منها قد حصلت على استقلالها فى ذلك الوقت. التمسّك بالإرادة الشعبية مصدرًا للحكم كلّف النحاس الانقلابات الدستورية على وزاراته، ولكنه لم ينكص عن هذا التمسك بتاتًا. يلفت النظر فى النحاس، وهو الرجل ذو الأصول الريفية المتديّن، تشبثه بالفصل بين الدين والدولة، وبعلمانية النظام السياسى. لقد خاف على الدين من السياسة مثلما خشى على السياسة من الدين، أو أكثر من خشيته عليها. عند اعتلاء فاروق العرش فى يوليو سنة 1938، رفض إضفاء أى صبغة دينية على حفل تنصيبه ملكًا. جمعه للمصريين حوله واستناده إليهم، مسلمين وأقباط، هو سرّ شعبيته الجارفة.
• • •
بالابتعاد زمنيًا عن ثورة 1919، وبعد ظهور الحركات شبه الفاشية من جانب، وتعدّد تنظيمات اليسار ونشاطها من جانب آخر، فضلاً عن الانشقاقات عن الحزب العتيد، ثمة تحليلات بأن شعبية الوفد تراجعت فى الأربعينيات من القرن العشرين، ومعها وزن النحاس فى النظام السياسى المصرى آنذاك. ومع ذلك، انظر إلى ما تحقق فى أطول فترة لحكم النحاس، من فبراير سنة 1942 إلى أكتوبر 1944. فى الحقل الاجتماعى، فى سنة 1942 صدر قانون النقابات العمالية، وفى سنة 1944 صدر كل من قانون عقد العمل الفردى وقانون التأمين ضد الحوادث، ووصل عدد النقابات العمالية إلى 210 نقابات تضم فوق المائة ألف عضو فى بلد كانت الأغلبية الساحقة للنشاط الاقتصادى فيه زراعية. وفى الحقل الاجتماعى نفسه، المرتبط بالتنمية، يُذكر تعيين النحاس فى وزارته الأخيرة فى 1950، وضد إرادة الملك، لطه حسين كوزير للمعارف، فجعل التعليم، كالماء والهواء، مجانيًا حتى المرحلة الثانوية.
• • •
الانفتاح على المسألة الاجتماعية صاحبه انفتاح فى العلاقات الدولية. حكومتا النحاس فى الأربعينيات وبداية الخمسينيات وضعتا اللبنات الأولى لسياسة مصر العربية، ولعدم انحيازها، وللتحرر من السيطرة الأجنبية. فى أغسطس سنة 1943 اعترفت حكومة النحاس بالاتحاد السوفييتى وتبادلت التمثيل الدبلوماسى معه. العالم العربى عرف مكانة النحاس؛ فعشية انتهاء الانتداب الفرنسى على بلدهم، تفاوض الزعماء اللبنانيون على توزيع المناصب السياسية بين طوائفهم، ثم أبلغوا مصطفى النحاس بما اتفقوا عليه ليبعثه إليهم فى رسالة كصيغة للحكم لها حجيتها، فكان الوفاق الوطنى اللبنانى لسنة 1943. وفى سنة 1944 دعت وزارة النحاس الدول العربية السبع المستقلة حينذاك إلى الاجتماع، فصدر عن ممثليها بروتوكول الإسكندرية فى أكتوبر سنة 1944، المرحلة الأولى فى إنشاء جامعة الدول العربية بعدها بخمسة أشهر.
• • •
رد فعل وزارة النحاس الأخيرة على الإعلان الثلاثى الصادر فى سنة 1950 عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هو خير تذكرة بموقفه من القضية الفلسطينية. أرادت الدول الثلاث أن تُثبّت الوضع القائم بعد اتفاقيات الهدنة لسنة 1949، وأن تحمى إسرائيل وتكفل لها مكاسبها، وتطلعت إلى قبول الدول العربية له ثم لانضمامها إليه فى مواجهة الاتحاد السوفيتى. حكومة النحاس رفضت الإعلان رفضًا قاطعًا، مصرّحةً بأنه ينتهك السيادة المصرية، وبأن حل قضية فلسطين لا يتأتى بقرارات تتخذها الدول الكبرى وحدها. التمسك بالحقوق الفلسطينية كان ثابتًا دومًا فى مصر. عدم الانحياز إلى المعسكر الغربى تأكد برفض وزارة النحاس الانضمام إليه فى الحرب الكورية فى نفس سنة 1950.
• • •
مكافحة السيطرة الأجنبية يعبر عنها دعوة النحاس للدكتور محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيرانى، لزيارة مصر. كان مصدق قد أمّم فى إبريل 1951 نفط بلاده الذى كانت تنتجه وتستغله شركة النفط الإنجليزية الإيرانية، والدعوة وُجّهت له بعد إلغاء النحاس للمعاهدة المصرية البريطانية فى أكتوبر 1951، لتتم الزيارة فى شهر نوفمبر التالى له. تأميم النفط الإيرانى يذكّر بتأميم قناة السويس بعده بخمس سنوات. وكانت علاقة الود والاحترام وطيدة بين النحاس والزعيم الهندى جواهر لال نهرو، وهى امتداد لرفاقة الكفاح ضد الاستعمار بين الوفد المصرى والمؤتمر الهندى منذ العقد الثانى من القرن العشرين. عندما زار نهرو مصر فى سنة 1953، طلب زيارة النحاس، رغم أفول حضوره السياسى، وكان له ما طلب. نهرو هو واحد من نجوم المؤتمر الآسيوى الإفريقى فى باندونج، ومن مؤسسى حركة عدم الانحياز بعدها بسنوات.
• • •
الاحتفال بذكرى مصطفى النحاس، زعيم الأمة لعقود من تاريخها المعاصر، هو احتفال بسلامة حكم المصريين وتقديرهم لمن يكرّسون حياتهم من أجلهم، وهو تسليم بأنه ليس فى التاريخ انقطاع، بل مراحله تتوالى وتغذّى بعضها بعضًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.