المستشارة أمل عمار تشارك في ندوة مناهضة العنف الوظيفي ضد المرأة    البوابة نيوز تنفرد.. أخطاء بالجملة بمحاضر فرز دوائر المنيا    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    تعديل النظام الأساسي لشركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء    بنك مصر يحصد جائزة الأفضل في مجال التمويل العقاري من «يوروموني»    رئيس الوزراء يستعرض مقترحات تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة «الزبالين» بالقاهرة    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية لإنتاج وقود الطائرات المستدام بالسخنة    وزير الخارجية سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وبولندا    الشرطة الأسترالية: أكثر من 1000 شخص كانوا بموقع إطلاق النار في سيدني    أبو الغيط يدين الهجوم على قاعدة تابعة لقوات الأمم المتحدة في جنوب كردفان    مانشستر سيتي يتقدم على كريستال بالاس بالشوط الأول    وزير التموين يتابع خطة تطوير مصلحة دمغ المصوغات والموازين    انتشار فوري للمعدات الثقيلة للسيطرة على تجمعات الأمطار فور تساقطها ببورسعيد| صور    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    ضبط شاب عشرينى استدرج «طفلة 14 عاما» واعتدى عليها 3 أيام في منزله بالشرقية    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    «الصحة» تتعاون مع «كلينيلاب» لاستخدام التكنولوجيا في مراقبة مياه الشرب    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    رمضان 2026- عمرو عبد الجليل ينضم لمسلسل محمد إمام "الكينج"    ندوة لمجمع إعلام القليوبية عن «الوعي المدني»    شعبة الذهب: 2.1% ارتفاعا في سعر الذهب عيار 21 في مصر خلال أسبوع    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    فيفا يعلن إقامة حفل جوائز ذا بيست 2025 فى قطر    عمرو وهبة بعد تصريحات أحمد السقا: الناس بقت عنيفة والموضوع خرج بره إطار الهزار    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    محافظ الجيزة يفتتح وحدة العناية المركزة بمستشفى الشيخ زايد المركزي    لمسات احتفالية بسيطة.. أفكار أنيقة لتزيين المنزل في موسم الأعياد    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    كوزمين أولاريو يحذر من صعوبة مواجهة المغرب في نصف نهائي كأس العرب 2025    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بقى للطلاب ليتعلموه في الجامعة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 06 - 2025

نحن فى عصر تسارعت فيه وتيرة التقدم التكنولوجى بشكل غير مسبوق، كل يوم هناك الجديد، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى على رأس تلك التكنولوجيات التى لا تهدأ، كل عدة أسابيع يظهر المدير التنفيذى لإحدى الشركات الكبرى ويعرض على العالم أدوات جديدة أنتجتها شركته تعتمد على الذكاء الاصطناعى يبهر بها العالم. هناك الآن أدوات تلخص الأبحاث العلمية المنشورة فى مجال بحثى معين، وتستخرج أهم النقاط فى تلك الأبحاث، بل وتكشف نقاط الضعف فى كل بحث، وتعطى تلك المعلومات للباحث بطريقة مرتبة. بعد ذلك هناك أدوات تقترح نقاطا بحثية وتساعد فى عمل التجارب وتحليل النتائج، وفى النهاية كتابة البحث، شركة جوجل أعلنت فى فبراير من هذا العام عن عزمها طرح برنامج باسم(co-scientist) يقوم تقريبا بكل ذلك.
إذا كان الذكاء الاصطناعى سيقوم بكل تلك المهام، فماذا يبقى لنقوم بتدريسه للطلبة فى الجامعات؟ هذا موضوع مقالنا اليوم. مقال اليوم قد لا يعطى الإجابة النهائية لكنه يضع اللبنة الأولى فى هذا الموضوع: التعليم الجامعى فى عصر الذكاء الاصطناعى المتطور هل ينتج طالبا بدون مهارات؟
أعتقد أننا يجب أن نقسم المهارات إلى مجموعات ثلاث:
• مهارات ستختفى نظرا لقيام برمجيات الذكاء الاصطناعى بها ولن نحتاج لتدريسها.
• مهارات لن يستطيع الذكاء الاصطناعى أن يحل محلها ويجب أن يستمر تدريسها.
• مهارات سيقوم بها الذكاء الاصطناعى لكن يجب الاستمرار فى تدريسها.
• • •
ما هى المهارات التى ستختفى؟
فى الماضى كان الطلاب يعتمدون على الحفظ، ثم تطور الأمر وانتفت فيه الحاجة للحفظ لكن كان لزاما على الباحثين معرفة مكان المعلومة، أما الآن حتى هذا لا يحتاجه الطلاب فيكفى سؤال محركات البحث أو برمجيات المحادثة. إذا فالحفظ من المهارات التى لن يحتاجها الطلاب.
ثانى المهارات هى التحليل البسيط للبيانات، عندما يقوم الطالب بعمل تجارب وقياسات أى جمع الكثير من البيانات، تكون الخطوة التالية تحليل البيانات عن طريق رسم بعض الرسوم البيانية وتحليلها كخطوة أولى. هذه المهارة تقوم بها برمجيات الذكاء الاصطناعى بدقة عالية تفوق البشر خاصة لو كانت البيانات ضخمة.
ثالث المهارات هى البرمجة التقليدية، برمجيات الذكاء الاصطناعى تستطيع الآن كتابة برامج كمبيوتر بسيطة ومتوسطة، ومازال التقدم مستمرا. لذلك تعلم لغات برمجة كثيرة لم يعد هو الأساس، لكن أساسيات البرمجة شىء آخر سنتحدث عنه لاحقا فى هذا المقال.
• • •
ما هى المهارات التى سيحتاج الطالب إلى اكتسابها وتطويرها حتى مع وجود الذكاء الاصطناعى؟
أولى هذه المهارات هى التفكير النقدى، لأن ذلك سيساعد الطالب أولا على سؤال برمجيات الذكاء الاصطناعى السؤال الصحيح والدقيق، وأيضا سيساعد الطالب على تحليل مخرجات البرمجيات، ثم تكوين الأسئلة التالية. هذه المهارة مرتبطة بالمهارة التالية.
ثانى هذه المهارات هى الحلول المبتكرة خارج الصندوق، الذكاء الاصطناعى لن يأتى بحلول مبتكرة، مثلا باحث يدرس تطوير شبكات الاتصالات قد يأتى بفكرة تصميم جديد عندما يرى سير السيارات على الطرق السريعة متعددة الحارات، أو قد يأتى بفكرة جديدة عندما يشاهد أسراب الطيور وهى تطير فى مجموعات، إلخ، أى يستخدم حلول لمشكلة معينة لحل مشكلة مختلفة.
ثالث هذه المهارات هى مهارات التعلم، العلم والتكنولوجيا يتطوران بخطى واسعة، إذا اعتمد الطالب على ما تعلمه فى الجامعة فسيصبح جاهلا بعد عدد قليل من سنين التخرج، القدرة على متابعة التطور ثم مسايرته عن طريق التعلم المستمر هى مهارة من أهم المهارات فى عصرنا هذا.
رابع تلك المهارات هى كيفية استخدام الذكاء الاصطناعى لتصميم البرمجيات عن طريق إعطاء برمجيات الذكاء الاصطناعى أوامر دقيقة. هذه مهارة جديدة ظهرت فى السنين الأخيرة مع بداية ظهور برمجيات المحادثة سنة 2022 وتسمى تلك المهارة (prompt engineering).
• • •
نتحدث الآن عن المهارات التى سيقوم بها الذكاء الاصطناعى لكن يجب أن يدرسها ويتقنها الطالب، ما سنناقشه هنا هو اجتهاد من كاتب هذه السطور وليست قائمة كاملة لكن هدفها هو دفع القائمين على العملية التعليمية والمهتمين بها إلى النقاش والتفكير فى مستقبل التعليم مع وجود التكنولوجيا الحديثة.
أولى هذه المهارات متعلقة بمبادئ وفلسفة كل علم من العلوم التى يدرسها الطالب فى الجامعة، الكمبيوتر وبرمجياته يخزن تقريبا كل ما يتعلق بالعلوم من أول الأبحاث الكلاسيكية التى وضعت أسس علم معين وحتى أحدث الأبحاث، ويستطيع أى شخص الوصول لها بضغطة زر، لكن هذا لا يمنع أنه يجب تدريسها. اختراع الآلة الحاسبة وشيوع استخدامها لم يلغ تدريس مهارات الجمع والطرح والضرب والقسمة، لماذا؟ لأن هذا يساعد الطالب على الاستخدام الأمثل للآلة الحاسبة، وأيضا يستطيع معرفة إذا ما كانت هناك مشكلة مع تلك الآلة يجعلها تنتج نتائج خاطئة. إذا كنت لا تعرف ما عمليات الضرب والقسمة ومتى نستخدمها فكيف ستستخدم الآلة الحاسبة؟
ثانى هذه المهارات هى مبادئ البرمجة، برمجيات الذكاء الاصطناعى سيمكنها فى المستقبل القريب كتابة برمجيات معقدة بكل لغات البرمجة، ولكل أنواع الأجهزة تقريبا، لكن كيف سيطلب الإنسان منها كتابة برنامج معين وهو لا يعرف شيئا عن الخوارزميات، ولغات البرمجة، وقوتها، وضعفها؟ والأهم كيف سيتأكد أن البرنامج المتولد من الذكاء الاصطناعى صحيح سواء من حيث النتائج أو السرعة أو استهلاك الطاقة وما إلى ذلك؟
ثالث هذه المهارات هى كيفية استخراج المعرفة من البيانات، قلنا إن برمجيات الذكاء الاصطناعى يمكنها تحليل كم كبير من البيانات ومعرفة العلاقة بينها، لكن هذا لا يكفى. فى عصر المعلومات الغفيرة (big data) الذى نعيش فيه يمكننا إيجاد علاقة بين أى شىء وأى شىء آخر، مثلا إذا قلنا إنه كلما أغفل شخص ما عن ارتداء ساعته فإن الدنيا تمطر، يمكننا بكل سهولة إيجاد آلاف، بل ملايين الحالات التى خرج فيها شخص من بيته دون ارتداء ساعته وأمطرت الدنيا فى مكان ما فى الكرة الأرضية، لكن هل هذه العلاقة لها أى معنى؟ بالطبع لا. الكمبيوتر يمكنه إيجاد العلاقات لكن الانسان يمكنه معرفة العلاقات المهمة من تلك غير المهمة وأيضا معرفة كيف يمكن توظيف تلك العلاقات وربطها بعلاقات أخرى سواء فى الوقت الحالى أم فى الماضى. أيضا برمجيات الذكاء الاصطناعى تحتاج بيانات عديدة للتمرين قبل استخدام تلك البرمجيات، من هنا يأتى اسم تعليم الآلة (machine learning) على تلك البرمجيات. الانسان هو من يحضر ويرتب وينقى تلك البيانات التى تستخدم فى التعليم، ومن هنا ظهر علم جديد اسمه علم البيانات (data science).
كما قلنا هذه القائمة القصيرة وكل القوائم التى تحدثنا عنها فى هذا المقال هى فقط نقطة البداية للنقاش، فالموضوع جديد ويحتاج قدرا كبيرا من التفكير من التعاون من تخصصات عدة.
• • •
وجود التكنولوجيا المتطورة قد تثير اندهاش الناس، ثم خوفهم، ثم تغير من حياتهم، مع وجود تلك التكنولوجيا يجب أن نضع صوب أعيننا ما يأتى:
• هناك حدود للعلم لا يتخطاها، يجب ألا يقود الاندهاش والانبهار إلى تصديق أن العلم والتكنولوجيا ستحلان كل مشكلات العالم. يجب أن نكثر من محاضرات فلسفة العلوم وشرح حدود العلم حتى لا تطغى المادية على هذا العالم وحتى لا يشعر الانسان بالخوف من أية تكنولوجيا.
• أعتقد أن كليات التربية وعلوم النفس والاجتماع عليها أن تدرس وتبحث فى تأثير التكنولوجيات المتقدمة على حياة المجتمعات والإنسان وطرق التعليم. هذه نقاط تنتج عددا كبيرا من رسائل الماجستير والدكتوراه التى ستجد طريقها للناس ولن تظل حبيسة الأدراج.
طرق التعليم يجب أن تتطور آخذة فى الاعتبار وجود تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى أيدى الأساتذة والطلاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.