«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار: من عقل إلى عقول
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2025

علوم وهندسة الحاسبات تتفرع إلى تخصصات عدة، فما هو تخصصك الدقيق؟
هذا حقيقى علوم الحاسب وهندسة الحاسب به تخصصات عديدة، بعض هذه التخصصات تضمحل وتختفى وتظهر تخصصات أخرى. تخصصى هو تصميم الحاسبات، ولفظة حاسبات هنا تشمل أجهزة الكمبيوتر بكل أحجامها من أول الأجهزة الدقيقة الصغيرة المستخدمة فى إنترنت الأشياء وحتى أجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة أو ما يطلق عليها السوبر كومبيوتر. عند تصميم جهاز كمبيوتر هناك عدة عوامل يجب أخذها فى الاعتبار منها السرعة والاستخدام المعتدل للطاقة، وقلة الأعطال، وصعوبة الاختراق، والتكلفة.
لماذا اخترت هذا التخصص بالذات؟
السبب الأول هو إعجابى بهذا التخصص منذ أن كنت فى السنة الثانية فى هندسة القاهرة. يمكن القول إنه حب من أول نظرة. السبب الثانى قد يكون مفاجأة، وهو كرهى لتصميم وكتابة برمجيات الكمبيوتر منذ أن كنت فى العاشرة من عمرى وألحقنى أهلى بمعسكر للبرمجة. يمكن أن نقول إنه كره من أول نظرة. لكنى لم أتجاهل تخصص البرمجيات كلية لسببين: الأول أنه لتصميم الحاسبات لابد من معرفة خواص البرمجيات وقوة كل لغة من لغات البرمجة، لأنه يجب تصميم الكمبيوتر بحيث يمكنه تشغيل تلك البرمجيات بكفاءة. الثانى هو أنه لا يوجد خط فاصل بين التخصصات المختلفة فى هندسة وعلوم الحاسب، وتقدم فى تخصص معين يؤثر فى تخصص مجاور.
ما علاقة تخصصك الدقيق بالذكاء الاصطناعى؟
قد يبدو أن تخصص تصميم الحاسبات بعيدًا عن الذكاء الاصطناعى، لكن كما قلنا الحوائط بين التخصصات هى حوائط وهمية. الذكاء الاصطناعى ظهر سنة 1956 وقد مر بفترات ازدهار وفترات فتور من ناحية تمويل الأبحاث وعدد الباحثين. منذ حوالى 2012 بدأ العالم كله يتكلم عن هذا التخصص، بل وبدأ الذكاء الاصطناعى يغزو أغلب مناحى الحياة. من أهم الأسباب لهذا الانتشار الكبير هو ظهور أجهزة كمبيوتر قادرة على تشغيل هذه البرمجيات بسرعة معقولة. إذا ظهور أجهزة كمبيوتر قوية كان له أكبر الأثر فى انتشار الذكاء الاصطناعى. انتشار الذكاء الاصطناعى دفع مصممى أجهزة الكمبيوتر إلى تصميم أجهزة خصيصًا لبرمجيات الذكاء الاصطناعى مما جعل الذكاء الاصطناعى ينتشر أكثر، وهكذا تدور الدائرة.
ما هى التحديات التى تواجه تخصص تصميم الحاسبات الآن؟
تصميم الحاسبات يواجه تحديات كبيرة فى أيامنا هذه. مع انتشار برمجيات الذكاء الاصطناعى أصبح الطلب كبيرًا على أجهزة كمبيوتر أكثر قوة، لكن تصميم ثم بناء تلك الأجهزة أصبح أكثر صعوبة لأسباب تقنية سنشرحها بطريقة مبسطة. بناء أجهزة الكمبيوتر يعتمد على قطعة إلكترونية تسمى الترانزستور، يمكن أن نعتبرها قطعة الطوب التى نبنى بها المبنى الذى هو جهاز الكمبيوتر. على مدار أكثر من نصف قرن تطور تصنيع الترانزستور بحيث أصبح أصغر حجمًا وبالتالى نستطيع وضع عدد أكبر منه داخل رقائق الكمبيوتر (chips) مما مكن مصممى الكمبيوتر من تصميم رقائق أكثر تقدمًا أى أسرع وأقل استخدامًا للطاقة. هذا التقدم فى تصنيع الترانزستور تباطأ مع الوقت حتى قارب على التوقف الآن، مما يضع مصممى رقائق الكمبيوتر فى موقف صعب. إذا لم يتم تصميم وتصنيع رقائق أسرع وأقل استخدامًا للطاقة فستصبح كارثة فى سوق الرقائق والبرمجيات على حد سواء. على المدى القصير بدأ الاتجاه إلى استخدام ما يسمى بالمسرعات (accelerators)، وهى رقائق كمبيوتر مصممة بحيث تعطى سرعة كبيرة «لبعض» أنواع من البرمجيات مثل برمجيات الذكاء الاصطناعى أو برمجيات الرسوم، لكن تلك الرقائق لا تستطيع إعطاء أية سرعة للأنواع الأخرى من البرمجيات. لذلك سنجد فى أجهزة الكمبيوتر الحالية سواء التى نحملها معنا مثل أجهزة اللابتوب والتابلت والتليفونات الذكية تحتوى على أنواع مختلفة من الرقائق للأنواع المختلفة من البرمجيات. هذا الأسلوب المعتمد على المسرعات سيساعدنا فى الحصول على السرعات التى نبتغيها على المدى القصير، لكنه ليس حلاً نهائيًا لسببين: السبب الأول هو أن تلك المسرعات تعتمد أيضًا على الترانزستور الذى كف عن أن يبقى أصغر وأسرع وأقل استهلاكًا للطاقة، وبالتالى بعد مدة ليست بالطويلة سيبقى الحصول على رقائق المسرعات الأكثر تقدمًا أصعب وأصعب، وهذا سيؤدى إلى استخدام عدة رقائق فى نفس الجهاز، وآلاف منها فى الأجهزة كبيرة فائقة السرعة، مما سيقودنا إلى النقطة الثانية وهى استهلاك الطاقة (أى الكهرباء). استهلاك الطاقة مهم فى الأجهزة المحمولة لأنها تعتمد على البطارية، وهو مهم أيضًا للأجهزة العملاقة بسبب فاتورة الكهرباء وبسبب مشكلة الطاقة العالمية.
إذًا فتخصص تصميم الحاسبات يواجه مشكلة بحثية كبيرة، هذه المشكلة البحثية تحتاج تضافر باحثين من تخصصات الإلكترونيات والفيزياء والرياضيات وبالطبع هندسة وعلوم الحاسبات.
ما هى تحديات الذكاء الاصطناعى الآن؟
الذكاء الاصطناعى يواجه تحدياته، قبل الحديث عن تلك التحديات من المهم أن نقول إننا عندما نتكلم عن الذكاء الاصطناعى فإننا نتكلم عن فرع معين فى هذا التخصص يسمى تعليم الآلة (machine learning)، هذا الفرع مسئول عن تصميم نوعية من البرمجيات التى «تتعلم» من البيانات. كلما كانت البيانات كاملة وكبيرة وغير متحيزة كلما تعلمتها تلك البرمجيات وأصبحت قادرة على حل مسائل شبيهة بتلك التى تضمنتها البيانات. هذا يشبه الطالب الذى يتدرب على مسائل عديدة حتى يتمكن من حل الامتحان. هذا يقودنا إلى التحدى الأول وهو الحصول على البيانات أو «المسائل وحلولها التى سيتدرب عليها الطالب». البيانات هى الآن بترول القرن الواحد والعشرين، يمكننا القول إننا فى عصر البيانات الغفيرة. لكن تجميع تلك البيانات والتأكد من صحتها وأنها غير منحازة ليس سهلاً، على سبيل المثال إذا كانت البيانات عن تحليلات طبية متعلقة بأمراض الدم حتى نبنى برمجيات ذكاء اصطناعى لتشخيص أمراض الدم وكانت كل التحليلات التى تم جمعها لتعليم الآلة لأشخاص مرضى فهذا معناه أن البيانات منحازة (biased) لأن البرمجيات لن تتعرف على تحليلات الأصحاء. لذلك يجب أن تكون التحليلات لأشخاص أصحاء ومرضى على حد سواء. موضوع البيانات مهم جدًا حتى إن الجامعات بدأت إنشاء أقسام لعلوم البيانات (Data Sciences) بجانب أقسام علوم وهندسة الحاسبات.
نأتى الآن إلى التحدى الثانى وهى برمجيات تعليم الآلة نفسها. نحن نعلم كيف تعمل، ولكن لا نعلم بالضبط لماذا تعمل جيدًا فى بعض التطبيقات مقارنة بتطبيقات أخرى، ولا نعلم كم البيانات التى تحتاجها فى تخصص معين (مثل التخصصات الطبية) مقارنة بتخصص آخر (مثل التصميمات الهندسية). هذا معناه أن متخصصى علوم الحاسبات يحتاجون إلى التعمق أكثر فى عمل تلك البرمجيات ومحاولة الغوص أكثر فى كيفية عمل المخ البشرى لأن السواد الأعظم من برمجيات تعليم الآلة تحاول محاكاة عمل المخ البشرى بطريقة مبسطة جدًا وتبعًا لما نعرفه حتى الآن عن المخ البشرى. إذا لم يحدث تقدم فى هذا الفهم فكل ما سيحدث هو استخدام برمجيات أكبر مع بيانات أكبر وبالتالى سنحتاج إلى أجهزة كمبيوتر أقوى خاصة فى مرحلة «التعليم» قبل الاستخدام. راجع ما قلناه عن التحديات التى تواجه تصميم الحاسبات.
التطوير فى برمجيات الذكاء الاصطناعى يحتاج إلى تضافر جهود الباحثين من علوم وهندسة الحاسبات وعلوم الأعصاب، بل ولن أكون مبالغًا لو قلت وعلمى النفس والاجتماع بالإضافة إلى الفلسفة.
ظهرت تكنولوجيات كثيرة متقدمة عبر التاريخ، لكن أى منها لم يكن لها تأثير الذكاء الاصطناعى الساحق، فما هو تفسير ذلك؟
انتشار الذكاء الاصطناعى على المستوى الشعبى يأتى من عاملين: الأول هو أن الذكاء الاصطناعى تغلغل فى جميع مناحى حياتنا، طبعا ما زلنا فى مرحلة الاندهاش ولا نستخدمه مثلما نستخدم التليفون أو الأجهزة المنزلية بعد. العامل الثانى هو انتشار منصات التواصل الاجتماعى الذى جعل الناس تتبادل أخبار هذه التكنولوجيا سواء الصحيحة أو التى تحوى الكثير من المبالغة، هذا التبادل أدى إلى انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى ولو حتى على مستوى الاستخدام البسيط لأن كل شخص يريد تجربة «هذا الاختراع العجيب».
من الواضح أن الولايات المتحدة والصين يعتبران من أكبر اللاعبين فى مجال الذكاء الاصطناعى، فمن منهما الأكثر تقدمًا؟ وما تفسير ذلك؟
هذا السؤال معقد وليست له إجابة واحدة قاطعة. لذلك فما سنقوله الآن هو مجرد تحليل لما أراه وقد يختلف معى البعض، ولكنى أعرض وجهة نظرى. عندما نقَيم دولة ما فى مجال الذكاء الاصطناعى فإننا نقيمها تبعا للآتى:
• سهولة توفر البيانات التى ستستخدم فى تعليم الآلة
• وجود حاسبات فائقة السرعة تقوم بعملية التعليم
• وجود شركات عدة تقوم بأبحاث وتطوير برمجيات الذكاء الاصطناعى
• استقطاب الموهوبين فى هذا التخصص
لنقارن أمريكا والصين فى ضوء هذه العوامل الأربعة.
أمريكا والصين تمتلكان كمية هائلة من البيانات وتمتلكان القدرة على الحصول على المعلومات، لكن أمريكا لديها نظام بيروقراطى صارم حتى يتمكن الباحثون من استخدام تلك البيانات، البيروقراطية مختصة بالحصول على الكثير من الموافقات والتصريحات… إلخ. الصين نظامها أقل فى البيروقراطية وبالتالى لها أفضلية طفيفة هنا.
أمريكا والصين تمتلكان أجهزة كمبيوتر فائقة السرعة لكن الكفة تميل لصالح أمريكا هنا. هناك قائمة بأسرع 500 جهاز كمبيوتر فى العالم ويتم تحديث القائمة فى شهرى يونيو ونوفمبر من كل عام. أمريكا والصين تتبادلان المركز الأول لكن فى السنتين الأخيرتين أمريكا كانت لها اليد العليا.
• هناك العديد من الشركات الكبرى التى تقوم بأبحاث وتصميم برمجيات الذكاء الاصطناعى فى أمريكا والصين، من الصعب الحصول على الرقم الفعلى لكن هناك أسماء كبيرة فى أمريكا (Apple, Amazon, Microsoft, Google, Meta, …) وأخرى فى الصين (Alibaba, Baidu, Tencent). لكن الشركات الصينية تأتمر بأمر حكومتها المركزية وبالتالى تتعاون وتتكامل فى حين أن الشركات الأمريكية على الأقل حتى الآن متروكة لاقتصاديات السوق وبالتالى تتنافس، مما يعطى أفضلية للصين فى تلك النقطة.
• بالنسبة للموهوبين فإن أمريكا لها اليد العليا لأن جامعاتها تستقطب أفضل العقول فى العالم بما فيهم الصينيون، لكن لا نعلم هل ستستمر فى ذلك مع وجود تغير كبير على الساحة السياسية مع وصول الإدارة الجديدة.
المنافسة كبيرة بين أمريكا والصين ولا نستطيع أن نجزم من الأهم فى مضمار التكنولوجيا وإن كانت الكفة تميل ناحية أمريكا على الأقل حتى الآن.
حيث إننا نتكلم عن أمريكا والصين فيجب أن نتحدث عن DeepSeek وهل هو فعلاً أفضل كثيرًا من ChatGPT؟
برنامج المحادثة الصينى (DeepSeek) جاء ليهز عرش (chatGPT). دعنا نلخص الاختلافات بينهما فى النقاط التالية:
• البرنامج الصينى يعطى إمكانيات مقاربة للبرنامج الأمريكى (النسخة المدفوعة) ولكن مجانًا وهذا من الممكن أن يؤثر اقتصاديا على البرامج الأمريكية.
• البرنامج الصينى يعطى نتائج أفضل فى الأسئلة المتعلقة بالبرمجة والتفكير المنطقى. ردود البرنامج الصينى أكثر عمقًا وتفصيلاً.
• البرنامج الصينى يحتاج إلى طاقة أقل وأجهزة كمبيوتر أقل قوة لأنها تستخدم تقنية فى منتهى الذكاء يمكننا تبسيطها كالآتى: بدلاً من استخدام برنامج تعليم آلى يتم تدريبه على كم مهول من المعلومات وبالتالى يحتاج إلى أجهزة كمبيوتر فى منتهى القوة ويستهلك كمًا كبيرًا جدًا من الطاقة مثل البرنامج الأمريكى فإن البرنامج الصينى يستخدم عدة برمجيات كل منها يتم تعليمه ببيانات خاصة بتخصص معين أو عدة تخصصات فقط وبالتالى يستهلك طاقة أقل ويحتاج إلى أجهزة أقل قوة. أى أن البرنامج الصينى يستخدم ما يمكن تسميته بمجوعة من الخبراء، والخبراء هم برمجيات الذكاء الاصطناعى. وجود عدة خبراء كل منهم مختص بمجالات محدودة يحتاج إلى إمكانيات أقل من وجود خبير واحد يتم تعليمه كل شىء.
ما مستقبل الصراع بين أمريكا والصين من ناحية التكنولوجيا؟
الصراع يبدأ من الحصول على رقائق الكمبيوتر المستخدمة فى تصميم الحاسبات والمصنع الأول لها فى العالم هى الشركة التايوانية (TSMC) التى تصنع أكثر من نصف رقائق الكمبيوتر فى العالم. الصراع إذا سيكون حول تايوان بكل ما يحيط بها من معركة سياسية قد تتحول إلى حرب.
الجبهة الأخرى من الصراع سيكون فى برمجيات الذكاء الاصطناعى وقد تكلمنا فى هذه النقطة.
الجبهة الثالثة ستكون فى تصميم واستخدام ما يعرف بالحاسبات الكمية (quantum computing) وهى نوعية من الحاسبات متفوقة فى نوع معين من البرمجيات وتعتمد ليس على الإلكترونيات، ولكن على قواعد فيزياء الكم. نوعية البرمجيات التى تتفوق فيها تلك الحاسبات تشمل كسر التشفير وبالتالى نستطيع أن نتفهم لماذا تتنافس أمريكا والصين فى هذه التكنولوجيا التى أعتقد أنه ما زال أمامها عدة سنوات قبل الاستخدام الفعلى.
أين الدول العربية من كل ذلك؟
الدول العربية تحتاج إلى ثلاثة أشياء حتى تصبح لاعبًا فاعلاً على ساحة التكنولوجيا العالمية:
• أموال للحصول على التكنولوجيا أولا ثم التدرب على استخدامها ثم تطويرها.
• الاحتفاظ بالمواهب فى المجالات التكنولوجية، يتم هذا عن طريق اكتشاف المواهب مبكرًا ورعايتها حتى لا يستمر نزيف العقول. الاحتفاظ بالعقول لا يعتمد فقط على الأموال، ولكن على وجود نظام يسمح بالأبحاث العلمية دون بيروقراطية.
• وجود سياسة علمية مرسومة لعشر سنوات على الأقل مع مراجعتها كل عدة سنوات.
لنركز على مصر: ما هى الروشتة التى تنصح بها حتى يكون لنا موضع قدم فى العالم المتقدم؟
هناك عدة أشياء يمكن عملها بالإضافة إلى ما ذكرناه أعلاه:
• وجود نظام لاكتشاف الموهوبين دون وساطة ورعايتهم منذ السن الصغيرة وحتى الدكتوراه، مع وجود خطة دقيقة ومحددة للاستفادة منهم.
• متابعة التطورات التكنولوجية واستقدام ما ينفعنا منها فقط.
• التركيز على الأبحاث التى تعتمد على حل مشاكل مهمة لنا على الأرض والابتعاد عن «الشكليات» مثل تصنيف الجامعات وعدد الأبحاث المنشورة. البلاد لن تتقدم بعدد الأبحاث المنشورة لكن بحل مشاكل على الأرض باستخدام البحث العلمى.
• محاولة التخلص من عقدة الخواجة، ليست كل الجامعات الأجنبية هى الأفضل، والجامعات المتقدمة فى التصنيف لا يعنى أنها الأفضل فى التدريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.