عندما اتخذ أحمد عدلى قرارا بفتح مخبز بلدى فى بلدته الصغيرة بأحد مراكز القناطر الخيرية، كان يطمح فى تحقيق مكاسب كبيرة من ورائه، لكن مع وجود أكثر من مخبز فى القرية، وفرض وزارة التضامن لشروط جديدة على أصحاب المخابز تراجع هذا المكسب. «امتلاك مخبز فى عام 1988، كان يعنى تحقيق مكاسب كبيرة، مع زيادة الطلب على الخبز البلدى، وعدم وجود مخابز أخرى فى القرية، وفى ظل تراجع رغبة سيدات القرية على إنتاج الخبز الريفى»، بهذه العبارة بدأ أحمد عدلى، صاحب مخبز بقرية المنيرة، حديثة. ويروى عدلى أنه مع بداية إنتاج العيش الآلى فى القرية شهد مخبزه رواجا كبيرا، نظرا لجودة إنتاج العيش المصنع فيه، «والتى لا توجد فى أى مخبز آخر بالقاهرة»، مع زيادة الرقابة على المخابز فى الأرياف، لضمان تطبيق قواعد إنتاج الرغيف البلدى كما ينبغى. وعلى الرغم من زيادة الإقبال على المخبز، إلا أن الجهات المسئولة لا تستجيب إلى طلب عدلى الدائم بزيادة حصته من الدقيق، والتى تصل إلى 10 أجولة من الدقيق يوميا، «من المفترض أن حاجة الناس للعيش هى التى تحدد حصة كل مخبز، ولكن هذا لا يحدث»، تبعا لصاحب المخبز. وبحسب عدلى، فإنه مطالب بإنتاج 1280 رغيفا، من كل جوال، ويحصل فى نهاية يوم عمله على 64 جنيها، بعد إنتاج الجوال. ويحصل عدلى على جوال الدقيق ب16 جنيها فقط، «لكن سعر هذا الجوال عند تسريبه للسوق يصل إلى 100جنيه»، تبعا لصاحب المخبز. ومصروفات صاحب المخبز متعددة، التى لا تقتصر فقط على تكلفة العمالة لديه، ولكنها تشمل أيضا مصروفات التشغيل، وتكاليف الصيانة، والكهرباء، والمياه، والضرائب، فعملية نقل الدقيق إلى الفرن، على سبيل المثال، تكلفه يوميا نحو 20 جنيها. ويحتاج عدلى إلى تشغيل 7 عمال بالمخبز، ثلاثة منهم مسئولون عن عملية العجن، وآخر مسئول عن تقطيع الخبز، وآخر عن وضع الخبز على الفرن، وفران، وشخص آخر مسئول عن إخراج الخبز من الفرن، فضلا عن ملاحظ يراقب سير العمل بالمخبز، «وتصل تكاليف هذه العمالة يوميا إلى نحو 500 جنيه»، تبعا لعدلى. ويقول عدلى إن هذه المصروفات ارتفعت كثيرا حاليا، مقارنة بالوقت الذى بدأ فيه عمله قبل 22 عاما، حيث كانت تكاليف العمالة أقل من نصفها فى الوقت الحالى، كما يحتاج تشغيل الفرن إلى استخدام الكهرباء التى تصل تكلفتها اليومية إلى نحو 10جنيهات. ويضاف إلى كل هذا الضرائب المطالب عدلى بدفعها، والتى تبلغ 1.5 جنيه عن كل جوال يحصل عليه يوميا، «أى أنه مطالب بدفع 15جنيها يوميا للضرائب». وكانت وزارة التضامن قد قررت تطبيق عقود جديدة مع أصحاب المخابز البلدية قبل ثلاث سنوات، رفعت من خلالها مبالغ المخالفة المطبقة على المخابز، وأرست مبدأ الثواب والمكآفات للمخبز الذى لا يرتكب مخالفات خلال شهر، وأعطت لصاحب المخبز الحق فى الحصول على خمسة جنيهات عن كل جوال دقيق تصرفه له على شهريا. ويقول صاحب المخبز إنه كان يحصل على 1500 جنيه شهريا من التضامن كمكافأة على عدم ارتكاب مخبزه لمخالفات على مدار الشهر، إلا أن صرف هذا الحافز لم يستمر طويلا، «التضامن التزمت بصرفه لمدة عام ثم توقفت بعد ذلك»، تبعا لعدلى. ويضيف عدلى أن صاحب المخبز أصبح معرضا لمساءلة مسئولى ومفتشى التضامن الذين يمرون بصفة شبه يومية على المخابز لرصد المخالفات، «والمشكلة أن مفتشى التموين بعد إقرار العقد الجديد أصبحوا الخصم والحكم»، كما يقول عدلى. فقبل تطبيق العقود الجديدة للمخابز كانت المخالفات التى ترتكب يتم تحويلها إلى النيابة وتصبح قضايا، ويمكن التظلم فيها، أما فى الوقت الحالى يتم معاقبة صاحب المخبز المخالف بدفع غرامات بحسب قدر المخالفة، والتى تخضع لسلطة مفتشى الوزارة فقط، ولا يمكن التهاون فيها، «وأحيانا يكون تقدير المفتش للمخالفة غير عادل»، على حد قول عدلى. ويوضح عدلى أنه فى حالة ارتكاب صاحب المخبز مخالفة لبيع الدقيق، فإنه مطالب بدفع غرامة تقدر ب 7200 جنيه، وفى حالة تكرار المخالفة يعرض لسحب رخصة تشغيل المخبز. كما أن صاحب المخبز مطالب أيضا بالالتزام بمعدل التشغيل الرسمى الذى تفرضه التضامن عليه، كما يوضح عدلى، فلا يجوز أن يقوم بإنتاج جميع الحصة الخاصة بمخبزه وينهى عمله مبكرا، فمن المفترض أن يلتزم بالمعدل الذى تفرضه التضامن بحيث يتم إنتاج جوال الدقيق فى ساعة، وهى التوقيت المحدد من الوزارة. «وفى حالة مخالفة هذا المعدل يعرض صاحب المخبز للمساءلة عند التفتيش من قبل مسئولى التضامن»، تبعا لصاحب المخبز. ولا تقتصر العقوبات التى يتحملها صاحب المخبز على تسريب الدقيق إلى السوق فقط، هناك غرامات تفرض فى حالة مخالفة مواصفات إنتاج الخبز من حيث الوزن، أو من حيث قطر رغيف الخبز. ويقول عدلى: إنه فى حالة مخالفة صاحب المخبز لمواصفات الخبز المنتج من حيث قطر الرغيف، أو من حيث وزنه يدفع غرامة تصل إلى 1200 جنيه. ويضيف أنه فى حالة عدم انتظام دفتر الدقيق، والذى يسجل حركة المنصرف والوارد لأجولة الدقيق يعرض لغرامة تقدر ب1800 جنيه.