يفتح اليوم عدد من متاحف مصر القومية والدينية أبوابه مجانًا أمام الزوار، احتفالًا باليوم العالمي للمتاحف، الموافق 18 مايو، والذي أقرّه المجلس الدولي للمتاحف منذ عام 1977 لتعزيز الوعي العالمي بدور المتاحف في حفظ التراث وتعزيز الهوية الثقافية. وفي هذا السياق، تمثل المتاحف الدينية في مصر تجسيدًا حيًا لذاكرتين متكاملتين: القبطية والإسلامية، بما تحمله كل منهما من رموز دينية وجماليات فنية، وفي مقدمتها المتحف القبطي ومتحف الفن الإسلامي. مبادرة من سميكة باشا المتحف القبطي، الذي تأسس عام 1910 بمبادرة من مرقص سميكة باشا، يُعد أكبر متحف متخصص في الفن القبطي في العالم. قام سميكة بجمع عناصر معمارية ومقتنيات أثرية من الكنائس القديمة التي كانت تُجدد، واستخدمها في تأسيس المتحف داخل مجمع الكنائس في مصر القديمة. وتُبرز معروضاته تطور الفن القبطي منذ بدايات المسيحية في مصر مع دخول القديس مرقس في القرن الأول الميلادي، وتظهر فيه بوضوح التأثيرات المتبادلة بين الفن القبطي والحضارات الفرعونية، اليونانية، الرومانية، البيزنطية، والإسلامية. المتحف العربي.. رحلة أسماء المتحف أما متحف الفن الإسلامي، فقد بدأ تأسيسه فعليًا في عهد الخديوي توفيق عام 1880، حين جرى جمع مقتنيات فنية إسلامية نادرة بمسجد الحاكم بأمر الله. وفي عام 1882، بُني له مقر صغير في صحن جامع السلطان المؤيد، وأُطلق عليه آنذاك اسم "المتحف العربي"، وظل تحت إدارة فرانتز باشا حتى عام 1892. لكن مع اتساع المجموعات التي شملت فنونًا من دول غير عربية كتركيا وإيران والهند والأندلس، تقرر تغيير اسمه لاحقًا ليصبح "دار الآثار العربية"، ثم أخيرًا "متحف الفن الإسلامي". وفي عام 1903، نُقل المتحف إلى مقره الحالي في شارع بورسعيد بباب الخلق، في مبنى جديد تم تشييده خصيصًا لهذا الغرض في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وافتُتح رسميًا في ديسمبر من العام نفسه. يضم المتحف اليوم واحدة من أضخم المجموعات الفنية الإسلامية في العالم، وتحتوي على ما يزيد عن 100 ألف قطعة أثرية تتنوع بين الخط العربي، والمخطوطات، والخزف، والمعادن، والنسيج، والخشب، وتمثل عصورًا ومناطق جغرافية شاسعة من الهند إلى الأندلس. وتعكس هذه المتاحف الدينية جانبًا من التاريخ المصري متعدد الأبعاد، حيث تتجاور الكنائس القديمة والمساجد الأثرية مع المؤسسات المتحفية الحديثة، لتشكل نسيجًا بصريًا وروحيًا فريدًا، يفتح أبوابه اليوم احتفاءً بالتراث المشترك ودعوة للمجتمع لاكتشاف ذاكرته. آلاف المقتنيات تروي تاريخ الإسلام ولا تقتصر أهمية متحف الفن الإسلامي على مقتنياته فقط، بل تمتد إلى تطور عرضه المتحفي عبر العقود. فقد شهد المتحف ثلاث مراحل تطوير رئيسية في أعوام 1952 و1963 و1979، أُضيف خلالها قاعات جديدة مع تزايد حجم المجموعة المعروضة التي تجاوزت آنذاك مائة ألف قطعة أثرية. وعلى مدار السنوات، تنوّعت طرق العرض ما بين التسلسل الزمني لعصور الحضارة الإسلامية، أو وفقًا للمواد والموضوعات مثل الزجاج، والأخشاب، والخزف، والعملات، والأسلحة، والنسيج، وغيرها، في محاولة دائمة لمواكبة المفاهيم المتحفية الحديثة. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، خضع المتحف لأكبر عملية تحديث للعرض المتحفي بين عامي 2003 و2010، واكتمل الافتتاح الرسمي للصالة الجديدة في عام 2010. غير أن هذا الإنجاز لم يصمد طويلًا، إذ تعرض المبنى لأضرار جسيمة في تفجير 24 يناير 2014، الذي استهدف مديرية أمن القاهرة المجاورة. وبعد جهود واسعة لإعادة الترميم، أُعيد افتتاح المتحف في يناير 2017، ليعرض المقتنيات بأسلوب أكثر دقة وتنظيمًا. وينقسم العرض الحالي إلى محاور زمنية وموضوعية تشمل: العصر الأموي، العباسي، الفاطمي، الأيوبي، المملوكي، والعثماني، إلى جانب معارض خاصة حول الخط العربي، النسيج، الأسلحة، الحياة اليومية، العلوم، المياه والحدائق، والطب، وغيرها من جوانب الحضارة الإسلامية.