دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، إلى اتخاذ خطوات جادة لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، سواء باستخدام الأسلحة العسكرية أو سياسات التجويع التي جعلت القطاع «خاليًا تماما من الطعام». وناشدت كالامار، هذه الجهات الضغط على إسرائيل من أجل إدخال المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى قطاع غزة، والعمل على محاسبة المسئولين عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. وتحدثت في مقابلة مع «الأناضول»، عن الوضع الإنساني المتدهور في غزة، بناءً على ملاحظاتها ومتابعتها الميدانية لحرب الإبادة المستمرة منذ 19 شهرا وتفاقمت حدتها مع فرض إسرائيل حصارا مطبقا على القطاع الفلسطيني منذ 2 مارس الماضي. ومنذ 2 مارس الماضي، أغلقت إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية. ويعتمد فلسطينيو غزة بشكل كامل على تلك المساعدات التي تصلهم من دول وجهات مانحة خارجية عبر المعابر، بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من عام ونصف إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي. ويعد هذا الحصار أحد الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في حرب الإبادة الممنهجة التي تشنها منذ 7 أكتوبر 2023، بدعم أمريكي مطلق، وخلفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود. وفي السياق، أشارت كالامار إلى «دق ناقوس الخطر» في قطاع غزة؛ بسبب نفاد الغذاء وكافة مقومات الحياة، لاسيما بعد استئناف إسرائيل حرب الإبادة في مارس الماضي. وقالت: «نعلم أن الناس يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. منظمة الأغذية العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، وجميع منظمات الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى تدق ناقوس الخطر، فلم يعد هناك طعام في غزة». وشدّدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية على خطورة الوضع بتكرارها عبارة «لم يعد هناك طعام في غزة»، واصفة الأوضاع في عموم القطاع الفلسطيني بأنها «مرعبة للغاية». وأكدت أن ما يجري في غزة هو «إبادة جماعية على مسمع ومرأى الجميع». واعتبرت أن فشل الولاياتالمتحدة وعدد كبير من الدول الأوروبية في الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين جعل من هذه الإبادة «أمرًا واقعًا». ومطلع مارس 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، لكن إسرائيل تنصلت منه، واستأنفت الإبادة في 18 مارس الماضي. وفي نداء مباشر إلى قادة الاتحاد الأوروبي، طالبت كالامار الاتحاد بأن يقف من أجل المبادئ التي تأسس عليها، «ألا وهي حقوق الإنسان، والقانون الدولي، والسلام الدولي». وانتقدت كالامار بعض التصريحات الصادرة عن دول أوروبية أبدت استعدادها لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمطلوب للعدالة الدولية. وأضافت للأناضول: «لا ينبغي لأحد أن يعترض طريق محاسبة هذه الحكومة، ولا ينبغي لأحد أن يبرر الاحتفاء باستقبال مجرمي الحرب». وحثت الاتحاد الأوروبي في المقام الأول على اتخاذ «موقف حاسم، يضمن تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو». وتابعت: «لابد من اتخاذ إجراءات ضد المجرمين لانتهاكهم نظام المحكمة الجنائية الدولية ومعايير وقوانين الاتحاد الأوروبي»، في إشارة لنتنياهو وأفراد حكومته وداعميه. وفي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، وقالت إن هناك «أسبابا منطقية» للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة. وفي سياق متصل، حذّرت الأمينة العامة للعفو الدولية من تصاعد القمع ضد الأصوات المعارضة لإسرائيل في أوروبا، متحدثة بشكل خاص عن الوضع في ألمانيا. وقالت للأناضول: «تمتنع ألمانيا عن توصيف ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية أو جريمة ضد الإنسانية، ولكن أن تستخدم القوانين لتقييد حرية التعبير المشروعة للأشخاص الذين يسعون إلى التضامن مع الفلسطينيين، فهذه مسألة أخرى تماما». ودعت كالامار جميع الأطراف الدولية إلى الاعتراف بأن ما يحدث في غزة هو «إبادة جماعية»، وأن «الفاعل هو إسرائيل»، والعمل من أجل فرض هذا الاعتراف على الساحة الدولية. وشددت على أولوية رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة. وطالبت بالسماح بدخول المواد الغذائية والماء والدواء إلى غزة، بما يتناسب مع حجم الحاجة، مضيفة: «لا نريد كميات قليلة، بل وفيرة. الناس يموتون جوعًا.. الناس يموتون.. النساء والأطفال يموتون ويتعرضون لانتهاكات صارخة».