«أسمع ضجيجا ولا أرى طحينا» هكذا ينظر عمرو ربيع هاشم، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، على حركات الاحتجاج السياسى فى مصر. يعتقد ربيع أن هذه الحركات تعانى من ثلاث مشكلات رئيسية. أولها له علاقة بالتفاصيل. «فبمجرد الحديث عن الخطوات العملية التى ستتخذها، تظهر النزاعات الأيديولوجية». ويرى المحلل أن «تسليط الإعلام عليهم بشكل كبير جعلهم أساتذة فضائيات» وهذه هى ثانى المشكلات. أما السبب الثالث فى رأيه فهو ما اعتبره «قيدا يقف أمام اتساع نشاط هذه الحركات، وهو حشد وتعبئة الجماهير». ويلخص ربيع الأوضاع بطريقة النقاش واتخاذ القارات داخل هذه الحركات. «تؤخذ آراء الأعضاء بالتوافق، لا بالتعرف على نسبة الموافقين إلى نسبة المعارضين بشكل ديمقراطى، يعنى هيلا بيلا، ماشى موافقين. زى شغل المسطبة»، بتعبيره. والنتيجة «يتضايق البعض فيروحوا يعملوا لهم جماعة تانية»، وهو ما انعكس على المواطنين وجعلهم يؤمنون بأن هذه الحركات «مجرد حوار مثقفين». «هى حركات كسيحة»، كما يقول عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية. المشاط لا يرسم صورة أقل سلبية، ويعتقد أن «هذه الحركات تميل إلى الإثارة أكثر من سعيها لوضع خطط واستراتيجيات مستقبلية جادة. واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن المشكلة الأساسية التى تعانى منها هذه الحركات أنها نشأت منعزلة عن الجذور الاجتماعية أو الاقتصادية فهى ليست كحركات المعارضة فى باقى دول العالم على حد تعبيره «هى حركات قاهرية نخبوية تشكلت بين بعض المثقفين المتمردين أكثر من كونها حركات قومية». وهو ما يعبر عنه جمال عبدالجواد مساعد مدير مركز دراسات الأهرام بكلمات أخرى، «تعدد حركات الاحتجاج لم ينتج عنه أى عمل فعال لأن الطبقة السياسية فى مصر محدودة للغاية فى ظل مجتمع منزوع السياسة». وبتعبير عبدالجواد فإن الثقافة السياسية المصرية «تتسم بدرجة ميل عالية نحو للانقسام والانشقاق وصعوبة العمل ضمن فريق أو الوصول إلى حلول وسط بالإضافة إلى أخطر داء وهو الشخصنة». وسط هذه اللوحة السوداء يرى عبدالجواد «بعض المخلصين والأكفاء بين أعضاء هذه الحركات». «من الظلم أن نقول أن هناك ضجيجا بلا طحن. الأصح أن هناك ضجيجا كثيرا وطحنا قليلا. هذه الحركات فى النهاية خلقت حالة سياسية مختلفة فى شارع مصرى لا يعير اهتماما للسياسة.