اختيار مدينة العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية لعام 2025    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    الإمارات تدين بشدة مقتل موظفين من السفارة الإسرائيلية في واشنطن: أعمال إجرامية    إطلاق نار بالقرب من مقر وكالة المخابرات الأمريكية CIA في ولاية فرجينيا    محافظ الدقهلية يستقبل وزير الشباب لافتتاح وتدشين منشآت الرياضية    برشلونة يسرع خطواته لحماية يامال    مواعيد مباريات اليوم الخميس في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    بعد ارتباطه بالأهلي.. كوتيسا ينضم إلى أيك أثينا اليوناني بصفقة انتقال حر    أحمد سالم: رفض تظلم زيزو لا يعني تعسفًا.. وجماهير الزمالك نموذج في دعم الكيان    قطاع المعاهد الأزهرية يُعلن تفاصيل امتحانات الثانوية الأزهرية لهذا العام    إحالة أوراق 3 متهمين بقتل بالقناطر للمفتي    رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع انطلاق أعمال كنترول الشهادة الإعدادية    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    منافس الأهلي.. لاعب منتخب أمريكا السابق ينتقد تصرفات ميسي    الكرملين: "لا نعلم ما قاله ترامب للأوروبيين عقب محادثاته مع بوتين"    القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان «النساء يستطعن التغيير»    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    بوستيكجولو: سيكون مُحبطا إذا لم نواصل البناء في توتنام    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    التنسيق الحضاري: تدشين تطبيق "ذاكرة المدينة" الأحد المقبل بدار الأوبرا    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    مجلس وزراء الصحة العرب يؤكد دعمه للقطاع الصحي الفلسطيني    شاهد.. أسماء جلال تحتفل بعيد ميلادها مع غوريلا    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    اهتمام متزايد من الأجانب بالاستثمار في الصين    المؤتمر: تعديلات قوانين الانتخابات استجابة للواقع الديموجرافي الجديد    بحوث "مباشر" تحدد القيمة العادلة لسهم "بنيان" عند 7.94 جنيه    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    أمريكا ستتحمل المسؤولية.. إيران تحذر من نوايا إسرائيلية للهجوم على منشآتها النووية    أوروجواي تستدعي السفيرة الإسرائيلية بعد الهجوم على دبلوماسيين في جنين    الخارجية الإيرانية: التسريبات عن خطط إسرائيلية لهجوم على منشآت نووية إيرانية مقلقة وتستدعي إدانة دولية فورية    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. "البيئة" تكشف سبيل إنقاذ الأرض    مملكة الحرير على "ON" قريبا    22 صورة ترصد انطلاق امتحانات صفوف النقل بالدقي    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    الجوازات السعودية تكشف حقيقة إعفاء مواليد المملكة من رسوم المرافقين لعام 2025    وزير الصحة يبحث دعم تصنيع اللقاحات والتوسع في خدمات التطعيم بأفريقيا    تأثير الكبد الدهني على القلب- نصائح فعالة للوقاية    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    الجامعة البريطانية تحتفل بتخرج الدفعة الثانية من برنامج زمالة زراعة الأسنان    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    "صحانا عشان الامتحانات".. زلزال يشعر به سكان البحيرة ويُصيبهم بالذعر    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نورا ناجى تكتب رواية عن ثلاثة خطوط درامية لواقع أليم: «بيت الجاز».. اللجوء للكتابة محاولة لطرد الأشباح
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2025

مشهد واحد قادر على السيطرة على عقل الإنسان يستطيع أن يشغل فكره وحياته أن يغيرها ويعبث بها ويغير سرديتها ويصنع واقعا مغايرا للواقع المعاش، العقل يحتفظ بتلك المشاهد التى رآها، أو سمع عنها، أو قرأ عنها يمكنها أن تعيد تشكيل مشاعره، ويصبح نسيانها صعبا للغاية. نتحدث هنا عن الإنسان العادى والعقل الملاحظ الطبيعى فماذا لو كنا نتحدث عن الكاتب أو الكاتبة ممارس الفعل الإبداعى، ذلك الفعل المرهق الذى يحول الإنسان وعقله من الوضع الطبيعى إلى وضع أكثر تربصا بالأحداث، المشاهد، والقصص، مشهد واحد قادر على قلب حياة الكاتب رأسا على عقب قادر على إعادة تشكيلها الفكرة لو استقرت فى عقل الكاتب صنعت عالما وواقع خاصا بها، ولهذا الكاتبة فعل شديد الصعوبة يأخذ من الروح.
وهذا هو بيت القصيد فى رواية «بيت الجاز» أحدث أعمال الكاتبة والروائية نورا ناجى، والصادرة عن دار الشروق، هنا نرى نصا يقام على مشهد، مشهد لطفل يلقى من نافذة مستشفى بطنطا فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، مشهد سيحول الرواية لنص واعٍ بذاته، رواية داخلها نصوص أخرى لتتحول الرواية بفعل هذا المشهد الأساسى فى بناء الرواية ذاته إلى حجر الأساس لتأسيس روايتين ليصير لدينا ما يشبه الثلاث روايات فى نص واحد.
لدينا هنا رواية طبقات ثلاث طبقات متشابكة، ثلاثة خطوط دارمية منفصلة متصلة بثلاث شخصيات رئيسية، والبعض الآخر الهامشى، هنا توجد الكاتبة رضوى التى نسير معها فى رحلة حول مخاوفها، تساؤلاتها، خيالاتها، وحول الكثير من الأشباح التى تطارد الكاتب، إن الفصول الخاصة برضوى والمعنونة بالكتابة هى فصول أول ما تكون عن الكتابة نفسها اختارت فيها الكاتبة طرح حياة ممارس فعل الكتابة، واختارت لها اسما يرمز إلى أحد الكاتبات الكبار رضوى عاشور، والتى تم الإشارة لها فى النص أكثر من مرة.
هنالك تلك الحياة التى تتسم بالوحدة وبالألم، والتى تدفع رضوى للكتابة مثلها مثل كاتب يريد التمرد على تلك الحياة يريد الهرب من نفسه إلى الكتابة، ومع الكتابة هو يؤرخ لبعض منه، نرى أيضا حياة الكاتب فى الأوساط الثقافية فى نقد واضح لتلك الأوساط وأصحابها غير الحقيقيين بدرجة كبيرة، ثم نعيش مع رضوى ذلك المشهد الذى تظل حبيسة له طوال الرواية هو مشهد إلقاء طفل رضيع من أحد نوافذ المستشفى فى طنطا ذلك المشهد الذى ستحتفظ به دائما بعدما قرأت فى الجرائد وسيؤرقها طوال الرواية، حتى تكتب عنه رواية تراها روايتها الأخيرة التى بعدها سوف تعتزل فعل الكتابة المرهق.
الرواية التى كتبتها رضوى وأعطتها الحياة، وجعلت بطلتها من لحم ودم بطلة سنحتار إن كانت حقيقية أم محض خيال هنا ستذوب الفوارق بين الواقع والخيال، بطلة الرواية يمنى الطبيبة غير السعيدة التى نرى حياتها الكئيبة ومحطاتها الكثيرة، ونلمس تشابها بين البطلة وكاتبتها، يمنى هى الشخصية التى اختارت رضوى أن تجعلها الراوى للحكاية أن تكون هى الشاهد على قصة إلقاء الطفل الرضيع من نافذة المستشفى، ولكن ليس الحادث نفسه، بل ما حدث قبله لتسرد لنا ما رأته من حكاية بيت الجاز وأهله، وحكاية البطلة الحقيقية مرمر أم الطفل الملقى.
ومع ذلك تصبح يمنى شخصية مستقلة تسرد لما من حياتها الكثير، شاهدت يمنى مشهدا ظل محفورا فى ذاكرتها لا تستطيع التخلص منه، وهو مشهد انتحار مرمر بعد كل ما قاسته إضرامها النار فى جسدها وإلقاء نفسها من فوق سطح بيت الجاز كما ألقوا بابنها من نافذة المستشفى، مشهد ظل محفورا فى ذاكرة يمنى دائما، ولم تستطع التخلص منه على الإطلاق كأنه سلبها حياتها.
الخط الثالث للرواية هى المعنونة فصولها بالحقيقة، وكأنها حقيقة ما حدث لبطلة الرواية الأصلية مرمر أم الطفل الرضيع الملقى من نافذة المستشفى، نعود معها فى فصول الحقيقة من أجل تقصى الحقيقية عن ماذا أوصل ذلك الطفل ليتم الإلقاء به من النافذة عن قصة أمه الطفلة التى حملت هذا الطفل دون أى إرادة منها من جريمة وحشية لأحد أقرب الناس إليها، نرى سيرتها وسيرة بيت الجاز وأهله، سيرة أبيها وأمها وعمتها الملقية بالطفل من نافذة المستشفى، وعمها زيزو، وربما سيرة ليمنى بعيون مرمر، نرى أيضا سيرة الموت والمرض مع المجذومين والمقابر نشتم رائحة الموت الذى يحوم حول المكان دائما، ونرى مرمر وهى تتخلص من حياتها بإحراق جسدها والسقوط إلى الهاوية لترتفع هيا، ويهوى عالمها إلى الأبد.
إننا فى رواية «بيت الجاز» أمام نص مؤثر للغاية نص واعٍ إلى حد كبير بكونه نصا أدبيا، نص فى داخله عدة نصوص أخرى تضافر مع بعضها لتصنع لنا نصا بلغة شاعرية، تنبض شخصياته بالحياة، ليؤثر فى مشاعر من يقرأه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.