ارتفاع أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. والبلطي يصل إلى 100 جنيه للكيلو    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للقضية الفلسطينية    جوارديولا يكشف مفاجأة بشأن إصابة هالاند    حبس المتهم بقتل زوجته في منطقة أبو الجود بالأقصر على ذمة التحقيقات    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    قيادي بحزب الشعب الجمهوري: زيارة الرئيس السيسي لموسكو تعكس عمق العلاقة وتعزز الشراكات الاستراتيجية    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات الانتخابات الألمانية وسط ظروف متغيرة
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 03 - 2025

أجريت الانتخابات الألمانية، المبكرة عن موعدها بنحو سبعة أشهر، فى 23 فبراير 2025، نتيجة احتدام الخلافات بين أحزاب الائتلاف الحكومى الذى كان معروفا بائتلاف «إشارات المرور» لأنه يتكون من الحزب الاشتراكى الديمقراطى، ورمز له باللون الأحمر، والحزب الديمقراطى الحر، اللون الأصفر، وحزب الخضر، اللون الأخضر. هذا إلى جانب عدم الرضا العام عن أداء الحكومة ورئيسها المستشار شولتس، وتراجع الأوضاع الاقتصادية وزيادة التضخم، وتحمل ألمانيا أعباء كبيرة بدعمها أوكرانيا فى حربها مع روسيا التى امتدت ثلاث سنوات، وما أدت إليه العقوبات الأمريكية الأوروبية على روسيا، خاصة صادراتها من البترول والغاز، إلى انخفاض واردات ألمانيا منها وارتفاع ملحوظ فى أسعار الطاقة.
أقبل الناخبون الألمان على الإدلاء بأصواتهم بنسبة عالية للغاية بلغت نحو 83% من إجمالى المسجلين فى جداول الانتخابات. ويرجع هذا الإقبال الكثيف إلى عاملين مهمين، أحدهما عدم الرضا العام عن حكومة شولتس والرغبة فى تغييرها، وثانيهما تصاعد التيار اليمينى المتطرف ممثلا فى حزب البديل من أجل ألمانيا، خاصة فى الولايات الألمانية الشرقية، حيث تضاعف مؤيدوه. واتهم فريدريش ميرتس، زعيم حزب الاتحاد المسيحيين الديمقراطى، والاتحاد الاجتماعى البافاري، كل من الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة روسية متطرفة، بالتدخل فى الانتخابات الألمانية بتأييد كل من نائب الرئيس الأمريكى فانس، وإيلون ماسك علنا حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف، واتهام فانس لأوروبا بأنها لا تحترم الحرية والديمقراطية بفرض قيود على اليمين المتطرف. وادعت المجموعة الروسية المتطرفة أنه يتم التلاعب فى أصوات الناخبين الذين يدلون بأصواتهم عن طريق البريد.
وانتقد ميرتس الإدارة الأمريكية وأعرب عن صدمته من تصريحات ترامب بشأن الحرب الروسية ضد أوكرانيا وأنه يقلب الأمور بوضع الجانى مكان الضحية وتبنيه رؤية الرئيس بوتين، وأن ثمة متغيرات قد تعيد رسم خريطة العالم. وأنه يتعين على ألمانيا أن تتولى مزيدا من المسئولية فى الاتحاد الأوروبى مرة أخرى، وهو أمر يحتاج إلى مزيد من القوة الاقتصادية وإنهاء حالة الركود الاقتصادى المستتر فى ألمانيا.
• • •
جاءت نتائج الانتخابات قريبة من استطلاعات الرأى السابقة مباشرة على يوم الاقتراع. وحصل الائتلاف التقليدى المحافظ والمكون من حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى بزعامة ميرتس، والحزب الديمقراطى المسيحى البافارى، على نحو 29% من الأصوات واحتل المركز الأول الذى يؤهل ميرتس لتولى تشكيل الحكومة الجديدة، واحتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف بزعامة أليس فايدل المركز الثانى بحصوله على 20,8%، بينما حصل الحزب الاشتراكى الديمقراطى بزعامة أولاف شولتس على 16,41% ليحتل المركز الثالث، وقال شولتس أنها نتيجة مريرة للحزب، وحصل حزب الخضر على 11,61% ليشغل المركز الرابع، وحصل حزب اليسار على 8,8%، بينما لم يكمل الحزب الديمقراطى الحر الحد الأدنى 5% لدخول البرلمان، حيث حصل على 4,33% من الأصوات، ونفس الشىء لأحزاب أخرى لن تدخل البرلمان.
أبدى ميرتس رغبة فى تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن قبل عيد الفصح فى 20 إبريل 2025، من أجل العمل على تجاوز ألمانيا أزمتها. ولكن مهمة تشكيل الحكومة هذه المرة صعبة للغاية، فبينما أعلنت أليس فايدل زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا الاستعداد للائتلاف مع ميرتس، إلا أن الأخير صرح بأنه لا يمكن إشراك حزب البديل فى ائتلاف الحكومة، ومعروف أن هذا الحزب يؤيد روسيا فى حربها على أوكرانيا. ومن ثم بدأ ميرتس محادثات مع شولتس من أجل انضمام الحزب الاشتراكى الديمقراطى إلى الحكومة الجديدة. ولكن هذا يتطلب تجاوز عدة خلافات بينهما حول عدة موضوعات مهمة مثل الهجرة، فبينما يرى الحزب الاشتراكى الديمقراطى أن ألمانيا فى حاجة إلى مهاجرين خاصة الشباب لتعويض ارتفاع نسبة كبار السن وقلة المواليد، وأنه يمكن تقنين الهجرة وفقا لاحتياجات سوق العمل فى ألمانيا، فإن حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى يتفق مع حزب البديل بوقف الهجرة وإعادة المهاجرين إلى بلادهم لأن بقائهم سيؤدى إلى تغيير فى التركيبة الاجتماعية والثقافة العامة الألمانية. وخلاف أساسى آخر بشأن لجوء ألمانيا إلى القروض الخارجية للمساعدة على الخروج من الركود والأزمة الاقتصادية، وهذا يخالف الدستور الألمانى الذى لا يسمح للحكومة بالاقتراض إلا فى حالات الطوارئ. وسبق أن طلب شولتس تعديل الدستور للسماح بالاقتراض، وهو ما اعترض عليه بشدة الحزب الديمقراطى الحر الذى كان مؤتلفاً معه وحزب الخضر فى الحكومة، وهو ما أدى إلى استقالة الحكومة والتبكير بالانتخابات التى لم تكن فى صالح أى من الحزب الاشتراكى الديمقراطى، والحزب الديمقراطى الحر الذى خسر ولن يدخل البرلمان. ويبقى موضوع تعديل الدستور أحد البنود الصعبة فى التفاوض لتشكيل الحكومة الجديدة لما لحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى من تحفظات قوية على هذا الموضوع، إلى جانب اختلافات أخرى بينهما بشأن السياسة الاجتماعية والضريبية والنقل.
• • •
بافتراض حدوث توافق على الائتلاف بين الحزبين الكبيرين، فلن تكون لهما أغلبية مريحة فى البرلمان لأن إجمالى ما لهما من مقاعد يمثل 45% من إجمالى مقاعد البرلمان. لذا قد تجرى مفاوضات مع الخضر أو غيرهم للانضمام إلى الائتلاف الحكومى. ويبقى فى الأفق احتمال إعادة الانتخابات بعد فترة قصيرة. وإن كان من المتوقع التوصل إلى مواءمات بين الحزبين الكبيرين لمواجهة التحديات الكبيرة داخليا بأزمة اقتصادية وتصاعد قوة اليمين الألمانى المتطرف، وخارجيا بسياسات اليمين الأمريكى الجديد بزعامة الرئيس ترامب وما تفرضه سياساته من مزيد من التحديات الاقتصادية والأمنية بالنسبة لألمانيا وأوروبا، سواء فيما يتعلق بالموقف من الحرب الروسية على أوكرانيا وكيفية إنهائها، أو بالتوجه نحو سياسة الحماية الجمركية بفرض رسوم جمركية على الحلفاء وغير الحلفاء، تحت شعار أمريكا أولاً، أو مطالبة الدول أعضاء الناتو بمساهمة كل دولة فى ميزانية الحلف بنسبة 5% من إجمالى الناتج القومى المحلي، وهو ما يمثل عبئا كبيرا صعب الاستجابة له، وأقصى نسبة دفعتها بريطانيا 2,5% سنويا أى ما يعادل نحو 30 مليار جنيه استرلينى فى السنة، بينما ظروف ألمانيا الاقتصادية لا تسمح بزيادة مساهمتها بأكثر من 2% سنويا أو أكثر قليلا.
لذا تحدث فريدريش ميرتس عن ضرورة أن تعتمد أوروبا على تكوين وتعزيز قوتها الدفاعية الأساسية وتستقل عن الولايات المتحدة الأمريكية. ذلك لاعتماد ألمانيا على المظلة النووية لحلف الناتو. وتوجد فى ألمانيا نحو 40 قاعدة عسكرية أمريكية، بعضها مزود بأسلحة نووية. وتخشى ألمانيا من احتمالات سحب واشنطن لهذه الأسلحة، حيث لا يسمح الدستور الألمانى بامتلاك أسلحة نووية ألمانية. ومن ثم، فإن ميرتس سيعمل على ترميم العلاقات الألمانية الأمريكية، وإزاء حالة عدم اليقين تجاه سياسة الرئيس ترامب وما يتخذه من قرارات مفاجئة، فإن أول زيارة خارجية لميرتس بعد تشكيل الحكومة الجديدة ستكون إلى كل من فرنسا وبولندا، والدعوة إلى محادثات بين بريطانيا وفرنسا، الدولتين النوويتين فى أوروبا، لبحث التعاون فى مجال الدفاع عن أوروبا، فى ظل التقارب بين واشنطن وموسكو وسعيهما لفرض تسوية سياسية للحرب على أوكرانيا. وقد أبدى الرئيس الفرنسى ماكرون استعداد فرنسا لنشر مظلة نووية فى ألمانيا إذا تغير الموقف الأمريكى من حلف الناتو والتعاون العسكرى الأوروبى الأمريكى.
• • •
وتتخذ ألمانيا مواقف سياسية متوازنة تجاه قضايا وأزمات الشرق الأوسط، وكان انحياز المستشار شولتس لإسرائيل فى حربها على قطاع غزة واضحا، إلا أنه فى الفترة قبل وأثناء الانتخابات الألمانية، أيد وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، ورفض طرح الرئيس ترامب بتهجير سكان غزة إلى أماكن أخرى وإعادة تعمير غزة لتصبح ريفييرا الشرق الأوسط، ووصف الاقتراح بأنه «فضيحة مدوية». ويتوافق موقف ألمانيا بصفة عامة مع الاتحاد الأوروبى بأهمية حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وفقاً للشرعية الدولية، ولم تعترف ألمانيا بالدولة الفلسطينية حتى الآن، وينتظر أن تستمر الحكومة الألمانية الجديدة فى اتباع نفس الموقف.
إن الحكومة الألمانية الجديدة أمامها عدة تحديات ابتداء من تشكيلها، ومواجهة الأزمة الاقتصادية، وتداعيات التسوية الروسية الأمريكية للحرب الأوكرانية، ومواجهة تقلبات السياسة الأمريكية فى عهد ترامب، وتحدى اليمين الألمانى المتطرف المتصاعد بقوة فى السنوات الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.