من المقرر أن يبحث وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط، غدا الأحد فى القاهرة، مع نظيريه الفرنسى برنار كوشنير والإسبانى ميجائيل موارتينوس حلولا مقترحة للمشاكل السياسية والإجرائية التى تسببت فى تأجيل قمة الاتحاد من أجل المتوسط إلى نوفمبر. كما سيسعى الوزراء لتفعيل فرص نجاح الاتحاد، الذى يضم 43 دولة، الذى أطلقه الرئيسان المصرى حسنى مبارك والفرنسى نيكولا ساركوزى فى العاصمة الفرنسية، بوعد أن يلتف حول تعقيدات الصراع العربى الإسرائيلى. كانت إسرائيل قد وجهت ضربة جديدة للاتحاد من أجل المتوسط المشروع الذى طرحه ساركوزى بعد أن تسببت فى تراجع فرصه لتحقيق تعاون سلس حول حوض المتوسط فى مجالات البيئة والاقتصاد والسياحة بإصرارها على مشاركة وزير الخارجية اليمينى المتطرف آفيجدور ليبرمان فى وفد بلاده إلى قمة كانت مجدولة للانعقاد فى برشلونة فى الثامن من يونيو للاتحاد من أجل المتوسط المشهد الدرامى. وهو ما كانت الكثير من الأطراف العربية والأوروبية تنتظره لإعلان تأجيل انعقاد القمة من يونيو إلى نوفمبر المقبل، حسبما أعلنت القاهرة، الرئيس المشارك للاتحاد من أجل المتوسط، وإسبانيا الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى. البيان الرسمى المصرى أرجع التأجيل لضمان مشاركة عربية أوسع. بينما أرجع بيان إسبانى رسمى التأجيل إلى منح الفرصة للمفاوضات غير المباشرة التى تشرف عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لإحراز تقدم من شأنه أن يسهم فى تقليل مساحة الخلافات التى سيطرت على اجتماعات تحضيرية لأعمال القمة جرت فى بروكسل خلال الشهر الجارى. وأظهرت الاجتماعات العديد من التعقيدات، تتجاوز حسب مصادر عربية وأوروبية، ملف الصراع العربى الإسرائيلى وما تسبب فيه فشل جهود التسوية من عرقلة لمشاريع للتعاون فى مجالات عديدة منها المياه والبيئة وغيرهما. وتتفق مصادر عربية وأوروبية على أن التعقيدات التى أحاطت بانعقاد القمة لم تكن مقصورة على مشاركة ليبرمان المرفوضة بالأساس من مصر، لما سبق أن تطاول به الوزير الإسرائيلى على شخص الرئيس المصرى، بعد توليه حقيبة الخارجية فى حكومة بنيامين نتنياهو الحالية. «الأمر بالنسبة لنا لم يكن يتعلق بمشاركة ليبرمان فى الوفد الإسرائيلى. الأمر كان يتعلق بألا يترأس ليبرمان وفد إسرائيل سواء فى اجتماع تحضيرى يجريه وزراء الخارجية تمهيدا للقمة، وألا يصل ليبرمان للجلوس على كرسى رئيس الوفد الإسرائيلى فى جلسات القمة، فى حال ما تحرك نتنياهو خارج غرفة الاجتماعات للقاء رئيس أحد الوفود أو حتى للذهاب إلى التواليت»، هكذا قال مصدر دبلوماسى مصرى مشترطا عدم ذكر اسمه. المصدر نفسه أضاف: إن أيا من فرنسا، الرئيس المشارك للاتحاد من أجل المتوسط مع مصر، وإسبانيا الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى لم يتمكنا من الحصول على تأكيدات من إسرائيل بأن ليبرمان لن يجد طريقه للكرسى الرئيسى فى الاجتماعات التحضيرية أو اجتماع القمة. لكن التعقيدات الأخرى كانت عديدة: بعض الدول العربية على عقد اجتماع لوزراء الخارجية يسبق القمة على أساس أن المشكلة للعديد من الدول العربية هى فى شخص نتنياهو أكثر منها فى شخص ليبرمان، لم يكن هناك اتفاق على مصير رئاسة الاتحاد من أجل المتوسط. وما إذا كانت ستنقل من مصر إلى الأردن أو من مصر إلى الجزائر ومن فرنسا إلى إسبانيا الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى وصاحبة مشروع مشاركة برشلونة، الذى حل محله الاتحاد من أجل المتوسط بعد 15 عاما أم إلى كاترين آشتون وما إذا كانت آشتون ستتولى بنفسها الرئاسة أم ستحيلها بالنيابة إلى الدول الأوروبية التى تتناوب كل ستة أشهر على رئاسة الاتحاد الأوروبى. المشاكل التى عرقلت اجتماع برشلونة شملت أيضا الملف السياسى، حيث تباينت الآراء داخل المجموعتين العربية والأوروبية حول ما إذا كان على القمة أن تصدر بيانا سياسيا طويلا يتحدث بالتفصيل عن الصراع العربى الإسرائيلى أم يقتصر الأمر على بيان من صفحتين يطرح الخطوط العريضة ويتجاوز التفصيلات. إلى جانب ذلك، كان هناك استمرار للقضايا الخلافية، التى سيطرت على اجتماع سابق لوزراء المياه فى دول الاتحاد من أجل المتوسط منذ أسابيع قليلة التى أدت إلى الإعلان عن فشل الاجتماعات بسبب إشارات أرادت إسرائيل صياغتها بصورة ملتبسة حول حقوق المياه فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ومشاكل شبيهة تتعلق بالتعاون فى مجال السياحة والبيئة. لكن إحراز تقدم ما فى إطار المفاوضات غير المباشرة من شأنه أن يسهم فى حلحلة بعض الأمور على حد قول مصادر عربية وأوروبية. إلا أن المصادر نفسها تقر بأمرين: أن إحراز هذا التقدم ليس مضمونا، وأن المشاكل الأخرى التى لا ترتبط بالصراع العربى الإسرائيلى تتطلب أيضا حلولا ناجعة.