السيسي يجتمع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    مطالب برلمانية للمحافظين بالتحرك لإنقاذ المتضررين من ارتفاع منسوب مياه النيل    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    7 لجان.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لراغبي الترشح لانتخابات النواب بكفر الشيخ    استمرار تراجع سعر الدولار اليوم الأحد 5/10/2025 أمام الجنيه بمنتصف التعاملات    تعرف على أسعار اللحوم بكفر الشيخ اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    وزير الاتصالات يعلن إطلاق نسخة مطورة من منصة إبداع مصر لتمكين الشركات الناشئة    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    رئيس الوزراء يُتابع موقف مشروعات تطوير البُنى التحتية وأنظمة التأمين بالمطارات المصرية    وزير الزراعة: لدينا خطط بديلة لمواجهة تأثيرات سد النهضة    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    "إكسترا نيوز" ترصد آخر التطورات والمستجدات من أمام معبر رفح    قاضية فيدرالية تعرقل "مؤقتاً" قرار ترامب بنشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    إغلاق مطار بن جوريون بعد إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه إسرائيل    الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصفه العنيف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    من هو هنري حمرة؟ أول يهودي سوري يترشح لعضوية البرلمان منذ 78 عامًا    موعد مباراة الزمالك المقبلة فى الدورى بعد التعادل مع المحلة    برشلونة يسعى لتجاوز خيبة الأبطال عندما يواجه إشبيلية في الليجا    شوبير: هناك مشكلة فى دفاعات الأهلى والشد العضلي مبالغ فيه    سيناريوهات صعود بيراميدز فى دوري أبطال أفريقيا أمام الجيش الرواندى    مواعيد مباريات اليوم الأحد 5-1- 2025 والقنوات الناقلة لها    لاقتحام المنافسة.. موعد مباراة مانشستر سيتي أمام برينتفورد والقناة الناقلة    هل يعود ميدو؟.. شوبير يرشح 3 مدربين لخلافة فيريرا في الزمالك    1500 مخالفة بمترو الأنفاق والقطارات.. و3566 قضية سرقة كهرباء    إصابة سائق و9 طلاب فى انقلاب سيارة ميكروباص بطريق الفيوم    دعوى متجمد نفقة جديدة ب 150 ألف جنيه تلاحق إبراهيم سعيد.. وتأجيلها ل12 أكتوبر    ماذا نعرف عن بيرلا حرب ملكة جمال لبنان 2025؟    انطلاق المؤتمر السنوى العشرون لأدب الطفل بالمكتبة المركزية بجامعة حلوان    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 في محافظة المنيا    «الرقابة الصحية» تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى تحت شعار «بداية آمنة لمستقبل أكثر صحة»    الصحة تكثف الخدمات الطبية وأعمال الترصد بقرى المنوفية بعد ارتفاع منسوب النهر    اكتشاف تحورات جينية لسرطان القولون والمستقيم بتقنية حديثة بالقصر العينى    «الحصاد الأسبوعي».. نشاط مكثف لوزارة الأوقاف دعويا واجتماعيا    «مرة فى الشهر » الفيلم الذى أبكى الجميع فى مهرجان الغردقة    أيقونات نصر أكتوبر    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    مطار فيلنيوس يعلق الرحلات بسبب اقتراب «مناطيد الهواء»    «أنعي الموسيقى في بلادي».. سلاف فواخرجي تعلق تدمير معهد الموسيقى بسوريا    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    قافلة عاجلة من «الهلال الأحمر» لإغاثة المتضررين من ارتفاع منسوب مياه النيل في المنوفية    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان وقيادة جديدة وتحديات مركبة
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 01 - 2025

إن النظام السياسى والدستورى اللبنانى له سمات خاصة به، منها أن له ثلاثة رؤساء وفقا لنظام المحاصصة لطوائفه الرئيسية، وهم رئيس الجمهورية ويكون من طائفة المسيحيين الموارنة، ورئيس الوزراء وهو من المسلمين السنة، ورئيس البرلمان وهو من المسلمين الشيعة. ويخضع اختيار كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لمشاورات مكثفة بين قيادات الطوائف الثلاث للتوافق على المرشحين لهذين المنصبين، مضافا إليهم القوى الإقليمية والدولية ذات التأثير على الأوضاع السياسية اللبنانية. وتستطيع إحدى القوى اللبنانية أن تعطل عملية الاختيار، إما بالمعارضة، أو بالحشد لعدم حضور جلسات البرلمان وعدم توفر النصاب القانونى للحضور. ولكن عندما تتغير موازين القوى الداخلية والخارجية يتم التوافق المشروط وحسم الاختيار.
وبناء عليه تم انتخاب البرلمان اللبنانى للرئيس الجديد الجنرال جوزيف عون بأغلبية 99 صوتا من إجمالى 128 صوتا، بالتوافق مع حزب الله على أن يتم إعادة ترشيح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتى لتشكيل الحكومة الجديدة. وقد أدى الرئيس جوزيف عون اليمين الدستورية فى يوم انتخابه 9 يناير 2025، وألقى كلمة مطولة عقب أداء اليمين، واضح من محتوياتها أنها كانت معدة سلفا، حيث اشتملت على عدة نقاط تعتبر بمثابة خريطة طريق لمرحلة سياسية جديدة فى منهجها وفى تناولها لقضايا وأوجاع لبنان.
من أهم الخطوط العريضة توضيح الرئيس جوزيف عون أن لبنان يمر بأزمة حكم تفرض تغيير الأداء السياسى، وضرورة العمل على تحقيق استقلال القضاء، وتفعيل إصلاح مؤسسات الدولة، وإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية باعتبار أن لبنان ذو انتماء عربى وهوية عربية. والتأكيد على الحفاظ على ميثاق ووثيقة الوفاق الوطنى. وممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات. والعمل مع الحكومة لتطوير قوانين الانتخابات، والعمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة. وممارسة سياسة الحياد الإيجابى. ورفض التوطين للفلسطينيين (فى لبنان) وتولى أمن المخيمات الفلسطينية. واستثمار علاقات لبنان الخارجية لمصالح لبنان وليس للاستقواء بالخارج على الداخل. وتفعيل القوى الأمنية اللبنانية لحفظ الأمن وتطبيق القانون. ومناقشة استراتيجية دفاعية كاملة دبلوماسيا، واقتصاديا، وعسكريا، بما يمكن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلى وردع عدوانه. وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
• • •
أعقب ذلك ترشيح رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام لتشكيل الحكومة الجديدة يوم 13 يناير 2025، بعد انسحاب مرشحين آخرين وإعلانهما تأييد نواف سلام فى مواجهة نجيب ميقاتي. وقد أثار ذلك غضبا واستياء لدى قيادات الثنائى الشيعى حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه برى. واعتبره بعض قيادات حزب الله بأنه بمثابة «انقلاب أبيض» يمثل اتجاها لإقصاء الحزب، وأنه يتعين الالتزام «بالمواثقية» أى باحترام نظام مشاركة جميع فئات الشعب اللبنانى الرئيسية، واعتبروا أن نواف سلام غير مسئول عن ما حدث. وساورتهم مخاوف من أن يكون هناك من يخطط للانقضاض سياسيا على دور الطائفة الشيعية ولتطويقها استكمالا لما ترتب من نتائج الحرب التى شنتها إسرائيل وتدمير البلدات الشيعية فى جنوب لبنان وضرب بنيتها الاقتصادية والتجارية واغتيال كبار قيادات حزب الله.
وقد أثار ذلك تحسبا لأن يقاطع الثنائى الشيعى مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما دعا الرئيس جوزيف عون إلى عقد اجتماع ثلاثى جمعه مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، ورئيس البرلمان وحركة أمل نبيه برى، الذى كان فى الفترة الأخيرة يقود المفاوضات باسم الثنائى الشيعى بعد اغتيال إسرائيل حسن نصر الله. وطلب عون عدم وضع عراقيل تعطل تشكيل الحكومة.
كما التقى الرئيس جوزيف عون بوفد برئاسة نائب رئيس المجلس الشيعى الأعلى اللبناني، حيث أكد للوفد وجود فرص كبيرة يتعين استغلالها معا، ولا وقت لتضييعه، ويجب عدم وضع أى عراقيل أمام تشكيل الحكومة، وإرسال رسالة للخارج بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه، وعلى تنفيذ إعادة الإعمار بشفافية، وعلى بناء دولة ينادى بها جميع اللبنانيون، وأنه إذا انكسر مكون لبنانى فسينكسر لبنان كله. وأوضح أن اختيار رئيس الحكومة تم بعملية ديمقراطية، وأن المصلحة العامة هى الأهم. وأوضح أنه ضغط من أجل انسحاب الجيش الإسرائيلى وانتشار الجيش اللبنانى، وأن الدولة هى المسئولة وليست فئة واحدة فقط، وأنه ليس مسموحا أن تتحمل فئة واحدة عبء الصراع مع إسرائيل. واستشهد بقول الإمام الشيعى موسى الصدر بأنه لا يمكن أن يكون لبنان مبتسما وجنوبه متألم أو يبكى.
واضح من كلام الرئيس عون أن مرحلة دفاع حزب الله عن جنوب لبنان قد انتهت وأصبح ذلك مسئولية الدولة والشعب اللبنانى كله.
تحدث رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، وهو قاض ودبلوماسى وأستاذ فى القانون، ولديه خبرات دولية واسعة، وأوضح أنه آن الأوان لبدء فصل جديد قائم على العدالة والأمن والتقدم، وأن يكون لبنان بلد الأحرار المتساوين فى الحقوق والواجبات. وأنه ليس من أهل الإقصاء، بل من أهل الوحدة والمشاركة، وأن يديه ممدودتان للجميع، وسيحرص على ألا يشعر مواطن واحد بالتهميش. وأكد أن أهم التحديات هى إزالة آثار العدوان الإسرائيلى وما أحدثه من تدمير للمنازل والمؤسسات، وأن على الحكومة إعادة بناء ما تهدم فى جنوب لبنان، وأن إعادة الإعمار ليست مجرد وعد، بل التزام. ويجب العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها، وانسحاب الجيش الإسرائيلى من كل شبر لبنانى. والعمل على تنفيذ أحكام اتفاق الطائف التى لم تنفذ بعد، وتطبيق اللامركزية الإدارية، وإنصاف ضحايا ميناء بيروت البحرى. ووضع برنامج لبناء اقتصاد لبنانى حديث ومنتج يؤمن المزيد من فرص العمل، وبناء دولة حديثة مدنية وعادلة، وأن الرهان الصحيح على وحدة اللبنانيين. وأكد أنه سيعمل من الآن مع الرئيس عون لبناء الدولة ومؤسساتها.
• • •
استطاع لبنان، بعد شغور منصب الرئاسة نحو 26 شهرا، وحكومة تصريف أعمال طوال نفس الفترة، وهو نفس ما حدث بين عامى 2014-2016، انتخاب رئيس للجمهورية، ورئيس للحكومة من خارج الدوائر السياسية اللبنانية التقليدية. رئيس الجمهورية ينتمى للمؤسسة العسكرية ومن أهالى جنوب لبنان، ورئيس الحكومة المكلف من أهل الدبلوماسية والقانون ومن أسرة سياسية. وكلاهما متفقان، على إعادة تأهيل الدولة اللبنانية بمشاركة جميع الطوائف وفقاً للدستور والمواثيق المتفق عليها وعدم السماح بأن يكون لأى فئة تميز أو القيام بأى أدوار هى أساسا من اختصاص مؤسسات الدولة، ورفض الاستقواء بالخارج، والمساواة بين الجميع وفقا للقانون.
الحقيقة أن هذه الأهداف تتطلب التغلب على عدة تحديات مركبة منها، نزع سلاح حزب الله تنفيذا لجعل كل الأسلحة بيد الدولة، وهذا أمر بالغ التعقيد فى المرحلة الحالية لما أصاب حزب الله من جراح مؤلمة، والإحساس بتراجع نفوذه، لذا فإن الأمر يتطلب معالجة متأنية وصبورة ودراسة ما قد يطرحه الحزب من مطالب لضمان مكان فاعل له فى الحياة السياسية اللبنانية. وعملية إعادة الإعمار وما تتطلبه من تمويل وإمكانات فى ظل أوضاع اقتصادية ومالية متدهورة للغاية منذ عام 2019 حتى الآن. وتطبيق وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. عدم استبدال النفوذ الإيرانى الذى تراجع بشدة، بنفوذ قوى أخرى إقليمية ودولية كان لها دور مؤثر فى اختيار رئيسى الجمهورية والحكومة، خاصة وأن احتياج لبنان إلى دعم مالى سواء من المؤسسات المالية الدولية، صندوق النقد والبنك الدوليين، وقوى إقليمية ودولية، سيستجاب له وفقاً لمواءمات معينة تطلب من لبنان، وتقدر خسائر لبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية عليه بنحو 10 مليارات دولار أمريكى، إلى جانب فجوة مالية نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية تقدر بنحو 72 مليار دولار أمريكى. وأهمية معالجة الاقتصاد غير الشرعى، والفساد، والتهريب، وغسيل الأموال، والاتجار فى المخدرات، والضبط المحكم للمنافذ البرية والبحرية والجوية. وقضايا ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا وإسرائيل على ضوء التغيير الكبير الذى حدث فى سوريا. أما مسألة عدم توطين الفلسطينيين الموجودين فى المخيمات فى لبنان، فهى معقدة ومرتبطة بإقامة الدولة الفلسطينية ومدى قدرتها على استيعاب كل اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان ومن سيعود منهم إلى داخل إسرائيل ومدى قبولها لذلك.
لقد بدأ لبنان مرحلة جديدة بقيادة جديدة، هدفها إعادة صياغة وهيكلة الدولة وفقاً للدستور والقانون والمواثيق المتفق عليها والتى لم يعد يعمل ببعض بنودها ومحتواها، واحترام مبدأ المساواة بين جميع فئات المجتمع اللبناني، وقصر ملكية السلاح على الدولة التى عليها مسئولية الدفاع عن الحدود والأراضى اللبنانية دون أحد غيرها. وأن تحقيق هذه الأهداف فى أمس الحاجة إلى وفاق داخلى بين كل طوائف المجتمع، ودعم إقليمى ودولى فى إطار احترام استقلال وسيادة وسلامة أراضى لبنان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.