محافظ الجيزة يكلف بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة    ترامب: سنناقش مسألة تبادل الأراضي والقرار يعود للجانب الأوكراني ولن أتفاوض باسمهم    فيصل وشلبي يقودان تشكيل البنك الأهلي أمام حرس الحدود بالدوري الممتاز    "عملتها الستات ووقع فيه الرجالة"، مقتل وإصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بالبدرشين    نجوى فؤاد تحسم الجدل حول زواجها من عم أنغام ( فيديو)    «يا رايح للنبي».. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    بعد «الإحلال والتجديد».. افتتاح مسجد العبور بالمنيا    قبل ساعات من قمة ألاسكا.. بوتين في أكبر مصنع روسي لإنتاج كبسولات تعزيز الذاكرة والمناعة (تفاصيل)    متحدث باكستاني: عدد قتلى الفيضانات المفاجئة في شمال غرب باكستان ارتفع إلى 157 شخصا    المتحدث العسكري ينشر فيديو عن جهود القوات المسلحة في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة (تفاصيل)    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 فلكيًا في مصر (تفاصيل)    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    فليك: جارسيا حارس مميز وهذا موقفي تجاه شتيجن    تشالهانوجلو يعود إلى اهتمامات النصر السعودي    الرئاسة في أسبوع، السيسي يوجه بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام.. حماية تراث الإذاعة والتلفزيون.. ورسائل حاسمة بشأن أزمة سد النهضة وحرب غزة    ب6 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    المنيا.. مصرع طفلة إثر صعق كهربائي داخل منزل جدتها بسمالوط    رئيس جامعة بنها: التعليم بداية الطريق وتقديم كافة أنواع الدعم للخريجين    فنانو مصر عن تصريحات «إسرائيل الكبرى»: «نصطف منذ اليوم جنودًا مدافعين عن شرف الوطن»    عمرو يوسف: تسعدني منافسة «درويش» مع أفلام الصيف.. وأتمنى أن تظل سائدة على السينما (فيديو)    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    وفاء النيل.. من قرابين الفراعنة إلى مواكب المماليك واحتفالات الخديوية حتى السد العالي    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة».. إمام المسجد الحرام: تأخير الصلاة عند شدة الحر مشروع    خطيب الجامع الأزهر: الإسلام يدعو للوحدة ويحذر من الفرقة والتشتت    «السلام عليكم دار قوم مؤمنين».. عالم بالأزهر: الدعاء عند قبور الصالحين مشروع    بحث تطوير المنظومة الطبية ورفع كفاءة المستشفيات بالمنيا    نائب وزير الصحة: مهلة 45 يومًا لمعالجة السلبيات بالمنشآت الطبية في المنيا    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    خدمات علاجية مجانية ل 1458 مواطنا في قافلة طبية مجانية بدمياط    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    محافظ الدقهلية يتفقد عمل المخابز في المنصورة وشربين    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب وتوقيف متورطين بينهم مواطن فرنسي    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    117 مليون مشاهدة وتوب 7 على "يوتيوب"..نجاح كبير ل "ملكة جمال الكون"    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    مديرية الزراعة بسوهاج تتلقى طلبات المباني على الأرض الزراعية بدائرة المحافظة    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من 2025    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    «الطفولة والأمومة» يحبط زواج طفلتين بالبحيرة وأسيوط    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    نائب وزير الصحة يتفقد المنشآت الطبية بمحافظة المنيا ويحدد مهلة 45 يوما لمعالجة السلبيا    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« الصورة الشعرية»
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 04 - 2009

يعد التشبيه والاستعارة من أبرز آليات صناعة الصورة الشعرية، والتشبيه فى علوم البلاغة العربية هو مقارنة بين شيئين من جنسين مختلفين لما بينهما من وجه شبه يوضح المشبه، أما الاستعارة فهى تشبيه حذف منه المشبه به أو المشبه ولابد أن تكون العلاقة بينهما المشابهة دائما.
وقد كانت النظرة البلاغية العربية القديمة وكذلك الكلاسيكية الغربية تُعْلِى من قيمة الرابط المنطقى بين المشبه والمشبه به، على عكس النظرة النقدية الحديثة التى تأثرت بإطلاق الخيال الرومانسى وفتحت الباب أمام حرية المبدع فى التصوير الشعرى حتى إن فال انكلان يقول: تعسا لمن لا شجاعة له على الجمع بين كلمتين لم تقترنا أبدا من قبل.
وقد كنا ندرس بيتا بوصفه نموذجا أعلى للتشبيه يقول:
انظر إليه كزورق من فضة قد أثقلته حمولة من عنبر
فالقمر يبدو وهو هلال شديد الشبه بالزورق، ونوره يلمع مثل الفضة، بينما هو غارق فى الليل الأسود بلون العنبر.
والنظرة القديمة ترى أن الشاعر قد برع فى هذا التصوير لقوة الرابط المنطقى بين المشبه والمشبه به، لكن الأمر من وجهة النظر الحديثة ليس كذلك، فالصورة لم تعلن لنا عن موقف الشاعر ولا عن طبيعة انفعاله النفسى بهذا المشهد، إنها تذكرنى بعبارة سى دى لويس التى يقول فيها: إن أى شخص يستطيع أن يختلق صورا جديدة، لكن ما لم تكن له عين بصيرة، وما لم يضع قلبه فيها، فإن الصورة تأتى شوهاء كتلك الحلى التى اعتدنا رؤيتها فى موسم الميلاد.
ويحضرنى دائما مقابل الصورة السابقة صورة أخرى للقمر لدى الشاعر عبدالرحمن الأبنودى فى قصيدته « الخواجة لامبو» حيث يقول:
يا قمر.. يا رغيف بعيد
النهاردة الحد.. عيد
الفقير.. ليه مش سعيد
والغُناى.. ليه مبسوطين؟
إن الصورة السابقة نعرف منها موقف الشاعر المنحاز إلى الفقراء المحرومين من الطعام حتى فى ليلة العيد، كما أنها تقطر حزنا شعريا نرى فيه حلم الفقير بالحصول على رغيف خبز كامل أشبه بحلمه بالوصول إلى القمر.
ربما لم نكن نتصور قبل الآن أنه يمكن أن تكون هناك علاقة بين القمر ورغيف الخبز، لكن القصيدة هى«كيمياء الكلمة» التى تحدث عنها رامبو، والتى من خلالها تلتحم فى العبارة كلمات تعد متنافرة فى قانون الاستعمال العادى للغة.
وتجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن القدماء كانوا يتحدثون أيضا عن ألفاظ تصلح للشعر وأخرى لا تصلح، بينما وجهة النظر الحديثة ترى أنه ليس هناك ما يسمى باللغة الشعرية إذا كنا نريد باللغة مجموعة من الكلمات، ولكن هناك عبارة شعرية لا من خلال كلماتها ولكن من خلال بنائها.
فعلى المنهج القديم لا يتصور أحد مثلا أن مصطلحا مثل «التراكيب الجيولوجية» يمكن أن يدخل فى قصيدة، فما بالك بأنه قد دخل بالفعل، بل وفى قصيدة عامية، حيث يقول صلاح جاهين فى مفتتح قصيدته «أرض مصرية»:
مَلّسْ بخدك ع التراكيب الجلوجية
والمِس بيدك كرمشات الزمان
أحجار بهيئة مية مغلية
معمولة هيه.. ولا عفوية؟
من عهد آدم ولا عام الطوفان؟
ترابيزة بعد السكر قلبوها الخمورجية
مالت سبع طبقات على طبقات
والسن بارز فى السما طبقات
فالشاعر قد جمع فى تصويره لجبال سيناء بين التراكيب الجيولوجية وكرمشات الزمان والميه المغلية والمائدة المقلوبة بعد سُكْرٍ بيَّن، وأنتج بهذه الأشياء العادية بل المستهجنة صورة عبقرية مليئة بالحميمية للأرض الغالية المستعادة بعد طول عناء من ويلات الاحتلال، فلا يوجد من وجهة النظر الحديثة شىء غير شعرى، وخلق الصورة من أى شىء يعتمد على القوة الخيالية لاستجابة الشاعر أولا، وعلى المدى الذى استوعب به وعى الشاعر هذا المشهد ثانيا، كما لا يوجد عالم شعرى وإنما هناك طريقة شعرية للتعبير عن العالم.
ويرى جون كوين فى سياق المقارنة بين النظرتين القديمة والحديثة لصناعة الصورة الشعرية أنه إذا كانت المجاوزة الإبداعية هى الشرط الضرورى لكل شعر، فإنه من المؤكد أن المفهوم الجمالى للكلاسيكية لم يكن شديد التحمس لاستغلال هذه المجاوزة، حيث يجرى تذكير الشاعر على الفور بأنه قد جاوز النظام، حتى إنه يمكن القول بأن التصور الجمالى الكلاسيكى ضد الشاعرية، وأن الشعر يبدو أكثر شعرية كلما تقدمنا مع تاريخه.
بقى أن تعرف عزيزى القارئ أن تلك النظرة الكلاسيكية للشعر هى فقط التى تُدَرَّس لأبنائنا، ويتم على أساسها اختيار النصوص فى مراحل التعليم من الابتدائى حتى الثانوى، وهى آخر مرحلة لدراسة اللغة والأدب لمن سيذهب إلى كليات غير أدبية، وهم الأغلبية بطبيعة الحال، فهل لنا أن نشكو بعد هذا من تواضع الذائقة الفنية واللغوية لدى الأجيال الجديدة وانصرافهم عن قراءة الأدب؟
أما شعر العامية المعاصر الذى تعمدت اختيار نماذجى منه، فهو ما زال لا يُدرَّس فى كليات الآداب المتخصصة، والتى تكتفى بدراسة التراث الشعبى العامى فقط فى أحسن الحالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.