يعتبر برنامج الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) لقتل المتشددين فى المناطق القبلية من باكستان بصواريخ تطلقها طائرات بدون طيار أسوأ سر مازال فى طى الكتمان فى العالم. وقد ظلت الولاياتالمتحدة تحاول التمسك بإنكار أنها وراء حرب الطائرات بلا طيارين فى باكستان، التى توضح استطلاعات الرأى باستمرار أنها من أكثر بلدان العالم عداء للولايات المتحدة. ولأسباب تخصها، سعت الحكومة الباكستانية كذلك إلى إخفاء حقيقة أنها وافقت سرا على السماح للولايات المتحدة بإطلاق بعض طائراتها التى تطير بلا طيارين من قاعدة فى باكستان، وذلك لمهاجمة المتشددين على أراضيها. لكن هناك أسبابا وجيهة تدعو الولاياتالمتحدة التى شنت 53 هجمة من هذه الهجمات عام 2009 وحده وباكستان إلى الاعتراف أخيرا بوجود برنامج الطائرات بلا طيارين. فأولا، الخسائر الكبيرة بين المدنيين الباكستانيين التى تسببت فيها الطائرات بلا طيارين. ففى استطلاع للرأى أجرى الصيف الماضى، لم يوافق سوى تسعة فى المائة فحسب من الباكستانيين على الهجمات بهذا النوع من الطائرات، بل تعتبر فكرة أن قتل المدنيين بأعداد هائلة نتيجة لهذه الهجمات من الأسباب الرئيسية لهذا الرفض. ويشير مسح أجريناه على تقارير صحفية موثوق بها إلى أنه منذ يناير 2009، قتلت هذه الهجمات 520 شخصا على الأقل، منهم نحو 410 أشخاص يعتبرون متشددين، وهو ما يعنى أن نسبة القتلى المدنيين تساوى 20 بالمائة من بين جميع القتلى. غير أنه من الممكن أن يكون العدد أقل من ذلك. ففى شهر ديسمبر الماضى، ذكر مسئول أمريكى فى مجال مكافحة الإرهاب لصحيفة النيو يورك تايمز أن نسبة القتلى بين المدنيين لا تزيد على خمسة فى المائة، قائلا: «أقل قليلا من عشرين» مدنيا وأكثر من 400 متشدد قتلوا عام 2009. فإذا تأكدت صحة ادعاءات الحكومة الأمريكية بشأن قلة عدد القتلى المدنيين، ربما يتبدد بعض العداء الباكستانى تجاه الولاياتالمتحدة. وسيكون ذلك أسهل كثيرا إذا صارت أشرطة الفيديو المحظور الاطلاع عليها الآن متاحة أمام باحثين مستقلين. ومن شأن الاعتراف ببرنامج الطائرات التى تطير بلا طيارين أن يساعد كذلك فى تعزيز جهودنا وتحسين صورتنا فى المنطقة بطرح مثال ممتاز للشراكة الاستراتيجية العميقة بين الولاياتالمتحدةوباكستان. فمنذ يناير 2009 أسفرت 85 هجمة للطائرات بلا طيارين عن قتل متشددين مسئولين عن مقتل آلاف من الباكستانيين. كما أن قدرا كبيرا من المعلومات الاستخباراتية التى تسهل هذه الهجمات يأتى من الباكستانيين أنفسهم. وأخيرا، كان الباكستانيون من قبل يعتبرون أن أى هجوم عسكرى ضد طالبان بمثابة خوض حرب أمريكية. ولكن، بسبب تراكم فظائع طالبان ضد الساسة، والعسكريين، والشرطة والمدنيين، يعتقد الباكستانيون الآن أن قتال المتشددين يصب فى مصلحة البلاد. ونتيجة لذلك، زاد تأييد المواطنين لجهود الجيش الباكستانى فى وادى سوات وجنوب وزيرستان خلال العام الماضى. فإذا أفصحت باكستان عن مشاركتها فى برنامج الطائرات بلا طيارين، ربما تزداد مساندة المواطنين للبرنامج على نفس النحو. وبطبيعة الحال، سيكون على إدارة أوباما أيضا، عند الاعتراف بهجمات الطائرات بلا طيارين، الإقرار بأن مدنيين يقتلون أحيانا فى هذه الهجمات. وعندما يقتل مدنيون أفغان على أيدى قوات أمريكية، غالبا ما تقوم الولاياتالمتحدة بتقديم تعويضات لعائلاتهم. ولا شك أن عائلات المدنيين الباكستانيين الذى يقتلون فى هجمات الطائرات الأمريكية التى بلا طيار تستحق نفس التعويضات.