سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    محافظ أسيوط يقدم أجهزة عرائس ل50 فتاة من الأولى بالرعاية    ما أوجه الاختلاف بين المقترح الأوروبي والأمريكي للسلام في أوكرانيا؟    البث المباشر لمباراة مانشستر يونايتد وإيفرتون اليوم في الدوري الإنجليزي الممتاز 2025–2026    مباريات اليوم 24 نوفمبر 2025.. مواجهات قوية في أبرز الدوريات والبطولات العالمية    أليجري: الفوز بالديربي حقق العديد من الأهداف    «الداخلية» تقرر السماح ل 85 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    البيئة تعلن الانتهاء من حملة موسعة لرصد وحصر طيور البجع بطريق السخنة.. ومصادرة 4 بجعات    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 24-11-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاثنين 24-11-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    جوتيريش: التنمية الصناعية ضرورية لتعزيز الاقتصادات ومحاربة الفقر    سعر الدينار الكويتي والعملات العربية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    قرار بقيد 9 مصانع وشركات مؤهلة لتصدير منتجاتهم إلى مصر    انتخابات النواب 2025.. إقبال كبير على التصويت بلجنة مدرسة السادات للغات بالمنوفية    تايمز أوف إسرائيل: سلاح الجو عزز دفاعاته تحسبا لإطلاق حزب الله صواريخ من لبنان    الاحتلال يواصل خرق اتفاق غزة.. 3 شهداء وعدد من المصابين بنيران إسرائيلية    المقترح الرباعي وموقف الجيش السوداني: قراءة في خلفيات الرفض والتصعيد    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    محافظ القاهرة: بدء التصويت في كافة اللجان دون معوقات بالتنسيق مع الجهات المعنية    توافد الناخبين للتصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب بدار السلام    طوابير منذ الصباح الباكر أمام لجان القاهرة الجديدة| انتخابات مجلس النواب 2025    رضا عبدالعال: بداية توروب مع الأهلي "مبشرة" .. وبن رمضان "ملوش مكان" في التشكيل    الهيئة الوطنية تعلن انتظام التصويت في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    محافظ الغربية: «جاهزون لاستقبال الناخبين في 642 لجنة.. وأدعو المواطنين للمشاركة بإيجابية»    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    غرفة عمليات الداخلية تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة    الأوقاف تُحيي ذكرى وفاة رائد التلاوة في مصر والعالم "الشيخ محمود خليل الحصري"    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    انتخابات 2025.. خطوات بسيطة علشان صوتك ما يبطلش    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    دراسة: الليثيوم التقليدي يفشل في تحسين الذاكرة لدى البشر    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    بعد واقعة أطفال الكي جي| 17 إجراء من التعليم تجاه المدارس الدولية والخاصة في مصر    الأرصاد تحذر: شبورة مائية كثيفة تصل لحد الضباب على الطرق السريعة والزراعية    مستشار الرئيس لشئون الصحة: لا فيروسات جديدة في مصر.. ومعدلات الإصابة بالإنفلونزا طبيعية    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    ديفيد كاميرون يكشف إصابته بسرطان البروستاتا    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    حاله الطقس المتوقعه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى المنيا    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    إصابة رئيس الوزراء البريطانى السابق ديفيد كاميرون بسرطان البروستاتا    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    الزمالك يعلن تفاصيل إصابة دونجا.. جزع في الركبة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس البرازيل السابق: هلوسة ناجمة عن تغيير الأدوية دفعتني لخلع جهاز المراقبة    مدرب الزمالك يكشف سر استبدال جهاد أمام زيسكو.. وسبب استبعاد محمد السيد    الحاجة نبيلة تروي ل صاحبة السعادة قصة أغنيتها التي هزت السوشيال ميديا    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة يكتب: المثقف المصرى.. بين الحضور والغياب
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2024

كان المثقف المصرى أغلى ثروات مصر، وكان دائما يتصدر المشهد ويجد أمامه كل فرص الانطلاق والتقدير والمكانة.. لم يكن المثقف فقط من حصل على الشهادات العليا، ولكن كل إنسان تميز فى مجاله كان مثقفا يتمتع بمكانة خاصة بين الناس.. كان أستاذ الجامعة مثقفا، وكان المدرس والطبيب والفنان والقاضى والعالم مثقفا، وكان المجتمع يضع المثقف فى مكانة خاصة. لم يكن غنيا، ولكنه كان مكتفيا وقانعا، ولم يكن صاحب سلطة أو نفوذ، ولكن كانت له هيبة العالم ووقار المجتهد..
رغم أن مصر لم تكن دولة غنية بالمال، فإنها كانت غنية بالرقى والكرامة، وكان العالم ينظر إلى مصر كدولة متحضرة وشعب مبدع.. وكل من هبط على أرضها أحب فيها الشموخ والاعتزاز بالوطن.. عندما خربت الحرب العالمية الثانية أوروبا، هاجر الملايين من شعوبها إلى مصر طلباً للأمن والحماية ، ولا يوجد مثقف عربى كبير إلا وعبر من بوابة مصر كاتبا أو معلما أو طبيبا.
فى العالم العربى، تجد الأجيال القديمة تتحدث عن دور مصر فى نهضة الشعوب العربية ثقافةً وتعليما وصحةً وبناءً.. حتى العامل المصرى الذى شيد وأبدع فى هذه الدول كان مثار تقدير وعرفان من شعوبها.. كان هذا حال مصر الثقافة حين أضاءت العقل العربي، حتى فى سنوات الاحتلال والتبعية، كانت مصر هى التى قدمت دروس الوطنية والدفاع عن حرية الإنسان وكرامته، وقدم المثقف المصرى أروع الدروس لشعوب الأمة العربية فى تحرير إرادتها.
كانت هذه مصر الثقافة التى أبدعت وعلمت واستحقت الريادة، وقدمت للعالم نماذج فريدة فى الإبداع والرقى والتميز.. ومنذ تراجع دور المثقف المصرى فى وطنه، انعكس ذلك على دوره خارج حدوده.. لقد تراجع هذا الدور اجتماعيا فلم يعد فى صدارة المشهد كما كان، فلم تعد الثقافة درة مصر وتاجها ، وانزوى كل أصحاب الفكر والرؤى بعيدا..
لم يعد المجتمع يقدر دورهم ، فلم يعد الكاتب مطلوبا كصاحب رأي، ولم يعد الطبيب مهيبا كصاحب رسالة، ولم يعد المدرس رسول المعرفة.. سقطت رموز كثيرة، حتى المجتمع لم يعد يعطى هذه الرموز حقها من التقدير والهيبة.. كانت النتيجة أن انسحب صاحب الكلمات، وهاجر الطبيب، وجلس المدرس فى بيته للدروس الخصوصية، وانزوى أستاذ الجامعة بعد أن رأى الآلاف حوله من حملة الدكتوراه بلا عمل..
ظهرت فئات وجماعات أخرى تصدرت المشهد، ودفعت أهل الفكر والثقافة إلى آخر الصفوف، وفرضت على المجتمع كله واقعا جديدا.. لم يعد الفكر صاحب الكلمة، ولكن المال سيد الجميع.. وسط هذا المناخ، اختفت رموز الإبداع الحقيقي، وسادت أشباح من الغوغائية أفسدت أذواق الناس وشوهت عقولهم ، فسادت فى الدين موجات التطرف والفكر المريضة، وفقد الذوق المصرى أهم مقومات الترفع والرقى فيه، وفقد العقل المصرى أهم ثوابته فى الموضوعية والحوار..
وقبل هذا كله، فقدت مصر أهم عناصر وجودها ودورها، وهو المثقف المصري.. إن الأسباب واضحة وليست فى حاجة إلى اجتهادات كثيرة.. لابد أن تعود الثقافة إلى صدارة المشهد ، وأن يستعيد المثقف دوره فكرا ومشاركة وإنجازا، وأن نستعيد إيماننا القديم بدور الثقافة وأنها تاج مصر الحقيقي..
ينبغى أن يكون للفكر دوره، وأن تضع مؤسسات الدولة الثقافة فى مقدمة أولوياتها، وأن يسترد المجتمع توازنه ويدرك أن المال ضرورة، ولكنه يخسر كل شيء إذا غاب الفكر واختلت موازين الأشياء.. لم تكن مصر فى يوم من الأيام وطنا فقيرا، ولكنها كانت غنية بفكرها ومبدعيها وقدرات شعبها. أعيدوا مصر الثقافة..
كانت الثقافة تاج مصر الحقيقي، رموزا وإبداعا ودورا، إن مصر هى التى خرج منها نجيب محفوظ، وزويل، وحمدان، والعقاد، وطه حسين، والحكيم، وشوقي، وحافظ، وهيكل، ومصطفى أمين، وأنيس منصور، ومجدى يعقوب، وعمر الشريف، وعشرات المبدعين وأصحاب الفكر والعلماء. ولم يكن هذا الإشعاع مقصورا على شعبها فحسب، ولكنه امتد إلى الملايين التى شاركت مصر فى هذا المناخ الفريد.. كانت رموز الثقافة المصرية أعلاما فى كل عاصمة عربية، كانت شموع مصر تضيء أينما وجدت رموزها ومبدعوها.. منذ تراجعت المسيرة، وجدنا من ينتقد ومن يشكك، ولا بد أن نعترف بأن البعض كان على حق لأن السلعة الرديئة لم تكن إنتاجا مصريا.. إن فكر الدولة المصرية لابد أن يعود إلى مساره ويضع الثقافة فى مقدمة أولوياته إبداعا وذوقا وفكرا وريادة..
هذه مصر التى عرفناها، وينبغى ألا تفرط فى دورها ومسئوليتها.. إن المثقف المصري، أيا كان موقعه واختصاصه، يمثل أهم وأغنى ثروات مصر التى ينبغى أن تحرص عليها وتوفر له الدور الذى يستحقه والحياة الكريمة التى تمنحه كل فرص الإبداع والتقدم.. جاء الوقت لأن تتخلص الثقافة المصرية من شوائب كثيرة لحقت بها، فأفسدت الأذواق وشوهت لغة الحوار، وأدخلت على الشارع المصرى لغة غريبة تتنافى مع كل ثوابته فى السلوك والأخلاق ...
وفى تقديري، فإن الدولة لابد أن تتدخل لكى تعيد للثقافة لغة وغناء وذوقا ثوابتها القديمة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.