على غرار الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف بحذائه في وجه الرئيس الأمريكي جورج بوش ، تلقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي انسحب غاضبا من جلسة نقاش مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس التهاني من حركة حماس ، واحتل عناوين الصحف ووسائل الإعلام في الشرق الأوسط ، واستقبل استقبال الأبطال لدى عودته إلى بلاده! وكان بيريز قد سأل اردوغان بصوت عال في نقاش بمنتدى دافوس وهو يلوح بيده بعصبية باتجاهه : "ماذا سيكون رد فعلك لو أن الصواريخ تسقط كل ليلة على اسطنبول"؟ وحاول اردوغان الرد على بيريز ، لكن الصحفي الذي كان يدير حلقة النقاش قاطعه مرات عدة ، فما كان منه إلا أن انسحب وقال غاضبا "أظن أنني لن أعود إلى دافوس مجددا ، لأنكم لا تسمحون لي بالكلام ، الرئيس (بيريز) تحدث لمدة 25 دقيقة ، ولم أحصل على نصف هذا الوقت". وقال اردوغان للصحفيين لدى عودته مساء الجمعة إلى تركيا إن بيريز "أعرب عن أسفه لهذه الواقعة" لاحقا خلال مكالمة هاتفية بينهما ، لكن الرئاسة الإسرائيلية نفت نفيا قاطعا أن يكون بيريز قد قدم اعتذارات إلى اردوغان كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول. ورحب الرئيس التركي عبدالله جول بمغادرة اردوغان للمنتدى ، وقال : "إذا لم يتم احترام رئيس الوزراء التركي ، فالأخير لن يتقبل هذا الأمر ، لقد قام بما هو ضروري". بدورهم ، رحب أنصار اردوغان في تركيا بانسحاب رئيس الوزراء التركي من منتدى دافوس ، وهو أمر نادر الحدوث ، حيث تجمع ثلاثة آلاف شخص بحسب شبكات التليفزيون في محيط مطار أتاتورك الدولي في اسطنبول حاملين أعلاما تركية في استقبال حاشد لاردوغان. وردد المتظاهرون شعارات تندد باسرائيل وبعدوانها على قطاع غزة وهتفوا : "إننا نفتخر بك" ، مقاومين البرد القارس في مطار اسطنبول. أما الجيش التركي الذي يتعاون في شكل واسع مع الدولة العبرية منذ توقيع اتفاق عام 1996 ، فتحدث الجمعة عن "مصالح" ثنائية ، ملمحا إلى أن العلاقات بين البلدين لن تتأثر. كذلك ، توقع السفير الإسرائيلي في تركيا جابي ليفي تطبيعا سريعا للعلاقات بين تل أبيب وأنقرة وصرح لصحفيين أتراك قائلا : "أنا واثق في أن علاقاتنا ستعود إلى طبيعتها في وقت قريب". وفي القدسالمحتلة ، أعلن مسئول اسرائيلي رفض كشف هويته أن المشكلة مع اردوغان ستؤثر في علاقات إسرائيل مع رئيس الوزراء التركي على صعيد شخصي ، لكنه لن يؤثر في العلاقات مع الدولة التركية. ومن جانبها ، رحبت حركة حماس بموقف اردوغان ، وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس إن انسحاب اردوغان من قاعة الاجتماع "هو انتصار لضحايا مدرسة الفاخورة (جباليا) ولآلاف الجرحى والشهداء وضحايا هذه المحرقة الصهيونية وانتصار لعدالة القضية الفلسطينية". وفي بيروت ، لقي رد فعل رئيس الوزراء التركي ترحيبا في لبنان من شخصيات في الأكثرية وأيضا في الأقلية البرلمانية. وفي غضون ذلك ، اعتبر محللون أن فورة غضب اردوغان في دافوس أثارت توترا في العلاقات التركية - الإسرائيلية وباتت تهدد طموحات أنقرة في أداء دور محوري في حل أزمة الشرق الأوسط. وعلق عارف كسكين المحلل في مركز البحوث الأوروبية - الآسيوية "أسام" قائلا : "يشكل هذا التحرك نقطة بتر مهمة ، وقد يغير نظرة الغرب الى تركيا".