أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    تشكيل صن داونز المتوقع أمام فلومينينسي في كأس العالم للأندية 2025    عاطل يقتل نجليه طعنا بالسكين فى المنوفية    تامر عاشور يحيي حفل مهرجان «موازين» ب«بالعكاز» والجمهور يستقبله بالزغاريد المغربية    وزير الدفاع الإسرائيلى: فقدان الضابط والجنود ال6 فى خان يونس مؤلم    الجيش الإسرائيلي: مقتل ضابط و6 جنود في معارك جنوبي قطاع غزة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 25 يوينو 2025    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    خبر في الجول - لحسم مستقبله.. الشحات يستقر على طرح العروض المقدمة إليه على الأهلي    وكالة مهر: اكتشاف وضبط أكثر من 10 آلاف طائرة مسيرة في طهران خلال الأيام الأخيرة    جيروم باول: الفيدرالي غير مستعد بعد لتخفيض أسعار الفائدة    أخبار فاتتك وأنت نايم| قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    «بريكس» تدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    مندوب إيران بالأمم المتحدة: لن نتخلى عن برنامجنا النووي.. وإسرائيل وأمريكا خالفتا القانون الدولي    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    بالأعلام واللافتات.. جماهير الترجي تدعم فلسطين خلال مباراة تشيلسي في مونديال الأندية (صور)    روسيا: واشنطن وتل أبيب تنتهكان معاهدة حظر الانتشار النووي وحق طهران في الطاقة النووية السلمية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    مي عبد الحميد: الدولة تدفع منحة لا ترد تصل إلى 120 ألف جنيه في شقق الإسكان الاجتماعي    تصدرت تريند السوشيال ميديا، قصة صورة أعادت الفنانة عبلة كامل إلى الأضواء    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    «عمتي حبيبتي».. ظهور نادر ل عبلة كامل يثير الجدل على السوشيال ميديا    إعلان النتيجة النهائية لعضوية مجلس إدارة البورصة    حملات مسائية وفجرية على المخابز البلدية والمنافذ التموينية بالإسكندرية    النواب الأمريكي: الأعضاء سيتلقون إحاطة سرية بشأن الوضع في إيران الجمعة المقبلة    انتشال سيارة ملاكي ابتلعها هبوط أراضي بشكل مفاجئ في التجمع    حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    زيادة طفيفة في مخزون سد النهضة.. «شراقي» يكشف آخر موعد للفتح الإجباري    منتخب الشباب يخسر أمام ألمانيا ويتأهلان لربع نهائي كأس العالم لليد    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)    باسم سمرة يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمالك بولاق"    "كانوا راجعين من درس القرآن".. أب يتخلص من طفليه بسلاح أبيض في المنوفية    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    الأزهر يتضامن مع قطر ويطالب باحترام استقلال الدول وسيادتها    طريقة عمل الزلابية الهشة في البيت أوفر وألذ    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    مصرع وإصابة 8 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري الأوسطي في حلوان    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    لا تدع الشكوك تضعف موقفك.. برج العقرب اليوم 25 يونيو    زوج ضحية حادث الدهس بحديقة التجمع عبر تليفزيون اليوم السابع: بنتي مش بتتكلم من الخضة وعايز حق عيالي    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    سعر الزيت والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    رسالة أم لابنها فى الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى الحرب على العراق والقرار الذى لم يصدر
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 04 - 2010

عاما بعد عام يأتى شهر أبريل حاملا ذكرى الحرب الأمريكية البريطانية الغاشمة على العراق «والتدمير الثانى لبغداد»، بعد التدمير الأول الذى كان على يد هولاكو قائد التتار المشهور. وفى كل عام تأتى فيه هذه الذكرى تلح على الخاطر صور وتساؤلات...
كيف أمكن لدعاة الحرب فى واشنطن من المحافظين الجدد المهووسين بنظرية الهيمنة الأمريكية على العالم وأقطاب اللوبى الموالى لإسرائيل الذين استولت عليهم فكرة تدمير الجيش العراقى أن يوجدوا المناخ المواتى للحرب ويدفعوا بالمؤسسات التى تصنع القرار فى أمريكا وانجلترا لشن هذه الحرب الكارثية، هؤلاء الذين تستولى عليهم الآن فكرة ضرب إيران وكأنهم قد أقسموا على ألا يتركوا هذه المنطقة تعيش فى سلام بل تظل مسرحا لحروب ما أن تنتهى من حرب إلا تدخل حربا أخرى..
فى الشريط الطويل الذى رأيناه جميعا فى الشهور السابقة على الحرب تقفز لقطات لا تنسى مثل صورة إسقاط تمثال الرئيس صدام وصور فضائح سجن أبو غريب، إلا أنه توجد لقطات لمشاهد مشرفة لا تنسى مثل صور وزير الخارجية الفرنسى دومنيك دوفلبان وهو يخاطب مجلس الأمن مناشدا المجلس ألا يستجيب لمحاولات تمرير قرار بتفويض أى دولة لشن الحرب بحجة وجود أسلحة دمار شامل أخفتها السلطات العراقية، وأن تترك الفرصة لفرق التفتيش الدولية التى أنشأها المجلس لاستكمال مهمتها..
وبالمقابل صورة كولن باول وزير خارجية أمريكا وهو يلقى بيانه الشهير فى المجلس، طالبا إصدار هذا القرار ومرددا فى هذا البيان مجموعة الأكاذيب التى لفقتها عصابة الحرب فى واشنطن، مستغلة ما يتمتع به باول من احترام ومصداقية فى العالم فورطته فى هذا البيان، الذى عاش باول بعد ذلك يندم على إلقائه بعدما تبين ما به من أكاذيب.
يومها كنت أراقب كولن باول على شاشة التليفزيون وهو يلقى هذا البيان وأشعر بالأسى لهذا الرجل الذى عرفته إبان فترة عملى فى واشنطن وقد أصبح جزءا من هذه الآلة التى كانت تحرك واشنطن... وتدفع بها فى طريق الحرب... وتريد الآن أن تحرك مجلس الأمن... وتدفعه لإصدار هذا القرار الذى أرادوا منه إسباغ مسحة من الشرعية على الغزو.
كانت إدارة بوش الابن وتابعه تونى بلير تسابق الزمن وتريد بأى ثمن تمرير هذا القرار الذى كان سيعطيها الرخصة لشن الحرب على العراق، بدعوى أن العراق مازال يحتفظ بأسلحة دمار شامل ولا يتعاون بصدق مع المفتشين الدوليين المكلفين بالتحقيق من تدمير أسلحة الدمار الشامل فى العراق.. ورغم خطاب باول الشهير والضغط الدولى الذى مارسته الدولتان أمريكا وإنجلترا.. فإنهما لم تستطيعا تمرير القرار الذى كان يستهدف إسباغ مسحة من الشرعية على الحرب..
لم تكن أغلب الدول الأعضاء فى مجلس الأمن مقتنعة بصدق الروايات التى جاءت على لسان وزير الخارجية الأمريكية كولن باول، خاصة لأن فريق المفتشين الدوليين بقيادة هانز بلكس ومحمد البرادعى لم يؤيد هذه الادعاءات.. وظلت فرنسا بقيادة الرئيس شيراك ترفض مسايرة حليفتيها أمريكا وإنجلترا.
واستطاعت الدبلوماسية الفرنسية أن تقنع عددا من أعضاء مجلس الأمن خاصة الدول الأفريقية بأن تعارض هذا القرار إذا طرح للتصويت، وكانت حجتها فى ذلك هى ضرورة إعطاء الفرصة للمفتشين الدوليين ليستمروا فى أداء مهمتهم التى يمكن من خلالها تحقيق الهدف. وهكذا ظهرت القيمة الكبرى لموقف فريق المفتشين الدوليين الذى كان يقوده هانز بلكس المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية ومحمد البرادعى مديرها آنذاك، وبات واضحا أن الرجلين قد أصبحا فى عين العاصفة..
فتعاظمت الضغوط عليهما لمسايرة التيار والموافقة على المقولة الأمريكية البريطانية بأن العراق مازال يحتفظ بأسلحة دمار شامل مجرد الموافقة على الدعاوى الأمريكية البريطانية، ولكن الرجلين رفضا الانصياع للضغوط ولم يبتلعا «الأدلة» الملفقة التى فبركتها عصابة الحرب فى واشنطن ولندن.
كان من أخطر ما سيق فى حملة الخداع التى قادتها عصابة الحرب ما أعلنه تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا آنذاك من أن صدام حسين يستطيع فى خلال خمس وأربعين دقيقة فقط أن يغرق العالم فى حرب كيميائية، ثم ما أعلنته إدارة بوش على لسان باول فى خطابه الذى أشرت إليه عن أن لدى صدام معامل لإنتاج الأسلحة الكيميائية تسير فى عربات متنقلة، ثم ما روجته إدارة بوش عن أن صدام قد حاول شراء يورانيوم من دولة النيجر فى أفريقيا... إلى آخر هذه القائمة من الدعاوى المفبركة. التى تبين فيما بعد للجميع أنها كانت ملفقة وبعد إنهاء الحرب أخذ فريق الحرب يبحث جاهدا عن أسلحة دمار شامل فى العراق فلم يجد، وتبين للعالم مدى ما ذهبت إليه عصابات الحرب فى حملة الأكاذيب الملفقة.
فى هذه الفترة أيضا التى سبقت الحرب، كانت هناك محاولات لإقناع مصر بصحة هذه الادعاءات أو بالأحرى هذه الافتراءات، ولكن مصر رفضت المسايرة وظلت مصرة على رفض أسلوب الحرب وبوجوب إعطاء الفرصة لفريق التفتيش ليؤدى مهمته فى البحث والتقصى والتحقق من وجود أسلحة دمار شامل بدلا من الاندفاع إلى الحرب. كانت مصر من بين الدول التى رفضت مسايرة حملة الأكاذيب التى سارت فيها دول أخرى مثل إسبانيا وانضم رئيس وزرائها أزنار إلى فريق الحرب.
لم يكن كل ذلك سوى جزء من الحملة الإعلامية الضارية وحرب الأعصاب التى شنتها إدارة بوش لكى تحصل من مجلس الأمن على قرار يفوضها بشن هذه الحرب، الذى تقدم به الوفد البريطانى.. ما كان يمكن لهذا القرار أن يمر إلا إذا أعلن بليكس والبرادعى موافقتهما على الدعاوى الأمريكية البريطانية حتى يمكن إقناع الدول الأعضاء بالموافقة على التصويت على القرار البريطانى لكن الرجلين ظلا على موقفهما الرافض لتأييد هذه الادعاءات.
وفى ضوء ما وجدته عصابة الحرب من أنه لا توجد فرصة لتمرير هذا القرار قام الوفد البريطانى بسحبه وعندما بدأت الحرب على العراق فى 9 أبريل 2003 بدا واضحا أنها حرب عارية عن أى شرعية، وعاد هانز بليكس إلى بلاده السويد واستأنف تقاعده هناك وكتب كتابه الشهير «Disarming Iraq» الذى نشرته دار بانثيون فى نيويورك.
أما البرادعى فقد عاد إلى فيينا ليستأنف عمله كمدير للوكالة.. وليرشح نفسه مديرا للوكالة لدورة ثالثة. وتصورت إدارة بوش أن الفرصة قد واتتها لتنتقم منه لمعارضتها لانتخابه لمدة ثالثة ولكنها سرعان ما اكتشفت أن كل الدول الأعضاء الأخرى فى مجلس محافظى الوكالة تؤيد ترشيحه.. وأنه عندما يجرى التصويت ستكون الولايات المتحدة وحدها معزولة عن بقية الدول الأخرى بما فيها حلفاؤها، فعادت وسحبت اعتراضها على ترشيحه..
ولم يمر وقت طويل حتى جاءت مؤسسة نوبل السويدية لتمنح الوكالة الدولية للطاقة النووية مناصفة مع البرادعى جائزة نوبل للسلام، وكان إعطاء نصف الجائزة للوكالة رمزا لتكريم هانز بليكس فمؤسسة نوبل كمؤسسة سويدية درجت على ألا تمنح جوائزها لمواطنين من بلادها، وبالتالى اختارت تكريم الوكالة الدولية للطاقة النووية التى قضى بليكس فيها عشرين عاما فى إدارتها وترك بصمة مهمة على إنجازاتها كتكريم له.
وبعد الحرب دعونا فى المجلس المصرى للشئون الخارجية هانز بليكس للمشاركة فى إحدى ندواتنا، وجاء بليكس ومعه نسخة من كتابه وعلى الصفحة الأخيرة من الغلاف قرأت العبارة التالية «ماذا لو كان المفتشون قد أعلنوا اتفاقهم مع ما قدمته أمريكا وإنجلترا من دعاوى ملفقة، وماذا لو كان مجلس الأمن بناء على ذلك قد فوض الدولتين بالقيام بالحرب واحتلال العراق ليكتشف العالم بعد ذلك أنه لم تكن بالعراق أسلحة دمار شامل؟!!!»..
أما مصر التى رفضت منذ البداية وعارضت شن الحرب على العراق، فقد منحت البرادعى أرفع نياشينها أى قلادة النيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.