المباني التراثية بالإسكندرية ثروة فريدة تحكي حقبا وعصورا قديمة، البعض مازال قائما وموثقا في سجل التراث، والبعض الآخر زحف له التدهور والإهمال. وقال الدكتور أحمد عبد الفتاح مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، إن مدينة الإسكندرية تملك تراثا لا يقدر بثمن سواء قصور أو فيلا أو عمائر فخمة، وكانت في أزهى ملامحها ما قبل عام 1952، وبعد ذلك تدهور الحال حيث أصبح ملاك العقارات التراثية يأخذون إيجارا زهيدا من ساكنيه، وفي نفس الوقت أهملت الصيانة والترميم التي تتكلف مبالغ طائلة وكانت النتيجة هدم معظم المباني التراثية. وأضاف عبدالفتاح، في تصريحات صحفية خاصة ل"الشروق"، أن معظم المباني التراثية في الإسكندرية ليس لها أكواد وهي التي تتضمن تفاصيل كل ما يتعلق المبني التراثي من حيث عمره وحالته ونوع الخطورة التي يتعرض لها. وأشار إلى أن هناك مباني وعقارات تراثية يجب الحفاظ عليها وصيانتها، أهمها في منطقة بحري بحي الجمرك من الأحياء الشعبية التي تحتفظ حتى الآن بعناصر معمارية وطرز هندسية في عقاراتها التراثية خاصة التي توجد على الكورنيش قريبة من طرز المدينة التركية، وتوجد مباني تراثية أخرى في منطقة الحضرة القبلية، وتوجد في منطقة محرم بك ومنطقة امبروزو بقايا قصور وأخرى مغلقة تغمرها الأشجار وفي شارع المأمون. وتابع أن الفيلل والعقارات التراثية الأكثر حظا من حيث الحفاظ عليها وصيانتها هي بمنطقة الحي اليوناني الروماني، وبها أشهر متحف حاليا وهو المتحف اليوناني الروماني، والحي اللاتيني وبه القنصلية السعودية. وأوضح أن في تلك المناطق بها فيلل وقصور تراثية لا تعوض ومن حسن حظها أنه تسكنها الآن إما جهات حكومية كمبني النقل البحري أو مباني قنصلية دبلوماسية أو بنوك، وبالتالي لا يمكن هدمها. ولفت إلى أن من أهم القصور التي هدمت أمبرون في محرم بك، وكان يسكنها الكاتب البريطاني لورانس داريل، وفيلا أجيون في منطقة بابور المياه، متابعا أن فيلا مثل التي يسكنها أكاديمية السادات تحتاج إلى صيانة، وبيت فنان الشعب سيد درويش بكوم الدكة يعاني أيضا الإهمال. وأشار مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، إلى أنه يمكن إنقاذ ما تبقى من تراث من خلال الدولة، حيث يمكن تكرار تجربة قصر البارون في القاهرة التي قامت الدولة بشراء مبناه، لافتا إلى أنه على سبيل المثال أقنع القنصل الصيني بالإسكندرية ود تشينج بشراء القصر الذي يوجد به حاليا القنصلية الصينية. وأضاف أن شارع فؤاد أول شارع في العالم وليس له مثيل في تخطيطه، وكان الشارع الوحيد المضاء بالمشاعل أيام البطالمة. وتابع: "يعتبر شارعا صفية زغلول وسعد زغلول شارعين عالميين، والعقارات خلف مبنى الغرفة التجارية التي تزينها الأكاليل وتتوسطها ميدالية على الطراز الفرنسي وصامدة رغم عوامل التعرية". وأضاف: "أيضا من المناطق الشعبية اللبان والفراهدة وحجر النووية، وتتميز بيوتها أنها على الطراز الإيطالي والفرنسي، حيث كان يسكنها الفرنسيين والإيطاليين، وبعض المباني بمحطة مصر ذات نوافذ هي نسخة طبق الأصل من نوافذ منازل موجودة في جنوبفرنسا". وأشار إلى الفلل التراثية بمنطقة كفر عبده وعددها 38 فيلا منها الفيلل الملكية الأميرة فوزية والأميرة فايزة. وناشد مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية الأسبق، اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية إنشاء مجلس أعلى للتراث السكندري يتضمن التراث والآثار وأساتذة التاريخ والأحياء والهندسة، والعمل فيه يكون دون مقابل؛ لتوثيق المباني التراثية كلها بمدينة الإسكندرية، ورصد الحالة التراثية وتصورها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والحفاظ على ما تبقى من كنوز، والمطالبة بقانون يجرم المساس بهذا التراث.