شواهد القبور (5).. قصة نازلي هانم التي حمل اسمها أحد أشهر أحياء مصر

تحتضن مدينة القاهرة تراثا ثريًا ومتنوعا يقف شاهدا وموثقا لأحداث تاريخ، وشخصيات مرت على مصر في حقب مختلفة من تاريخها الممتدد.
ولا يقتصر تاريخ القاهرة على مساجدها التاريخية ومآذنها الشامخة أو القصور المنيفة؛ ففي مقابرها وجباناتها كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل.
ووثق الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بالتاريخ والتراث، جولاته بجبانات مقابر القاهرة التي أمضى بها سنوات عديدة، وجمع مادة ثرية من صور المقابر التاريخية، وصدرت أواخر يناير الماضي في كتاب: "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"، عن دار ديوان للنشر.
الحلقة الخامسة:
نتناول في حلقة اليوم ملامح من سيرة السيدة نازلي هانم، ابنة القائد العسكري المؤسس للجيش المصري سليمان باشا الفرنساوي، والتي أطلق اسم أحد أشهر الأحياء بالجيزة على نسبة لها، وذلك وفقا لما ذكره الدكتور مصطفى الصادق في كتابه.
* ابنة مؤسس الجيش وزوجة رئيس الوزراء
هي ابنة سليمان باشا الفرنساوي (كولونيل أوكتاف الجوزيف سيف) ومارية هانم، المولودة في 1833، وهي أخت محمد بك المهدي (إسكندر زوجة مراد باشا حلمي، وأسماء هانم الفرنساوي زوجة محمود باشا طلعت.
تزوجت من محمد شريف باشا الذي تولى رئاسة الوزراء أربع مرات، وأنجبت جلسن هانم شريف، وتوفيقة شريف (والدة الملكة نازلي زوجة الملك فؤاد ووالدة الملك فاروق الأول)، ومحمد شريف بالها الصغير، وإنجي هانم شريف، كما أنجبت زينب وحسن شريف الذين توفيا صغيرين في السن.
* حي العجوزة
وتوفيت نازلي هانم سنة 1334ه الموافقة سنة 1916، ودفنت في حوش محمد شريف باشا بالإمام الشافعي بشارع السيدة نفيسة بجوار حوش علي باشا فهمي المهندس وشاهين باشا.
وهي من أنشأت مسجدًا بعد موت زوجها يدلة على رغبته في أرض طرح النهر، وهي ملكه، وكانت له أصبحت كبيرة في السن، فأطلق على المسجد وعلى الحي أيضا اسم "العجوزة".
* تركيبة وشاهد القبر
والتركيبة من الرخام الإيطالي الأبيض البديع مستطيلة الشكل من ثلاثة مستويات على يمين التركيبة التي تحتضن ابنتيها توفيقة هانم (زوجة عبد الرحيم باشا صبري المتوفاة سنة 1333 ه (الموافقة سنة (1915) وإنجيهانم المتوفاة سنة 1315ه (الموافقة سنة 1897).
أما عن المستوى السفلي للتركيبة مزخرف بزخارف نباتية عبارة عن أفرع نباتية متماوجة تخرج منها أوراق نباتية بالحفر البارز ونقوش كتابية باللون الذهبي البارز، وبأركانه أربع قواعد أسطوانية ومغطى بغطاء رخامي مستطيل، مثبت أعلى زوايا الغطاء الأربع أربع مزهريات رخامية ذوات بدن مفصص وعليه نقش كتابي بارز لأبيات من البردة للبوصيري ويرتكز عليه المستوى الثاني.
المستوى الثاني مزخرف أيضًا بزخارف نباتية وكتابية بطريقة الحفر البارز، وتعلوه شرفة رخامية مزخرفة بزخارف نباتية وزهور ودوائر ذهبية.
وكتب بداخلها بالخط الفارسي البارز الذهبي:
"إن المتقين
في جنات ونهر
في مقعد صدق
عند مليك مقتدر
وأركانها الأربعة مربعة مثبت عليها أربع بابات كمثرية الشكل".
والمستوى الثالث من الرخام الأبيض غير المزخرف، وكتب عليه داخل مستطيل ذهبي بالخط الفارسي الذهبي آية الكرسي، وعليه غطاء رخامي مستطيل.
* شاهد بديع
يعلو التركيبة شاهدا قبر، أحدهما خلفي (مضاه) معقود بعقد مستدير، ووجهه الداخلي مزخرف بطريقة الحفر البارز الذهبي بشكل ثريا تتدلى بسلاسل طويلة، أما الشاهد الأمامي فيشغله نقش كتابي مكتوب بالخط الفارسي البارز الذهبي على أرضية بيضاء من 13 سطرا تفصل بينها خطوط أفقية تُقرأ كالتالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنزلني منزلا
مباركا وأنت خير المنزلين
جدث تلألأ رحمة
فيه هدى للمتقين
بقرينة الشرف الذي
ذكراه تتلى كل حين
نادى وأرخه الرضا
وكذلك أجر المحسنين
يا نازلي حل الهنا
والله خير المنزلين
سنة 1335 هجرية".
اقرأ أيضا
شواهد القبور (4).. السردار محمد باشا راتب قائد الجيش في حروب الحبشة