تحوي بين أسطرها الكثير من المواعظ والعبر، فرغم أن أبطال حكاياتها من الحيوانات إلا أن ما فيها من مواقف وطرائف لا تغيب عن معاملات الإنسان، لتكن كل من حكايات كليلة ودمنة درسا من دروس الحياة. وورد بكتاب كليلة ودمنة، أن ابن آوى دمنة كان ينصح الأسد الملك بتوخي الرأي الحازم، والعقل الحكيم فقص عليه قصة السمكات الثلاث. وكانت ثلاث سمكات تعيش في غدير وافر الماء والطعام في أمان من الناس، لما يبعده ذلك الغدير عن البشر. وقطع السلام الذي تعيشه السمكات أن استدل صيادون على المكان، وعزموا على صيد السمكات فاختلفت كل منهن لرأي وخطة للنجاة. وسارعت أولى السمكات التي كانت حازمة الرأي، للهرب لتسبح خارج الغدير نحو النهر بعيدا عن الصيادين. واختارت السمكة الثانية، وكانت تتحلى بالذكاء، أن تستخدم الحيلة فتظاهرت بالموت وطفت على سطح الماء، فلما رآها الصيادون حسبوها ميتة وتجاهلوها. واختارت سمكة ثالثة، أن تعجز عن التفكير والقرار فظلت تروح للأمام تارة وللخلف تارة حتى أدركها الصيادون فقتلوها، فهي السمكة العاجزة، لعجزها عن الرأي والتفكير.